التغير المناخيتقارير التغير المناخيسلايدر الرئيسية

خفض الانبعاثات في قطاع الطيران المدني.. "مطار سفنكس" المصري نموذجًا

داليا الهمشري

تزداد الجهود المبذولة لخفض الانبعاثات في قطاع الطيران المدني، في ظل الضغوط البيئية والتشريعات الدولية التي تلزم شركات الطيران بالوصول إلى الحياد الكربوني خلال العقود المقبلة.

ويُعدّ الطيران أحد أكثر القطاعات تأثيرًا في المناخ بسبب اعتماده الكبير على الوقود الأحفوري، مما يجعل الانتقال إلى نموذج تشغيلي منخفض الكربون ضرورةً وليس خيارًا.

وتتجه الجهود -حاليًا- نحو حلول متعددة تتكامل فيما بينها، مثل التوسع في استعمال الوقود المستدام للطيران (SAF)، وتحسين كفاءة الطائرات، وتطوير البنية التحتية للمطارات الذكية، واعتماد تقنيات إدارة الحركة الجوية لخفض استهلاك الوقود.

كما تسعى الحكومات والهيئات الدولية إلى تعزيز الابتكار، وتوفير حوافز مالية وتشريعية تسهّل التحول الأخضر، وتمثّل هذه التطورات خطوة مهمة لخفض الانبعاثات في قطاع الطيران المدني، مع الحفاظ على دوره الحيوي في ربط الدول وتعزيز حركة التجارة والسياحة.

خفض الانبعاثات في قطاع الطيران

سلّط استشاري البيئة واستدامة المشروعات، والحاصل على الزمالة البريطانية في تغير المناخ، الدكتور عمرو جمعة حسن، في تصريحات خاصة إلى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)- الضوء على دراسة شاملة حول تقييم الأثر البيئي والاجتماعي للمطارات، عبر نموذج تطبيقي على مطار سفنكس الدولي.

وأشار الدكتور عمرو إلى أن المطارات الحديثة لم تعد مجرد منشآت للنقل الجوي، بل تحوّلت إلى "مدن متكاملة" تضم محطات للكهرباء ومعالجة الصرف، ومرافق لإدارة المخلّفات، وفنادق، ومراكز ترفيه، إلى جانب أنشطة الطيران المدني.

استشاري البيئة واستدامة المشروعات الدكتور عمرو جمعة حسن

ولفت إلى أن هذا التعقيد يرفع من حساسية عملية تقييم الأثر البيئي، ويجعل حصر التأثيرات المحتملة وتحديد آثارها المباشرة وغير المباشرة مهمة دقيقة ومعقّدة.

وأوضح استشاري البيئة واستدامة المشروعات أن تقييم الأثر البيئي للمطارات يقوم على ركيزتين أساسيتين:

1- البيئة المحيطة بالمطار وكيف يتفاعل معها المطار سلبيًا أو إيجابيًا.

2- تخطيط استعمالات الأراضي حول المطار، وهو عامل حاكم في تحديد مستويات الضوضاء والأمان وتقليل التأثيرات السلبية بالتجمعات السكنية.

واختير مطار سفنكس الدولي نموذجًا للدراسة؛ كونه أحد أبرز المشروعات الحديثة التي بدأت الدولة تشغيلها عام 2022 ضمن رؤية مصر 2030، ويتميز المطار بخصوصية موقعه عند بداية طريق القاهرة–الإسكندرية الصحراوي، وبقربه من التجمعات السكنية الجديدة والمشروعات السياحية الكبرى.

منهجية تقييم الأثر البيئي

أفاد الدكتور عمرو جمعة أن دراسة تقييم الأثر البيئي والاجتماعي تُعدّ وثيقة إلزامية وفقًا للتشريعات المصرية والمعايير الدولية، وتُصنَّف المطارات ضمن القائمة السوداء، وهي الفئة الأكثر تأثيرًا على البيئة، ما يتطلب إعداد دراسات معمّقة، تشمل: الأسس التشريعية المنظمة، وتقييم الوضع البيئي القائم، وحصر التأثيرات المحتملة لعمليات الطيران والمخلّفات والانبعاثات، وإجراءات التخفيف المقترحة، وبدائل التنفيذ والتشغيل، والتوصيات الإستراتيجية.

وتشمل الدراسة مكونات المطارات وعمليات التشغيل، وقياس المظاهر البيئية المرتبطة بأنشطة الطيران، بالإضافة إلى الحصر البيئي للمحيط الحيوي والموارد الطبيعية.

واختيرَ موقع مطار سفنكس على هضبة آمنة بعيدًا عن مخرات السيول، مع دراسة شبكة الطرق المحيطة، والتدفقات المرورية المتوقعة خلال مراحل التشغيل.

كما أوضح الدكتور عمرو -في تصريحاته إلى منصة الطاقة- أن محيط المطار قد خضع لرصد بيئي متكامل قبل بدء التشغيل، شمل:

  • قياسات الضوضاء على مدار 24 ساعة.
  • جودة الهواء ومستويات الملوثات.
  • التقييم الاجتماعي للتجمعات السكنية المجاورة.
  • حصر التنوع البيولوجي ومخاطر الطيور والحيوانات البرية.

ويخدم المطار مناطق واسعة تضم مدينة 6 أكتوبر والشيخ زايد وهرم سيتي، إلى جانب قربه من المناطق السياحية مثل الأهرامات والمتحف المصري الكبير وسقارة ومحمية قبة الحسنة، وأسهم تشغيله في دعم سياحة اليوم الواحد وربط المزارات بشبكة حديثة من الطرق السريعة والقطار السريع.

مخاطر الطيور والحياة البرية

تُعدّ حوادث اصطدام الطائرات بالطيور إحدى أبرز التحديات البيئية للمطارات، وجرى التأكد من عدم وقوع مطار سفنكس على مسارات هجرة الطيور، كما أُجري مسح شامل للممرات لتحديد احتمالات عبور الحيوانات البرية وتأثيراتها في التشغيل، وفقًا لاستشاري البيئة واستدامة المشروعات الدكتور عمرو جمعة.

مطار سفنكس الدولي
مطار سفنكس الدولي

واعتمدت الدراسة على نماذج علمية للتنبؤ بالتأثيرات البيئية المستقبلية مع زيادة الحركة الجوية حتى عام 2030، وشملت:

  • حجم الحركة الجوية المتوقعة.
  • خرائط نمذجة ضوضاء الطائرات.
  • نمذجة تشتّت انبعاثات الطائرات والمرور المحيط.
  • استهلاك الطاقة والانبعاثات غير المباشرة.
  • كميات المخلّفات الصلبة والخطرة ونموها السنوي.
  • تقدير حجم العمالة المتوقع وتأثيراته الاجتماعية.

كما تتضمن الدراسة تحليلًا لسيناريوهات الانبعاثات الناتجة عن الطائرات والتشغيل الأرضي، إضافة إلى توقعات حجم المخلّفات حتى 2030 بما يتماشى مع النمو المتوقع في الحركة الجوية.

وتُمثّل الدراسة نموذجًا متكاملًا لتطبيق منهج تقييم الأثر البيئي والاجتماعي في المشروعات الحيوية، وتكشف عن رؤية أعمق لإدارة المطارات وفق معايير الاستدامة، بما يسهم في دمج القطاع ضمن الجهود الوطنية للحدّ من التغير المناخي وتحسين جودة الحياة في المناطق المحيطة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

 

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق