سباق الحياد الكربوني في كوريا الجنوبية.. رهانات كبرى على تقنيات الطاقة النظيفة
وحدة أبحاث الطاقة - مي مجدي
دفعت أهداف الحياد الكربوني في كوريا الجنوبية إلى تبنّي إستراتيجيات واضحة تجعل من قوّتها الصناعية والتقنية أداة فعّالة لتحقيق هذه الغاية.
فقد أكد أحدث تقارير وكالة الطاقة الدولية -اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة- أن البلاد نجحت منذ جائحة كورونا والحرب الأوكرانية في الحفاظ على الأهداف المتعلقة بالطاقة والمناخ، حيث انخفضت انبعاثاتها بعد بلوغ ذروتها عام 2018، مع استمرار نمو الاقتصاد بوتيرة قوية.
غير أن مسار الحياد الكربوني في كوريا الجنوبية ما يزال مليئًا بالتحديات، أبرزها الفصل بين النمو الاقتصادي والانبعاثات، لا سيما مع استمرار الاعتماد على الفحم في توليد الكهرباء، والحاجة إلى التوسع في تقنيات الطاقة المتجددة.
وترى الوكالة أن الجمع بين تسريع إصلاحات السوق وتعزيز الاستثمارات في الابتكار يشكّل فرصة لدعم سياسات الطاقة، وتعزيز القدرة التنافسية، والنمو المستدام، فضلًا عن زيادة الصادرات والإسهام في جهود إزالة الكربون العالمية.
مسار الحياد الكربوني في كوريا الجنوبية
لمواجهة التحديات التي تواجه مسار الحياد الكربوني في كوريا الجنوبية، أقرّت البلاد في 2021 قانونًا إطاريًا يتعلق بالحياد الكربوني والنمو الأخضر، مع أهداف مرحلية للحدّ من الانبعاثات بحلول 2030، وتشكيل لجنة رئاسية لمتابعة التقدم المُحرَز وتقديم التوصيات.
وفي 2022، ركّزت الحكومة على تعزيز أمن الطاقة، واعتماد الطاقة النووية وغيرها من مصادر منخفضة الكربون، ثم أسّست وزارة المناخ والطاقة والبيئة في 2025 لتعزيز التحول إلى الطاقة المتجددة وضمان إزالة الكربون في جميع القطاعات.
بالإضافة إلى ذلك، تعتمد البلاد خططًا دورية لتحديد أهدافها المتعلقة بالمناخ والطاقة، غير أن طبيعتها غير الملزِمة تجعلها عرضة لتقلّبات سياسية، ما دفع الحكومة للبحث عن طرق لتعزيز التنسيق الداخلي بين الجهات المعنية، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

ويأتي قطاع الكهرباء في مقدّمة الجهود لتحقيق أهداف الحياد الكربوني في كوريا الجنوبية، لا سيما مع تسارع كهربة قطاعات المباني والنقل والصناعة، إلى جانب ارتفاع الطلب على التبريد ومن مراكز البيانات والرقائق الإلكترونية.
وسيتطلب هذا التحول استثمارات ضخمة في مصادر كهرباء متنوعة وجديدة، وشبكات موثوقة ومرنة لضمان استقرار الإمدادات، وسيسهم إصلاح سوق الكهرباء بالجملة بجذب استثمارات إضافية.
ومنذ أكتوبر/تشرين الأول (2025)، أصبحت وزارة المناخ والطاقة والبيئة مسؤولة عن الإشراف على هيئة تنظيم سوق الكهرباء (KOREC).
واقترح تقرير وكالة الطاقة الدولية وجود نظام مستقل يتولى تحديث سوق الجملة، ومعالجة اختلالات سوق بيع الكهرباء بالتجزئة، وحماية الأسر ضعيفة الدخل من فقر الطاقة، ويمتد دوره ليشمل الغاز الطبيعي والهيدروجين.
حلول لتطوير تقنيات الطاقة النظيفة
رغم أن حصة الطاقة المتجددة في مزيج الكهرباء تضاعفت خلال السنوات الـ5 الماضية، فإن كوريا الجنوبية ما تزال الأدنى بين دول أعضاء وكالة الطاقة؛ نتيجة قلة الأراضي والمعارضة المجتمعية، لذا تحتاج البلاد إلى إستراتيجيات واضحة للتواصل مع الجمهور.
بالإضافة إلى ذلك، سيدعم قطاع تخزين الكهرباء انتشار الطاقة المتجددة، حيث بدأت البلاد إنشاء سوق لخدمات تخزين الكهرباء، لكنها بحاجة إلى تطوير لضمان حشد الاستثمارات ودمج حلول التخزين في السوق.

على صعيد آخر، تعدّ كوريا الجنوبية من أوائل الدول التي أطلقت خريطة طريق للهيدروجين عام 2019، مع التركيز على النقل والمباني والكهرباء، لكنها ما تزال تواجه تحديات.
ونتيجة لذلك، تحتاج البلاد إلى توضيح أدوات السياسات لزيادة استهلاك الهيدروجين في القطاعات التي يصعب خفض انبعاثاتها، ووضع قواعد واضحة لبناء وتشغيل خطوط الأنابيب ومحطات الاستيراد، لضمان استقرار السوق وجذب الاستثمارات.
كما تشكّل الطاقة النووية إحدى الركائز لتحقيق الحياد الكربوني في كوريا الجنوبية، مع خطط بلوغ حصتها في مزيج الطاقة 30% على الأقل بحلول 2030.
وحاليًا، تمتلك البلاد 26 مفاعلًا بقدرة 26 غيغاواط، وتغطي نحو ثلث استهلاك الكهرباء، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
وتؤكد الوكالة ضرورة استغلال البلاد خبرتها التقنية وقدرات التصنيع لتطوير مجمع صناعي وطني مخصص للمفاعلات المعيارية الصغيرة وتجريبها.
أمّا نظام تداول الانبعاثات في البلاد، فهو يغطي نحو 80% من الانبعاثات الوطنية ونحو 800 من أكبر المنشآت الصناعية، لكنه يعاني من انخفاض الأسعار وضعف السيولة.
ويمكن تعزيز الأداء من خلال زيادة حجم المخصصات المعروضة في المزادات وتوسيع مشاركة السوق، فضلًا عن إدخال آلية لاستقرار السوق.
موضوعات متعلقة..
- الرقائق الإلكترونية تقود صادرات كوريا الجنوبية لمستويات تاريخية في 3 أشهر
- بعد اتفاق الرسوم الجمركية مع أميركا.. هل تستطيع كوريا الجنوبية الوفاء بأهدافها المناخية؟
- الطاقة الشمسية في كوريا الجنوبية تنافس الوقود الأحفوري بتكلفة إنتاج الكهرباء (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- هل يكرر قطاع الغاز المسال العالمي أخطاء الفحم؟ (تقرير)
- دور مهم لشركات النفط الوطنية في إدارة انبعاثات الميثان.. أرامكو نموذجًا
- إنتاج النفط في ليبيا.. 8 ركائز تدعم هدف مليونَي برميل يوميًا (تقرير)
المصدر:





