كيف يدعم الذكاء الاصطناعي تسريع تحول الطاقة العالمي؟ (تقرير)
وحدة أبحاث الطاقة – مي مجدي

- مراكز البيانات قد تمثّل 3% من الطلب على الكهرباء بحلول 2030
- استثمارات مراكز البيانات المتوقعة تصل إلى 1.1 تريليون دولار بحلول 2029
- استهلاك الكهرباء في مراكز البيانات بلغ 415 تيراواط/ساعة في 2024
- الذكاء الاصطناعي يمكن أن يدعم نشر الطاقة النظيفة وتحسين كفاءة الشبكات
رغم أن الذكاء الاصطناعي بات إشكالًا يواجه قطاع الطاقة في الوقت الراهن؛ كونه كثيف الاستهلاك للكهرباء، فإنه قد يحمل في طياته فرصة لتسريع تحول الطاقة عالميًا، من خلال التخطيط والتعاون.
وتشير التقديرات إلى أن الاستثمارات في مراكز البيانات قد تصل إلى نحو 1.1 تريليون دولار بحلول 2029، وستواجه الاقتصادات المتقدمة تحديات تتمثل في تجاوز نمو الطلب على الكهرباء من مراكز البيانات 20% بحلول 2030.
ويعكس ذلك حجم الضغط المفروض على الشبكات، والحاجة إلى تنسيق السياسات بين الحكومات والشركات لضمان أن الاستثمارات في الذكاء الاصطناعي تعزز تحول الطاقة، بحسب تقرير حديث، اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة.
فقد ركزت قمة المناخ كوب 30، المنعقدة في البرازيل من 10 إلى 21 نوفمبر/تشرين الثاني (2025)، على التقنيات الرقمية والذكاء الصناعي، مع إدراك المفارقة التي تكمن في أن إمكاناته لتسريع نشر الطاقة النظيفة تتقابل مع ارتفاع الطلب على الكهرباء.
وتأتي القمة في وقت حاسم للتحول نحو الطاقة النظيفة، وسط غياب واضح لدول كبرى، مثل الولايات المتحدة وروسيا والهند والصين؛ ما يبرز التحديات الجيوسياسية والتنفيذية، فضلًا عن الضغوط لتحقيق الالتزامات المعلنة في كوب 28 لزيادة قدرة الطاقة المتجددة 3 أضعاف، وتعزيز الكفاءة بحلول 2030.
قلق من نمو الذكاء الاصطناعي
أشار التقرير الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي إلى أن نمو الذكاء الاصطناعي أصبح بمثابة حافز لشركات التقنيات الكبرى للاستثمار في الطاقة النظيفة، لكن المقلق هو بقاء القدرات الجديدة محصورة لتشغيل التقنيات الحديثة دون دعم الشبكات العامة التي تعتمد عليها المجتمعات والصناعات.
وتشير التقديرات إلى أن مراكز البيانات قد تمثّل نحو 3% من الطلب العالمي على الكهرباء بحلول 2030، وقد تصل إلى 8.6% في الولايات المتحدة، أي أكثر من ضعف حصتها الحالية.
وعالميًا، استهلكت مراكز البيانات قرابة 415 تيراواط/ساعة في 2024، أي قرابة 1.5% من استهلاك الكهرباء العالمي، ومن المتوقع أن يتضاعف بحلول 2030 ليصل إلى 945 تيراواط/ساعة، وفقًا لوكالة الطاقة الدولية.
واستجابة لذلك، بدأت شركات، مثل مايكروسوفت وأمازون وغوغل، توقيع عقود طويلة الأمد للطاقة النظيفة، والاستثمار المباشر في مشروعات لتوليد الكهرباء، وحتى تمويل مبادرات لتطوير الطاقة النووية والطاقة الحرارية الأرضية.
وقد تسفر هذه الاستثمارات عن تقليل مخاطر التقنيات النظيفة وإظهار جدواها، وتطوير قدرات نظيفة محلية.
ويوضح الرسم البياني الآتي -من إعداد وحدة أبحاث الطاقة- أكبر 10 شركات اعتمادًا على الطاقة المتجددة في مراكز البيانات حتى نهاية 2024:

ومع ذلك، سلّط التقرير الضوء على أن الشركات الكبرى تحظى بعقود طويلة الأجل للطاقة المتجددة، بينما تواجه الشركات الأصغر خطر عدم القدرة على المنافسة، وسيترتب على ذلك تحوّل مزدوج المعايير يعوق تحقيق إزالة الكربون على نحو عادل.
وحذّر التقرير من استمرار هذا الاتجاه، مشيرًا إلى أنه قد يُثقل كاهل الشبكات ويبطئ عملية التحول، مؤكدًا ضرورة الاستثمار لخدمة الأنظمة بالكامل، وليس فقط مراكز البيانات.
كيف يدعم الذكاء الاصطناعي تحول الطاقة؟
أظهر التقرير أن الذكاء الاصطناعي يحمل فرصًا لتعزيز أنظمة الكهرباء، دون الاقتصار على الاستهلاك فقط، ويمكن ذلك من خلال:
- تحسين التنبؤ بالطاقة المتجددة.
- توازن شبكات الكهرباء.
- التنبؤ بعمليات الصيانة.
- تحسين كفاءة المباني.
- إدارة الطلب مع الطبيعية المتغيّرة لإنتاج الطاقة الشمسية والرياح.
واقترح 4 مجالات للتعاون بين القطاعات كافة، أبرزها:
- التخطيط المشترك للبُنية التحتية عبر توجيه استثمارات الذكاء الاصطناعي بما يتوافق مع توسُّع الشبكات إقليميًا وتعزيز مرونتها.
- شفافية مصادر الطاقة من خلال تشجيع نشر التقارير حول استهلاك الكهرباء، وكثافة الكربون، وعمليات شراء الكهرباء النظيفة.
- حوافز لتحقيق المنافع المشتركة عن طريق دعم مشروعات تعزز موثوقية الطاقة للشركات وأهداف إزالة الكربون محليًا.
- أطر السياسات المتكاملة لدمج توقعات الأحمال الناتجة عن الذكاء الاصطناعي ضمن خطط التحول الوطنية والإقليمية لتجنُّب الضغط على الشبكات.

الذكاء الاصطناعي في كوب 30
خلال مؤتمر كوب 30، برز مفهوم "التحول المزدوج" الذي يجمع بين الذكاء الاصطناعي وتحول الطاقة، كونه فرصة لتعزيز النمو والعمل المناخي وتحقيق أمن الطاقة.
وتؤكد مبادرة إطلاق معهد المناخ للذكاء الاصطناعي (AI Climate Institute) خلال القمة هذه الرؤية، مع تمكين الدول من خلال الذكاء الاصطناعي، خاصة في المناطق التي تفتقر إلى الوصول للطاقة النظيفة بأسعار ميسورة.
ولتعزيز التعاون للاعتماد على التقنيات الجديدة بهدف تحسين قطاع الطاقة، يجب أن تتضمن مؤتمرات المناخ المقبلة عدّة محاور رئيسة:
- جلسات مخصصة للبُنية التحتية للطاقة النظيفة والذكاء الاصطناعي، لضمان معالجة القضايا المتعلقة بعقود الطاقة المتجددة، والوصول العادل للطاقة، وتكامل الشبكات.
- تعزيز دراسات الحالة الإقليمية، مثل مراكز البيانات الخضراء، وربط الذكاء الاصطناعي بالطاقة المتجددة، يوفر فرصًا للدول الأخرى لتعلم وتكرار هذه التجارب.
- دمج السياسات والحوكمة، ووضع معايير لـ"الحوسبة الخضراء" والطاقة النظيفة لمراكز بيانات الذكاء الاصطناعي، لضمان استفادة المجتمعات من البنية التحتية، وليس الشركات الكبرى فقط.
موضوعات متعلقة..
- نمو الذكاء الاصطناعي يهدد الالتزامات المناخية للشركات.. ما الحل؟
- الذكاء الاصطناعي والنفط والغاز والكهرباء في أفريقيا.. حلول واعدة (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- أفريقيا تقود اكتشافات النفط والغاز في العالم (تقرير)
- محطات الغاز المسال العائمة تتوسع عالميًا.. المزايا ومناطق الانتشار (تحليل)
- السيارات الكهربائية والهجينة تشكل 45% من المبيعات العالمية.. وهذه أسباب تفوق الصين
المصدر:





