مقالات الكهرباءالمقالاترئيسيةكهرباء

أزمة الكهرباء في باكستان.. حلول غير واقعة تركز على مصادر الطاقة المتجددة (مقال)

أسامة رزفي* - ترجمة: نوار صبح

اقرأ في هذا المقال

  • إنتاج باكستان من الكهرباء بلغ 127,160 غيغاواط/ساعة للسنة المالية 2025
  • في السنة المالية 2024-2025 بلغ متوسط ​​خسائر نقل الكهرباء وتوزيعها 18%
  • هدف الحياد الكربوني غير الواقعي قد يكون قاتلًا للنمو الاقتصادي واتجاه السياسة في باكستان
  • إنتاج الغاز في باكستان لامس أدنى مستوى له خلال 20 عامًا في أغسطس/آب 2025

تتّسم أزمة الكهرباء في باكستان بأنها مزمنة وكبيرة، ويُعدّ التركيز على مصادر الطاقة المتجددة لحلّها غير واقعي.

ويتمثل جوهر هذه الأزمة في عوامل أساسية، أهمها غياب سياسات طويلة الأجل وعدم التوافق بين العرض والطلب.

قبل التفكير في نقص العرض، من المهم ملاحظة أن إنتاج باكستان من الكهرباء يبلغ 127 ألفًا و160 غيغاواط/ساعة للسنة المالية 2025، مقابل استهلاك (للأشهر الـ9 الأولى) قدره 80 ألفًا و111 غيغاواط/ساعة.

وفي العام الماضي، بلغ استهلاك الكهرباء في باكستان 110 آلاف و764 غيغاواط/ساعة، وهو ما يمثّل اضطرابًا.

خسائر نقل الكهرباء في باكستان وتوزيعها

من العوامل الملحوظة لأزمة الكهرباء في باكستان تبرز خسائر نقل الكهرباء وتوزيعها.

في السنة المالية 2024-2025، بلغ متوسط ​​خسائر نقل الكهرباء وتوزيعها 18%، ما كلّف الاقتصاد 276 مليار روبية (966 مليون دولار أميركي).

تجدر الإشارة إلى أن احتياطيات النفط والغاز في باكستان آخذة في النضوب.

وبمعدل الاستهلاك الحالي، ستنتهي احتياطيات البلاد المؤكدة من النفط (228-335 مليون برميل) خلال السنوات الـ3 المقبلة، بينما ستنتهي احتياطيات الغاز خلال السنوات الـ10 أو الـ11 المقبلة.

وبدلًا من إصلاح هذه الاحتياطيات، تركّز البلاد على كل شيء آخر، خصوصًا الطاقة المتجددة وسيلةً لحلّ أزمة الكهرباء لدينا، ويُعدّ ذلك غير ملائم وبعيدًا عن الواقع.

(الروبية الباكستانية = 0.0035 دولارًا أميركيًا)

ويوضح الرسم البياني التالي -من إعداد منصة الطاقة المتخصصة- معدل استهلاك الكهرباء في باكستان بين عامي 2014 و2024:

معدل استهلاك الكهرباء في باكستان بين عامي 2014 و2024

تداعيات انخفاض احتياطيات النفط والغاز

بالنسبة لبلد يستورد 25% من مصادر طاقته، فإن انخفاض احتياطيات النفط والغاز ينبغي أن يكون كافيًا لإحداث حالة طوارئ الطاقة.

لكن للأسف، وقع صانعو السياسات ضحيةً لفكرة قصيرة النظر وغير مكتملة بشأن تحول الطاقة (للعلم، أستعمل دائمًا كلمة "تحولات الطاقة" - فالجمع يُشير إلى إدراك وجود أكثر من مسار/جدول زمني للتحول إلى مصادر الطاقة المتجددة).

"أنا لستُ منكرًا لتغير المناخ، بل أعمل رسميًا وغير رسمي في مجال التقنيات منخفضة الكربون، سواءً في باكستان أو على الصعيد الدولي"، لكنني واقعي، وأرى أن هدف الحياد الكربوني غير الواقعي، رغم طموحه الشديد، قد يكون قاتلًا للنمو الاقتصادي واتجاه السياسة في باكستان".

وقد شهدت باكستان نموًا ملحوظًا في اكتشافات النفط، وذلك لأول مرة منذ عام 2020.

ومن بين الحقول الرئيسة التي أسهمت في هذه الإضافات: باساكي/باساكي شمال شرق، وثورا، وجندال، ولاشاري سنتر.

وعلى الرغم من هذه الاكتشافات الجديدة، لا يبدو المستقبل واعدًا؛ لأن إنتاج النفط الباكستاني انخفض من 73 ألف برميل يوميًا في عام 2020 إلى 64 ألف برميل يوميًا في عام 2025.

بالمثل، واجه قطاع الغاز المصير نفسه، حيث لامس الإنتاج أدنى مستوى له في 20 عامًا في أغسطس/آب 2025.

محطة كهرباء في باكستان
محطة كهرباء في باكستان - الصورة من SSCG

قطاع النفط البحري

في ظل هذه الظروف، يُقدّم قطاع النفط البحري بصيص أمل، ففي نهاية أكتوبر/تشرين الأول 2025، ولأول مرة منذ عقدين، منحت الدولة نحو 23 مربعًا بحريًا لـ4 تحالفات بقيادة شركات محلية.

ولوضع هذا في السياق، من المهم ملاحظة أنه منذ استقلال باكستان عام 1947، حُفِرَت 18 بئرًا فقط في منطقة بحرية تبلغ مساحتها 300 ألف كيلومتر مربع على الحدود مع دول غنية بالطاقة مثل عُمان والإمارات العربية المتحدة وإيران.

وقد أسفرت الجهود السابقة عن الفشل، وأبرزها حقل "كيكرا 1".

وهذه المرة، تبدو الحكومة جادّة في ظل تفاقم أزمة تكلفة المعيشة وارتفاع فاتورة الواردات وانخفاض احتياطيات النقد الأجنبي (الزيادة الأخيرة تستند فقط إلى الديون)، ويبدو أن تقليل اعتمادنا على الطاقة هو الخطوة الأكثر أهمية.

ومع تخصيص نحو 4427 وحدة عمل للمرحلة الأولى، تبلغ تقديرات الإنفاق 80 مليون دولار.

وستشهد هذه المرحلة دراسات جيولوجية وجيوفيزيائية مع إمكان وصول الاستثمارات إلى مليار دولار.

إزاء ذلك، لا ينبغي السعي إلى الاعتماد على الطاقة لضمان استمرار تدفّقها، بل لزيادة ما يمكن تسميته بالمساحة السيادية لباكستان.

ويمكن أن يؤدي تقليل الواردات وتوفير النفط والغاز المحليين للصناعة إلى زيادة التصنيع الذي يمكن أن يتحول لزيادة في الصادرات.

وسيؤدي هذا في نهاية المطاف إلى زيادة الاحتياطيات، ما يُعزز قيمة عملة البلاد ويُخفف من أزمة غلاء المعيشة.

ومع تقليل الاعتماد على التمويل الأجنبي، يُمكن لباكستان عمليًا مواصلة ما تسعى إليه: سياسة خارجية متعددة الأبعاد.

ويوضح الرسم البياني التالي -من إعداد منصة الطاقة المتخصصة- حجم إنتاج باكستان من النفط الخام في المدة بين 2023 و2025:

إنتاج باكستان من النفط الخام في المدة بين 2023 و2025

دور مصادر الطاقة المتجددة

في ظل كل هذا، ينبغي على باكستان ألّا تفقد قبضتها على مصادر الطاقة المتجددة لزيادة توليد الكهرباء في باكستان، وأن تواصل العمل على هذا الصعيد.

من ناحية ثانية، صدمت طفرة الطاقة الشمسية الحكومة الباكستانية، إذ لم تتوقع أن تنتج منها نحو 5.2 غيغاواط من الكهرباء.

وفي الوقت نفسه، يظل التمويل مشكلة كبيرة لتطوير احتياطيات وتقنيات الطاقة التقليدية وغير التقليدية.

ويتمثل العائق الأبرز في غياب التوجيه السياسي والشعور بالحاجة الماسّة إلى إيجاد حلول ناجعة لأزمة الكهرباء في باكستان.

أعتقد أن العالم بكل تعقيداته لا يمكن فهمه من منظور ثنائي، ستنتقل باكستان -شأنها شأن الدول النامية الأخرى- إلى أنواع وقود أنظف، لكن ذلك سيستغرق بعض الوقت.

ويكمن الطريق نحو تحولات الطاقة (أي إضافات الطاقة) في إنشاء احتياطيات النفط والغاز وتحقيق الاستقلال في مجال الطاقة، للحدّ من تداعيات انقطاع الكهرباء في باكستان.

أسامة رزفي، كاتب متخصص في أسواق الطاقة.

*هذا المقال يمثّل رأي الكاتب، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي منصة الطاقة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق