إنتاج الكهرباء في الأردن.. منظومة مستقرة وسرعة متنامية للطاقة المتجددة
سامر أبووردة

يُعدّ إنتاج الكهرباء في الأردن أحد القطاعات الحيوية التي شهدت تطورًا متسارعًا خلال العقدَيْن الماضيَيْن، مدفوعًا بجهود حكومية وخطط إستراتيجية تستهدف تحقيق أمن الطاقة وتنويع مصادرها.
ورغم أن المملكة ما تزال تعتمد بصورة كبيرة على واردات الغاز الطبيعي، فإنها تمكّنت من رفع قدرتها الإنتاجية إلى 6 آلاف و60 ميغاواط، ما يوفّر هامشًا مريحًا لتلبية الطلب المحلي وتصدير الفائض.
ووفقًا لأحدث البيانات لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، يبلغ إجمالي الاستهلاك الفعلي للكهرباء في الأيام العادية ما بين 2500 و2700 ميغاواط، مع تسجيل ذروة بلغت 4 آلاف و800 ميغاواط خلال صيف 2025، عند أعلى مستوى خلال العقدَيْن الماضيين.
وتُظهر بيانات عام 2024 أن إنتاج الكهرباء في الأردن بلغ نحو 25 ألفًا و80 غيغاواط/ساعة، توزّعت على الغاز الطبيعي والطاقة الشمسية وطاقة الرياح، في إطار مزيج متنوّع تسعى الحكومة إلى تحسينه باستمرار.
مزيج الكهرباء في الأردن
يعتمد مزيج الكهرباء في الأردن على الغاز الطبيعي بصورة رئيسة، سواء المستورد من مصر أو إسرائيل، أو عبر شحنات الغاز المسال من السوق العالمية، بالإضافة إلى ما توفّره مشروعات الربط الكهربائي الإقليمي.
وأظهرت بيانات وزارة الطاقة والثروة المعدنية لعام 2024 استمرار تراجع حصة الغاز الطبيعي التي شكّلت نحو 58.08% من إجمالي إنتاج الكهرباء، انخفاضًا من 61.1% في 2023، و68% في 2022، و73% في 2021، ما يعكس اتجاهًا إستراتيجيًا نحو تنويع المزيج.
في المقابل، سجّل الصخر الزيتي ارتفاعًا كبيرًا في الإسهام بالمزيج عام 2024 بنسبة 15%، من 12.62% بنهاية 2023، وبنحو 5% فقط في 2022، مدعومًا بالتشغيل الكامل لمحطة العطارات بقدرة 470 ميغاواط.

أما الطاقة المتجددة فقد زادت نسبتها إلى 26.92% في 2024، مقارنة بـ26.28% خلال 2023، إذ تشكّل أحد أعمدة مزيج الكهرباء في الأردن، لا سيما مع تزايد مشروعات الطاقة الشمسية والرياح، وبلوغ القدرة المركبة لمشروعات الطاقة المتجددة نحو 2812.5 ميغاواط.
ورغم التقدم الكبير في مشروعات الطاقة النظيفة، فإن التحدي الأكبر أمام إنتاج الكهرباء في الأردن ما يزال في استمرار الاعتماد على واردات الطاقة التقليدية بنسبة 93%، ما يجعل التحول إلى الطاقة المحلية أولوية إستراتيجية.
في هذا السياق، يُعوّل على الاكتشافات الأخيرة للغاز الطبيعي من قِبل شركة البترول الوطنية، لتوفير مصدر محلي يدعم أمن الطاقة ويُخفف وطأة الاستيراد.
وخلال عام 2024، بلغ إجمالي توليد الكهرباء في الأردن 25.8 تيراواط/ساعة، مع تسجيل حمل أقصى خلال العام ذاته بلغت 4 آلاف و100 ميغاواط.
وتُعدّ هذه الأرقام مؤشرًا على تطور مزيج إنتاج الكهرباء في الأردن، وسط نمو متسارع في مصادر الطاقة النظيفة.
وتسعى المملكة إلى تقليل الاعتماد على الغاز تدريجيًا من خلال رفع إسهام الطاقة المتجددة في إنتاج الكهرباء بالأردن، لا سيما مع التوسع في مشروعات الرياح والطاقة الشمسية في مناطق مثل الطفيلة ومعان.
القدرة المركبة والطلب على الكهرباء
بلغت القدرة المركبة المربوطة على شبكة نقل الكهرباء في الأردن 6 آلاف و60 ميغاواط بنهاية عام 2024، موزعة بين 4 آلاف و443 ميغاواط من مصادر تقليدية، و1617 ميغاواط من مصادر متجددة.
وتجاوزت ذروة الطلب، خلال صيف 2025، التوقعات بوصولها إلى 4 آلاف و800 ميغاواط، في 13 أغسطس/آب، وفق متابعة منصة الطاقة المتخصصة.
ويعكس ذلك طبيعة الطلب الموسمي المرتفع خلال موجات البرد القارس، وأيضًا خلال ذروة الارتفاع في درجات الحرارة.
ويمثّل فائض القدرة المركبة في أوقات الذروة عنصرًا مهمًا في مرونة النظام، إذ يتيح للمملكة تصدير الكهرباء أو استعمالها في دعم مشروعات استثمارية مستقبلية ضمن قطاع الطاقة.
الإنفوغرافيك الآتي، من إعداد منصة الطاقة المتخصصة، يستعرض قدرات إنتاج الكهرباء في الأردن، والحمل الأقصى المسجّل على الشبكة خلال المدة من 2018 إلى 2023:

توسّع الطاقة المتجددة في الأردن
يشهد قطاع الطاقة المتجددة تحولًا محوريًا في دعم إنتاج الكهرباء لدى الأردن، إذ تجاوزت إسهاماته 29% من الاستهلاك المحلي عام 2024، مع توقعات بتجاوز 35% بحلول نهاية 2025.
وفي فبراير/شباط 2024، أعلنت الحكومة رفع مستهدف توليد الكهرباء من الطاقة المتجددة إلى 50% بحلول 2030. وجرى دعم هذا التوجه من خلال إعفاءات جمركية وضريبية، وآليات مرنة لربط المنشآت بشبكة الكهرباء.
وقد أكد وزير الطاقة صالح الخرابشة، في ورشة عمل عُقدت في مايو/أيار 2025، أن المملكة ستُحقّق هذا الهدف على الأرجح قبل الموعد المحدد، بفضل التوسع المتسارع في تقنيات التخزين والهيدروجين الأخضر.
ويمثّل هذا التوجه نقلة نوعية في مسار إنتاج الكهرباء لدى الأردن، ويدعمه إقبال شعبي واسع على التحول إلى الطاقة النظيفة، لا سيما في القطاعات الصناعية والزراعية والمنزلية.

أكبر محطات الكهرباء في الأردن
تمثّل أكبر محطات الكهرباء في الأردن، قصة نجاح وعاملًا مهمًا في توفير إمدادات موثوقة للمواطنين.
كما تمثّل تلك المحطات العمود الفقري لإنتاج الكهرباء في الأردن، وتشمل:
- محطة السمرا
أكبر محطة في المملكة بقدرة 1241 ميغاواط، تعمل بتقنية الدورة المركبة، وقد أُنجزت على أربع مراحل بين عامَي 2005 و2018.
- محطة الزرقاء
بقدرة 485 ميغاواط، تقع شمال شرق عمان، وتعمل بالغاز الطبيعي فقط، بتقنية دورة مركبة متطورة. بدأت التشغيل التجاري في 2018 بتمويل بلغ 489 مليون دولار أميركي.
- محطة العقبة الحرارية
محطة قديمة تأسست عام 1985، وتبلغ قدرتها الحالية 394 ميغاواط، وتعمل بمزيج من الغاز وزيت الوقود الثقيل، وتستعمل مياه البحر في التبريد.
- محطة رحاب الغازية
تقع شمال عمان، بقدرة 268 ميغاواط، وتعمل بتقنية الدورة المركبة. تتميز بارتفاع موقعها عن سطح البحر، ما يعزّز كفاءة التبريد.
- محطة بينونة للطاقة الشمسية
بقدرة 200 ميغاواط، تمثّل بينونة ركيزة مهمة في التحول نحو الطاقة النظيفة، وتُعزّز موقع الطاقة المتجددة في مزيج إنتاج الكهرباء لدى الأردن، إذ تُنتج أكثر من 560 غيغاواط/ساعة سنويًا، تغذّي نحو 160 ألف منزل، وتُسهم في تفادي انبعاث 360 ألف طن من ثاني أكسيد الكربون سنويًا.

موضوعات متعلقة..
- الكهرباء في الأردن.. أزمة متفاقمة وفرص إصلاح إستراتيجية (تقرير)
- قطاع الكهرباء في الأردن خلال 2023.. المملكة تؤمّن نفسها بمزيج متنوع
- قطاع الكهرباء في الأردن يشهد رخصتي توليد لمحطتين
نرشّح لكم..
المصدر:





