الموازنة بين الطاقة المتجددة والطبيعة معادلة صعبة.. كيف يصحح قادة الشركات المسار؟
وحدة أبحاث الطاقة - مي مجدي

- مشروعات الطاقة المتجددة لا يجوز أن تُقام على حساب الطبيعة
- تكامل الطاقة المتجددة والطبيعة ممكن حال تصميم المشروع بعناية
- قوى السوق لا تكفي وحدها لتحقيق نتائج إيجابية للطبيعة
- دمج الطبيعة في مشروعات الطاقة المتجددة فرصة لقادة الشركات
مع اتجاه العالم نحو التحول إلى الطاقة المتجددة لمواجهة أزمة المناخ، تصاعدت تساؤلات مقلقة حول أثر هذه المشروعات في البيئة والطبيعة.
وأطلق مقال حديث -اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة- جرس إنذار مفاده أن تطوير مشروعات الطاقة الشمسية والرياح لا يجوز أن يكون على حساب الطبيعة، داعيًا قادة الشركات إلى دمج حلول إصلاح الطبيعية في إستراتيجيات هذه المشروعات، كونها فرصة وليست عبئًا ماليًا.
ويرى المقال أن الحل يكمن في التنظيم لا السوق، أي في فرض معايير إلزامية تضمن أن كل مشروع من مشروعات الطاقة المتجددة يُحدث أثرًا إيجابيًا في الطبيعة.
ويمكن لبعض الإجراءات اليسيرة قليلة التكلفة أن تصنع فارقًا كبيرًا، مثل زراعة النباتات البرية حول الألواح الشمسية وتحويل قواعد توربينات الرياح البحرية إلى محمية.
تحديات تواجه قادة الشركات
أوضح كاتب المقال، الخبير في اقتصادات أسواق الطاقة، غربن هيمينغا، أن قادة الشركات -حاليًا- يجدون أنفسهم أمام مهمة مزدوجة، فمن جهة مطالبون بتسريع إنتاج الطاقة المتجددة لخفض الانبعاثات، ومن جهة أخرى، مطالبون بحماية الطبيعية والحفاظ على التنوع البيولوجي.
فبحسب الدراسات، يمكن أن يكون أثر مشروعات الطاقة المتجددة في الطبيعة إيجابيًا أو سلبيًا وفقًا لموقعها وتصميمها، بحسب المقال المنشور في موقع بنك الاستثمار الهولندي "آي إن جي".
على سبيل المثال: قد يسبّب بناء مزارع الرياح في موائل بحرية حسّاسة أو مسارات هجرة الطيور أو إزالة الغابات لتطوير محطة للطاقة الشمسية ضررًا بالغًا للنظم البيئية.
غير أن التصميم الجيد والتخطيط الدقيق للموقع قد يُحدث فارقًا ويحمي التنوع البيولوجي، إذ يمكن لمحطات الطاقة الشمسية أن تصبح ملاذًا للحياة البرية حال زراعة نباتات تجذب الملقحات وتتيح حرية الحركة للحيوانات الصغيرة.
أمّا مزارع الرياح البحرية، فبوسعها أن تُوجِد موائل جديدة للكائنات البحرية بفضل الشعاب المكونة حول قواعد التوربينات، لتتحول المناطق المحظورة على الصيد إلى ما يشبه "محمية طبيعية".
ويرى كاتب المقال أن الموازنة بين الطاقة المتجددة والطبيعة لا تشكل عبئًا على الشركات، إذ تَبيَّن أن الأسوار الصديقة للحيوانات تكلفتها مماثلة للأسوار التقليدية.
كما أن إضافة هياكل أطول للألواح او استعمال بذور محلية حولها لا يتجاوز جزءًا قليلًا من التكلفة الإجمالية للمشروع، في حين إن بعض المبادرات، مثل زراعة المحار حول توربينات الرياح البحرية، تدرّ عوائد مالية إضافية، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
أمّا في المناطق التي تواجه تحديات التصحر والمناخ، فقد أثبتت مشروعات الزراعة تحت ألواح الطاقة الشمسية فوائدها، عبر توفير الظل للمحاصيل والموائل الطبيعية.
وفي مثل هذه الحالات، لا تمثّل التكلفة عائقًا أمام الهدف الأسمى المتمثل في حماية البيئة والأمن الغذائي.

الاعتماد على قوى السوق غير كاف
من جهة أخرى، أشار كاتب المقال غربن هيمينغا إلى أن الاعتماد على قوى السوق وحدها لا يمكن أن يضمن نتائج إيجابية، فشركات تطوير الطاقة المتجددة تعمل تحت ضغط خفض التكاليف وتعظيم الأرباح، ما يدفعها إلى تجاهل القيمة البيئية.
لذلك، تحاول بعض الشركات إيجاد حل عبر اللجوء إلى أسواق الكربون الطوعية، وباتت أرصدة الكربون في مشروعات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح متاحة، لكن محاولة تداول التنوع البيولوجي تواجه عقبات كبيرة.
وتُركِّز الأنظمة الحالية، مثل اعتمادات المياه في الولايات المتحدة، على تحسين جودة المياه أكثر من دعم مشروعات الطاقة المتجددة.
كما أن الاعتماد على أرصدة الطبيعة (nature credits) لا يشكّل حلًا لتعويض الأضرار الناتجة عن مشروعات الطاقة المتجددة.
ويظل اعتماد مطوري الطاقة الشمسية والرياح على أرصدة الكربون هو الخيار الرئيس، إذ يمكن للمشروعات الحصول على أرصدة إضافية تحمل شهادات مثل شهادة المناخ والمجتمع والتنوع البيولوجي (CCB)، لتعزيز الفوائد المجتمعية أو التنوع البيولوجي.
ومع أن هذه الشهادات تقدّم علاوة تتراوح بين 1.5 ودولارين لكل طن من ثاني أكسيد الكربون مقارنة بالأرصدة العادية، فإنها تدعم إجراءات سهلة ومنخفضة التكلفة، ما يجعل تمويل المبادرات الأكبر تأثيرًا صعبًا.

التنظيم ضروري للموازنة بين الطاقة المتجددة والطبيعة
أكد كاتب المقال دور التنظيم في تحقيق نتائج إيجابية للطبيعة، لا سيما عندما تكون السوق وحدها غير كافية لتحفيز المطورين على تبنّي إجراءات مكلفة وذات أثر كبير في البيئة.
بالإضافة إلى ذلك، تواجه الحكومات صعوبة في تقييم ومقارنة تأثير مشروعات الطاقة المتجددة بسبب الافتقار إلى المعايير الواضحة، ما يحدّ من الشفافية ويضعف الحوافز للابتكار.
في المقابل، يمكن للمؤسسات الاعتماد على مشروعات الطاقة المتجددة كونها فرصة لدمج إصلاح الطبيعة مع إستراتيجيات خفض الانبعاثات، ما يجعل حماية الطبيعة أولوية بالنسبة لصنّاع القرار، عبر مبادرات واضحة وقابلة للتنفيذ.
موضوعات متعلقة..
- الطاقة المتجددة في 2025.. إفلاس شركات وتسريح موظفين وانهيار أسهم
- الطلب على الكهرباء عالميًا ينمو 2.6%.. والطاقة المتجددة تتجاوز الفحم لأول مرة
اقرأ أيضًا..
- أكبر الدول المصدرة للغاز المسال في أفريقيا خلال الربع الثالث من 2025
- خريطة قدرة تصنيع توربينات الغاز في 2025.. السعودية ضمن الكبار
- أكبر 10 دول مستوردة للغاز المسال عالميًا.. مصر تحجز موقعًا ضمن القائمة
المصدر:





