صفقة أديس السعودية وشيلف دريلينغ.. دلالات إستراتيجية لسوق الحفر العالمية
هبة مصطفى
 
 يمثّل اندماج أديس وشيلف دريلينغ "نقلة" لسوق الحفر الدولية، إذ يفرض الاتفاق -بعد إنجازه- إستراتيجية جديدة لشكل التعاون لتعزيز الصناعة وطبيعته.
وحتى وقت قريب، كانت صفقات الاستحواذ تُشير في غالبية الأحيان إلى "طرف قوي" يستفيد من خطوة تراجع لـ"طرف أقل قوة"، سواء على الصعيد المالي أو الخطط التشغيلية.
وبسعيها للدمج مع شركة الحفر النرويجية شيلف دريلينغ (Shelf Drilling)، تُحوِّل أديس السعودية (ADES) مفهوم التكامل إلى "واقع"، في ظل تقارب الحضور السوقي بين الشركتين.
وكانت الشركتان قد وقّعتا اتفاقًا أوليًا حول تفاصيل الصفقة في أغسطس/آب 2025، وتواصلت خطوات إنضاج الاتفاق خلال الأشهر اللاحقة، ويُرتقب الوصول لمرحلة الإغلاق النهائي قبل نهاية عام 2025.
اندماج أديس وشيلف دريلينغ
لا تقتصر إستراتيجية اندماج أديس وشيلف دريلينغ على تحقيق مكاسب وعوائد أعلى، بل تعكس رؤية طويلة الأجل لتشكيل أكبر أسطول منصات ذاتية الرفع (Jack-Up) في العالم.
ويمكن أن تغطّي عملاقتا الحفر السعودية والنرويجية سوقًا أوسع في النطاق والانتشار الجغرافي، لتلبية طلب شركات النفط العالمية.

وتستهدف "أديس" من هذه الشراكة تمهيد الطريق لرؤية مستقبلية توسعية تستفيد من رأس المال، بعدما كانت عمليات الاندماج المشابهة في سوق الحفر البحري تسعى للتغلب على التحديات المالية والتشغيلية، حسب تحليل نشرته منصة أوفشور إنجينيرنج.
وشهدت السوق حالات اندماج نجمت عن أزمات اقتصادية بلغت في بعض الأحيان مستويات الإفلاس.
ومثالًا على ذلك، رسّخ لاعبون أقدامهم في السوق حاليًا (مثل: أديس، وأدنوك للحفر، وشيلف دريلينغ، وفالاريس، وكوسل الصينية)، بعد أن كانت السوق تكتظّ بشركات أخرى إلى جانب المذكورة عام 2012.
وتدريجيًا، اندمجت بعض هذه الكيانات وتخارجَ بعضها من السوق، لتترك غالبية السيطرة إلى مجموعة الـ5.
قيمة صفقة اندماج أديس وشيلف دريلينغ
قد تصل قيمة صفقة اندماج أديس وشيلف دريلينغ النرويجية إلى 3.9 مليار كرونة نرويجية (ما يعادل 391 مليون دولار أميركي).
(الكرونة النرويجية = 0.10 دولارًا أميركيًا)
وانطلقت صفقة أديس من 14 كرونة (1.40 دولارًا) للسهم، وفي سبتمبر/أيلول رفعت الشركة عرضها إلى 18.50 كرونة (1.85 دولارًا) للسهم.
ويبدو أن عرض 18.5 كرونة للسهم لاقى قبولًا لدى المساهمين، ما رفع نسبة التصويت حول الاندماج وقبول الصفقة من 15 إلى 53.4%.
ومع إتمام الاندماج فعليًا، تحجز أديس موقعًا عالميًا في قطاع الخدمات البحرية ومنصات الحفر الداعمة، خاصة ذاتية الرفع.
وتعكس صفقة الاستحواذ دلالة إستراتيجية، إذ تأتي لتشكّل ثِقلًا سوقيًا كبيرًا بالتزامن مع معاناة الصناعة من حالة عدم اليقين، وتعليق العقود، والتكاليف.
وبالنظر إلى هذه الاعتبارات، تزداد فرص إنجاز الصفقة وتجاوز المعايير المتبقية، بما يقدّم لسوق رؤية طويلة الأمد لأكبر أسطول منصات ذاتية الرفع في العالم.

الانتشار الجغرافي والأسعار
قد يتيح أسطول الشركتين الانتشار الجغرافي الواسع لمنصات الحفر، وفتح المجال مع عملاء ومشغلين في أنحاء عدّة.
وينعكس الاندماج على السوق بالكامل من الناحية التشغيلية، إذ يسمح بتهدئة وتيرة المنافسة، ما يؤدي في نهاية المطاف إلى خفض الأسعار اليومية.
وبذلك، تجمع الشركتان بين "الأسطول القوي، والأسعار التنافسية"، ما يطرح دلالات أنها ستتحول تدريجيًا إلى أحد أبرز الكيانات السوقية الفاعلة في قطاع اقتصادات الحفر العالمي.
ومع مراعاة توسُّع الأسطول والسيطرة الإقليمية يمتدّ التأثير في الشركات الصغيرة أيضًا، ما يغيّر ملامح خطط حفر المياه الضحلة.
وبذلك، ستُعدّ صفقة الاندماج "نقطة تحول" تضمن قوة لأسطول منصات الحفر ومستويات الأسعار، ولن تقتصر على اتفاق "ذكي" فقط، طبقًا للتحليل.
وتستفيد "أديس" من هذا التحول في إعادة رسم خريطة المنافسة، لتتولى زمام الأمور في قطاع الحفر بالمنصات ذاتية الرفع، سواء من بالنسبة لحجم الأسطول أو القيمة السوقية والانتشار.
ومن زاوية أوسع نطاقًا، تتحول صفقة اندماج أديس وشيلف دريلينغ إلى نموذج يخرج بسوق منصات الحفر من النطاق الإقليمي وخدمات الشرق الأوسط إلى نشاط بحري عالمي قوي.
موضوعات متعلقة..
- أديس السعودية تكشف تطورات صفقة الاستحواذ على شركة حفر نرويجية
- تحرك جديد من أديس السعودية لإتمام صفقة استحواذ.. والسهم يقفز
- أكبر صفقات النفط في السعودية خلال 9 أشهر.. طفرة بقيادة أديس وأرامكو
اقرأ أيضًا..
- حقول النفط المشتركة بين إيران والعراق.. لماذا قد تكبد طهران خسائر فادحة؟ (مقال)
- سوق الهيدروجين الأخضر ليست في انتكاسة.. و5 دول عربية تملك مفاتيح الريادة (حوار)
- أكبر الدول المصدرة للوقود إلى لبنان.. شحنات نادرة وغموض حول دولتين (تقرير)
المصادر..
 
  
  
  
  
 




