طاقة الرياح البحرية في بريطانيا تهددها موازنة حكومية منخفضة
محمد عبد السند

رصدت المملكة المتحدة موازنة منخفضة لجولة مزاد طاقة الرياح البحرية المقبلة التي تستهدف من خلالها تحفيز الاستثمارات في سعة الطاقة المتجددة.
غير أن محللين يرون أن تلك الموازنة المنخفضة القيمة ستترك البلد الواقع شمال غرب أوروبا يعاني من أجل تحقيق مستهدفات الطاقة النظيفة.
وتراهن الحكومة البريطانية على مشروعات الرياح البحرية في خططها لإزالة الكربون من قطاع الكهرباء بحلول عام 2030.
وتستهدف الحكومة رفع سعة توليد طاقة الرياح البحرية لتصل إلى ما يتراوح بين 43 و50 غيغاواط بحلول نهاية العقد الحالي، من قرابة 15 غيغاواط حاليًا، وفق تقديرات رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
ومن المقرر أن يستمر تقديم العطاءات المغلقة لتقنيات الرياح البحرية في المزاد المقبل المسمى إيه آر7 (AR7) خلال المدة بين 11 و17 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، على أن تُعلَن النتائج في 14 يناير/كانون الثاني (2026).
تقويض النمو
تؤدي الموازنة الحكومية المنخفضة القيمة المخصصة لجولة مزاد طاقة الرياح البحرية المقبلة إلى تقويض نمو ذلك القطاع المزدهر في المملكة المتحدة، ونشر عدم اليقين حول آفاق تلك الصناعة في القارة العجوز بوجه عام، وفق تحذيرات جمعية ويند يوروب (WindEurope).
وأعلنت حكومة المملكة المتحدة في 28 أكتوبر/تشرين الأول الجاري موازنة مبدئية مقترحة لجولة مزاد طاقة الرياح البحرية المقبلة جاءت كالتالي:
- 900 مليون جنيه إسترليني (1 مليار دولار) بالنسبة لمزرعة الرياح المثبتة في القاع.
- 180 مليون جنيه إسترليني (239 مليون دولار) بالنسبة لمزرعة الرياح العائمة.
*(الجنيه الإسترليني = 1.33 دولارًا أميركيًا).
وتشتري تلك المبالغ المادية سعة كهرباء تتراوح بين 5 و6 غيغاواط فقط في المزاد، وفق تقديرات رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
وتدير بريطانيا حاليًا سعة طاقة رياح بحرية قدرها 16.6 غيغاواط، وترغب في رفعها إلى 50 غيغاواط بحلول عام 2030.
وتطرح البلاد هذا المزاد فقط إلى جانب مزاد في العام المقبل، لتسليم تلك السعة إلى المطورين.
غير أن الموازنة المقترحة الحالية تجعل المملكة المتحدة غير قادرة على تحقيق مستهدفها بحلول نهاية العقد الحالي.

استثمارات مفقودة
تتسبب الموازنة المنخفضة المذكورة بخسارة المملكة المتحدة استثمارات خاصة قيمتها 53 مليار جنيه إسترليني (70 مليار دولار)، إلى جانب شطب 45 ألف وظيفة.
ويجلب كل غيغاواط من سعة طاقة الرياح البحرية ما يتراوح بين مليارين و655 مليون جنيه إسترليني و3 مليارات جنيه إسترليني (4 مليارات دولار) إلى المملكة المتحدة.
وأعدّت البلاد المشروعات اللازمة لتحقيق تلك المزايا الاقتصادية، علمًا بأن هناك ما يزيد على 20 غيغاواط من سعة الرياح البحرية جاهزة للطرح في المزاد.
غير أن رُبع تلك المشروعات فقط هو ما سيُنفَّذ في إطار الموازنة المعلَنة حديثًا.
التكلفة الفعلية
لا تمثّل الموازنة المبدئية المعلَنة مبلغًا ثابتًا يُنفَق بشكل قاطع؛ ولكنها تحدد الحدّ الأدنى للمبلغ الذي ترغب الحكومة في تقديمه دعمًا خلال المزاد.
وستعتمد التكلفة الفعلية على أسعار الكهرباء المستقبلية.
فقد خصصت الحكومة في الجولة السابقة إيه آر2 (AR2) -على سبيل المثال- 290 مليون جنيه إسترليني (385 مليون دولار)، لكن نظرًا للارتفاع الحادّ في أسعار الكهرباء خلال أزمة الطاقة، سددت المشروعات 120 مليون جنيه إسترليني (159 مليون دولار) للمستهلكين.
كما حددت الحكومة حدًا أدنى للسعر الذي ترغب في دفعه للكهرباء المولدة من تلك المشروعات، التي جاءت على النحو التالي:
- 113 جنيهًا إسترلينيًا (176 دولارًا أميركيًا)/ميغاواط/ساعة بالنسبة لمزرعة الرياح البحرية المثبتة في قاع البحر.
- 217 جنيهًا إسترلينيًا (288 دولارًا أميركيًا)/ميغاواط/ساعة بالنسبة لمزارع الرياح العائمة.
وتكشف تلك الأسعار أن طاقة الرياح البحرية العائمة ما تزال تقنية حديثة ومكلفة ماديًا.
المملكة المتحدة تتصدّر
تتبوأ المملكة المتحدة موقع الريادة بين باقي الدول الأوروبية في مجال طاقة الرياح البحرية، غير أن طرح أيّ مزاد بأحجام أقل من المتوقع من شأنه أن يهدد تلك الريادة.
وسيؤثّر ذلك سلبًا بسلسلة إمداد طاقة الرياح الأوسع في المملكة المتحدة وأوروبا، التي تعتمد على أحجام مزادات كبيرة في طاقة الرياح البحرية.
وقال الرئيس التنفيذي لجمعية ويند يوروب غايلز ديكسون: "هذه الموازنة المنخفضة للغاية تقوّض نمو مشروعات الرياح البحرية في المملكة المتحدة، وهناك الكثير من المشروعات الجديدة التي تنتظر البناء".
وأضاف: "يرغب المستهلكون والصناعة في الحصول على كهرباء أرخص ثمنًا من تلك المشروعات، غير أنه بعد صدور مقترح الموازنة المنخفضة القيمة الحالي، لن يُنفَّذ سوى رُبع المشروعات على أرض الواقع".
وتابع: "سيمثّل ذلك فرصًا ضائعة للمملكة المتحدة التي ستخسر استثمارات بالملايين ووظائف بالآلاف، كما أن هذا سيُضعف ريادة البلاد في طاقة الرياح البحرية، وسيؤثّر سلبًا بسلسلة إمدادات طاقة الرياح في بريطانيا وأوروبا كلتيهما".
موضوعات متعلقة..
- مشروعات الرياح البحرية في بريطانيا تتحرر من قيود الحظر
- غزو أوكرانيا يُطيل عمر الطاقة النووية في أوروبا (تقرير)
- حوادث الرياح البحرية في بريطانيا أعلى 4 مرات من النفط والغاز (دراسة)
موضوعات متعلقة..
- مصنع لإنتاج الصلب الأخضر سيكون أكبر استثمار خاص في تاريخ فنلندا
-
الهند وسيطًا لنقل الهيدروجين الأخضر بين ألمانيا وأستراليا.. هل تتجه للتصدير؟
المصادر:
1.تأثير موازنة بريطانية منخفضة لمزاد طاقة الرياح البحرية في الصناعة، من "ويند يوروب"
2.سعة طاقة الرياح البحرية في بريطانيا، من رويترز





