احتجاز الكربون والمفاعلات المعيارية الصغيرة.. حلول تهدد مسار تحول الطاقة في كولورادو
وحدة أبحاث الطاقة - مي مجدي
تراهن ولاية كولورادو الأميركية على المفاعلات المعيارية الصغيرة وأنظمة احتجاز الكربون في مسار تحول الطاقة، رغم ما يكتنفها من غموض وتحديات اقتصادية قد تُثقل كاهل المواطنين لعقود مقبلة.
وأشار تقرير حديث -اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة- إلى أن نجاح الولاية في التحول يتوقف على حكمة الاختيار بين بدائل الفحم، محذرًا من أن الخيارات الخاطئة ستكون مكلفة وستؤخر عملية التحول.
وركز التقرير على خيارَيْن رئيسَيْن مطروحَيْن أمام الولاية الأميركية لتعويض إنتاج الوحدة الثالث في محطة "كومانشي" لتوليد الكهرباء بالفحم مع إغلاقها في 2030، وهما بناء مفاعلات نووية جديدة أو محطات غاز مزودة بتقنيات احتجاز الكربون.
ويرى التقرير الصادر عن معهد اقتصادات الطاقة والتحليل المالي أن الخيارَيْن سيؤديان إلى ارتفاع أسعار الكهرباء بالنسبة إلى المستهلكين، بالإضافة إلى أنهما يحملان مخاطر مرتفعة قد تعوق مسار تطور المشروعات في كولورادو.
في مقابل ذلك، يدعو التقرير إلى مواصلة مسار الطاقة المتجددة عبر التوسع في مشروعات الطاقة الشمسية والرياح وحلول التخزين، كونها الخيار الأفضل من حيث التكلفة والمخاطر على المدى الطويل.
المفاعلات المعيارية الصغيرة في كولورادو
سلّط تقرير معهد اقتصادات الطاقة والتحليل المالي الضوء على دراسة أجرتها وزارة الطاقة الأميركية عام 1986 لمقارنة التكاليف المقدرة والفعلية لبناء 75 مفاعلًا بين عامَي 1967 و1977.
وخلصت إلى أن تكاليف بناء المفاعلات النووية تضاعفت 3 مرات مقارنة بالتقديرات الأولية، وأن مدة التنفيذ تجاوزت التوقعات بنحو 5 سنوات.
ومنذ مطلع الألفية، لم ينجُ أي مشروع نووي أميركي من معضلة التأخير والتضخم المالي، فقد بلغت التكلفة التقديرية لمشروع "فوغتل" في ولاية جورجيا نحو 14 مليار دولار، لكنها تجاوزت ذلك بنحو 22 مليارًا، إلى جانب تأخيرات تجاوزت 7 سنوات، في حين شهد المستهلكون زيادة في الأسعار بنسبة 23.7%، أي ما يعادل 224 دولارًا سنويًا لكل أسرة.
ورغم هذه الحقائق، فما يزال المطورون للمفاعلات المعيارية الصغيرة يكررون الخطاب ذاته بأن هذه المفاعلات أرخص وأسرع في البناء، وستؤدي إلى انخفاض التكلفة، فضلًا عن دورها في تكملة دور مصادر الطاقة المتجددة.
غير أن الوقائع تدحض هذه الوعود، فشركة نوسكيل، أحد أبرز مطوري المفاعلات الصغيرة، ألغت مشروعها الذي كان مقترحًا بولاية يوتا بين عامَي 2020 و2023، بعد أن ارتفعت التكلفة المقدرة بنسبة 138%.

وأظهرت التجارب في الصين وروسيا أن بناء هذه المفاعلات استغرق أكثر من 12 عامًا وبتكاليف تجاوزت التقديرات بـ4 و5 أضعاف على التوالي، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
كما أن الولايات المتحدة تفتقر إلى البنية التحتية اللازمة لتنفيذ هذه المشروعات؛ فتجربة مشروع فوغتل كانت الأولى خلال 35 عامًا، ما كشف عن نقص في الخبرة والافتقار إلى الكوادر وغياب المصانع المتخصصة.
في المقابل، تكشف تحليلات المختبر الوطني للطاقة المتجددة (NREL) عن أن تقديرات تكلفة الكهرباء المستوية من المفاعلات المعيارية ستظل أعلى من طاقة الرياح أو الشمسية.
الغاز واحتجاز الكربون في كولورادو
على الجانب الآخر، يروّج مؤيدو تقنية احتجاز الكربون وتخزينه لقدرتها على احتجاز 95% أو أكثر من انبعاثات محطة الغاز، بل تحدث تقرير اللجنة الاستشارية لحلول الطاقة المبتكرة في بويبلو (PIESAC) لعام 2023 عن إمكان بناء مشروع يحتجز 100% من ثاني أكسيد الكربون، مع الاعتراف بعدم تشغيله قبل 2031.
ومع ذلك، لا تتوافق هذه الادعاءات مع واقع المشروعات القائمة، ورغم وجود مشروعات تجريبية في المحطات العاملة بالفحم، فلم يُطبق احتجاز الكربون على المحطات العاملة بالغاز تجاريًا.
حتى المشروع الوحيد الذي طبّق احتجاز الكربون على محطة عاملة بالغاز في ماساتشوستس تعامل مع 7% فقط من غازات المداخن، وتوقف عن العمل قبل عقدَيْن.

كما أن إضافة هذه التقنية سيزيد تكلفة الكهرباء، حتى الدعم الفيدرالي الحالي لن يغطي تكلفة التركيب والتشغيل.
في المقابل، يوفّر الاستثمار في المصادر المتجددة، مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية وبطاريات تخزين الكهرباء، القدرة على تلبية ارتفاع الطلب على الكهرباء، ويمنح الولاية مرونة في التخطيط لتجنّب الوقوع في تنفيذ أصول باهظة وعالقة في حال عدم تحقيق زيادات الطلب المتوقعة، فضلًا عن توفير فوائد اقتصادية محلية ضخمة.
موضوعات متعلقة..
- تكلفة احتجاز الكربون بمحطات الكهرباء الصينية لا تتجاوز 40 دولارًا للطن.. وأوروبا تعاني
- وتيرة تطوير تصميمات المفاعلات المعيارية الصغيرة لا تواكب التشغيل.. أين الفجوة؟
اقرأ أيضًا..
- واردات أوروبا من الغاز المسال تقفز 5.7 مليون طن.. وهذه قائمة الـ10 الكبار
- صادرات الإمارات من الغاز المسال تهبط 34%.. والهند أكبر المستوردين
- صادرات الغاز المسال الأميركية ترتفع 27%.. ومصر تقترب من صدارة المستوردين
المصدر:





