استخلاص النفط المعزز.. ابتكار مصري يدعم زيادة الإنتاج وخفض التكلفة
داليا الهمشري

مع ازدياد التوجه العالمي نحو تعظيم الاستفادة من الحقول الناضجة عبر تقنيات استخلاص النفط المعزز (EOR)، برزت مبادرات بحثية وطنية طموحة تستهدف تطوير حلول مبتكرة وبديلة للمواد المستوردة مرتفعة التكلفة.
ومن بين هذه الجهود، جاء البحث الذي قدّمته الباحثة في قسم البترول وتكنولوجيا الغاز بكلية هندسة الطاقة والبيئة بالجامعة البريطانية المهندسة جنا محمد، بإشراف عميد الكلية الدكتور عطية عطية.
وتناول البحث -الذي اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)- تطوير مادة نانوية جديدة معتمدة على السليلوز بهدف استعمالها في تحسين عمليات الاستخلاص المعزز للنفط (EOR) ورفع كفاءة الإنتاج من الخزانات النفطية.
وتُعدّ عمليات استخلاص النفط المعزز (EOR) من أهم التقنيات الحديثة في صناعة النفط؛ لأنها تُمكّن من زيادة إنتاج الحقول الناضجة التي بدأ معدل إنتاجها في التراجع مع مرور الوقت، فرغم أن النفط الموجود في باطن الأرض قد يصل إلى 70% من إجمالي الاحتياطي القابل للإنتاج، فإن الطرق التقليدية -مثل الضخ الأولي والغمر بالماء- لا تتمكن من استخراج أكثر من 30–40% فقط من النفط.
وهنا يأتي دور تقنيات الاستخلاص المعزز، التي تُستعمَل لاستخراج الجزء المتبقي من النفط المحتجز داخل الصخور عبر تحسين خواص السوائل أو تغيير خواص طبقات الخزان.
استخلاص النفط المعزز
اعتمد المشروع البحثي في بدايته على فكرة استخلاص السليلوز من المخلّفات الزراعية كونه مادة طبيعية منخفضة التكلفة وصديقة للبيئة، إلّا أن تعقيدات عملية الاستخلاص واحتياجها إلى وقت طويل دفعت فريق البحث إلى استعمال سليلوز تجاري جاهز بمثابة بديل عملي لاستكمال الدراسة.

وأوضحت المهندسة جنا محمد أنها حوّلت السليلوز إلى نانو سليلوز، ثم أخضعته لعملية تعديل كيميائي متعدد المراحل، شمل:
1- الأكسدة باستعمال sodium periodate للحصول على مجموعات ألدهيد فاعلة.
2- إضافة مجموعات أمينية باستعمال مركب إيثيلين ثنائي الأمين بهدف زيادة التفاعل السطحي وتحسين الذوبان.
3- إضافة جسيمات معدنية ذات خصائص مغناطيسية لتعزيز الثبات الحراري للمادة وزيادة قدرتها على التحرك داخل مسام الصخور في الخزان النفطي.
نتائج واعدة
أشارت المهندسة جنا -في تصريحات خاصة إلى منصة الطاقة المتخصصة- إلى أنها فحصت المادة الجديدة من خلال عدّة اختبارات معملية أثبتت نجاح تطويرها وثباتها، كما أظهرت قدرتها على تقليل الاحتكاك بين الزيت والماء داخل الخزان النفطي؛ ما يساعد في زيادة معدل استخلاص النفط المعزز.
كما أظهرت المادة قدرة جيدة على خفض التوتر السطحي بين الزيت والماء وتحسين خصائص البلل الصخري داخل الخزانات النفطية.
وأكدت أن المادة نجحت -كذلك- في تحقيق أداء تنافسي مقارنًة بالطرق التقليدية خلال اختبارات الغمر (Flooding Tests)، موضحةً أنه أُجريَت 3 تجارب غمر (Flooding) في نموذج رمل صناعي لمحاكاة الخزان النفطي، وهي:
- تجربة الـWater Flooding، التي أظهرت عامل استرداد (Recovery Factor) يساوي تقريبًا 36.9%.
- تجربة الـPolymer Flooding باستعمال البولي أكريلامايد، التي حققت 64.2%.
- تجربة الـModified Cellulose Flooding، التي حققت أعلى كفاءة باستخلاص يقارب 79.4%، مع تأخُّر في اختراق الماء وتحسين في خصائص البلل.
وأظهرت النتائج -أيضًا- تأخُّر اختراق الماء بشكل ملحوظ وتحسُّن في عملية الإزاحة النفطية، مما يعزز من فرص استعمال السليلوز المعدل بمثابة مادة فاعلة في استخلاص النفط المعزز.
وأشارت الدراسة الاقتصادية للمشروع إلى أن استعمال السليلوز التجاري المعدل يُعدّ حلًا اقتصاديًا مناسبًا مقارنة بالمواد النانوية المستوردة ذات التكلفة المرتفعة، مع الحفاظ على أداء فني عالٍ.
وتخطط الباحثة إلى تطبيق الفكرة مستقبلًا باستعمال سليلوز طبيعي مشتق من المخلّفات الزراعية لإجراء عملية استخلاص النفط المعزز من أجل تحقيق الاستدامة وتقليل التكلفة ودعم الاقتصاد الدائري في قطاع الطاقة.
موضوعات متعلقة..
- استخلاص النفط من المخلفات الزراعية.. تقنية مبتكرة لباحث مصري
- الاستخلاص المعزز.. تقنية فعالة لزيادة إنتاج حقول النفط في سوريا
- كهربة عمليات استخراج النفط والغاز قد تخفّض الانبعاثات المصاحبة 85%
اقرأ أيضًا..
- الممر الشمالي بديل قناة السويس.. من الخاسر الأكبر؟ (تقرير)
- أكبر 10 دول مستوردة للغاز المسال عالميًا.. مصر تحجز موقعًا ضمن القائمة
- تحويل النفايات إلى كهرباء.. خبراء يرشحون 4 دول عربية للريادة (تقرير)
- قصة حقل الزبير العراقي وماذا حدث منذ اكتشاف 4 مليارات برميل نفط