تقارير النفط أنسيات الطاقة التقارير رئيسية نفط

كيف تتأثر أسواق الطاقة بوقف الحرب في غزة؟ أنس الحجي يجيب

أحمد بدر

2025-10-16

0 350

تشهد أسواق الطاقة حالة من الترقب الحذِر إزاء التطورات السياسية في الشرق الأوسط، ولا سيما بعد وقف الحرب في غزة، إذ إن انعكاسات هذه الخطوة المحتملة لا تقتصر على الجانب الإنساني أو الأمني فحسب، بل تمتد إلى ممرّات التجارة العالمية وتوازنات العرض والطلب في النفط والغاز.

وفي هذا السياق، يقول مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة (مقرها واشنطن)، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، إن وقف الحرب في غزة قد يعيد ترتيب المشهد في الأسواق العالمية، خصوصًا فيما يتعلق بعودة السفن وناقلات النفط والغاز المسال إلى البحر الأحمر، الذي شهد اضطرابات حادّة خلال الأشهر الماضية.

وأشار إلى أن المشهد في البحر الأحمر معقّد، وأن دور الحوثيين سيظلّ محور تساؤل كبير في المرحلة المقبلة، مؤكدًا أن استمرار الهجمات على السفن أو توقُّفها سيحدد جزءًا كبيرًا من حركة تجارة الطاقة عبر هذا الممر الحيوي.

ويرى الحجي أن الولايات المتحدة كانت من أبرز المستفيدين من تعطُّل الملاحة خلال المدة الماضية على يد جماعة الحوثي التي سيطرت على البحر الأحمر لمدة، واستهدفت السفن والناقلات المارّة فيه.

جاء ذلك خلال حلقة جديدة من برنامج "أنسيات الطاقة"، قدّمها أنس الحجي عبر مساحات منصة التواصل الاجتماعي "إكس" (تويتر سابقًا) بعنوان "أثر المخزون والطاقة الإنتاجية الفائضة في أسواق الطاقة العالمية".

البحر الأحمر والحوثيون

يرى أنس الحجي أن التطورات في البحر الأحمر ستكون أول محكّ حقيقي لمدى استقرار أسواق الطاقة بعد وقف الحرب في غزة، إذ يربط هذا الممر بين آسيا وأوروبا، ويُعدّ من أهم طرق تصدير النفط والغاز المسال عالميًا.

وأكد أن العودة الكاملة للسفن إلى عبوره تعتمد على الترتيبات الأمنية المقبلة، إذ إن الغاز الطبيعي المسال تحديدًا توقَّف عن المرور في البحر الأحمر منذ نحو 20 شهرًا بسبب تهديدات الحوثيين.

أسواق النفط الأوروبية — زوارق حوثية تقترب من سفينة شحن في البحر الأحمر - الصورة من بلومبرغ

وأدى ذلك -وفق خبير اقتصادات الطاقة- إلى ارتفاع تكاليف النقل والتحول إلى طرق أطول عبر رأس الرجاء الصالح، مضيفًا أن استئناف الملاحة الآمنة سيخفض التكاليف ويزيد الكفاءة التجارية لشركات الطاقة.

وبحسب الحجي، فإن الحوثيين باتوا يمتلكون ما يشبه "الكارت السياسي والإعلامي" عبر هجماتهم على السفن، ما يجعلهم في دائرة الضوء الدولية، متسائلًا حول ما إذا كانوا سيتخلّون عن هذا الدور بعد وقف الحرب، أو سيواصلون استخدامه ورقة ضغط إقليمية.

وأشار إلى أن الأميركيين استفادوا من هذه الاضطرابات بطرق غير مباشرة، إذ زادت صادراتهم من الغاز المسال إلى أوروبا خلال الأوقات التي تعطلت فيها الإمدادات عبر قناة السويس والبحر الأحمر.

وانعكس ذلك -وفق الحجي- على الأسعار والتوازنات في أسواق الطاقة، لذلك فإن عودة الملاحة الكاملة مرهونة بتفاهمات سياسية وأمنية واسعة، وأيّ تهديد متجدد في البحر الأحمر سيعيد المخاطر الجيوسياسية إلى واجهة أسواق الطاقة خلال عام 2026.

إعادة الإعمار والطلب على الوقود

قال أنس الحجي، إن المحور الثاني لتأثير وقف الحرب في غزة بأسواق الطاقة يتمثل في عملية إعادة الإعمار، التي ستتطلب كميات هائلة من الوقود، خاصة الديزل وزيت الوقود والبنزين.

ولفت إلى أن الدول المُسهِمة في عمليات إعادة الإعمار ستحتاج إلى الوقود بشكل كبير لتشغيل الآليات والمعدّات التي ستسهم في عمليات البناء داخلية، بالإضافة إلى عمليات نقل مواد البناء داخل القطاع.

أثار الدمار الذي خلقته الحرب في غزة — أثار الدمار الذي خلّفته الحرب في غزة - أرشيفية

وأضاف أنس الحجي أن السؤال الأهم في هذا السياق هو: من أين ستأتي هذه الإمدادات؟ موضحًا أن الاحتمالات تشمل مصر أو إسرائيل، أو حتى إنشاء مرفأ مؤقت في غزة لتسهيل دخول كميات ضخمة من المحروقات اللازمة لعمليات البناء.

وأشار إلى أن أيّ خطط لإعادة الإعمار ستخلق طلبًا إضافيًا غير محسوب في التقديرات السنوية لسنوات 2026 و2027، مما سيؤثّر في توقعات الاستهلاك الإقليمي، حتى إن كان التأثير العالمي محدودًا نسبيًا.

كما أوضح أن داخل الكيان الإسرائيلي نفسه لديه حاجة كبيرة إلى إعادة البناء بعد الدمار الواسع الذي لحق بالبنية التحتية، بما في ذلك مصفاة رئيسة تعرضت لأضرار كبيرة، وهو ما يعني زيادة الطلب المحلي على النفط والمنتجات المكررة.

واختتم الحجي تصريحاته -في هذا السياق- بالقول، إن وقف الحرب لن يكون مجرد حدث سياسي، بل تطور اقتصادي سيعيد تشكيل التوازنات في المنطقة.

وأكد أن أسواق الطاقة ستظل تراقب عن كثب تأثيرات إعادة الإعمار وعودة النشاط الاقتصادي في كل من غزة وإسرائيل خلال العام المقبل 2026.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصدر: