جيسيكا عبيد: قطاع الغاز في الجزائر يعاني.. وخطر يهدد الإيرادات
خاص

ترى مستشارة السياسات العامة للكهرباء المهندسة جيسيكا عبيد أن الاعتماد شبه الكلّي على الغاز في توليد الكهرباء يضع الاقتصاد الجزائري أمام مخاطرة مادية وإستراتيجية تهدّد إيراداته الصافية.
وتعتمد الجزائر بنسبة تقارب 99% على الغاز في إنتاج الكهرباء، وتواجه مفاضلة بين تأمين الإمداد المحلي والحفاظ على صادراتها من الغاز.
ووفقًا لتصريحات المهندسة جيسيكا في مقابلة مع منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، فإن الضغوط على الصادرات قد تؤدي إلى تآكل احتياطيات النقد الأجنبي إذا استمر ارتفاع الاستهلاك المحلي دون تعويض نموّ الإنتاج أو تنويع المحفظة الطاقية.
وترى جيسيكا -التي تشغل أيضًا منصب الشريكة المؤسسة في شركة نيو إنرجي كونسلت- أن هذه المعادلة تُلقي بظلالها على الاستقرار المالي للدولة، وتستدعي إصلاحات عاجلة في سياسات التسعير والحوكمة لجعل التحول الطاقي ممكنًا دون خسارة للعوائد.
الغاز في الجزائر
يبقى الغاز في الجزائر المحرك الرئيس للاقتصاد الوطني، لكن المسار الحالي يعرّض عائدات التصدير لخطر الانكماش.
ووفق ما أوضحت جيسيكا عبيد، فإن الاعتماد الداخلي على الغاز لتوليد الكهرباء بمستويات دعم مرتفعة، يرفع من استهلاك الوقود المحلي، ما قلّص الكميات المخصصة للتصدير، وأسهم في تراجع تدفقات العملة الصعبة.
وتضيف "عبيد" أن هذا الانحراف مقترن بتقادم البنية التحتية وقيود تنظيمية جعلت من الصعب جذب استثمارات أجنبية كافية لتعزيز الإنتاج أو تمويل مشروعات طاقة متجددة على نطاق واسع.
وأضافت في تصريحات خاصة إلى منصة الطاقة، أن تقلبات أسعار الغاز العالمية وسياسات خفض الانبعاثات في أوروبا -التي تهدف إلى خفض الطلب على الغاز بنحو 40% بحلول عام 2030- تزيد خطر تآكل الإيرادات المستقبلية للجزائر.
ويشرح الرسم البياني التالي -من منصة الطاقة- أحدث بيانات مزيج توليد الكهرباء في الجزائر:
وتعتمد الجزائر تاريخيًا على صادرات الغاز بصفته مصدرًا رئيسًا للعملة الصعبة، لكن جيسيكا عبيد تحذّر من أن رهان الدولة على نافذة مؤقتة لزيادة الصادرات (كما حدث بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا) لا يكفي لتعويض الانخفاض المحتمل في الطلب الأوروبي على الغاز على المدى المتوسط.
وتشير مستشارة السياسات العامة للكهرباء إلى أن ما يُسجّل من زيادات تصديرية قصيرة الأجل قد تترك أصولًا غازية "عالقة" في بنية تحتية قديمة، إذا ما تراجعت أسواق التصدير لاحقًا.
عراقيل تحول الطاقة
تعزو جيسيكا عبيد بطء نشر مشروعات الطاقة المتجددة في الجزائر إلى قيود هيكلية ومؤسسية تمثّلت في سياسات الاكتفاء الذاتي، وهيمنة كيانات مملوكة للدولة على قطاع الطاقة، ومحدودية مشاركة القطاع الخاص.
وأوضحت أن الظروف المالية العامة، وسياسات الدعم، وضعف الإطار التشريعي للمناقصات، جميعها رَدَعَت رأس المال الأجنبي والخاص المحلي عن دخول سوق الطاقة المتجددة بسرعة.
ومع ذلك، تؤكد جيسيكا أن الجزائر تمتلك موارد متجددة وفيرة -بما في ذلك إشعاعًا شمسيًا من أعلى المعدلات عالميًا- وموقعًا إستراتيجيًا يُسهّل تصدير الكهرباء أو الهيدروجين الأخضر إلى أوروبا، بالإضافة إلى قدرة مالية تمكّنها من تمويل مشروعات كبرى إذا ما تهيّأت البيئة الاستثمارية.
ويوضح الرسم التالي القدرات الحالية لمصادر الطاقة المتجددة في الجزائر، وفق أحدث البيانات الرسمية لدى منصة الطاقة:
وفي سياق متصل، تُشير نشاطات تنظيمية حديثة إلى انفتاح محدد؛ إذ سمحت تعديلات تنظيمية بملكية أجنبية تصل حتى 80% في مشروعات الطاقة، مع تركيز على بناء قدرات إنتاج الهيدروجين الأخضر الموجّه للتصدير.
وعدّت جيسيكا عبيد -في تصريحات إلى منصة الطاقة- هذه الخطوة مهمة، لكنها تُشدّد على أن نجاحها مرهون بإصلاحات مكملة في سوق الكهرباء، وبتغيير مقاربات التسعير والدعم، وبتعميق مشاركة القطاع الخاص وفتح مناقصات شفافة.
خيارات مرتبكة أم نافذة تحوّل؟
تختم جيسيكا عبيد تصريحاتها إلى منصة الطاقة بأن الخيارات أمام الجزائر واضحة وصارخة: الاستمرار في المسار القائم سيؤدي إلى تآكل الإيرادات على المدى المتوسط مع ارتفاع مخاطر أصول غازية "عالقة"، بينما الاستفادة من الإمكانات المتجددة وإصلاح الحوكمة ستمنح الدولة قدرة على التحوّل دون التضحية بالسيولة.
وترى مستشارة السياسات العامة للكهرباء أن ثمة خطة متوازنة يجب أن تربط بين مراجعة دعم الكهرباء، وتعزيز الاستثمارات في مشروعات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وبرامج لإدماج المشروعات المملوكة للدولة، مثل سوناطراك، في إستراتيجية وطنية للتنويع.
وإذا ما نجحت الجزائر في تحويل الزخم الحالي إلى مشروعات قابلة للتنفيذ -وفق جيسيكا عبيد- فستتمكّن من تحويل تهديد تراجع الطلب العالمي إلى فرصة لتصدير طاقات نظيفة تدعم الإيرادات على مدار العقدين القادمين.
موضوعات متعلقة..
- مزيج توليد الكهرباء في الجزائر.. هيمنة شبه كاملة للغاز (إنفوغرافيك)
- الطاقات المتجددة في الجزائر.. قصة وزارة حائرة وصلاحيات غائبة
اقرأ أيضًا..
- وزير الطاقة السعودي: تأمين الطاقة لتحقيق النمو أولوية قبل قضايا المناخ
- واردات مصر من الغاز المسال تقفز 144%.. و4 دول توفر كل الشحنات
- إنتاج حقل خور مور في كردستان العراق يقفز 50%