أنسيات الطاقةالتقاريرتقارير النفطسلايدر الرئيسيةنفط

أنس الحجي: زيادة صادرات أوبك+ جاءت من السعودية.. ومفاجأة بشأن وجهتها

أحمد بدر

تشهد بيانات سوق النفط العالمية جدلًا واسعًا حول ما إذا كانت زيادة صادرات أوبك+ الأخيرة تعني فائضًا في المعروض العالمي، بعد ملاحظة ارتفاع كميات النفط المنقولة بحرًا خلال شهر سبتمبر/أيلول الماضي.

وفي هذا السياق، يقول مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، إن ما جرى تفسيره على أنه زيادة في الصادرات أو فائض في السوق لا يعكس الصورة الكاملة لما يحدث فعليًا في تجارة النفط.

وأوضح أن مصطلح "النفط على الماء" الذي تداوله المحللون يشير إلى السفن المحملة بالنفط الموجودة في البحار، قد ترتفع كمياتها تبعًا لنشاط النقل التجاري وليس بالضرورة زيادة الإنتاج.

وأشار إلى أن الخطأ في تحليل بيانات أوبك+ يعود إلى تجاهل مصدر هذه الكميات واتجاهها النهائي، إذ إن الصحفيين والمحللين لم يتعاملوا مع هذه البيانات بدقة مهنية كافية.

جاءت تصريحات الحجي، خلال حلقة جديدة من برنامجه "أنسيّات الطاقة"، الذي يقدمه عبر مساحات منصة "إكس" (تويتر سابقًا)، التي جاءت بعنوان: "ما صحة توقعات فائض كبير في أسواق النفط وانخفاض أسعاره؟".

النفط على الماء لا يعني فائضًا في السوق

أكد أنس الحجي أن مصطلح "النفط على الماء" الذي شاع مؤخرًا في تقارير بعض المؤسسات لا يعني بالضرورة وجود فائض في الإنتاج داخل أوبك+، بل يرتبط بحركة الناقلات البحرية وتوقيت الشحن والتخزين.

وأوضح أن هناك نوعَيْن من النفط على الماء: الأول هو النفط المحمول في ناقلات تتحرك بين الدول، والثاني هو النفط العائم في سفن متوقفة، لكن كمياته محدودة جدًا مقارنة بالكميات المنقولة تجاريًا.

ناقلة نفط تابعة لأدنوك
أحدث ناقلات النفط التابعة لأدنوك - الصورة من موقع الشركة

وبيّن أنس الحجي أن الزيادة في عدد السفن التي تحمل النفط في أعالي البحار لا تعني زيادة في الإمدادات الفعلية، بل قد تعكس تحولات لوجستية أو انتقال النفط من مخزون إلى آخر ضمن منظومة التجارة الدولية.

وأشار إلى أن الرسم البياني المتداول الذي أظهر ارتفاعًا كبيرًا في النفط على الماء خلال سبتمبر/أيلول انتشر على نطاق واسع، لكن التحليلات التي تبعته كانت مضللة وغير دقيقة في تقديرها لنتائج هذا الارتفاع.

وأضاف أن بعض المحللين عدّوا الزيادة دليلًا على ارتفاع المخزونات وتوقعوا انخفاض أسعار النفط، غير أن هذا الاستنتاج لم يستند إلى تتبع واقعي لمصدر النفط أو وجهته النهائية.

وشدد على أن أغلب هذه الزيادة جاءت من داخل أوبك+، وتحديدًا من السعودية، التي تمتلك شبكة تخزين ونقل متقدمة تتيح لها إعادة توزيع النفط وفق احتياجات الأسواق.

وأكد أن تجاهل مصدر الشحنات ومسارها الفعلي أدى إلى سوء فهم لحركة الصادرات داخل أوبك+، ما أعطى انطباعًا زائفًا بوجود فائض لم يحدث فعليًا في السوق.

السعودية المحرك الرئيس لزيادة صادرات أوبك+

أوضح أنس الحجي أن أغلب الزيادة في صادرات أوبك+ جاءت من السعودية تحديدًا، وأن النفط الذي غادر موانيها لم يتجه مباشرة إلى الأسواق الاستهلاكية، بل إلى خزانات تملكها المملكة في مصر.

وبيّن أن السعودية تصدر نفطها من ميناءي رأس تنورة وينبع باستعمال أكبر ناقلات النفط في العالم، التي تحمل أكثر من مليوني برميل وتتجه إلى ميناء العين السخنة على البحر الأحمر.

صادرات السعودية من النفط خلال النصف الأول

وأشار خبير اقتصادات الطاقة إلى أن موقع العين السخنة قبل قناة السويس يجعلها محطة إستراتيجية في منظومة نقل النفط الخليجي إلى أوروبا عبر خط أنابيب "سوميد" الذي يربط البحر الأحمر بالبحر المتوسط.

وأردف أن خط سوميد يمتد من العين السخنة مرورًا بغرب القاهرة حتى ميناء سيدي كرير قرب الإسكندرية، إذ تُنقل كميات النفط إلى الخزانات هناك قبل إعادة تصديرها إلى الأسواق الأوروبية.

وأضاف أن هذه الخزانات كانت خلال المدة الماضية عند مستويات منخفضة جدًا، قريبة من أدنى مستوياتها التاريخية، ما أتاح للسعودية فرصة مثالية لإعادة ملئها ورفع مستويات التخزين.

ولفت إلى أن هذه العمليات لا تُعد زيادة في المعروض، لأنها في جوهرها حركة نقل وتخزين ضمن منظومة أوبك+، وليست ضخًا جديدًا في السوق العالمية كما فُسرت خطأ.

وأكد أن بعض المحللين تجاهلوا هذه التفاصيل اللوجستية، ما جعلهم يخلطون بين "النفط المتجه إلى التخزين" و"النفط الداخل إلى السوق"، وهو ما غيّر الصورة الحقيقية لبيانات أوبك+.

أوروبا الوجهة الفعلية للنفط السعودي

كشف أنس الحجي عن أن الوجهة النهائية لجزء كبير من الزيادة في صادرات أوبك+ هي الأسواق الأوروبية، وليس الأميركية كما ظن البعض، مؤكدًا أن ذلك يتسق مع سياسة التسعير التي اتبعتها أرامكو مؤخرًا.

وأوضح أن أرامكو رفعت أسعار بيع النفط إلى الولايات المتحدة بصورة كبيرة، ما قلل حجم الإمدادات المتجهة إليها، في حين خفّضت الأسعار إلى أوروبا لتشجيع تدفق الإمدادات نحوها.

وبيّن أن المخزونات النفطية في أوروبا كانت عند مستويات منخفضة جدًا خلال الفترة الماضية، ما استدعى إعادة ملئها إلى المتوسط الطبيعي، وهو ما لا يُعد فائضًا بل عودة إلى الوضع المستقر.

تخفيضات أوبك+ الطوعية

وأشار أنس الحجي إلى أن هذه الزيادة في الإمدادات إلى أوروبا تأتي أيضًا لتعويض نقص الإمدادات الروسية عبر أنبوب "دروجبا" أو "أنبوب الصداقة" الذي تضرر نتيجة التفجيرات والخلافات بين أوكرانيا وبعض دول أوروبا الشرقية.

وأضاف أن دول الاتحاد الأوروبي التي لا تطل على البحار تواجه صعوبات في تأمين احتياجاتها من النفط بعد تراجع الإمدادات الروسية، ما جعل النفط السعودي بديلًا منطقيًا لتلك الفجوة.

وأكد أن ما يعدّه البعض فائضًا في صادرات أوبك+ ليس إلا استجابة لحاجة أوروبية طارئة إلى إعادة التوازن بين العرض والطلب، ولا يمثّل بأي شكل تخمة في السوق.

وختم بالإشارة إلى أن الزيادات الفصلية في المخزونات خلال الربع الأخير من العام تُعد ظاهرة موسمية معتادة تاريخيًا، ولا يمكن وصفها دليلًا على ضعف الطلب أو تراجع الأسعار ضمن منظومة أوبك+.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصدر..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق