صناعة الرقائق الإلكترونية تنتظر اضطرابات من قيود الصين على المعادن النادرة (تقرير)
محمد عبد السند

- الصين فرضت قيودًا على صادراتها من المعادن النادرة.
- صناعة الرقائق الإلكترونية تترقّب نقصًا في الإمدادات.
- تبرز الصين أكبر منتِج للمعادن الأرضية النادرة عالميًا.
- تتحكم بكين في 99% من إمدادات عنصر الديسبروسيوم النادر.
- آلات تصنيع الرقائق الإلكترونية تعتمد على المعادن النادرة.
تحبس صناعة الرقائق الإلكترونية أنفاسها ترقبًا لآثار القيود التي فرضتها الصين مؤخرًا على المعادن الأرضية النادرة في إطار حربها التجارية المتصاعدة مع الولايات المتحدة.
وتأخذ الخطوة الصينية بشأن المعادن النادرة بُعْدًا عالميًا خاصًا؛ إذ تتحكم بكين في 99% من الإمدادات العالمية لعنصر الديسبروسيوم النادر الذي لا غنى عنه لتصنيع الرقائق الإلكترونية للمحافظة على استقرارها المغناطيسي حتى في درجات الحرارة العالية.
ويُنظَر إلى الإجراءات الصينية الأخيرة بوصفها "ورقة ضغط" تستعملها بكين لتعزيز موقفها في أي مفاوضات مرتقبة مع الولايات المتحدة الأميركية خلال المدة المقبلة.
وتبرز الصين أكبر مُنتِج للمعادن الأرضية النادرة عالميًا؛ إذ تمثل نحو 70% من إجمالي تعدين تلك العناصر و90% من سعة معالجتها، وفق تقديرات رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
موجة اضطرابات
تهيئ الشركات في سلاسل إمدادات الرقائق الإلكترونية العالمية نفسها لموجة اضطرابات ناجمة عن حرب تجارية متصاعدة بعدما فرضت الصين قيودًا على صادراتها من المعادن الأرضية النادرة.
وردّت الولايات المتحدة الأميركية بفرض تعرفات جمركية وقيود إضافية على مبيعات البرمجيات إلى الصين.
وتمثل القيود الصينية الأخيرة، وهي الخطوة الأجرأ لتقييد إمدادات المعادن النادرة، أول محاولة كبرى من قِبل بكين لبسط نفوذ طويل الأجل على الشركات الأجنبية عبر استهداف صناعة الرقائق الإلكترونية، والتهديد بوقف إمداداتها من تلك المواد اللازمة لطفرة الذكاء الاصطناعي.
ودفعت الخطوة الصينية الرئيس الأميركي دونالد ترمب، إلى إعلان نيته فرض تعرفة إضافية نسبتها 100% على الصين، وفرض قيود على تصدير "البرمجيات المهمة كافة".

تأخيرات في الشحنات
ربما تؤدي القيود المفروضة على المعادن النادرة إلى تأخيرات لمدة أسابيع في شحنات شركة إيه إس إم إل هولدينغ إن في (ASML Holding NV) الهولندية، وهي مصنعة المعدات الوحيدة اللازمة لإنتاج معظم الرقائق الإلكترونية المتطورة، بحسب ما قاله مصدر مطّلع في الشركة.
وقال مدير شركة رقائق إلكترونية كبرى رفض الكشف عن هويته، إن شركته لا تزال تقيم الآثار المحتملة الناجمة عن القرار الصيني، موضحًا أن الخطر الأكبر الذي تواجهه الشركة حاليًا هو زيادة أسعار المغناطيسات المعتمدة على العناصر النادرة، والتي تُعد مكونًا رئيسًا في سلسلة إمدادات الرقائق الإلكترونية، حسبما أوردت بلومبرغ.
وقال مسؤول في شركة رقائق إلكترونية أميركية أخرى إنهم يعكفون حاليًا على حصر المنتجات التي تحتوي على المعادن الأرضية النادرة المستوردة من الصين، معربًا عن قلقه من إمكان أن تخنق شروط التصاريح سلسلة إمداداتها.
وفي شهر يوليو/تموز الماضي أزالت الإدارة الأميركية شروط تراخيص التصدير الخاصة بمبيعات برمجيات تصميم الرقائق؛ وهي الشروط التي كانت قد فرضتها واشنطن في إطار ردة فعلها على قيود فرضتها بكين على شحنات المعادن النادرة الأساسية.
قواعد صارمة
تتطلب القواعد الجديدة التي فرضتها الصين من الشركات الأجنبية الحصول على موافقة لشحن أي مادة تحتوي حتى على آثار معادن نادرة صينية.
وقالت المديرة المتخصصة في المعادن الحيوية في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية غريسلين باسكاران: "تلك هي أشد ضوابط التصدير التي فرضتها الصين صرامة".
وأضافت: "من الواضح تمامًا أنهم يستطيعون ممارسة الضغط والنفوذ، ليس على الشركات الأميركية فحسب، بل على الشركات في جميع أنحاء العالم أيضًا".
وتعتمد آلات تصنيع الرقائق، مثل تلك التي تبيعها شركتا "إيه إس إم إل هولدينغ إن في" وأبلايد ماتيريالز إنك (Applied Materials Inc) على العناصر الأرضية النادرة؛ لأنها تحتوي على ليزر دقيق للغاية ومغناطيس ومعدات أخرى تستعمِل تلك العناصر.
وتتهيأ "إيه إس إم إل هولدينغ إن في" لاضطرابات وشيكة، ولا سيما نتيجة بند يلزم الشركات الأجنبية بالحصول على موافقة لإعادة تصدير المنتجات التي تحوي معادن نادرة صينية، وفق المصدر المطلع ذاته في الشركة الذي رفض الكشف عن هويته.
وقال كبير محللي أبحاث البيانات في مركز الأمن والتقنية الناشئة بجامعة جورج تاون جاكوب فيلدجويس: "في سلسلة قيمة أشباه الموصلات، من المرجح أن تؤثر ضوابط التصدير الصينية الجديدة بشكل أكبر في مصنعي الرقائق الإلكترونية الذين يستعملون المواد الكيميائية القائمة على العناصر النادرة في أثناء عملية تصنيع الرقائق".
وتابع: "ومن المرجح كذلك أن تؤثر الضوابط نفسها في مصنعي الأدوات الذين يستعملون مغناطيسات العناصر النادرة في معداتهم"، وفق تصريحات تابعتها منصة الطاقة المتخصصة.

الشركات الأكثر تضررًا
يتوقع مؤسس شركة لوكيداو تك (Lukedao Tech) الاستشارية لو كيلين، أن تتحمل الشركات في صناعة الرقائق الإلكترونية في اليابان وكوريا الجنوبية وتايوان نصيب الأسد من آثار القيود الصينية على المعادن النادرة.
فقد اعتمدت شركة تايوان لتصنيع الرقائق الإلكترونية المحدودة (TSMC) على مواد صينية في 30% من سعة إنتاجها للرقائق.
كما حجزت شركة التقنية الكورية سامسونغ طلبية بمواد تشملها الضوابط الصينية من أجل تصنيع رقائق (V-NAND) المكونة من 300 طبقة، وفق ما قاله كيلين.
وتابع: "تلك الشركات ربما تحتاج إلى إعادة بناء سلسلة الإمدادات الخاصة بها".
في المقابل تحاول شركات الرقائق الإلكترونية الصينية التقليل من آثار السياسات الجديدة بعد انخفاض مخزونات المواد الصناعية في السوق الصينية الرئيسة في 10 أكتوبر/تشرين الأول الجاري.
ومع ذلك قالت ووشي ليد إنتليجنت (Wuxi Lead Intelligent) وهي واحدة من شركات الرقائق الإلكترونية الصينية والمتخصصة في تصنيع المعدات الذكية لبطاريات الليثيوم أيون، إن الضوابط الصينية الأخيرة سيكون لها تأثير "طفيف نسبيًا" في عملياتها.
وبررت الشركة ذلك بأن مبيعاتها الخارجية لا تتأثر مباشرةً بالضوابط الجديدة، وفق تقارير إعلامية صينية.
موضوعات متعلقة..
- كيف يدعم ترمب تفوق الصين بسوق الرقائق الإلكترونية؟ (تحليل)
- حرب الرقائق الإلكترونية تحتدم بين الهند والصين.. من ينتصر؟
- كنولوجيا الرقائق الإلكترونية في الصين تجذب السعودية
اقرأ أيضًا..
- أكبر شركة تكرير نفط في العالم تتلقى صفعة من عقوبات الخام الإيراني
- مشروع نفط متعثر يستغيث بإدارة ترمب من سلطات كاليفورنيا
- المعادن الأرضية النادرة في أفريقيا تدعم مشروعات مهمة.. الكونغو الديمقراطية نموذجًا (تقرير)
المصادر:
- آثار القيود الصينية على المعادن النادرة في صناعة الرقائق الإلكترونية من "بلومبرغ".
- سعة إنتاج ومعالجة المعادن النادرة في الصين من "ساوث تشاينا مورنينغ بوست".