قطاع التعدين في المنطقة العربية.. كيف تحركت 5 دول للاستفادة من كنوزها؟
وحدة أبحاث الطاقة - أحمد عمار

شهد قطاع التعدين في المنطقة العربية حراكًا قويًا لدى العديد من الدول، مدفوعة برغبتها في الاستفادة من الطلب المتزايد على المعادن الحرجة وتحديدًا المستعملة في الطاقة النظيفة، فضلًا عن تعزيز خطط تنويع الاقتصاد.
وتزخر المنطقة العربية باحتياطيات ضخمة ومتنوعة من المعادن، تشمل الذهب والحديد والفوسفات، بالإضافة إلى مواد خام إستراتيجية مثل النحاس والزنك والعناصر الأرضية النادرة وغيرها من المعادن، وفقًا لقاعدة بيانات وحدة أبحاث الطاقة.
وتُشكل هذه الثروات ركيزة أساسية لتأمين سلاسل الإمداد العالمية لتقنيات المستقبل كالطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية.
وترصد وحدة أبحاث الطاقة أبرز تحركات 5 دول عربية منذ بداية عام 2025 لتنشيط قطاع التعدين، ومحاولة الاستفادة من احتياطيات كبيرة وغير مستغلة من معادن متنوعة.
تحركات قوية لقطاع التعدين في المنطقة العربية
شهد قطاع التعدين في المنطقة العربية تحركات ملحوظة في سلطنة عمان، مع توقيع البلاد اتفاقيات جديدة لاستكشاف مواردها الطبيعية واستغلالها.
ومن بينها، توقيع وزارة الطاقة والمعادن العمانية في شهر أغسطس/آب (2025)، 3 اتفاقيات جديدة للتنقيب والتعدين مع شركتَيْن متخصصتَيْن، وجاءت كالآتي:
- الاتفاقية الأولى: التنقيب عن النحاس والكروم (محافظة البريمي)
منحت لشركة الخليج لمواد المعادن. - الاتفاقيتان الثانية والثالثة: مشروعات صناعية متكاملة (محافظة الوسطى)
وُقّعت مع شركة نوفل مسقط العالمية.
وجاء في تفاصيل الاتفاقية الأولى، منح حقوق التنقيب والتعدين في منطقة الامتياز "سي-11" (11-C) بمحافظة البريمي لشركة الخليج لمواد المعادن.
وتتضمّن الاتفاقية إجراء مسوحات طبوغرافية وجيوكيميائية وجيوفيزيائية، بالإضافة إلى أعمال الحفر والخنادق الاستكشافية، للمنطقة التي تمتد على مساحة 1089 كيلومترًا مربعًا، وتتميّز بسلسلة صخور الأفيولايت ومؤشرات لوجود خامات النحاس والكروم.
بينما وقّعت سلطنة عمان الاتفاقيتَيْن الثانية والثالثة مع شركة نوفل مسقط العالمية لإنشاء مصنع لإنتاج الأملاح وكربونات الصوديوم (رماد الصودا) عبر قنوات مائية تنقل المياه من البحر إلى أحواض مخصصة لعمليات التبخير والتجفيف والإنتاج، وكذلك تأسيس مصنع لإنتاج الجير المطفي.

وفي الوقت نفسه تسعى سلطنة عمان إلى توطين صناعة النحاس أحد المعادن المهمة في مجال تحول الطاقة، وهو ما تمثّل في اتفاقية وقّعتها شركة التكنولوجيا الخضراء للتعدين والخدمات، وشركة نحاس عُمان، لدراسة توطين مشتريات كاثود النحاس.
وتهدف المذكرة إلى زيادة الاعتماد على الإنتاج المحلي من كاثود النحاس وتخفيض حجم الواردات منه، إذ توضح البيانات الرسمية أن واردات السلطنة من الأقطاب السالبة (الكاثودات) بلغت نحو 25.7 مليون ريال عُماني (66.84 مليون دولار) حتى يونيو/حزيران 2025.
وسبق ذلك، إطلاق المرحلة الأولى من مصنع معالجة مخلفات المناجم لإنتاج النحاس الأخضر في منطقة العرجاء بولاية صحار، على أن يبدأ التشغيل منتصف العام المقبل 2026، بطاقة إنتاجية للمرحلة الأولى تبلغ 10 آلاف طن يوميًا من المخلّفات.
ويعالج هذا المشروع نحو 3.3 مليون طن سنويًا من مخلفات المناجم بتكلفة استثمارية تبلغ 40 مليون ريال عُماني (104.1 مليون دولار أميركي).
ضخ استثمارات في السعودية والإمارات
كما شهد قطاع التعدين في المنطقة العربية تدشين السعودية مشروعات باستثمارات 29 مليار ريال (7.73 مليار دولار) خلال الربع الأول من العام الجاري ضمن رؤية المملكة 2030 للتنويع الاقتصادي.
ودشّنت المشروعات في مدينة وعد الشمال للصناعات التعدينية، إذ أُطلِقَت الأعمال الإنشائية لمشروع شركة معادن "فوسفات 3"، باستثمارات تُقدَّر بـ28 مليار ريال (7.47 مليار دولار).
ويهدف المشروع إلى تعزيز إنتاج الفوسفات في السعودية، ليصل إلى 9 ملايين طن سنويًا، فهو يدعم مشروعَي فوسفات 1 و2 بإنتاج 3 ملايين طن لكل منهما، ليُسهم في تعزيز مكانة السعودية بوصفها ثاني أكبر دولة مصدرة للأسمدة الفوسفاتية عالية الجودة عالميًا.
ويأتي هذا المشروع ضمن خطة طويلة الأجل تستهدف زيادة إنتاج السعودية من الفوسفات إلى 20 مليون طن سنويًّا بحلول عام 2040، باستثمارات تصل إلى 130 مليار ريال (34.66 مليار دولار).

كما تضمنت الاستثمارات ضخ استثمارات تتجاوز 550 مليون ريال (146.65 مليون دولار)، لتنفيذ عدّة مشروعات في البنية التحتية الصناعية لتعزيز جاهزية المنطقة لاستقطاب الاستثمارات.
وبحسب تقديرات شركة التعدين العربية السعودية (معادن)، تمتلك المملكة نحو 2.5 تريليون دولار من الأصول المعدنية غير المستغلة.
وفي الإمارات، أبرمت شركة أبوظبي القابضة (ADQ) اتفاقية مع شركة "أوريون ريسورس بارتنرز" لتأسيس مشروع مشترك -مناصفةً- في أبوظبي، برأسمال مبدئي 1.2 مليار دولار خلال السنوات الأربع الأولى من عمر المشروع الرائد بقطاع التعدين في المنطقة العربية.
ويهدف المشروع المشترك إلى الاستثمار في مجموعة واسعة من المعادن الأساسية والإستراتيجية في مناطق جغرافية مختلفة، مع التركيز مبدئيًا على الأسواق الناشئة في أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية.
الأردن يستقطب استثمارات أميركية
نجح الأردن في استقطاب استثمارات لزيادة الطاقة الإنتاجية من مادة البرومين والمواد المشتقة المتخصصة، المستعملة في العديد من الصناعات، ومنها المستحضرات الدوائية، وإنتاج الأغذية ومعالجتها، وغيرها، ما يدعم قطاع التعدين في المنطقة العربية.
وفي مطلع العام الجاري، وقع الأردن وثيقة اتفاقية الشراكة بين شركة البوتاس العربية وشركة "ألبامارل" الأميركية، لتنفيذ استثمار مشترك بقيمة 576 مليون دينار (813 مليون دولار).
ويهدف المشروع إلى زيادة الطاقة الإنتاجية لشركة برومين الأردن -ثاني أكبر شركة مصنعة للبروم في العالم- من مادة البرومين والمواد المشتقة المتخصصة، بالإضافة إلى توفير مستلزمات الإنتاج المطلوبة لغايات التوسع.
موضوعات متعلقة..
- قطاع التعدين في المنطقة العربية خلال 2024.. ماذا حدث بـ6 دول عربية؟
- قطاع التعدين في الأردن يستعد لتنفيذ مشروع ضخم
- التعدين في سلطنة عمان يواصل مساره التصاعدي.. مناطق امتياز جديدة وتوسّع للمشروعات
اقرأ أيضًا..
- قطر للطاقة توقع صفقة نادرة بالأسواق العربية والعالمية
- التنقيب عن النفط والغاز في مصر.. 61 منطقة تنتظر المستثمرين (تقرير)
- محطة طاقة شمسية في الجزائر تكتب قصة نجاح من قلب الصحراء
- واردات تركيا من النفط والغاز الروسيين.. هل تتوقف بسبب ترمب؟ (مقال)
المصادر:
استثمارات قطاع التعدين في المنطقة العربية من منصة الطاقة والبيانات الرسمية