إمكانات واعدة لمصر في إنتاج الهيدروجين الأخضر وتصديره.. كيف تستفيد منها؟
هبة مصطفى

تتمتع مصر بموارد وإمكانات كبيرة تتيح لها إنتاج الهيدروجين الأخضر بوفرة وتصديره، إذ تعدّ سوقًا جاذبة للاستثمارات في التجارة العالمية.
وتوسعت القاهرة خلال السنوات الأخيرة في توقيع عقود عدد من المشروعات، كما أبرمت اتفاقيات داعمة ركّزت غالبيتها على الإنتاج بهدف التصدير.
وأشادت منظمة الهيدروجين الأخضر العالمية -غير الربحية- بإمكانات الدولة الواقعة شمال أفريقيا، وكشفت مسؤولة برامج المنظمة بعض الإجراءات المساعِدة في تحقيق أقصى استفادة من هذه الموارد، والتغلب على التحديات.
ويبدو أن طفرة الإنتاج والتصدير واجهت بعض الصعوبات عطّلت مواكبتها للمستهدفات، حسب تحديثات للقطاع تابعتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
إمكانات الهيدروجين الأخضر في مصر
تتضمن إمكانات الهيدروجين الأخضر في مصر توافر الموارد اللازمة للإنتاج، وعلى رأسها مصادر الطاقة المتجددة، مثل الشمس والرياح.
ومن جانب آخر، يوصف الموقع الجغرافي للقاهرة بأنه "إستراتيجي" للسوق العالمية والصناعات الرئيسة، إذ يعدّ نقطة التقاء 12% من التجارة العالمية من خلال المنطقة الاقتصادية لقناة السويس.
وهنا تبرز أهمية كبرى للمنطقة الاقتصادية، إذ تستقطب وحدها ما يزيد على نصف مشروعات إنتاج الهيدروجين الأخضر في مصر.
وجذبت المنطقة عقدًا لمشروع ضمن مبادرة تحالف إتش تو غلوبال (H2Global)، يستهدف توريد الأمونيا المتجددة إلى أوروبا، باستثمارات بلغت 397 مليون يورو (470.35 مليون دولار أميركي).
(اليورو = 1.18 دولارًا أميركيًا).
ويوضح الإنفوغرافيك التالي -الّذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- عددًا من الحوافز المقدّمة من قبل الحكومة المصرية، لجذب استثمارات الهيدروجين:
وبجانب ذلك، دعمت الحكومة المصرية إنتاج الوقود الأخضر بحزمة تسهيلات، تضمنت:
- تخفيضات ضريبية بنسبة قد تصل إلى 55%.
- إقرار نظام "الرخصة الذهبية" في قطاع الهيدروجين، بمنح الموافقات للمشروعات الإستراتيجية من خلال نظام يتّسم بسهولة الإجراءات واستصدار التراخيص.
- توقيع مذكرات تفاهم مع شركات عالمية، تجاوز عددها في بعض التقديرات 30 اتفاقًا أوليًا.
وتعكس الإجراءات السابق ذكرها توافُر العناصر الرئيسة لانطلاقة مصر في إنتاج الوقود الأخضر، سواء على صعيد التسهيلات المحلية المقدمة من الحكومة، أو القدرة على جذب شركاء التطوير والمستثمرين.
3 قيود مُعطِّلة
رغم الإقبال الحكومي على التطوير والاستفادة من الموارد المتجددة، وتقديم تسهيلات سخية داعمة لذلك، فإن هناك بعض القيود التي حالت دون التوسع وفق القدر المأمول، وترجمة الطموحات الواعدة إلى مشروعات واقعية.
وتتحرك مشروعات الهيدروجين باتجاه مرحلة اتخاذ قرار الاستثمار النهائي بوتيرة بطيئة في مصر، حسب تحليل أعدته مسؤولة البرامج في منظمة الهيدروجين الأخضر العالمية "سيمران سينها"، ونُشر في الموقع الإلكتروني للمنظمة.
وأرجعت "سينها" هذا التباطؤ إلى 3 عوامل، تشمل:
1) ضعف الطلب العالمي
تتأثر مصر بمتغيرات السوق العالمية التي تشهد تراجعًا في الطلب على الهيدروجين ومشتقاته، وينعكس ذلك بالضرورة على وتيرة تطور المشروعات في الدولة الأفريقية.
وبالنظر إلى البيانات، نجد أن 4% فقط من مشروعات إنتاج الهيدروجين والأمونيا الخضراء بلغت مرحلة بدء التنفيذ والتطوير، في حين أمّنت 13% فقط من هذه المشروعات عقود شراء، طبقًا لبيانات بلومبرغ نيو إنرجي فاينانس.
2) تكلفة رأس المال
رغم تخفيضات الضرائب، وتسهيلات التراخيص الممنوحة من قبل الحكومة المصرية، فإن طبيعة الاستثمارات تتأثر بمعدل الفائدة الذي يتراوح بين 16 و18%.
ورغم تسجيل أسعار الطاقة المتجددة أدنى المستويات العالمية (بما يعادل 2 سنتًا لكل كيلوواط/ساعة)، فإن الأعباء المالية الأخرى تعرقل الاستثمارات.
وطرح بعضهم دعوات لمناقشة الشرائح الميسرة واستعمال أدوات التمويل، ويترقب المطورون قياس مدى كفاية هذه البرامج لبدء التطوير.
ورجّحت منظمة الهيدروجين الأخضر العالمية دور حلول التمويل المبتكرة في خفض تكلفة رأس المال وتوفير الضمانات اللازمة، بجانب طرح صور مختلفة للعقود، من بينها عقود الفروقات.
3) البنية التحتية
ترتبط مشروعات الهيدروجين -خاصة الكبيرة- بمدى جاهزية البنية التحتية، وفي حالة مصر هناك عوامل متداخلة في هذا الشأن.
ويمكن تفسير ذلك بالنظر إلى شبكة الكهرباء القادرة على استيعاب 36 غيغاواط فقط، رغم زيادة مساحة مشروعات الطاقة المتجددة لتعادل إنتاج 180 غيغاواط.
ومن زاوية أخرى، ما تزال سعة التخزين محدودة لدى القاهرة، إذ تقف عند مستوى 60 غيغاواط/ساعة.
وتحاول الدولة الأفريقية التغلب على هذه العراقيل، عبر دراسة إمكان تحديث شبكة النقل، وتعزيزها بمرافق جديدة، لكن لا يبدو أن هذه الاتجاه يحمل آفاقًا واضحة حتى الآن.
وبجانب ذلك، تتطلب مرحلة الوصول لقرارات الاستثمار النهائي في مصر: تأمين إمدادات مياه كافية، وكذلك خطوط النقل ومرافق التخزين، وتحديد أسعار الكهرباء واستعمال الشبكة.

تغيير المسار
تناولت "سمران سينها" في تحليلها أهمية تركيز مصر على دمج الهيدروجين في الاقتصاد المحلي، بدلًا من تسليط الضوء على مستهدفات تصدير فقط.
ونقلت "سينها" عن أحد أعضاء مكتب رئيس الوزراء المصري ضرورة انتقال مصر من دولة مستضيفة لمشروعات الهيدروجين الأخضر إلى مطور ومنتج لقيادة المستقبل الصناعي الأخضر في البلاد.
واستندت رؤية مديرة برامج المنظمة على بيانات المشروعات، واستحواذ خطط التصدير على 95% من خطط إنتاج الهيدروجين.
وترى "سينها" أنه يمكن دمج الهيدروجين في صناعة الأسمدة والإنتاج الغذائي، ما يمهّد لاقتصاد أخضر، والتحرك من مربع التصدير -فقط- إلى مساحة الاقتصاد القائم على صناعات محلية خضراء.
وكشفت أن المشاورات متواصلة بين ممثلي حكومة القاهرة والمنطقة الاقتصادية في السويس، ومؤسسات التمويل الدولية، والشركات العالمية ذات الصلة ونظيرتها المحلية.
وتطرقت إلى نماذج لدول أخرى في الإقليم تُحرز تقدمًا أيضًا في مشروعات الهيدروجين، من بينها:
- السعودية، وتطوير مشروع نيوم بنسبة 80%.
- توسعات شركة سوناطراك الجزائرية.
- موافقة المغرب على 6 مشروعات العام الجاري.
- دعم موريتانيا إستراتيجية الهيدروجين بقوانين وتشريعات.
- توقيع مذكرات تفاهم في تونس.
ولفتت أيضًا إلى سيطرة الصين على 40% من سوق أجهزة التحليل الكهربائي، وقدرة الهند على تقديم أسعار تنافسية للأمونيا الخضراء.
موضوعات متعلقة..
- الهيدروجين الأخضر في مصر.. تحوُّل جريء لضمان إمدادات الكهرباء (مقال)
- قطاع الهيدروجين الأخضر في مصر يترقب انتعاشة بشراكة جديدة
- خريطة الهيدروجين الأخضر في شمال أفريقيا.. 6 دول تتصدرها مصر
اقرأ أيضًا..
- واردات الاتحاد الأوروبي من الغاز عبر الأنابيب تهبط 5%.. والجزائر تخالف الاتجاه
- الطلب على الكهرباء في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا قد يرتفع 50%
- وزير الطاقة الأردني يدعو إلى إستراتيجية عربية للهيدروجين الأخضر
المصدر: