قطاع البناء السعودي.. دراسة تطرح خريطة طريق لخفض الانبعاثات
وحدة أبحاث الطاقة - أحمد عمار

- استهلاك الكهرباء في المباني السكنية يمثل 63% من إجمالي استهلاك قطاع المباني السعودي.
- تحسين كفاءة الطاقة عنصر أساسي في تقليل انبعاثات قطاع البناء.
يُنظر إلى قطاع البناء السعودي بصفته لاعبًا محوريًا في تقليل انبعاثات المملكة من ثاني أكسيد الكربون، مع كونه أكثر القطاعات استهلاكًا للكهرباء.
وبحسب دراسة حديثة حصلت عليها وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن)، يستحوذ قطاع المباني على نسبة تتجاوز 70% من إجمالي استهلاك الكهرباء في السعودية، وهو ما يؤكد أهمية تطبيق كفاءة الطاقة في البيئة العمرانية.
وأوضحت الدراسة الصادرة عن مركز الملك عبدالله للدراسات والبحوث البترولية "كابسارك"، أن عدد مستهلكي الكهرباء في قطاع المباني بلغ 10.4 مليون مستهلك خلال 2021، بمعدل استهلاك سنوي للفرد بلغ 21.78 ميغاواط/ساعة.
وبلغ معدل استهلاك المباني السكنية من الكهرباء في المملكة نحو 142 تيراواط/ساعة، أي ما يعادل 63% من الكهرباء المستهلكة في قطاع المباني.
يُذكر أن انبعاثات الكربون في السعودية قد ارتفعت إلى 738.1 مليون طن خلال 2024، مقابل 729.2 مليون طن في العام السابق له.
كفاءة الطاقة في قطاع البناء السعودي
عدّت دراسة "كابسارك" أرقامَ استهلاك الكهرباء في قطاع البناء السعودي مؤشرًا مهمًا على ضرورة تطبيق البلاد تدابيرَ لرفع كفاء الطاقة وترشيد الاستهلاك في القطاع.
وما يؤكد ذلك، تسارع وتيرة النمو الحضاري وزيادة التعداد السكاني في السعودية، وهو ما ينتج عنه نمو الطلب على الأبنية السكنية والتجارية وغيرها ومن ثم زيادة هائلة في الطلب على الطاقة.
وترى الدراسة أن المباني الموفرة للطاقة ركيزة أساسية في برنامج التنمية المستدامة السعودي، بدافع من تعدد فوائد كفاءة الطاقة من ترشيد الاستهلاك وخفض الانبعاثات الكربونية؛ ما يقلل من الآثار البيئية للزخم العمراني الهائل في المملكة.

ومع اعتبار أن قطاع البناء السعودي يستهلك جزءًا كبيرًا من الكهرباء؛ يُمثِّل أي تحسين لكفاءة الطاقة -مهما كان حجمه- عاملًا محوريًا في إحداث تراجع ملحوظ بمستوى انبعاثات المملكة.
وتظهر نتائج الدراسة أن حدوث زيادة 1% في عدد المباني والمساحات العمرانية يؤدي إلى زيادة الانبعاثات الكربونية بنسبة 0.3%، وكذلك كل زيادة بنسبة 1% في كمية الكهرباء المستهلكة لإنتاج وحدة سكنية يؤدي إلى ارتفاع الانبعاثات بنسبة 6.2%.
وفي مقابل ذلك، سيؤدي تطبيق زيادة بنسبة 1% في أسعار الكهرباء إلى انخفاض الانبعاثات الكربونية بنسبة 0.3% لدى قطاع البناء السعودي.
وهو ما عدّته الدراسة تأكيدًا لأهمية كفاءة الطاقة وإدارة النمو الحضري لتقليل الانبعاثات، ويشير كذلك إلى فاعلية آليات التسعير في تقليل البصمة الكربونية للمباني.
كفاءة الطاقة لا تكفي وحدها
رغم تأكيد دراسة كابسارك أهمية كفاءة الطاقة؛ فإنها ترى أنها ليست كافية لخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وحدها، وتدعو إلى تبني مسارات متعددة لمواجهة تحديات النمو السكاني وارتفاع الطلب على الطاقة، لتجنب زيادة حادة في الانبعاثات الضارة.
وترى أن تبني التخطيط الحضري الذكي عبر إنشاء مشروعات ذات بنية تحتية فعّالة، بالتوازي مع زيادات سعرية معتدلة يعكس التكاليف الفعلية، يُسهم في ضبط استهلاك الطاقة وخفض انبعاثات قطاع البناء السعودي.
وفي الوقت نفسه، تُمثِّل السيطرة على الزحف العمراني ركيزة أساسية للتخطيط الحضاري المستدام؛ إذ دعت الدراسة إلى تطوير مشروعات تدمج بين المساحات السكنية والتجارية والترفيهية ضمن مسافات يمكن قطعها سيرًا على الأقدام أو الدرجات الهوائية؛ ما يقلل الاعتماد على المركبات الخاصة.
ورصدت كذلك أهمية استعمال مواد صديقة للبيئة وإعادة استعمال مكونات البناء وتدويرها للحد من الأثر البيئي للتوسع الحضري، مع الاستثمار في البنية التحتية الخضراء مثل الحدائق والغابات الحضرية والأسطح الخضراء؛ ما يؤدي لتحسين جودة الهواء.
تقنيات وتشريعات صارمة
دعت دراسة كابسارك صُناعَ السياسات في السعودية إلى الاستثمار في أحدث تقنيات البناء وتطبيق تشريعات وسياسات حازمة مع حوافز لتشجيع عمليات تدقيق الطاقة، مع وضع أساليب تسعير تعكس التكلفة الفعلية للحد من الاستهلاك المفرط.
ومن أبرز السياسات المقترحة، تحفيز الابتكار عبر منح بحثية وإعفاءات ضريبية للشركات، التي تطور مواد وتقنيات بناء متطورة موفرة للطاقة، ومنها النوافذ الذكية وأنظمة العزل المتطور والألواح الشمسية المثبتة على الأسطح.
كما اعتبرت الدراسة أن إلزام الشركات بوضع ملصقات كفاءة الطاقة على الأجهزة سيسهم في توعية المستهلكين.
واقترحت الدراسة كذلك، إعادة تأهيل المباني القائمة وتجديدها من خلال إدخال أنظمة تدفئة وتهوية عالية الكفاءة مع تحسين العزل وتبني مصادر الطاقة المتجددة، عبر تقديم دعم حكومي وقروض منخفضة الفائدة.

توقعات دراسة قطاع البناء السعودي
توصلت الدراسة إلى أنه يمكن لقطاع البناء السعودي تحقيق خفض كبير في الانبعاثات الكربونية للفرد، بشرط تنفيذ السياسات الطموحة في رؤية السعودية 2030.
وتقول "إن التدابير المبتكرة والصارمة لتحسين كفاءة الطاقة المدعومة بالحوافز الاقتصادية المناسبة والأطر التنظيمية الفعالة، ضرورية لتحويل الانبعاثات الحالية نحو مسارات منخفضة".
وتوقعت انخفاض نصيب الفرد من الانبعاثات الكربونية إلى 4.45 طنًا بحلول عام 2060، أي تراجع قدره 24.6% عن نصيب الفرد من الانبعاثات عام 2022، حال تطبيق إجراءات استباقية.
وعلى النقيض، تُشكِّل القرارات المتأخرة أو غير الكافية مخاطر كبيرة تقوّض من جهود التنمية المستدامة وجهود تخفيف آثار التغيرات المناخية.
وحذّرت من توقعات ارتفاع نصيب الفرد من الانبعاثات الكربونية إلى 6.27 طنًا، أي بنسبة زيادة 6.4%، حال استمرار الاتجاهات الحالية.
وهو ما يشير إلى ضرورة تبني مسارات متعددة لخفض الانبعاثات، مع بذل جهود مبكرة تجمع بين رفع كفاءة استهلاك الطاقة وتغيير سلوكيات المستهلكين والتخطيط العمراني المتكامل وسياسات مرنة.
موضوعات متعلقة..
- كيف يسهم القطاع البحري السعودي في تقليل الانبعاثات عالميًا؟
- توقعات الطلب على النفط.. ماذا يقول تقرير كابسارك السعودي؟
- كهربة القطاع الزراعي السعودي.. كابسارك يناقش 3 سيناريوهات
اقرأ أيضًا..
- كيف تتأثر أسواق الطاقة بالضربة الإسرائيلية لقطر؟ أنس الحجي يجيب
- قائمة الدول المصدرة للنفط إلى إسرائيل.. هل تضم بلدانًا عربية؟
- 3 دول عربية تقتنص 10% من استثمارات الهيدروجين النظيف عالميًا
- 8 صفقات غاز مسال ضخمة لتركيا.. واتفاق مع دولة عربية
المصدر: