أوابك: 4 دول عربية لديها مناطق مثالية محتملة للطاقة الحرارية الجوفية
أحمد بدر

توقّعت منظمة أوابك أن تشهد المنطقة العربية توسعًا تدريجيًا في الاعتماد على الطاقة النظيفة، مع بروز الطاقة الحرارية الجوفية بوصفها أحد البدائل المهمة، مؤكدة أن 4 دول عربية تملك مواقع واعدة لهذه الطاقة.
وبحسب تقرير حصلت عليه منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)؛ فإن السعودية والإمارات وتونس ومصر تضم مناطق جيولوجية مثالية يمكن أن تصبح أساسًا لمشروعات مستقبلية في مجال الطاقة الحرارية الجوفية بالدول العربية، رغم التحديات التقنية والمالية التي تواجه القطاع.
وترى أوابك أن أهمية هذه المشروعات تكمن في قدرتها على توفير طاقة كهربائية مستقرة، والتقليل من انبعاثات الكربون، وتعزيز أمن الطاقة في الدول المستفيدة، كما أن استغلال هذه الموارد ينسجم مع خطط التحول الطاقوي طويل الأمد.
وتشير المنظمة إلى أن التجارب الأولية في هذه الدول تؤكد وجود جدوى اقتصادية، لكنها في حاجة إلى استثمارات كبرى وشراكات مع شركات عالمية متخصصة؛ إذ يعكس هذا التوجه رغبة الحكومات في تنويع مصادرها وتعزيز الاستدامة في المستقبل.
الطاقة الحرارية الجوفية في الدول العربية
توضح أوابك أن الطاقة الحرارية الجوفية في الدول العربية ما زالت في مراحلها الأولى؛ إلا أن هناك خطوات عملية بدأت في السعودية والإمارات وتونس ومصر، من شأنها أن تضع المنطقة على خريطة الاهتمام العالمي بالطاقة المستدامة.
ففي السعودية، كشفت دراسات أولية أجرتها جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية عن وجود إمكانات واعدة في بعض المناطق ذات النشاط الحراري، في حين أعلنت شركات محلية تعاونها مع مؤسسات دولية لبدء مشروعات استكشافية خلال السنوات المقبلة.
أما الإمارات؛ فقد دشنت في ديسمبر/كانون الأول 2023 أول مشروع تبريد إقليمي يعتمد على الطاقة الحرارية الجوفية في مدينة مصدر، بالتعاون بين "أدنوك" و"تبريد"، بهدف تقليل الانبعاثات بنسبة ملحوظة وتوفير نموذج يُحتذى به.
وفي تونس، بدأت الأبحاث حول استعمال المياه الجوفية الساخنة في بعض المناطق لغايات التدفئة وتوليد الكهرباء؛ إذ أثبتت التجارب الميدانية إمكان الاستفادة من الحرارة الجوفية بشكل اقتصادي؛ ما دفع الحكومة لبحث مشروعات أكبر.
بدورها، أطلقت مصر مشروعًا -بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي- في عام 2023، ركّز على بناء القدرات البشرية والفنية لاستغلال هذه الطاقة؛ إذ تضمّنت الدراسات مواقع محددة يمكن أن تكون مؤهلة لمشروعات استكشافية في المستقبل القريب.
وتشير أوابك إلى أن هذه المبادرات تفتح الباب أمام تعاون إقليمي؛ إذ يمكن تبادل الخبرات وتعزيز البنية التحتية المشتركة؛ بما يسهم في خفض التكاليف وزيادة فرص نجاح المشروعات الاستكشافية، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
وتؤكد المنظمة أن الطاقة الحرارية الجوفية في الدول العربية قد تصبح مكملًا لمصادر أخرى مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح؛ بما يضمن مزيجًا متوازنًا يعزز مرونة الشبكات الكهربائية ويقلل من الاعتماد على الوقود الأحفوري.
التحديات أمام التوسع في الطاقة الحرارية الجوفية
رغم الإمكانات؛ فإن مشروعات الطاقة الحرارية الجوفية في الدول العربية تواجه عقبات بارزة؛ في مقدمتها ارتفاع تكلفة الاستثمارات الأولية؛ إذ إن عمليات الحفر العميق وبناء البنية التحتية قد تصل إلى أضعاف تكلفة مشروعات الطاقة التقليدية.
وبحسب أوابك؛ فإن التكلفة الاستثمارية تتراوح بين 3 و5 آلاف دولار لكل كيلوواط في المشروعات التقليدية، في حين ترتفع إلى ما بين 8 و17 ألف دولار في المشروعات المعززة تقنيًا؛ بما يُشكِّل عائقًا أمام جذب التمويل الخاص.
أما التحدي الثاني فيتمثل في المخاطر الجيولوجية والتقنية، مثل احتمالية فقدان الضغط أو ضعف التدفقات الحرارية، والتي قد تؤدي إلى فشل المشروع أو تراجع كفاءته التشغيلية، ما يتطلب تقنيات مراقبة متقدمة واستثمارات إضافية.
ويرتبط التحدي الثالث بالبيئة؛ إذ إن بعض العمليات قد تُسبِّب هزات أرضية صغيرة أو تلوثًا للمياه الجوفية؛ ما يجعل من الضروري فرض أنظمة صارمة للرقابة والتقليل من الأضرار المحتملة عبر حلول تقنية مبتكرة.
كما أن ندرة الكوادر المتخصصة في المنطقة العربية تحد من سرعة انتشار هذه المشروعات؛ لذلك تؤكد أوابك أهمية برامج التدريب وبناء القدرات البشرية شرطًا أساسيًا لتطوير القطاع وضمان استدامته.
وإلى جانب ذلك، تظل المنافسة مع مصادر أخرى مثل الطاقة الشمسية والرياح تحديًا إضافيًا؛ نظرًا إلى انخفاض تكاليفها وتسارع تبنيها، غير أن ميزة الاستقرار في إنتاج الطاقة الحرارية الجوفية تمنحها تفوقًا في بعض الحالات.
وترى الدراسة أن التغلب على هذه التحديات يحتاج إلى سياسات حكومية واضحة، وحوافز استثمارية، إضافة إلى تشجيع الشراكات الدولية؛ بما يفتح آفاقًا جديدة أمام الطاقة الحرارية الجوفية في الدول العربية.
المشروعات العربية الناشئة في الطاقة الحرارية الجوفية
سلّطت أوابك الضوء على أبرز المشروعات التي انطلقت حديثًا بالمنطقة؛ ففي السعودية بدأت شركة "طاقة جيوثرمال" أعمال حفر استكشافية بعمق يصل إلى 400 متر في مطلع 2024، بالتعاون مع باحثين دوليين لتقييم إمكانات توليد الكهرباء.
وفي الإمارات، يمثل مشروع "جي تو كول" نموذجًا رائدًا في استعمال الطاقة الحرارية الجوفية لتبريد المباني؛ إذ أسهم المشروع في تغطية 10% من احتياجات التبريد بمدينة مصدر، في تطبيق عملي واقعي لهذه التقنية.
وأطلقت تونس مبادرات بحثية عدة لاستعمال الطاقة الحرارية الجوفية في تدفئة البيوت الزراعية؛ حيث أثبتت نجاحًا مبدئيًا؛ ما شجّع على التفكير في توسيع الاستعمال إلى محطات كهرباء صغيرة الحجم مستقبلًا، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
وفي مصر، ركّز المشروع المشترك مع الاتحاد الأوروبي على بناء قاعدة معرفية وتدريب الكوادر المحلية، كما أجرى دراسات جيوفيزيائية أولية حددت مواقع محتملة في مناطق البحر الأحمر وسيناء، يمكن أن تستضيف مشروعات مستقبلية.
وترى أوابك أن مشروعات الطاقة الحرارية الجوفية في الدول العربية -الناشئة- تضع أساسًا مهمًا للتوسع التدريجي، خاصة إذا ما دُمِجَت في الخطط الوطنية للتحول الطاقوي، كما تشكل قاعدة بيانات تساعد في اجتذاب استثمارات إضافية.
ويُعَد التعاون بين الدول العربية محورًا أساسيًا في هذا السياق؛ إذ يمكن تبادل التجارب والدروس المستفادة، مع تعزيز القدرة التفاوضية للحصول على التمويل الدولي ونقل التكنولوجيا المتقدمة.
وخلص تقرير أوابك إلى أن الطاقة الحرارية الجوفية في الدول العربية قادرة على أداء دور إستراتيجي في تعزيز الاستدامة، شريطة تجاوز التحديات الحالية وتبني سياسات داعمة؛ ما يجعلها خيارًا مستقبليًا واعدًا ضمن مزيج الطاقة الإقليمي.
موضوعات متعلقة..
- أوابك: 4 أنواع تشكل مستقبل إنتاج الميثانول عالميًا.. وهذه حصة الدول العربية
- خبير أوابك: التخزين الجوفي للغاز فرصة إستراتيجية للدول العربية.. وهذه تكلفته بالأرقام (حوار)
- الطاقة الحرارية الجوفية في السعودية.. إمكانات ضخمة
اقرأ أيضًا..
- في ذكرى تأسيس أوبك.. 5 خبراء: تحركاتها تمنع اضطرابات عنيفة بأسواق النفط
- طيران أرامكو السعودية.. أسطول ضخم لخدمة أكبر حقول النفط في العالم
- الغاز المسال القطري.. إمكانات ضخمة تؤثر في السوق العالمية (تقرير)
المصدر..