4 دول عربية تكسر الرقم القياسي لاستهلاك الكهرباء في صيف 2025
سامر أبووردة

شهد صيف 2025 تسجيل أرقام قياسية غير مسبوقة لاستهلاك الكهرباء في 4 دول عربية، مدفوعة بموجات الحر الشديدة التي اجتاحت المنطقة ورفعت الطلب على أجهزة التكييف.
إلّا أن اللافت أن هذه الدول -مصر والجزائر والمغرب والأردن- نجحت في تلبية الطلب التاريخي دون اللجوء إلى قطع التيار، في خطوة تعكس مرونة منظوماتها الكهربائية واستعدادها لمواكبة التحديات.
وتشير أحدث أرقام استهلاك الكهرباء في الدول العربية لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) إلى أنه رغم التباين في مزيج التوليد وحجم القدرة المركبة بين هذه الدول، فإن القاسم المشترك بينها كان في قدرتها على امتصاص صدمات الاستهلاك المرتفع، مدعومة بخطط توسُّع في الطاقات المتجددة، وتحسين البنية التحتية، وتوفير الوقود اللازم للتشغيل المستمر.
وتُظهر الأرقام أن صيف هذا العام مثّل اختبارًا حقيقيًا لمدى جاهزية أنظمة الكهرباء في عدّة دول عربية لمواجهة ذروة الطلب.
ذروة استهلاك الكهرباء في مصر
في مصر، تخطّى استهلاك الكهرباء الأرقام التاريخية السابقة جميعها خلال يوليو/تموز، وأغسطس/آب 2025، إذ سجّلت 5 ذروات متتالية، كان أعلاها يوم 14 أغسطس بقدرة بلغت 40 ألف ميغاواط، مقابل رقمها القياسي في 2024، الذي لم يتجاوز 38 ألف ميغاواط.
ويعادل هذا الرقم -40 ألف ميغاواط- نحو 80% من القدرة الإجمالية لمحطات التوليد البالغة 50 ألف ميغاواط.
وتُعزى هذه القدرة على تلبية الطلب إلى 3 عوامل رئيسة، هي:
- تنفيذ برنامج صيانة شامل للمحطات وتعزيز فرق الطوارئ.
- دخول قدرات متجددة جديدة بلغت 2000 ميغاواط من الشمس والرياح وبطاريات التخزين.
- تأمين إمدادات الغاز الطبيعي، الذي يمثّل أكثر من 80% من مزيج التوليد.
كما شهد يونيو/حزيران 2025 تشغيل أول نظام بطاريات تخزين بقدرة 300 ميغاواط/ساعة متصل بمحطة "أبيدوس-1" الشمسية في أسوان، وهو تطور يُعزز الاعتماد على الطاقة النظيفة على مدار الساعة.

وبالإضافة إلى ذلك، استوردت مصر أكثر من 3.4 مليون طن من الغاز المسال خلال الأشهر السبعة الأولى من العام، ما وفّر هامش أمان في ذروة الاستهلاك.
وكانت مصر قد أصبحت في 2024 أكبر دولة أفريقية في توليد الكهرباء بإجمالي 237.4 تيراواط/ساعة، متجاوزة جنوب أفريقيا للمرة الأولى، ويُتوقع أن تسجل قفزة جديدة خلال 2025.
ذروة استهلاك الكهرباء في الجزائر
بدورها، كسرت الجزائر الرقم القياسي في الطلب على الكهرباء يوم 24 يوليو/تموز 2025، عندما بلغ الحمل الأقصى 20 ألفًا و628 ميغاواط، متجاوزةً الذروة السابقة (19 ألف ميغاواط) المسجلة في صيف 2024.
ورغم هذه القفزة، لم تشهد البلاد أيّ انقطاعات، بل واصلت تصدير 500 ميغاواط يوميًا إلى تونس.
وتملك الجزائر قدرة مركّبة تبلغ 27.3 ألف ميغاواط، مع اعتماد شبه كامل على الغاز الطبيعي الذي أسهم بإنتاج 95 تيراواط/ساعة من أصل 96.3 تيراواط/ساعة في 2023.
ويعزز هذا المورد الهائل (159 تريليون قدم مكعبة من الاحتياطات) استقرار الإمدادات دون الحاجة إلى واردات.
وتخطط البلاد لزيادة إسهام الطاقات المتجددة، عبر مشروعات كبرى مثل "سولار 1000" وإنشاء 2000 ميغاواط من الطاقة الشمسية في 12 ولاية.

ذروة استهلاك الكهرباء في المغرب
في المغرب، سُجّل أعلى حمل كهربائي بتاريخ 30 يونيو/حزيران 2025 عند 7.9 غيغاواط، بزيادة 5% عن العام السابق، بسبب موجات الحر والاستهلاك المكثف لأجهزة التكييف.
وفي سياق متصل، بلغ إجمالي الطلب على الكهرباء في المغرب 46.43 تيراواط/ساعة في 2024، مقابل إنتاج قدره 43.9 تيراواط/ساعة.
ويمتاز المغرب بتنوع مزيج التوليد، رغم أن الفحم ما يزال يشكّل 59% من الإجمالي، في حين بلغت حصة الطاقات المتجددة 26.5%، موزعة بين الرياح (21.2%) والشمس (3.6%) والمياه (1.5%).
وتقترب القدرة المركبة الإجمالية من 12 ألف ميغاواط، منها 4.37 غيغاواط متجددة، ضمن مستهدفات المملكة برفع قدراتها المتجددة إلى 13 غيغاواط بحلول 2030، بما يعزز مكانتها بصفتها مصدّرًا رئيسًا للكهرباء إلى إسبانيا والبرتغال.

ذروة استهلاك الكهرباء في الأردن
حقَّق الأردن بدوره ذروة قياسية في الطلب على الكهرباء يوم 13 أغسطس/آب 2025، بلغت 4800 ميغاواط، متجاوزًا كل التوقعات.
ورغم ذلك، ظلّت المنظومة قادرة على تلبية الطلب بفضل قدرة مركبة تصل إلى أكثر من 7 غيغاواط، بينها 2.6 غيغاواط من مصادر متجددة.
ويعتمد الأردن على الغاز الطبيعي بنسبة 61% من التوليد، لكن حصة الصخر الزيتي قفزت إلى 12.6% في 2023 بدعم من محطة العطارات.
أمّا الطاقات المتجددة، فتُسهم بأكثر من 26%، مع مستهدفات حكومية للوصول إلى 50% بحلول 2030.
وخلال ورشة عمل في مايو/أيار 2025، أكد وزير الطاقة صالح الخرابشة أن المملكة قد تتجاوز هذا الهدف قبل موعده بفضل التوسع في تقنيات التخزين والهيدروجين الأخضر، وهو ما يعزز قدرة البلاد على تقليل الاعتماد على واردات الطاقة التي ما تزال تمثّل 93% من احتياجاتها.
استهلاك الكهرباء في الدول العربية
تُظهر تجربة صيف 2025 أن استهلاك الكهرباء في الدول العربية مرشح لتحقيق مستويات قياسية متواصلة، مدفوعًا بارتفاع درجات الحرارة والتوسع العمراني والنمو الاقتصادي.
وما يميز الدول الأربع محل التقرير هو نجاحها في مواجهة ذُروات تاريخية من الطلب دون اللجوء إلى انقطاعات، ما يعكس التزامًا بخطط استثمارية بعيدة المدى في مجالات الصيانة والتوسع في الطاقات المتجددة وتطوير أنظمة التخزين.
ويؤشر هذا الأداء إلى أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة من تحديات الكهرباء، إذ إن استمرار النمو في دول عربية بمعدلات 4-5% سنويًا، كما في المغرب والجزائر، يتطلب مضاعفة الجهود لتطوير قدرات جديدة، سواء من المصادر التقليدية أو المتجددة.
وبينما تعتمد الجزائر ومصر بصورة كبيرة على الغاز الطبيعي، يتجه المغرب والأردن نحو تنويع المزيج بشكل أوضح، مع رفع مساهمة الطاقة النظيفة.
قراءة عامة
بهذا المشهد، يصبح صيف 2025 نقطة مرجعية مهمة في تاريخ قطاع الكهرباء العربي، ليس فقط لأنه شهد تسجيل أرقام غير مسبوقة في الاستهلاك، بل لأنه أكد أن أنظمة الكهرباء في دول عربية كانت سابقًا تلجأ لتخفيف الأحمال باتت أكثر استعدادًا للتعامل مع ضغوط متزايدة، مع حفاظها على استمرار الخدمة دون انقطاع.
وتُبرِز هذه الذروات غير المسبوقة باستهلاك الكهرباء في الدول العربية واقعًا جديدًا يفرض الإسراع في خطط التحول الطاقي، وتحسين كفاءة الشبكات، وتوسيع الاستثمار في الطاقة المتجددة والتخزين.
موضوعات متعلقة..
- 4 دول عربية تعاني أزمة كهرباء.. ماذا عن المغرب والجزائر؟ (مقال)
- الجزائر الأقرب.. مشروع ممر هيدروجين جديد قد يصبح فرصة لـ4 دول عربية
- عبدالله العبري: 4 دول عربية توفر طاقة متجددة منخفضة الكلفة
نرشّح لكم..
المصادر: