الطاقة النووية في أوروبا تترنح أمام زحف الشمس والرياح (تقرير)
وحدة أبحاث الطاقة - مي مجدي

- قدرة الطاقة النووية العاملة في أوروبا تبلغ 157 غيغاواط
- إلغاءات الطاقة النووية في أوروبا بلغت 112 غيغاواط
- أكثر من 90% من المفاعلات عمرها يتجاوز 35 عامًا
- الطاقة الشمسية في الاتحاد الأوروبي تجاوزت النووية لأول مرة منتصف 2025
تعاني الطاقة النووية في أوروبا سلسلة من التحديات متراكمة، إذ تحاول القارة استعادة دورها رغم زخم مصادر الطاقة المتجددة.
فقد أوضح تقرير حديث -اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن)- أن القارة العجوز فقدت نحو 112 غيغاواط من القدرات المخططة بسبب الإلغاءات، وهو ما يتجاوز إجمالي القدرة النووية العاملة في أيّ دولة حول العالم.
وفي الوقت الذي تتخبط فيه مشروعات الطاقة النووية في أوروبا، تندفع القارة بقوة نحو الطاقة المتجددة، إذ تفوق قدرة مشروعات الرياح والطاقة الشمسية قيد التنفيذ نظيرتها النووية بأكثر من 13 ضعفًا.
وفي وقت سابق من هذا العام، أعلنت المفوضية الأوروبية حاجتها إلى تعزيز إنتاج الطاقة النووية، وسط خطط لاستثمار نحو 241 مليار يورو (280 مليار دولار) بحلول عام 2050، رغم الخلاف الدائر بين فرنسا وألمانيا حول دور الطاقة النووية في تحقيق أهداف خفض الانبعاثات.
ومن بين 27 دولة عضوة في الاتحاد الأوروبي، تحتفظ 12 دولة بمفاعلات نووية عاملة، تتصدرها فرنسا بأكبر أسطول على الإطلاق، في حين تواصل سلوفاكيا والمجر بناء مفاعلات جديدة، وتستعد دول أخرى، مثل بولندا، للشروع في إنشاء أولى محطاتها النووية.
تحديات تواجه قطاع الطاقة النووية في أوروبا
من بين إجمالي قدرات الطاقة النووية في أوروبا المخططة، ألغت القارة 25% من المشروعات، كما خرج نحو 15% من المشروعات عن الخدمة، ويعادل ذلك 68 غيغاواط، بحسب التقرير الصادر عن منصة غلوبال إنرجي مونيتور.
وتكشف البيانات أن نسبة المشروعات قيد الإنشاء -حاليًا- تبلغ 2% فقط، ومن غير المرجّح بدء عملها قبل العقد المقبل، ما يعني عدم إسهامها في تحقيق هدف 1.5 درجة مئوية.
كما سلّط التقرير الضوء على التحديات التي تواجه قطاع الطاقة النووية في أوروبا، أبرزها:
- البنية التحتية المتقادمة.
- الجداول الزمنية الطويلة للبناء.
- ارتفاع التكاليف.
- المنافسة القوية من الطاقة المتجددة.
على سبيل المثال، استغرق بناء مفاعل " أولكيلوتو 3" في فنلندا 17 عامًا، في حين أُلغيت خطط الوحدة الرابعة في 2015.

قدرة الطاقة النووية في أوروبا
تُظهِر البيانات أن قدرة الطاقة النووية في أوروبا العاملة حتى سبتمبر/أيلول (2025) تصل إلى 157 غيغاواط، غير أن أكثر من 90% من هذه القدرة يأتي من مفاعلات تخطّت 35 عامًا.
وتؤدي عمليات تقاعد المفاعلات النووية القديمة إلى انخفاض إجمالي القدرة التشغيلية المتاحة باستمرار.
ففي فرنسا -أكبر مشغّل للطاقة النووية في القارة- تراجعَ الإنتاج بسبب عمليات الصيانة والانقطاعات المفاجئة، فضلًا عن موجة حر قاسية في صيف 2025 أربكت أنظمة تبريد المفاعلات.
وهبط إنتاج الطاقة النووية في فرنسا بنسبة 16% خلال العام الماضي، ليصل إلى 379 تيراواط/ساعة، مقارنة بـ452 تيراواط/ساعة في عام 2005، رغم إضافة أول وحدة جديدة منذ عقدين.
وعلى مستوى الاتحاد الأوروبي، تقلّصت حصة الطاقة النووية في مزيج الكهرباء من 25% عام 2005 إلى أقل من 20% في 2024.
وخلال العام الماضي، سجل إنتاج الطاقة النووية في أوروبا 997 تيراواط/ساعة، متجاوزًا مستوى عام 2023، البالغ 966 تيراواط/ساعة، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
أمّا المشروعات الجديدة قيد الإنشاء، البالغة قدرتها 9.3 غيغاواط، فهي موجّهة بالأساس لتعويض المفاعلات المتقاعدة، وليس لتعزيز القدرات.
وحتى المشروعات الحديثة، مثل "أولكيلوتو 3-Olkiluoto 3" في فنلندا، و"فلامانفيل 3-Flamanville 3" في فرنسا، و"هنكلي بوينت سي-Hinkley Point C" في بريطانيا، عانت من فوضى التأخيرات تجاوزت عقدًا كاملًا، فضلًا عن التكاليف الباهظة.
وتراهن أوروبا على المفاعلات الصغيرة (SMRs)، لكن لا يُتوقع تشغيلها تجاريًا قبل مطلع الثلاثينيات، وسط عقبات تنظيمية ومالية ومجتمعية.
ويوضح الرسم البياني التالي -من إعداد وحدة أبحاث الطاقة- سعة الطاقة النووية قيد الإنشاء عالميًا حسب الدول، ومن بينها فرنسا والمملكة المتحدة:
الطاقة المتجددة في أوروبا
على عكس قطاع الطاقة النووية في أوروبا، تواصل الطاقة المتجددة زخمها، حيث يوجد أكثر من 600 غيغاواط من مشروعات الرياح والطاقة الشمسية قيد البناء أو ما قبل البناء، وهو ما يتجاوز القدرات النووية بأكثر من 14 مرة.
ومع أن المفاعلات النووية تمتاز بعامل سعة أعلى -مدى كفاءة استغلال القدرة الإنتاجية للمفاعل خلال مدة معينة-، فإن مشروعات الطاقة الشمسية والرياح تحتاج إلى مدة عام إلى 4 أعوام لتدخل الخدمة، بينما يستغرق بناء المفاعلات النووية عقدًا أو أكثر.
ولهذا، فإن إسهام الطاقة المتجددة في إزالة الكربون يبدو أكثر واقعية وأسرع أثرًا، رغم مخاوف الاعتماد عليها بسبب طبيعتها المتقطعة.
وبحلول منتصف عام 2025، تفوقت الطاقة الشمسية على الطاقة النووية في الاتحاد الأوروبي للمرة الأولى، لتسجل حصة بلغت 22.1% مقابل 21.8% للطاقة النووية، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
على الضفة الأخرى، يستعد قطاع بطاريات تخزين الكهرباء لقفزة نوعية نتيجة انخفاض التكاليف، إذ يُتوقع أن ترتفع سعة البطاريات من 22 غيغاواط/ساعة في 2024 إلى نحو 120 غيغاواط/ساعة بحلول 2029، ما يعزز قدرة الشبكات على استيعاب حصة أكبر من الطاقة المتجددة، بينما سيظل تخزين الطاقة الكهرومائية بالضخ الركيزة الأساسية لسعة التخزين واسعة النطاق.
موضوعات متعلقة..
- صناعة الطاقة النووية في أوروبا مهددة بسبب نقص العمالة
- إضافات الطاقة النووية في أوروبا تواجه تحديات.. التمويل أبرزها (تقرير)
- 80 عامًا من تخبط الطاقة النووية عالميًا.. وتجربة ناجحة للإمارات
اقرأ أيضًا..
- مدى السيارات الكهربائية ينخفض في الحر والبرد القارس.. نتائج مقلقة تكشفها الدراسات
- مشروعات توليد الكهرباء بالنفط والغاز قيد التطوير.. 6 دول عربية بقائمة الكبار
- قطاع النفط والغاز المصري.. توصيات لزيادة الإنتاج وجذب الاستثمارات (دراسة)
المصادر:
- تحديات الطاقة النووية في أوروبا، من غلوبال إنرجي مونيتور
- إنتاج الطاقة النووية في أوروبا، من إمبر
- استثمارات الطاقة النووية في الاتحاد الأوروبي، من رويترز