التقاريرتقارير السياراترئيسيةسيارات

خطة الاتحاد الأوروبي لحظر سيارات الوقود الأحفوري غير قابلة للتنفيذ.. ما الأسباب؟

سامر أبووردة

يشهد قطاع صناعة السيارات في أوروبا جدلًا متصاعدًا حول مستقبل سيارات الوقود الأحفوري، بعدما حذّر كبار المصنّعين والمورّدين من أن خطط الاتحاد الأوروبي الرامية إلى حظر هذه الطرازات بحلول عام 2035 لم تعد قابلة للتنفيذ.

وتكشف التحذيرات الأخيرة اتّساع الفجوة بين الطموحات المناخية للاتحاد الأوروبي والواقع الصناعي والاقتصادي الذي يفرض نفسه على أحد أكبر القطاعات الحيوية في القارة.

وخلال رسالة وُجِّهت إلى رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، دعا رؤساء جمعيات صناعة السيارات ومورّديها إلى إعادة النظر في الجدول الزمني للتخلص التدريجي من سيارات الوقود الأحفوري، مشيرين إلى تحديات جيوسياسية واقتصادية جديدة تهدد مسار التحول.

ووفقًا لتقديرات منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، تعكس المخاوف أبعادًا أوسع للأزمة، إذ يواجه القطاع الأوروبي اعتمادًا شبه كامل على آسيا فيما يتعلق ببطاريات السيارات، بالإضافة إلى تكاليف تصنيع مرتفعة وتوزيع غير متوازن للبنية التحتية اللازمة للشحن الكهربائي.

وفي سياق متصل، أكد الخطاب أن هيمنة الصين على سلسلة توريد السيارات الكهربائية، بالإضافة إلى القيود التجارية التي فرضتها أميركا، تشكّل عقبات يصعب تجاوزها.

كما تزيد الرسوم الجمركية الأميركية البالغة 15% على صادرات السيارات الأوروبية من تعقيد المشهد.

تحديات تواجه التحول المناخي

قال الرئيس التنفيذي لشركة "مرسيدس-بنز" أولا كالينيوس، والرئيس التنفيذي لمجموعة "شيفلر" ماتياس تسينك، إنهما ملتزمان بمبدأ تحقيق الحياد الكربوني بحلول 2050، إلّا أن الالتزام بجدول عام 2035 لم يعد واقعيًا.

وأوضحا أن خطة الاتحاد الأوروبي ينبغي أن تنتقل من "المثالية" إلى الاعتراف بالواقع الجيوسياسي والاقتصادي الراهن.

ويرى قادة الصناعة أن سيارات محرك الاحتراق الداخلي، بالإضافة إلى الهيدروجين والوقود منخفض الكربون، يجب أن تبقى ضمن مزيج حلول النقل في المرحلة المقبلة، في ظل صعوبة الاعتماد الكامل على المركبات الكهربائية.

كما أكّدوا ضرورة مراجعة لوائح انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الخاصة بالشاحنات والحافلات الثقيلة قبل عام 2027، لتفادي إرباك قطاع النقل البري التجاري.

سيارات محرك الاحتراق الداخلي في ألمانيا
أحد مصانع السيارات الألمانية - أرشيفية

سيارات محرك الاحتراق الداخلي

ما تزال سيارات محرك الاحتراق الداخلي تحظى بانتشار واسع، إذ تشير أحدث الإحصاءات إلى أن السيارات الكهربائية العاملة بالبطاريات مثّلت 15.6% من مبيعات الاتحاد الأوروبي حتى يونيو/حزيران 2025، ارتفاعًا من 12.5% في المدة نفسها من العام السابق.

ورغم النمو، ما تزال الحصة السوقية محدودة مقارنةً بانتشار سيارات الوقود الأحفوري، التي ما زالت تحقق الجزء الأكبر من أرباح الشركات، لا سيما الطرازات الرياضية متعددة الاستعمالات والسيارات الفاخرة.

ويعكس ذلك صعوبة التحول السريع نحو الكهرباء، ولا سيما أن هذه الطرازات التقليدية ذات محركات الاحتراق تظل الأعلى ربحًا.

ودفعت الضغوط المالية شركات كبرى مثل "كونتيننتال" إلى تقليص العمالة، في حين حذّرت "فاليو" من تراجع الأرباح، وسط تباطؤ الطلب على السيارات الكهربائية وارتفاع تكاليف التمويل.

ويتوقع محللون أن يقود ذلك إلى موجة أوسع من إعادة هيكلة سلاسل التوريد في أوروبا.

سيارة بي واي دي أتو 3 الكهربائية
سيارة بي واي دي أتو 3 الكهربائية- الصورة من وكالة رويترز

موقف السياسات الأوروبية

رغم الضغوط، يواصل صانعو السياسات في الاتحاد الأوروبي الدفاع عن هدف عام 2035 بوصفه ركيزة أساسية للالتزامات المناخية، بينما ترى الجماعات البيئية أن تحذيرات الشركات مبالَغ فيها.

وتؤكد هذه الجماعات أن مبيعات السيارات الكهربائية في أوروبا تسير بوتيرة نمو مستقرة، مدعومة بطفرة في مشروعات البطاريات الجديدة التي تُنشأ في دول مثل ألمانيا وفرنسا.

وكان حظر سيارات الوقود الأحفوري قد أُقِرّ بعد جدل طويل في بروكسل، إذ بدأت دول مثل فرنسا وهولندا بمواءمة سياساتها الوطنية مع هذا المسار، في حين ما تزال شركات السيارات الأوروبية تصارع بين الحفاظ على تنافسيتها العالمية وتحقيق أهداف الاتحاد المناخية.

وبينما يظل عام 2035 هدفًا رسميًا، تبدو ملامح صراع محتدم بين الطموح المناخي والاعتبارات الاقتصادية التي تحيط بمستقبل سيارات الوقود الأحفوري، لتظل القضية مفتوحة على سيناريوهات عدّة قد تحدد مسار صناعة السيارات الأوروبية في العقود المقبلة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصدر:

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق