الطيران المستدام يبدأ بالكهربة والرقمنة.. وفئة من الطائرات تضع أولى اللبنات للهيدروجين
وحدة أبحاث الطاقة - مي مجدي

أصبح الطيران المستدام في قلب تحول الطاقة العالمي، مع تزايد الضغط على صناعة النقل الجوي للحدّ من الانبعاثات، التي ارتفعت بنسبة 53% بين عامي 2000 و2019، بوتيرة أسرع من السكك الحديدية والطرق والشحن البحري.
وخلال عام 2023، سجلت انبعاثات قطاع الطيران 950 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون، أي أكثر من 90% من مستويات ما قبل الجائحة، لتشكّل 2.5% من الانبعاثات العالمية المرتبطة بالطاقة.
ويعدّ تحقيق أهداف سيناريو الحياد الكربوني بحلول 2050 مستحيلًا دون التحول السريع إلى الوقود منخفض الكربون، وتحسين تصميم الهياكل والمحركات، ورفع كفاءة العمليات التشغيلية.
وفي هذا السياق، سلّط تقرير حديث -اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن)- الضوء على ضرورة تبنّي محركات لا تطلق انبعاثات، بعيدًا عن الوقود الذي يرافقه آثار بيئية طويلة الأمد، مثل الوقود الحيوي أو الوقود الاصطناعي.
ويكمن الحل الأكثر جدوى تقنيًا في الطائرات الكهربائية العاملة بخلايا وقود الهيدروجين، التي تعمل على تصميمها شركة بيوند إيرو (Beyond Aero).
وكشف التقرير أن هذا النهج لا يقتصر على طيران الأعمال (الطيران المؤسسي)، بل يمكن أن يمتدّ تدريجيًا ليشمل الطيران الإقليمي، وصولًا إلى الرحلات التجارية بحلول 2050.
الهيدروجين مهم لتحقيق الطيران المستدام
مع استمرار البحث عن حلول للحدّ من الانبعاثات في قطاع الطيران، تظهر القيود الجوهرية للبطاريات والوقود الحيوي.
فالوقود التقليدي للطائرات يوفر نحو 12 ألف واط/ساعة لكل كيلوغرام، بينما البطاريات الحالية لا توفر سوى 250 واط/ساعة لكل كيلوغرام، ما يحدّ من استعمال الطائرات الكهربائية على الرحلات القصيرة والحمولات الخفيفة.
بالمقابل، يقدّم الهيدروجين 8 أضعاف كفاءة الطاقة مقارنة بالوقود الاصطناعي عند تشغيله في الأنظمة الكهربائية، ويتميز بطاقة نوعية أعلى بالنسبة للوزن مقارنة بجميع البدائل الأخرى من البطاريات أو الوقود المستدام، وفق التقرير الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي.
بالإضافة إلى ذلك، ينتج الوقود الاصطناعي أكاسيد النيتروجين، ويعاني من كفاءة محدودة تصل إلى نحو 3.5 مرات أقل من التصميمات العاملة بخلايا وقود الهيدروجين.
أمّا خلايا الوقود الهيدروجينية فهي تُحوّل الهيدروجين إلى كهرباء عبر تفاعلات كيميائية، وينتج عنها حرارة وماء فقط دون انبعاثات.
وفي هذا السياق، اعتمدت شركة "بيوند إيرو" على بناء طائرة كهربائية تعمل بخلايا وقود الهيدروجين من الصفر، بدلًا من تعديل النماذج الحالية، وخرجت بطائرة خفيفة مخصصة تُعرَف بـ" BYA-I"، قادرة على نقل 6 ركّاب لمسافة تصل إلى 1500 كيلومتر، أي 5 أضعاف ما تقدّمه نظيرتها العاملة بالبطاريات.
وتتفوق هذه الطائرات على نظيرتها المعدلة عبر دمج خلايا وقود الهيدروجين وخزانات الهيدروجين وأنظمة الدفع الكهربائية، وإدارة الحرارة، ما يحسّن توزيع الوزن والكفاءة الحرارية والديناميكية الهوائية، وهي عوامل حاسمة للمدى والسلامة والحصول على شهادات الطيران للفئات تحت 8.6 طنًا.

ويمثّل طيران الأعمال الفئة الأكثر جاهزية لاعتماد هذه المحركات، بفصل المزايا الفنية والتشغيلية لتلك الطائرات، خاصة وأن 70% من الرحلات تقل عن 1000 كيلومتر، و90% تحت 2000 كيلومتر، أي ضمن نطاق قدرة الطائرات الكهربائية العاملة بخلايا وقود الهيدروجين.
كما تشير البيانات الأولية إلى أن أنظمة خلايا الوقود توفر خفضًا في تكاليف التشغيل بنسبة تتجاوز 20% مقارنة بالطائرات النفاثة، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
إلى جانب ذلك، تتراجع المخاوف بشأن التزّود بوقود الهيدروجين، حيث تجاوز عدد المحطات 1000 محطة عالميًا بدءًا من عام 2023.
أهمية الرقمنة في تصميم الطائرات
مع تطوّر أنظمة الدفع الجديدة، أصبح دمج الرقمنة في تصميم الطائرات من البداية خطوة مهمة نحو تحقيق الطيران المستدام، ويشمل ذلك:
- مراقبة شاملة للمحركات والمكونات.
- أنظمة التحكم الرقمي لتعزيز الكفاءة والمناورة.
- التعلم الآلي السحابي لمعالجة بيانات الأسطول وتخطيط الرحلات المستقبلية.
- الحوسبة السحابية داخل الطائرة لإجراء التحليلات اللحظية وضبط المسار.
كما توفر هذه البنية الرقمية فوائد عملية للمشغّلين، منها جدولة الطاقم تلقائيًا، وصيانة استباقية، وتوازن الأحمال، وبالنسبة للطيارين، فإن تحسين المسار آنيًا، اعتمادًا على الطقس والأداء يقلل من التحضير قبل الرحلة.
بالإضافة إلى ذلك، وضعت شركة بيوند إيرو خريطة طريق لتطوير الطائرات الكهربائية العاملة بخلايا وقود الهيدروجين، وهي:
- المرحلة التأسيسية 2020-2030: تشمل اعتماد أول طائرة وفق معايير الطائرات الخفيفة (CS23/FAR23)، ونشر محطات تزويد الهيدروجين، مع استمرار الاعتماد على وقود الطيران المستدام في الطائرات التقليدية لتقليل الانبعاثات.
- مرحلة الحصاد 2030-2040: تتضمن تحسين أداء خلايا الوقود وتخزين الهيدروجين المسال لتطوير طائرات إقليمية بسعة 70 مقعدًا ومعتمدة.
- مرحلة التوسع 2040-2050: إطلاق طائرات تجارية بسعة 150 مقعدًا، تستهدف الرحلات القصيرة المتكررة، التي تمثّل 24% من انبعاثات قطاع الطيران.
موضوعات متعلقة..
- المخلفات الزراعية في باكستان قد تجعلها منتجًا رئيسًا لوقود الطيران المستدام (تقرير)
- أكبر منتج لوقود الطيران المستدام.. هل يتحقق طموح أميركا بحلول 2030؟
اقرأ أيضًا..
- ثلثا سوق توربينات الرياح العالمية في قبضة الشركات الصينية بحلول 2034 (تقرير)
- أكبر 10 دول مستوردة للخلايا الشمسية الصينية.. دولة أفريقية بالقائمة
- توقعات الطلب على النفط في 2026.. وكالة الطاقة الدولية تخالف الاتجاه
المصادر..