التقاريرتقارير الطاقة النوويةرئيسيةطاقة نووية

80 عامًا من تخبط الطاقة النووية عالميًا.. وتجربة ناجحة للإمارات

هبة مصطفى

تشهد خطط الطاقة النووية ارتباكًا عالميًا على مدار السنوات الماضية، لكن يبدو أن هناك بعض المحطات المضيئة في عمر القطاع، من بينها تجربة الإمارات.

ورغم أن تقنيات الانشطار والتطبيقات العسكرية لها بدأت منذ نهاية ثلاثينات القرن الماضي ومطلع الأربعينيات، فإنها -حتى الآن-، وبعد مرور ما يزيد على 80 عامًا، لم تطوَّر بالقدر الكافي لنشرها في أرجاء العالم.

وبدلًا من تطويعها في استعمالات تخدم البشرية، تحولت التقنيات النووية إلى "سلاح" يدخل في تطبيقات عسكرية قاتلة، ظهرت بقوة مع القصف الأميركي لمدينة هيروشيما اليابانية بقنبلة ذرّية أودت بحياة عشرات الآلاف.

وبعد سنوات طويلة من تحويلها إلى ترسانة عسكرية، عادت حكومات كبرى للالتفاف من جديد حول الطاقة النووية، في ظل نمو الطلب على الكهرباء، حسب مقال تابعته منصة الطاقة المتخصصة (الصادرة من واشنطن).

نموذج الطاقة النووية في الإمارات

قدّمت الطاقة النووية في الإمارات نموذجًا رائدًا للصناعة في الشرق الأوسط، جنبًا إلى جنب مع عدد من المشروعات في دول عربية أخرى، مثل تطوير مصر لمحطة الضبعة.

وتبنّت أبو ظبي برامج دمجت خلالها بين إنتاج الطاقة الشمسية والنووية، ما دفع باتجاه تراجع استهلاك الغاز لإنتاج الكهرباء، وفق ما أورده مقال الرئيس التنفيذي لشركة قمر للطاقة "روبن ميلز" المنشور في إنرجي كونكتس.

وأبرمت الدولة الخليجية مذكرة تفاهم مع شركة سامسونغ الكورية للإنشاءات والتجارة، نهاية شهر يوليو/تموز 2025 الماضي، لاستكشاف فرص التعاون في التقنيات النووية السلمية.

محطة براكة للطاقة النووية في الإمارات
محطة براكة للطاقة النووية في الإمارات - الصورة من الموقع الرسمي لمؤسسة الإمارات للطاقة النووية

وشمل الاتفاق أيضًا دعم توظيف المفاعلات النووية الصغيرة بوتيرة سريعة في الإمارات، بالإضافة إلى بحث فرص إنتاج الهيدروجين النظيف في كوريا الجنوبية وغيرها، حسب متابعات منصة الطاقة.

وخلال الشهر ذاته، وقّعت -الدولة المطورة والمشغّلة لأولى المحطات النووية في الشرق الأوسط- اتفاقًا مماثلًا بين: شركة الإمارات للطاقة النووية و"ويستنغهاوس" الأميركية، لبحث كيفية دعم مشروعات الصناعة في الولايات المتحدة.

التطور العالمي للصناعة النووية

لم يكن واقع الريادة الإماراتية للصناعة في الشرق الأوسط منتشرًا في أنحاء العالم بالقدر ذاته، واختلفت النظرة للتقنيات النووية بين سوق وأخرى.

ومنذ ظهور أول تطبيقات الصناعة إلى العلن عام 1945 (حين ألقت أميركا قنبلة هيروشيما وبعدها ناجازاكي على مدن يابانية)، ارتبط اسم التقنيات النووية بالتطبيقات العسكرية التدميرية.

وربما يختلف المشهد حاليًا بعد مرور سنوات طويلة على الحادث، خاصة في المراحل اللاحقة لتوقيع عدد من الدول معاهدة حظر الانتشار النووي عام 1968.

وبات استعمال مفاعلات الماء الخفيف شائعًا لاستعمالها في الغواصات وغيرها، ما قلَّص دور مفاعلات الماء الثقيل والغاز.

وأُثير الجدل مؤخرًا حول البرنامج النووي الإيراني، وتداعيات الاستهداف الإسرائيلي لمواقع وعلماء إيذانًا باندلاع حرب الـ12 يومًا بينهما في يونيو/حزيران الماضي، قبل القصف الأميركي لـ3 منشآت في طهران لتقييد جهود تخصيب اليورانيوم.

الدمج في مزيج الكهرباء

في خضم الاستعمالات والتطبيقات العسكرية غير السلمية حتى الآن للتقنيات النووية، ظهر اتجاه جديد ينادي بتوسعة حصة الطاقة النووية في مزيج كهرباء الدول، لتلبية الأهداف المناخية بنشر مصادر الطاقة النظيفة منخفضة الكربون.

وشكّلت فرنسا نموذجًا، إذ أسهمت مفاعلاتها النووية البالغ عددها 57 مفاعلًا في إنتاج 68% من المزيج، مقابل 27% من مصادر الطاقة المتجددة.

أمّا ألمانيا فواجهت موقفَا لا تُحسَد عليه، وكان من الممكن أن ينقذها إنتاج المفاعلات النووية من العودة الاضطرارية للفحم، بعد تفاقُم أزمة الطاقة وغياب الغاز الروسي عام 2022.

وقضى حادث محطة فوكوشيما اليابانية قبل 14 عامًا على طموحات توسعة نطاق الصناعة في عدد من الدول، لكن طوكيو ذاتها -بالإضافة إلى كوريا الجنوبية- تسعيان للتغلب على هذه التحديات ومواصلة التطوير.

آثار الدمار في محطة فوكوشيما النووية باليابان
آثار الدمار في محطة فوكوشيما النووية باليابان – الصورة من صحيفة ذا تيليغراف

ومقابل ذلك، تملك الصين أكبر حزمة لبرنامج نووي في العالم، بعد نجاحها في خفض التكلفة.

وتتنافس "فرنسا، والصين، وروسيا، وكرويا الجنوبية" على تقديم تقنيات المفاعلات المطورة إلى أسواق ناشئة في الصناعة، بدأت من الإمارات، وشملت: مصر، وتركيا، وباكستان، وبنغلاديش.

ومع انتشار مراكز البيانات في أميركا، زاد الطلب على الكهرباء، وظهر دور مهم لنشر المفاعلات النووية، خاصة لتعويض إنتاج الطاقة المتجددة "المتقطع"، والاستهلاك الكبير للغاز.

التحديات والمفاعلات الصغيرة

ما يزال الحديث حول تسريع وتيرة نشر التقنيات النووية، خاصة في إنتاج الكهرباء، محاطًا بتحديات، مثل:

  • التكلفة الباهظة، وتجاوز المطورين الميزانيات المحددة سلفًا.
  • استغراق وقت كبير في عملية البناء.

ودفع ذلك نحو تحول عالمي لافت باتجاه المفاعلات المعيارية الصغيرة، خاصة في أوروبا وأميركا، وتعتمد غالبية هذه المفاعلات في عملها على: التبريد بالماء الخفيف، أو الملح، أو الصوديوم، أو الغاز.

وتسابق المطورون في طرح تصميمات مختلفة لهذه المفاعلات، وبدأ تنفيذ بعض مشروعاتها، ما يضمن: سرعة أكبر في عملية التثبيت، واعتبارات سلامة، وتكاليف أقل.

وقال روبن ميلز في مقاله، إن مستقبل الطاقة النووية يحمل الكثير من أوجه التنوع في التقنيات، لكن ما تزال مخاوف السلامة تحيط بالصناعة في ظل نمو الصراعات الجيوسياسية، والضرورة المُلحّة بتغيير الصورة الذهنية المليئة بمخاوف الحوادث السابقة خلال 80 عامًا مضت.

ورغم ذلك، يبدو أن استعمالها في إنتاج الكهرباء سيكتسب الأولوية في ظل نمو الطلب.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصادر..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق