التقاريرتقارير منوعةرئيسيةمنوعات

المعادن في أفريقيا.. ثروات القارة بين المستعمرين وسياسات التأميم (تقرير)

نوار صبح

شقّت الثروات المعدنية في أفريقيا طريقها، من مناجم التعدين إلى الأسواق، بين استغلال الدول الاستعمارية وسياسات التأميم والخصخصة؛ حيث لا تزال الحكومات في جميع أنحاء القارة تجهل ما يكمن تحت أرضها.

ووفق تفاصيل تابعتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، استغلت الدول الاستعمارية الأوروبية، بين القرنين الـ18 والـ20، الثروة المعدنية الأفريقية في مشروعاتها الصناعية.

وبعد الاستقلال، أمّم العديد من دول أفريقيا قطاعات التعدين لديها؛ وأدى الضغط الدولي إلى الخصخصة في ثمانينيات القرن الماضي.

وأضعف هذا دافع الحكومات وقدرتها على وضع إستراتيجيات طويلة الأجل، وأصبح لديها حافز أكبر لتصدير المعادن مقابل العملات الأجنبية على المدى القصير.

حوكمة قطاعي المعادن في أفريقيا

بحث الزميل الباحث في الاقتصاد السياسي للتنمية المتوافقة مع المناخ، بجامعة لندن، جيرالد أرين، والأستاذ المساعد في السياسة والحوكمة والتنمية لدى معهد التنمية العالمية، بجامعة مانشستر، بريتيش بهوريا، في حوكمة قطاعي المعادن في غانا ورواندا لأكثر من عقد.

وأجريا أبحاثًا حول سبب استثمار بعض دول أفريقيا أكثر من غيرها في الدراسات الجيولوجية.

وتركز هذه دراسات على أماكن وجود المعادن وإمكاناتها الاقتصادية، واِنصبّ الاهتمام على غانا ورواندا؛ نظرًا إلى اختلاف مستوى التزامهما بالاستثمار في الدراسات الجيولوجية.

ووجد الباحثان أن المنافسة السياسية الشديدة تُجبر الحكومات الغانية على تحديد أولويات قصيرة الأجل.

وهذا يجعل الدراسات الجيولوجية (وهي مشروع طويل الأجل ومحفوف بالمخاطر) غير جذابة للنخب الحاكمة. في المقابل، استثمرت حكومة الجبهة الوطنية الرواندية في المسوحات الجيولوجية على مدار العقد الماضي.

إلى جانب التكاليف الاقتصادية والتقنية، تُشكل التوجهات السياسية الخاصة بكل سياق قرار الاستثمار في رسم الخرائط الجيولوجية.

استخراج الذهب في منطقة وادي بريستيا هوني بغانا
استخراج الذهب في منطقة وادي بريستيا هوني بغانا – الصورة من رويترز

مساران متباينان

تُعد غانا غنية بالعديد من المعادن، وهي أكبر منتج للذهب في أفريقيا، وهو المصدر الرئيس لإيراداتها التصديرية.

إزاء ذلك، حققت المعادن لغانا إيرادات بلغت 11 مليار دولار أميركي في عام 2024، حسب مصادر تابعتها منصة الطاقة المتخصصة.

وتشتهر غانا بثرواتها من الماس والمنغنيز والبوكسيت، وقد اكتشفت مؤخرًا الليثيوم بكميات تجارية.

ويُعَد الليثيوم "معدنًا أساسيًا" لتحول الطاقة، وسيكون هذا الاكتشاف محل اهتمام المستثمرين.

بدورها، تُتنتج رواندا القصدير والتنتالوم والتنغستن، وتمتلك مكامن تجارية من الأحجار الكريمة، ورمال السيليكا، والكاولين، والفيرميكوليت، والدياتوميت، والصلصال، والحجر الجيري، والذهب.

وغالبًا ما يشجع خبراء السياسات والمنظمات الدولية الحكومات على الاستثمار في رسم الخرائط الجيولوجية لمعادنها، بهدف تعزيز الاستثمار في هذا القطاع وزيادة مكاسب البلاد من مواردها، رغم أن هذه التحقيقات مكلفة، والنتائج المربحة غير مضمونة.

رسم الخرائط الجيولوجية للثروات المعدنية

يوجد لدى بعض الحكومات الأفريقية التزام محدود بالاستثمار في رسم الخرائط الجيولوجية لثرواتها المعدنية.

وقد خصصت دول أخرى، مثل أوغندا والمغرب وبوتسوانا وجنوب أفريقيا، موارد للخرائط الجيولوجية.

على سبيل المثال، أعلنت الحكومة الأوغندية نيتها توسيع نطاق تغطية رسم الخرائط الجيولوجية الوطنية من 50% إلى 100%.

قطع الذهب داخل منشأة للصهر بمدينة أكرا في غانا
قطع الذهب داخل منشأة للصهر بمدينة أكرا في غانا – الصورة من رويترز

نقص المعرفة الجيولوجية في غانا

تعود جذور فجوة المعرفة إلى الاستعمار؛ فقد رسمت الدول الأوروبية خرائط دقيقة للمعادن الأفريقية، لكنها احتفظت بالبيانات لنفسها.

وتحتفظ هيئة المسح الجيولوجي البريطانية، حاليًا، بأكثر من 300 ألف تقرير وخريطة جيولوجية من دول أخرى.

ويُجمع الكثير منها في الأرشيفات بدلًا من أن يساعد الحكومات الأفريقية على فهم مواردها الخاصة.

وحتى المعرفة الجيولوجية الأساسية غالبًا ما تكون في لندن أو باريس أو بروكسل بدلًا من أكرا أو كيغالي أو نيروبي.

وتستخرج غانا الذهب منذ أكثر من قرن، لكنها لا تزال تفتقر إلى المسوحات الجيولوجية الشاملة.

وأشار باحثون إلى أن النظام السياسي التنافسي في البلاد؛ حيث يتناوب حزبان رئيسان على السلطة كل 8 سنوات تقريبًا، يعوق التخطيط طويل الأجل.

واعتمدت الحكومات الغانية المتعاقبة على شركات التعدين الخاصة لإجراء التحقيقات الجيولوجية.

فرز معادن التنغستن بمنطقة بوريرا في رواندا
فرز معادن التنغستن بمنطقة بوريرا في رواندا – الصورة من وكالة شينخوا الصينية

إستراتيجية رواندا التنموية

حدّدت رواندا طموحات طويلة الأجل فيما يتعلق بإستراتيجياتها التنموية، واختارت البلاد معرفة المزيد عما يكمن تحت أرضها، واتخذت خطوات لتحسين قدراتها.

أولًا: راجعت قانون التعدين، ودعت الحكومة الرواندية في البداية شركات التعدين الأجنبية للحصول على تراخيص على أساس أسبقية التقديم.

ورغم أن حاملي التراخيص كانوا مطالبين بالاستثمار في التحقيقات الجيولوجية قبل الاستخراج، إلا أن الرقابة على أنشطة الشركات كانت محدودة، وهذا مشابه لما كان يحدث في غانا.

ثانيًا: أنشأت الحكومة الرواندية شركة تعدين خاصة بها، "نغالي ماينينغ" (Ngali Mining)، للاستثمار المباشر في الاستكشاف.

ثالثًا: اجتذبت استثمارات في المسوحات الجيولوجية، بدعم من بعض الجهات المانحة.

وبهذه الطريقة، توظف الحكومة الرواندية شركات التحقيقات الجيولوجية بشكل مباشر بدلًا من الاعتماد على شركات التعدين للاستثمار في التحقيقات بنفسها.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصدر..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق