تغير المناخ يهدد مزارع الرياح البحرية في بحر الشمال
أسماء السعداوي

حذَّر تحليل حديث من آثار ظاهرة تغير المناخ في البحار والمحيطات؛ نتيجة لارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض وارتفاع منسوب المياه.
وعلى نحو خاص، يهدد هذا الخطر تشغيل مزارع الرياح البحرية في بحر الشمال بسلامة وكفاءة نتيجة لارتفاع الأمواج، بحسب التفاصيل التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
يأتي ذلك في الوقت الذي تُعول فيه الدول السبع المطلة على بحر الشمال -لاسيما بريطانيا وألمانيا- على الرياح البحرية لإزالة الكربون من مزيج الكهرباء؛ تحقيقًا لمستهدفات الحياد الكربوني بحلول منتصف القرن الحالي.
وقدّم معدّو الدراسة توصيات مجرّبة لتقليل آثار التقلبات، مثل الاستعانة بالذكاء الاصطناعي لتحسين القدرة على التنبؤ الدقيق بحالة الطقس مع تقليل الأخطار المحتملة.
تأثير تغير المناخ في طاقة الرياح البحرية
سجّل المراقبون "ارتفاعًا حادًا" بمستوى ارتفاع الأمواج في بحر الشمال، بسبب ارتفاع درجة حرارة المياه نتيجة لتغيُّر المناخ.
ورغم أن ارتفاع حرارة مياه البحر في حدّ ذاته لا يفرض سوى مخاطر تشغيلية محدودة، فإنه يتسبب في تغييرات أوسع نطاقًا لأنماط الطقس العالمية التي تؤثّر بدورها في الأنشطة البحرية، لاسيما مزارع الرياح البحرية.
ومما يفاقم الوضع التوجه لنشر توربينات الرياح البحرية العائمة داخل أعماق البحار بسبب توسُّع التوربينات المثبتة بقاع البحر، وما نتج عنه من شحّ توافر المواقع القريبة من الشاطئ.

وفي تلك البيئات البحرية الصعبة، ومع تغير المناح، تتزايد تقلبات الطقس ويزيد ارتفاع الأمواج حول توربينات الرياح البحرية بما يقلّص أوقات التشغيل بسلامة وفاعلية.
أحد الأمثلة على ذلك، هو أنَّ تردُّد الأمواج التي يزيد ارتفاعها على متر ونصف بين عامي 2020 و2022 تضاعف تقريبًا بالمقارنة بالمستويات نفسها بين عامي 2018 و2019.
- التردد هو نسبة تكرار أمواج البحر خلال مدة محددة.
ومن شأن ذلك الارتفاع أن يزيد المخاطر المرتبطة بسلامة العاملين، والقدرة على الوصول إلى التوربينات البحرية وخطط صيانتها.
توصيات مهمة للتكيف والتحسين
لتقليل آثار تغير المناخ، قدَّم التقرير عددًا من التوصيات لتحقيق الكفاءة والسلامة في بيئة عمل مزارع الرياح البحرية، مع الاستعداد للتقلبات.
ومن تلك التوصيات أهمية بناء إستراتيجيات مبتكرة من خلال جمع بيانات آنية عن البيئة، والاستعانة بتوقعات حالة الطقس المدعومة بالذكاء الاصطناعي، مع تحسين دقة التوقعات من خلال التغذية المستمرة بالبيانات الفورية داخل الموقع في النماذج التنبؤية.
وداخل مزرعة الرياح البحرية "دانتيسك" (DanTysk) في بحر الشمال أُجريت دراسة حالة لتوضيح الآثار الملموسة للتوصيات المذكورة، خاصة بعدما تجاوز ارتفاع الأمواج حاجز متر ونصف في أكثر من 76% من الأوقات، وذلك خلال موسم شتاء 2023-2022.
ونجح القائمون على التجربة في اتخاذ قرارات في الوقت المناسب بناءً على بيانات أكثر موثوقية وخاصة بموقع المزرعة، وذلك بنسبة دقة تزيد 60% على الطرق التقليدية.
وما أدى إلى توفير بيئة أفضل من حيث السلامة والكفاءة وسط ظروف الطقس المتقلب، كان الاستعانة بنظام رصد حالة البحر في الوقت الفعلي الذي طورته شركة "ميروس" (Miros) ومنصة توقعات الطقس والبحار المدعومة بالذكاء الاصطناعي "آي 4 سي" (i4sea).
وبذلك، تقلل توقعات الطقس المحسّنة والدقيقة من مخاطر العمل في البحار الهائجة والتحولات غير المتوقعة بما يرفع مستويات السلامة للعاملين بمزارع الرياح البحرية.
كما أن التخطيط "الذكي" للوصول للموقع المحدد يقلل الوقت ويقلل الانبعاثات، ويحقق أحسن استفادة لمدة الصيانة من خلال القيام بزيارات أكثر تحديدًا.
ولتحسين فرص السلامة للعاملين، أوصى معدّو التقرير بعدم استعمال السفن غير الضرورية، بل استعمال سفن الدعم الخاصة بمزارع الرياح البحرية؛ كونها قادرة على العمل في حالة ارتفاع موج البحر، وذلك مقارنة بسفن نقل الطواقم التقليدية.
موضوعات متعلقة..
- أستراليا مهددة بخسارة حربها ضد تغير المناخ.. أزمة يثيرها البرلمان (تقرير)
- تغير المناخ يفاقم ديون الدول الأفريقية (تقرير)
- تغير المناخ يكبد اقتصاد الهند خسائر بـ400 مليار دولار.. ما صلة الطماطم؟
اقرأ أيضًا..
- اكتشاف نفط في خليج أميركا.. احتياطيات محتملة بـ300 مليون برميل
- "الزوير".. ناقلة غاز مسال عملاقة تنضم لأسطول قطر للطاقة
- صفقة شيفرون في العراق.. هل تصبح بوابة لعودة الشركات الكبرى؟ (مقال)
- الطاقة المتجددة في كوينزلاند الأسترالية تواجه حربًا من حكومة المقاطعة الجديدة
المصدر: