محطات طاقة نووية عائمة.. مشروع نرويجي لإنعاش قطاع الصناعة
محمد عبد السند

تتطلّع النرويج إلى تطوير محطات طاقة نووية عائمة، من أجل توليد كميات لا نهائية من الكهرباء الموثوقة والمستدامة والمنخفضة الكربون، اللازمة لسد الطلب المتنامي على تلك السلعة الحيوية في قطاع التصنيع.
وتخطّط النرويج عبر اثنتَيْن من الشركات للاستعانة بالمفاعلات المعيارية الصغيرة، عبر وضعها على هياكل بحرية -صنادل- لتوليد الكهرباء، ونقلها إلى الشبكة أو حتى توفير الطاقة الحرارية ونقلها إلى مناطق بعيدة.
وتتسم المحطات النووية العائمة بمعايير سلامة نووية أعلى مقارنةً بنظيراتها التقليدية؛ لكونها موجودة في البحر بعيدًا عن المناطق المأهولة بالسكان، إلى جانب قدرتها الكبيرة على مواجهة الكوارث الطبيعية مثل الزلازل.
كما تتميّز محطات الطاقة النووية العائمة بسهولة نشرها، وبالتالي فهي تتيح جدوى اقتصادية أعلى على المدى الطويل، وفق تفاصيل تابعتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
تعاون نرويجي
تعاون مطورو مشروعات الطاقة والطاقة النووية في النرويج لاستكشاف حل بحري مبتكر يشتمل على بناء محطات طاقة نووية عائمة، تعمل بالمفاعلات النووية المعيارية الصغيرة المعروفة اختصارًا بـ"إس إم آر إس" (SMRs).
وأبرمت شركتا نورسك كيرنيكرافت (Norsk Kjernekraft) ومقرها بيرغن، وأوشن-باور إيه إس (Ocean-Power AS) التي ترغب في أن تصبح مزودًا للكهرباء البحرية، مذكرة تفاهم في أوائل الأسبوع الجاري، لتطوير مفاهيم بشأن بناء محطات طاقة نووية عائمة.
وتخطّط الشركتان لوضع المفاعلات النووية المعيارية الصغيرة على الصنادل؛ وهي سفينة ذات قاع مسطح لا توجد بها وسائل الدفع الميكانيكي الخاصة بها؛ لتخلق بذلك حلول طاقة مستدامة جديدة تتطلّب الحد الأدنى من استعمال الأراضي.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة نورسك كيرنيكرافت، جوني هيستهامر: "تلك خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح، لضمان الالتزام بالطاقة النووية على المدى الطويل في النرويج الذي يشتمل على أفضل ما تقدمه الصناعة النرويجية".

المفاعلات النووية المعيارية
يستهدف التعاون بين شركتَي نورسك كيرنيكرافت و"أوشن -باور إيه إس" بناء منصات نووية بحرية وبالقرب من الشاطئ لديها القدرة على تقديم كهرباء موثوقة منخفضة الانبعاثات إلى المواقع التي يزداد فيها الطلب.
ومن الممكن أن يشتمل ذلك على أي شيء بدءًا من المراكز الصناعية، وانتهاءً بالتركيبات البحرية، وفق تفاصيل رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
وعبر دمج المفاعلات النووية المعيارية الصغيرة مع التصميمات المرنة القائمة على الصنادل، يعتقد الشركاء أن بمقدورهم فتح الباب أمام طريقة جديدة لإنتاج طاقة نووية تقلّل استعمال الأراضي إلى أدنى حد ممكن، مع استغلال الخبرات الهندسية والبحرية القوية المتاحة في النرويج.
وأوضح هيستهامر: "مع انخفاض النشاط في قطاع النفط، فإننا بحاجة إلى مشروعات صناعية جديدة، ومحطات نووية عائمة يمكنها أن تكون ضمن تلك المشروعات".
وأضاف أن الشراكة مع "أوشن -باور إيه إس" من شأنها أن تساعد في استكشاف طرق غير تقليدية، لتقديم الكهرباء النظيفة المستقرة إلى الصناعة والمجتمع، مع الحد من استعمال الأراضي قدر المستطاع وتعظيم المرونة.
وأشار إلى أن دمج تقنية الشركة والبنية التحتية لإنتاج الطاقة المستدامة مع الخبرات الواسعة التي تتمتع بها نورسك كيرنيكرافت في المشروعات النووية، يمثّل أهمية بالنسبة إلى تطوير حلول طاقة مبتكرة، كما أنه يعزّز دور النرويج في سوق الطاقة النظيفة العالمية.

الطاقة النظيفة في النرويج
يتضمّن المفهوم الحالي لشركة أوشن باور تطوير محطات طاقة نووية عائمة مزودة بأنظمة دورة مركبة باستعمال توربينات غازية وبخارية.
وستُزوّد كل وحدة بسعة تتراوح بين 200 و250 ميغاواط المنصات القريبة بالكهرباء في النسخة البحرية، أو تُغذّي الشبكة الكهربائية للاستعمالات البرية.
وسيُحتَجز ثاني أكسيد الكربون من غازات العادم، وسيُحقَن في تكوين جيولوجي قريب، أو نقله عبر خطوط الأنابيب، أو حتى إسالته وشحنه بوساطة السفن للاستعمال أو التخزين الدائم.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة أوشن -باور، إرلينغ رونغلان: "نرغب في أن نحشد صناعة التوريد في دول شمال أوروبا، لبناء حلول قادرة على أن تكون لها الريادة عالميًا".
وأضاف رونغلان: "الطاقة النووية على الصنادل تفتح إمكانات جديدة بالكامل، لتأمين إمدادات طاقة مستقرة وصديقة للمناخ للصناعة والمجتمع والعمليات البحرية"، وفق تصريحات رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
تقييم المفاهيم
تستهدف الخطوة الأولى في الشراكة بين "نورسك كيرنيكرافت" و"أوشن-باور إيه إس" تقييم المفاهيم والتقنيات ونماذج الأعمال بموجب اللوائح التنظيمية في النرويج، مع التركيز على استغلال الخبرات الهندسية البحرية في دول الشمال الأوروبي.
وحال نجاحها يمكن أن تمهد المبادرة الطريق أمام حلول نووية مثبتة على الصنادل وقابلة للتصدير، تتيح الكهرباء الموثوقة منخفضة الكربون إلى النرويج وغيرها من الدول.
وقال رونغلان: "من الممكن أن يصبح ذلك جزءًا مهمًا من إسهامات النرويج في تحقيق الأهداف المناخية مع خلق قيمة لعمليات توليد الكهرباء في المستقبل"، وفق بيان صحفي طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
وتأتي مذكرة التفاهم المبرمة بين "نورسك كيرنيكرافت" و"أوشن-باور إيه إس"، في أعقاب اتفاقية وُقّعت مؤخرًا بين الأخيرة وشركة كوبنهاغن أتوميكس (Copenhagen Atomics) الدنماركية للطاقة النووية، لإجراء دراسة مشتركة تستكشف إمكانات توليد الكهرباء والحرارة في النرويج باستعمال مفاعلات الملح المنصهر القائمة على عنصر الثوريوم.
موضوعات متعلقة..
- الطاقة النووية في أفريقيا.. هل تشهد طفرة في 2023؟
- محطات الطاقة النووية الصغيرة أمل أفريقيا لحل أزمة الكهرباء (تقرير)
- الطاقة النووية.. كلمة السر في تحقيق استقرار أفريقيا (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- الطاقة المتجددة في أستراليا رهينة "صفقة" مع المواطنين (تقرير)
- اكتشاف نفطي في ناميبيا يسابق الزمن لبدء الإنتاج في 2029
- مراكز البيانات في أوروبا تحتاج إلى شبكات كهرباء مستقرة جنوب القارة (تقرير)
المصدر:
1.محطات نووية عائمة في النرويج، من "إنترستينغ إنجنيرينغ".