سلايدر الرئيسيةتقارير منوعةمنوعات

5 خبراء: قانون المناجم الجديد في الجزائر فرصة لاستغلال الاحتياطيات الضخمة

داليا الهمشري

يمثّل قانون المناجم الجديد في الجزائر خطوة لتعزيز مكانة البلاد في صناعة التعدين العالمية عبر تطوير تشريعاتها الخاصة بالثروات الطبيعية من أجل توفير بيئة أكثر شفافية ومرونة للشركات المحلية والدولية.

وصُمِّم قانون المناجم الجديد في الدولة الواقعة بشمال أفريقيا ليمنح قطاع التعدين ديناميكية أكبر لجذب الاستثمارات الأجنبية، مع وضع ضوابط أكثر وضوحًا لاستغلال الموارد بما يحقق مصلحة الاقتصاد الوطني.

وأكد عدد من الخبراء في تصريحات إلى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) أن قانون المناجم الجديد في الجزائر يسهم في جعل الدولة لاعبًا رئيسًا في سوق المعادن، عبر تحديث سياساتها التشريعية والتنظيمية، بما يتيح جذب الاستثمارات وتطوير استغلال الموارد الجيولوجية الغنية.

وأُقِرّ قانون المناجم الجديد في الجزائر بعد مشاورات دامت أكثر من 3 أعوام بين الجهات المعنية، ليتضمن حزمة من التدابير التحفيزية أبرزها تيسير الإجراءات، ورفع آجال تراخيص الاستغلال، وتوسيع فرص الشراكة أمام المستثمرين الأجانب.

رهان على التنوع الاقتصادي

قال أستاذ الاقتصاد بجامعة سطيف1 الجزائرية، الدكتور هباش فارس، إن قطاع المناجم في الجزائر ظلّ لأعوام طويلة يواجه مجموعة من التحديات التي حالت دون تطوره بالشكل المطلوب.

وأضاف أنه رغم امتلاك الجزائر ثروات معدنية هائلة، من بينها الفوسفات والحديد والذهب والزنك، فإن استغلال هذه الموارد كان ضعيفًا وغير فاعل؛ بسبب تعقيدات إدارية وبيروقراطية أثقلت عمليات التنقيب والاستخراج، فضلًا عن محدودية الاستثمارات مقارنة بالإمكانات الكبيرة المتاحة.

وأوضح الخبير الاقتصادي -خلال تصريحاته إلى منصة الطاقة المتخصصة- أن أحد أبرز الإشكالات التي عانى منها الاقتصاد الوطني عمومًا هو الاعتماد المفرط على المحروقات بصفتها مصدرًا رئيسًا للإيرادات؛ ما جعل الجزائر عرضة لتقلبات أسعار النفط والغاز في الأسواق العالمية.

وأكد أن هذا الوضع فرض ضرورة البحث عن بدائل حقيقية لتنويع الاقتصاد وتعزيز السيادة الاقتصادية، إذ يرى أن قانون المناجم الجديد في الجزائر يأتي في هذا السياق بمثابة أداة إستراتيجية.

أستاذ الاقتصاد بجامعة سطيف1 الجزائرية الدكتور هباش فارس

وأشار الدكتور هباش فارس إلى أن قانون المناجم الجديد في الجزائر يضمّن حزمة من التدابير التحفيزية، في مقدّمتها تسهيل الإجراءات الإدارية، ومنح إعفاءات ضريبية وجمركية، وتيسير إجراءات التراخيص، وهو ما من شأنه أن يجذب استثمارات أجنبية ومحلية أكبر، ويشجع الشركات المتخصصة على دخول السوق الجزائرية.

كما لفت إلى أن قانون المناجم الجديد في الجزائر سيسهم في تطوير البنية التحتية، ورفع الإنتاج، ودعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة للانخراط في النشاط المنجمي.

وفيما يخصّ جانب الشفافية، شدّد الدكتور فارس على أن نص قانون المناجم الجديد في الجزائر يعالج النقائص التي كانت سائدة في التشريعات السابقة، خاصة ما تعلّق بالمعايير البيئية والعمالية، موضحًا أن اعتماد تقارير دورية وفرض الرقابة الصارمة على العمليات سيُعزز ثقة المستثمرين والمجتمع، ويمنح القطاع مصداقية أكبر.

غاز جبيلات

أكد هباش أن القطاع المنجمي يؤدي -أيضًا- دورًا في تحسين البنية التحتية الوطنية، مشيرًا إلى أن مشروعات التعدين الكبرى ستتطلب استثمارات ضخمة في الطرق والمواني والسكك الحديدية والطاقة، وهو ما ينعكس إيجابًا على بيئة الأعمال ككل.

كما تطرّق إلى ملف غار جبيلات، موضحًا أنه يُعدّ أحد أكبر وأهم الاحتياطات غير المستغلة في العالم، حيث يحتوي على نحو 1.7 مليار طن من خام الحديد، مشيرًا إلى أن استغلال هذا المورد سيُسهم في تقليص الاعتماد على المحروقات، ودعم الصناعات التحويلية مثل صناعة الحديد والصلب، وتوفير آلاف فرص العمل المباشرة وغير المباشرة.

ولفت إلى أنه أصبح بالإمكان جذب الشركات العالمية للاستثمار في غار جبيلات بعد صدور قانون المناجم الجديد في الجزائر، الذي يقدّم إعفاءات وتسهيلات إدارية وضريبية مهمة، مشددًا على أن تعزيز الشفافية والرقابة البيئية سيكون عاملًا حاسمًا في بناء الثقة مع المستثمرين وضمان استدامة المشروعات.

وأوضح الدكتور هباش فارس أن قطاع المناجم يشكّل اليوم ركيزة أساسية في إستراتيجية التنويع الاقتصادي التي تبنّتها الجزائر خلال الأعوام الأخيرة، لافتًا إلى أن الإصلاحات القانونية والتنظيمية الأخيرة قادرة على جعل الجزائر مركزًا رائدًا في الصناعات التعدينية بالمنطقة، شريطة تنفيذ القانون بصرامة ومرافقة الاستثمار ببرامج تنموية وتكوينية تراعي البعد البيئي والاجتماعي.

ومن جهته، أكد أستاذ اقتصادات الطاقة والأمين العام للمركز الجزائري للدراسات الاقتصادية والبحث في قضايا التنمية المحلية، البروفيسور ساري نصر الدين، أن قانون المناجم الجديد في الجزائر يشكّل نقلة نوعية في المنظومة التشريعية المنظمة لقطاع التعدين.

تطوير البنية التحتية

أوضح نصر الدين -خلال تصريحاته إلى منصة الطاقة المتخصصة- أن قانون المناجم الجديد في الجزائر يعكس رؤية إستراتيجية تقوم على جذب الاستثمارات، واحترام المعايير البيئية، وضمان استدامة الموارد لصالح الأجيال القادمة.

وأضاف أن النص الجديد جاء بتعديلات جوهرية، أبرزها تيسير إجراءات منح التراخيص، وإلغاء قاعدة 51/49% التي كانت مطبّقة سابقًا، مع الإبقاء على حدّ أدنى من التمثيل الوطني لا يقلّ عن 20% حفاظًا على السيادة الاقتصادية.

كما أشار إلى أن قانون المناجم الجديد في الجزائر قد أدخل آليات للرقمنة عبر بوابة إلكترونية توفر بيانات جيولوجية دقيقة ومعلومات حول المواقع المنجمية بشفافية، بالإضافة إلى تكريس مبدأ سيادة الدولة على الثروات المعدنية، وهو ما نصّت عليه مادته الثالثة.

ولفت إلى أن مشروع قانون المناجم الجديد في الجزائر قد شهد مناقشات موسّعة داخل البرلمان نتج عنها نحو 30 تعديلًا، لضمان توازن أكبر بين متطلبات الاستثمار وحماية المصلحة الوطنية.

وشدّد البروفيسور نصر الدين على أن نجاح قانون المناجم الجديد في الجزائر يتوقف على جملة من الخطوات العملية، في مقدّمتها مواصلة تسهيل الإجراءات الإدارية، وتطوير البنية التحتية اللوجستية من طرق وموانٍ وخطوط سكك حديدية لربط المناطق المنجمية بالمراكز الصناعية ومنافذ التصدير.

كما دعا إلى الاستثمار في تكوين الكفاءات الوطنية بتخصصات الجيولوجيا والهندسة التعدينية وتقنيات المعالجة، بما يقلل من الاعتماد على الخبرات الأجنبية.أستاذ اقتصاديات الطاقة البروفيسور ساري نصرالدين

 

من جهته، أوضح أستاذ الاقتصاد بجامعة تبسة، البروفسيور عثمان عثمانية، أن قانون المناجم الجديد في الجزائر، الذي صدر في الجريدة الرسمية رقم 52 بتاريخ 7 أغسطس/آب 2025 يمثّل خطوة تنظيمية مهمة تهدف إلى ضبط نشاطات البحث واستغلال المواد المعدنية، من خلال إشراف وكالتين متخصصتين، هما وكالة المصلحة الجيولوجية للجزائر والوكالة الوطنية للنشاطات المنجمية.

تيسير الإجراءات البيروقراطية

قال عثمانية، إن الغرض الأساس من قانون المناجم الجديد في الجزائر هو تيسير الإجراءات البيروقراطية في قطاع المناجم، وتقليص هيمنة الدولة على الأنشطة المنجمية، بما يفسح المجال أمام شراكة حقيقية بين القطاعين العام والخاص.

وأضاف: "قانون المناجم الجديد في الجزائر يسمح لأول مرة بإمكان طلب رخص الاستغلال مباشرة عند اكتشاف مكمن اقتصادي، كما منح المستثمرين الأجانب فرصة تملك حصة تصل إلى 80% من المشروع بعد أن كانت لا تتجاوز 49% سابقًا".

وأكد عثمانية -خلال تصريحاته الخاصة إلى منصة الطاقة المتخصصة- أن قانون المناجم الجديد في الجزائر يعكس رهان السلطات على جذب الاستثمارات الأجنبية للاستفادة من التكنولوجيا الحديثة وتعزيز قدرات المؤسسات الوطنية التي تسير بوتيرة بطيئة.

أستاذ الاقتصاد بجامعة تبسة البروفيسور عثمان عثمانية

 

كما لفت إلى أن قانون المناجم الجديد في الجزائر من شأنه أن يبعث ديناميكية جديدة في قطاع التعدين، خاصةً أن البلاد تتمتع احتياطات مهمة من الحديد والفوسفات والزنك والذهب وغيرها، بما يسهم في خلق فرص عمل مباشرة وغير مباشرة، وتنويع الاقتصاد الوطني عبر تقليص الاعتماد على إيرادات المحروقات المتذبذبة.

وأشار عثمانية إلى أن السلطات تراهن -أيضًا- على تطوير صناعة مرتبطة بالنشاط المنجمي، مثل إنشاء مصانع لتحويل الفوسفات الخام، بما يضمن قيمة مضافة أكبر بدل الاكتفاء بتصديره في شكله الخام.

جدل واسع

يرى أستاذ القانون والإدارة المالية كديدي محمد هاني أن قانون المناجم الجديد في الجزائر يمثّل انفتاحًا واسعًا أمام المستثمرين الأجانب، لكنّه حذَّر من أن التجارب السابقة مع الشركات المتعددة الجنسيات أظهرت أنها لا تبحث إلّا عن الربح، ولا تحترم دائمًا القوانين الوطنية المتعلقة بالبيئة والموارد المائية.

أستاذ القانون والإدارة المالية الجزائري كديدي محمد هاني

 

وفي السياق ذاته، أكد خبير الطاقة الجزائري أحمد طرطار -في تصريحات إلى منصة الطاقة المتخصصة- أن قانون المناجم الجديد في الجزائر يختلف عن القوانين السابقة التي تعاقبت منذ 2001، كونه يمنح المستثمر الأجنبي 80% من المشروع، وهو ما عَدَّه تفريطًا غير مسبوق في الحقوق الوطنية.

وأشار طرطار إلى أن قانون المناجم الجديد في الجزائر قد أثار جدلاً واسعًا داخل الأوساط السياسية والمعارضة، إلّا أن الظروف الجيوسياسية الحالية قد دفعت الجهات المعنية إلى سَنّ هذا القانون الذي يمنح حقوقًا كبيرة للمستثمرين الأجانب.

خبير الطاقة الجزائري أحمد طرطار

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

 

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق