التقاريرأنسيات الطاقةتقارير الكهرباءسلايدر الرئيسيةكهرباء

هل يستمر عجز الكهرباء في الدول العربية؟ أنس الحجي يجيب

أحمد بدر

تواجه أغلب الدول العربية أزمة تتعلق بعجز الكهرباء، إذ تتراجع الإمدادات بشكل يضعها أمام تحديات اقتصادية واجتماعية متزايدة، وهي أزمة ليست محلية، بل تعدّ جزءًا من ظاهرة عالمية متنامية.

ويرى مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، أن السنوات المقبلة ستشهد نقصًا في الكهرباء حتى في الدول المتقدمة، نتيجة التحول الواسع نحو كهربة القطاعات المختلفة، بما في ذلك قطاع النقل.

ومن شأن ذلك -وفق الحجي- أن يضاعف الضغوط على الشبكات، موضحًا أن أن معاناة الدول النامية قد تكون أقل حدّة من الدول المتقدمة في بعض الجوانب، لكن عجز الكهرباء في مجتمعات اعتادت على الرفاهية سيترك آثارًا اجتماعية واقتصادية عميقة.

وحذَّر الحجي من أن نقص الاستثمارات في البنية التحتية للطاقة بالدول العربية سيجعل عجز الكهرباء مستمرًا لسنوات، رغم إمكان تخفيف الأزمة جزئيًا عبر تحسين وفرة الوقود المستعمَل في توليد الكهرباء.

جاء ذلك خلال حلقة جديدة من برنامج "أنسيات الطاقة"، قدّمها الدكتور أنس الحجي عبر مساحات منصة "إكس" (تويتر سابقًا) بعنوان "‏‏‏نمو الطلب العالمي المتزايد على الكهرباء وآثاره السياسية والاقتصادية".

عجز الكهرباء في الدول العربية

قال أنس الحجي، إن عجز الكهرباء في الدول العربية يعدّ مزمنًا، حتى في الدول الغنية بالموارد، مثل الكويت، التي شهدت انقطاعات متكررة خلال الشهور الماضية، رغم قدراتها المالية الكبيرة على شراء الوقود اللازم للتوليد.

وأضاف أن دولًا مثل العراق وسوريا ومصر وليبيا والسودان واليمن تواجه أزمات مركبة، تتراوح بين نقص الوقود، وتدمير أو تدهور البنية التحتية، ما يجعل الحلول السريعة شبه مستحيلة دون استثمارات ضخمة طويلة الأمد.

قطاع الكهرباء في مصر

ويشير أنس الحجي إلى أن البنية التحتية للكهرباء في بعض الدول العربية لم تُحدَّث منذ عقود، ومع تطور التقنيات لم تعد الشبكات الحالية قادرة على مواكبة متطلبات الأنظمة الحديثة أو استيعاب الطاقات الجديدة.

كما أوضح أن التحدي لا يقتصر على توفير الوقود، بل يمتد إلى ضعف شبكات النقل والتوزيع، ما يؤدي إلى فقدان جزء كبير من الطاقة المنتَجة قبل وصولها إلى المستهلكين، وهو ما يفاقم أزمة الإمدادات.

ويرى الحجي أن تحديث الشبكات يتطلب أموالًا هائلة، وفي ظل محدودية الاستثمارات، فإن عجز الكهرباء في الدول العربية سيظل قائمًا، مع تحسُّن جزئي فقط في بعض الدول التي تستطيع تحسين توفير مصادر الوقود.

وضرب مستشار تحرير منصة الطاقة مثالًا بلبنان، الذي كان يعاني من نقص في الوقود ممّا كان سببًا رئيسًا لانقطاع الكهرباء، موضحًا أن تحسين التوريدات يمكن أن يقلل ساعات الانقطاع، لكن لن يحلّ مشكلة الشبكة ذاتها.

وأكد أن هذا الواقع يعني استمرار التفاوت الكبير في توفّر الكهرباء بين الدول، ما سيؤدي بدوره إلى فجوات اقتصادية واجتماعية وسياسية واسعة في المنطقة.

تفاوت التطور الكهربائي بين الدول

أبرز أنس الحجي السعودية مثالًا على دولة عربية تحقق تطورًا ضخمًا في قطاع الكهرباء على المستويات كافة، لافتًا إلى تفاوت التطور الكهربائي بين الدول، وهو ما ميَّز المملكة عن معظم الدول العربية الأخرى التي لا تشهد الوتيرة نفسها من التقدم.

وأضاف أن هذا التفاوت سيؤدي إلى اختلافات حادة في الأداء الاقتصادي والإنتاج، إذ تؤثّر وفرة الكهرباء مباشرةً في إنتاج الأفراد والشركات، وفي جاذبية الدول للاستثمارات المحلية والأجنبية.

إنتاج الكهرباء في السعودية

وأشار خبير اقتصادات الطاقة إلى أن ضعف البنية التحتية في بعض الدول سيجعلها غير قادرة على استيعاب أيّ نمو اقتصادي محتمل، ما يزيد الفجوة بينها وبين الدول المتقدمة في مجال الكهرباء.

ولفت إلى أن غياب التطوير المتوازن بين الدول سيؤدي إلى نتائج سياسية واجتماعية معقّدة، من بينها زيادة معدلات الهجرة من الدول الفقيرة في الطاقة إلى الدول الغنية بالطاقة.

وتابع: "هذه الظاهرة عالمية، لكنها ستكون أكثر وضوحًا في المنطقة العربية، خاصة مع وجود فروقات كبيرة في مستوى الرفاهية المعيشية بين الدول الخليجية وبقية الدول العربية".

وقال: "حتى أبناء الأُسَر التي اعتادت الحياة في دول غنية بالكهرباء، يواجهون صعوبة في التأقلم عند زيارة بلدانهم الأصلية، بسبب ضعف الإمدادات وانقطاع الإنترنت لأوقات طويلة".

وحذّر أنس الحجي من أن هذا التباين في توفُّر الكهرباء سيعزز الفروقات الاقتصادية والاجتماعية، ويؤثّر في الاستقرار السياسي بعدد من الدول العربية خلال السنوات المقبلة.

الكهرباء والتكامل الاقتصادي العربي

شدد أنس الحجي على أن أيّ تكامل اقتصادي عربي حقيقي لن يتحقق ما لم تُقلَّص الفجوة الكبيرة في توفُّر الكهرباء بين الدول، وضمان حدّ أدنى من الإمدادات المستقرة والمستمرة.

ورأى أن هذه الفجوة تعرقل التعاون الاقتصادي، إذ يصعب توحيد الأسواق أو سلاسل الإمداد في ظل اختلافات جوهرية في البنية التحتية للطاقة، ما يُضعف فرص التكامل الصناعي والإنتاجي.

مشروعات الربط الكهربائي

وأوضح مستشار تحرير منصة الطاقة أن الفروق في مصادر الطاقة تؤدي إلى اختلافات اجتماعية واسعة، تنعكس على الاستقرار السياسي، وتغذّي القلاقل في بعض الدول التي تعاني من عجز الكهرباء بشكل حادّ.

وحذَّر من أن استمرار هذا الوضع سيؤدي إلى زيادة التفاوت في مستويات المعيشة بين الدول العربية، وإضعاف قدرتها على التنافس عالميًا في قطاعات تعتمد على الطاقة بكثافة.

ويؤكد أن عجز الكهرباء خطر، لأن الكهرباء ليست مجرد خدمة أساسية، بل عنصر إستراتيجي يؤثّر في كل أوجه النشاط الاقتصادي، من الزراعة والصناعة إلى الخدمات الرقمية والتجارة الإلكترونية.

كما أشار إلى أن ضمان استقرار الإمدادات الكهربائية يعدّ شرطًا أساسيًا لجذب الاستثمارات، سواء المحلية أو الأجنبية، ولتعزيز نمو الشركات الناشئة والاقتصاد الرقمي في المنطقة.

وأضاف: "حتى في الدول المستقرة، لو نظرنا إلى بلد مثل مصر -مثلًا- نجد أن إحدى المشكلات الأساسية هي أن الخطوط والبنية التحتية تحتاج إلى تحديث، وهذا التحديث يحتاج إلى أموال كثيرة أيضًا".

وتابع: "الإشكال أنه مع التطور التقني، حتى في حالة عدم الرغبة في إجراء تحديث، لم تعد الأسلاك والبنية التحتية مناسبة للتقنيات الجديدة، لذلك الوضع يحتاج إلى استثمارات ضخمة، وليس هناك أيّ طريقة".

واختتم الحجي تصريحاته بتأكيد أن معالجة أزمة الكهرباء تحتاج إلى خطط شاملة تتضمن تحديث الشبكات، وتحفيز الاستثمارات، وتنويع مصادر التوليد، لضمان مستقبل طاقة مستدام للدول العربية، وتجاوز عجز الكهرباء.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصدر..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق