اتفاقية المعادن النادرة بين الصين وأميركا.. انفراجة أزمة أم هدوء يسبق العاصفة؟
محمد عبد السند

- أزمة إمدادات المعادن النادرة بين الصين وأميركا مثار جدل
- وافقت الصين على استنئاف تصدير المعادن الأرضية النادرة
- الصين تهيمن على سلاسل إمدادات المعادن النادرة في العالم
- تشهد صناعة المعادن النادرة خارج الصين نموًا مزدهرًا
- أميركا وافقت على تخفيف القيود على بيع بعض المنتجات للصين
ما تزال أزمة إمدادات المعادن النادرة بين الصين وأميركا مثار جدل على الرغم من الاتفاقية المُبرَمة بين أكبر قوّتين اقتصاديتين في العالم بشأن استئناف بكين تصدير تلك العناصر الإستراتيجية.
ووافقت الصين في يونيو/حزيران الماضي على استئناف شحنات المعادن الأرضية النادرة إلى الشركات الأميركية لمدة لا تتجاوز 6 أشهر، محتفظةً لنفسها بورقة ضغط يمكن استعمالها إذا تجددت الحرب التجارية بين البلدين، وفق أحدث متابعات القطاع لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
في المقابل، وافقت الإدارة الأميركية على تخفيف بعض القيود المفروضة على بيع بعض المنتجات إلى الصين، بما في ذلك محركات الطائرات وقطع الغيار التابعة لها.
وتسيطر الصين -وهي البلد الوحيد المالك للتقنيات اللازمة لمعالجة بعض المعادن النادرة- على 92% من الإنتاج العالمي من تلك العناصر في مرحلة المعالجة.
علاج مؤقت
ربما لا يكون استئناف الصين تصدير المعادن النادرة إلى الولايات المتحدة سوى إصلاح مؤقت لسلاسل الإمدادات الغربية المتوترة، حسب منصة "إس أند بي غلوبال كوموديتي إنسايتس"، نقلًا عن شركات مناجم خلال مؤتمر كبير للصناعة في أستراليا.
وقال العضو المنتدب الرئيس التنفيذي لشركة أستراليان إستراتيجيك ماتيريالز ليمتد (Australian Strategic Materials Ltd) روينا سميث: "هذا السنة حُبلى بالأحداث"، وفق تصريحات أدلى بها على هامش حضوره منتدى ديغرز أند ديلرز ماينينغ (Diggers and Dealers Mining) في 4 أغسطس/آب.
وأوضح أن الصين تهيمن على أكثر من 90% من عمليات معالجة وتكرير المعادن الأرضية النادرة، وإنتاج السبائك والمغناطيسات، وهذا "وضع هشّ بالنسبة لسلاسل إمداداتنا".
وأضاف: "ومع ذلك، فإنه لم يكن هناك أحد يشعر بتلك الهشاشة حتى العام الحالي الذي شهد اندفاعًا نحو تأسيس سلاسل الإمدادات البديلة تلك".
وقال العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لشركة أرافورا ريث إيرث ليمتد (Arafura Rare Earths Ltd) داريل كوزوبو: "العالم الغربي يتحرك لمواجهة الوضع الهش، مدعومًا بفرض أميركا تعرفات جمركية على الصين"، في كلمته أمام منتدى "ديغرز أند ديلرز ماينينغ".
وردّت الصين على التعرفات الجمركية الأميركية بوقف تصدير المغناطيسات الدائمة إلى الولايات المتحدة وبقية دول العالم.
وعاود سميث الحديث قائلًا: "نتج عن هذا سلسلة من الأحداث لم تكن فيها الولايات المتحدة هي التي تحشد الجهود وحدها لتأمين إمدادات المعادن النادرة، بل شاركها منتجو المغناطيسات وعملاء مثل شركات تصنيع السيارات والروبوتات والصناعات الدفاعية في الاتحاد الأوروبي وكوريا الجنوبية واليابان".
كما قال كوزوبو: "الصين والولايات المتحدة عقدتا هدنةً، والصين شرعت بشكل انتقائي في تصدير المغناطيسات الأرضية النادرة مجددًا؛ ومع ذلك فإن تلك الاتفاقيات لا تدوم سوى لمدة من 3 إلى 6 شهور فقط".
وتابع: "ولذا فإن أزمة الإمدادات تلك بعيدةً كل البعد عن الحل، وما يزال الطريق أمامنا طويلًا"، حسب تصريحات رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.

آفاق نمو لم تتحقق
قال المدير العام للتطوير في شركة ليناس رير إيرث ليمتد (Lynas Rare Earths Ltd) أليكس لوغان، إن نتائج الاعتماد الخطير للسوق الصينية في السابق على سلسلة إمدادات واحدة بالنسبة لتقنيات الدفاع وإزالة الكربون، كانت ملحوظة في أثناء تفشّي جائحة كورونا وبعدها.
وأشار إلى أنه كانت هناك توقعات كبيرة بشأن نمو إمكانات مصنّعي المغناطيسات خارج اليابان والصين طوال مسيرة لوغان المهنية التي دامت 13 عامًا في مجال المعادن النادرة.
وزاد: "ومع ذلك، فإن هذا النمو لم يتحقق حتى اليوم؛ إذ إن مشروعات المعادن والمغناطيسات الجديدة ما تزال في طور التطوير في كوريا الجنوبية وفيتنام وأوروبا وكندا والولايات المتحدة".
وواصل لوغان: "تشهد صناعة المعادن الأرضية النادرة خارج الصين نموًا مزدهرًا".
وتابع: "تواتر إلى سمعنا كلام كثير في الآونة الأخيرة، وفي الشهور القليلة الماضية، رأينا هذا الكلام يتحول إلى أفعال".
تصاعد الزخم
في شهر يوليو/تموز الماضي، أبرمت وزارة الدفاع الأميركية اتفاقيةً مع شركة إم بي ماتيريالز كورب (MP Materials Corp) لبناء سلسلة إمدادات محلية للمغناطيسات الأرضية النادرة، بما في ذلك قرض بقيمة 150 مليون دولار لتوسيع عمليات منجم ماونتن باس (Mountain Pass) في ولاية كاليفورنيا.
وقال العضو المنتدب الرئيس التنفيذي لشركة أرافورا ريث إيرث ليمتد، داريل كوزوبو، إن الحكومة الأميركية قد وضعت سعرًا قدره 110 دولارات لكل كيلوغرام بالنسبة لمعدنَي النيوديميوم والبراسيوديميوم، ما يعادل تقريبًا ضعف السعر في ذاك الوقت.
وفي هذا الشأن أوضح المدير العام للتطوير في شركة ليناس رير إيرث ليمتد أليكس لوغان: "هذه المبادرات التي أطلقتها الولايات المتحدة هي أهم أفعال من نوعها تتخذها حكومات منذ أن ضخّت اليابان استثماراتٍ في شركة ليناس عام 2010".
وواصل: "وتُبرِز تلك المبادرات حقيقة مفادها أن الحكومات ومصنّعي المعدّات الأصليين يتخذون أخيرًا إجراءاتٍ واقعية لخفض التعرض إلى سلاسل الإمدادات الفردية وأسواق الاحتكار".
واستطرد: "المبادرات السياسية الأخيرة التي اتخذتها الحكومة الأميركية لإنشاء سلسلة إمدادات محلية تشكّل ملامح الصناعة، وهذا من شأنه أن يعزز الزخم القوي بتطوير الصناعة في بقية العالم".
وأشار لوغان إلى أن هذا ينعكس في الطلب المتزايد من العملاء الحاليين ومصنّعي المعدّات الأصليين، وكذلك مصنّعي المغناطيسات.
ولفت إلى أن ذلك يتجلى في مذكرة التفاهم التي أبرمتها ليناس في 24 يوليو/تموز الماضي مع شركة جيه إس لينك إنك (JS Link Inc.) الكورية الجنوبية، لبناء مصنع للمغناطيسات الدائمة داخل البلاد، الذي من المقرر أن يبدأ الإنتاج منه هذا العام.
موضوعات متعلقة..
- المعادن الأرضية النادرة.. كنوز غير مستغلة أم نار تحت الرماد؟
- بعد انهيار أسعار المعادن الأرضية النادرة.. هل تنتعش السيارات الكهربائية؟
- المعادن النادرة في 3 دول أفريقية قد تنقذ أميركا.. المغرب في المقدمة
اقرأ أيضًا..
- إنتاج أوبك+ النفطي في يوليو يرتفع 335 ألف برميل يوميًا بقيادة دولتين عربيتين
- نتائج أعمال أدنوك للإمداد والخدمات في الربع الثاني 2025 تصعد بالأرباح 14%
- تحميل 4 ناقلات بشحنات من أركتيك2.. أين يذهب الغاز المسال الروسي؟
المصدر: