طاقة التكرير العالمية تنمو 15% رغم تراجع عدد المصافي (تقرير)
الشرق الأوسط وآسيا في الصدارة خلال العقدين الماضيين
وحدة أبحاث الطاقة - مي مجدي

- إجمالي طاقة التكرير العالمية يرتفع 15% خلال العقدين الماضيين
- آسيا والشرق الأوسط يقودان نمو طاقة التكرير العالمية
- عدد المصافي عالميًا تراجع منذ ذروته في 2011
- ضخامة المشروعات الجديدة تفسّر استمرار نمو طاقة التكرير العالمية
تواصل طاقة التكرير العالمية الصعود لتلبية احتياجات السوق، رغم الانخفاض المستمر في عدد المصافي منذ بلوغ الذروة عام 2011، وسط تقادم البنية التحتية وتراجع هوامش الربح.
وكشف تقرير حديث، اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن)، أن إجمالي طاقة التكرير الأولية ارتفعت خلال العقدين الماضيين بنحو 13.5 مليون برميل يوميًا، أي ما يعادل نموًا نسبته 15%.
ويقود الشرق الأوسط وآسيا -وتحديدًا الصين والهند- موجة التوسع في طاقة التكرير العالمية، بفضل مشروعات عملاقة ترفع الكفاءة وتعزز أمن الإمدادات.
وخلال العام الماضي وحده، ارتفعت طاقة التكرير العالمية بمقدار 1.04 مليون برميل يوميًا على أساس سنوي، لتصل إلى 103.80 مليون برميل يوميًا، بحسب النشرة الإحصائية السنوية الصادرة عن منظمة أوبك.
طفرة في طاقة التكرير العالمية
أظهر التقرير الصادر عن شركة الأبحاث ريستاد إنرجي أن تشابك الضغوط البيئية المتزايدة، مع تغير أنماط الطلب الإقليمي وتنامي هواجس أمن الطاقة، يعيد رسم خريطة قطاع التكرير العالمي.
فقد نجحت الصين في مضاعفة طاقة التكرير -تقريبًا- خلال العقدين الماضيين، لتقفز من 10.6 مليون برميل يوميًا عام 2005 إلى 18.8 مليونًا في 2025، ويرجع ذلك إلى الرغبة في تلبية الطلب المحلي المتنامي وتعزيز أمن الطاقة، إلى جانب ترسيخ مكانتها كونها مصدرًا رئيسًا للمنتجات النفطية.
وخلال المدة ذاتها، رفعت الهند قدرتها من 2.9 مليون برميل يوميًا إلى نحو 5.2 مليونًا، بدعم من استهلاك محلي قوي والاستثمار في البنية التحتية، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
أمّا الشرق الأوسط، فقد عزّز موقعه العالمي بزيادة طاقة التكرير من 8 ملايين برميل يوميًا قبل عقدين إلى قرابة 13 مليونًا، مع تركيز سعودي وإماراتي على بناء مجمعات تكرير عملاقة ومعقّدة، لا تلبي الطلب المحلي فحسب، بل تخدم -أيضًا- أسواقًا دولية إستراتيجية.
في المقابل، تتراجع أوروبا والولايات المتحدة مع إغلاق المصافي القديمة والأقل كفاءة، تحت وطأة التكاليف المرتفعة وضبابية مستقبل الوقود الأحفوري.
وذكر التقرير أن هذا التحول قاد إلى موجة من "إعادة التنظيم"، حيث تُغلق المصافي الصغيرة الأقل مرونة، في حين تتوسع المنشآت الكبرى الأكثر قدرة على المنافسة، مستفيدةً من وفورات الحجم.
واليوم، تكاد تتّسم جميع المشروعات الجديدة بضخامة الحجم وجدواها الاقتصادية العالية، ما يفسّر استمرار نمو طاقة التكرير العالمية رغم الانخفاض المستمر في عدد المصافي حول العالم.
ويوضح الرسم التالي -من إعداد وحدة أبحاث الطاقة- أكثر الدول امتلاكًا لسعة التكرير خلال العام الماضي:
وبحسب تقرير توقعات النفط العالمية طويلة الأجل الصادر عن منظمة أوبك، من المرتقب أن يسجل القطاع إضافات بنحو 1.3 مليون برميل يوميًا في عام 2025، متوقعًا على المدى الطويل إضافة 19.5 مليونًا إلى قدرة تكرير النفط بحلول عام 2050.
وتستحوذ مناطق آسيا والمحيط الهادئ وأفريقيا والشرق الأوسط على نحو 86% من إجمالي إضافات طاقة التكرير العالمية حتى عام 2050.
انبعاثات قطاع التكرير
رغم استقرار كثافة الانبعاثات عبر قطاع التكرير، تكشف البيانات تفاوتًا إقليميًا حادًا في الانبعاثات المطلقة، حيث تصدرت آسيا، تلاها الشرق الأوسط، ارتفاع إجمالي انبعاثات المصافي، بسبب النمو السريع في القدرة التشغيلية وحجم الإنتاج.
وتعتمد المصافي الحديثة والمعقّدة في هاتين المنطقتين على استهلاك طاقة أكبر، لكنها تعوّض ذلك بتحقيق كفاءة كربونية أعلى لكل برميل، بفضل تقنيات متطورة وتكامل العمليات.
من جهة أخرى، أسهمت عمليات تحديث المصافي وإغلاق القديمة في استقرار -أو تراجع- الانبعاثات بأوروبا وأميركا الشمالية، لكن دون تحقيق تحسينات في كفاءة الكربون.
ويرى التقرير أنه مع تشديد السياسات المناخية ورفع توقعات خفض الانبعاثات، سيتّسع الفارق بين المصافي المتقدمة ونظيرتها المتخلفة عن الركب، وهذا سيؤثّر في تنافسية الشركات وقرارات الاستثمار المستقبلية.
ويوضح الرسم التالي -من إعداد وحدة أبحاث الطاقة- سعة تكرير النفط العالمية بين عامي 2014 و2024:
وأضاف أن هناك فرقًا واضحًا في إستراتيجيات إدارة الانبعاثات بين الشركات في أوروبا وأميركا الشمالية مقارنة بآسيا والشرق الأوسط، حيث تركّز شيفرون وتوتال إنرجي على الدمج والتحديث بدلًا من التوسع، استجابة للتغيرات التنظيمية والطلب على الوقود.
وتُخصص شيفرون نحو 1.5 مليار دولار سنويًا لترقية مواقعها القديمة، مثل باسكوغولا (Pascagoula) وباسادينا (Pasadena)، مع الحفاظ على معدل تشغيل مرتفع يبلغ 86% رغم قدم أصولها، بينما تتصدر توتال إنرجي دمج تقنيات الوقود الحيوي المتقدمة، في مسعى لبناء مستقبل منخفض الكربون، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
أمّا شركات النفط الوطنية، فتتخذ مسارًا مختلفًا في صناعة التكرير من خلال توسعات تركّز على تعزيز التكامل في قطاع التكرير والمعالجة.
وفي مقدمتها أرامكو السعودية، التي توسعت من خلال استثمارات سنوية بمليارات الدولارات، طورت عبرها مجمعات متقدمة مثل "جازان" وتأسيس تحالفات إستراتيجية مع شركات مثل "ياسرف" و"ساتورب".
ورفعت هذه التوسعات القدرة الإنتاجية، لكنها جاءت مع تكلفة بيئية مرتفعة، حيث يبلغ متوسط كثافة الانبعاثات نحو 41 كيلوغرامًا من مكافئ ثاني أكسيد الكربون للبرميل، نتيجة لمعالجة أنواع من الخام الثقيل والاعتماد على أنظمة تشغيل متطورة تستهلك طاقة أكبر.
موضوعات متعلقة..
- أوبك تتوقع ارتفاع طاقة التكرير العالمية 19 مليون برميل يوميًا بحلول 2050
- طاقة التكرير العالمية قد ترتفع 2.5 مليون برميل يوميًا.. وهذه أكبر دولة (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- خط أنابيب النفط العراقي السوري.. فرصة ذهبية رغم توقفه منذ 22 عامًا
- واردات الإمارات من الغاز المسال في 2025.. ولماذا تستورد رغم أنها مُصدّرة؟
- صادرات ليبيا من النفط تسجل أعلى مستوى في 5 أشهر
المصدر..
- طاقة التكرير العالمية، من ريستاد إنرجي
- طاقة التكرير العالمية في 2024، من أوبك
- توقعات طاقة التكرير العالمية، من أوبك