التغير المناخيتقارير التغير المناخيرئيسية

تغير المناخ يفاقم ديون الدول الأفريقية (تقرير)

محمد عبد السند

اقرأ في هذا المقال

  • تتأثر الدول الأفريقية الهشة بتغير المناخ أكثر من غيرها
  • يقترن تغير المناخ بآثار اقتصادية مدمرة بالنسبة إلى البلدان الهشة
  • العديد من دول القارة تعاني اقتصاديًا بسبب الظواهر الطبيعية

يضع تغير المناخ العديد من الدول الأفريقية داخل حلقة مفرغة تقف فيها عاجزةً عن سداد ديونها المتراكمة بفعل ظواهر الطقس المتطرفة، أو حتى محاولة إنعاش أوضاعها الاقتصادية المتردية.

وتعاني أفريقيا -لا سيما دولها الهشة- أكثر من غيرها آثار الفيضانات والعواصف وموجات الجفاف وغيرها من الظواهر الطبيعية المقترنة بالتغيرات المناخية، في الوقت الذي لم تُسهم فيه تلك الدول الضعيفة سوى بحصة ضئيلة في الكوارث المناخية.

ووفق دراسة سابقة صادرة عن صندوق النقد الدولي طالعتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، يقترن تغير المناخ بتكاليف اقتصادية طويلة الأمد تتحملها البلدان الهشة بوجه عام؛ ما يُضعف موازناتها العامة، وتضطر في نهاية المطاف إلى الاستدانة لسد أغراض الإنفاق العام.

وتلامس الخسائر التراكمية في الناتج المحلي الإجمالي للبلدان الهشة 4% بعد مرور 3 سنوات على وقوع أحداث مناخية متطرفة، مقابل نحو 1% في البلدان الأخرى، حسب الدراسة نفسها.

تراكم الديون

يكافح العديد من البلدان الأفريقية أعباء الديون المتراكمة؛ وهو ما يفاقمه تغير المناخ، وفق مقال للكاتبة والمحاضرة في مركز حقوق الإنسان بجامعة بريتوريا البحثية الجنوب أفريقية ماغالي ماسامبا.

وقالت إن أفريقيا تُسهم بأقل نسبة في الانبعاثات الكربونية العالمية، غير أنها أكثر القارات معاناةً من الطقس المتطرف ودرجات الحرارة المرتفعة، وموجات الجفاف.

وأضافت أن تلك الظواهر الطبيعية لا تؤثر فقط في أرزاق سكان القارة السمراء فحسب، بل في الإيرادات الوطنية لبلدانها كذلك؛ ما يجعل عملية سداد ديونها أصعب بكثير.

وتابعت: "مع تفاقم الكوارث المتعلقة بتغير المناخ، تواجه الدول المثقَلة بالديون شُحًا في الموارد العامة اللازمة لحماية أنظمتها الطبيعية، والاستثمار في الصحة والتعليم".

وواصلت ماسامبا: "حينما تخصص الدول أموالًا أكثر لسداد الديون مقارنةً بالصحة والمرونة المناخية، لا يختل النظام فحسب، بل يكون غير عادل أيضًا؛ وذلك هو الواقع الذي يواجه بلدانًا أفريقية كثيرة الآن".

وفي عام 2023، لامست الديون العامة في منطقة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى 1.15 تريليون دولار، مع تدفق أموال خدمة الديون إلى الدائنين في القطاع الخاص.

وتنفق بعض الحكومات حاليًا على فوائد الديون المستحقة عليها بدرجة أكبر مما تفعله على التعليم أو حتى المياه النظيفة، وفق تفاصيل تابعتها منصة الطاقة المتخصصة.

كاتبة المقال ماغالي ماسامبا
كاتبة المقال ماغالي ماسامبا - الصورة من chr.up.ac.za

أدوات الدين الحكومية.. هل هي الحل؟

استكشفت كاتبة المقال ماغالي ماسامبا الدور الذي يمكن أن تؤديه أدوات الدين الحكومية، للمساعدة في تخفيف وطأة الديون على الموازنات العامة للدول.

وأدوات الدين الحكومية هي صكوك أو أوراق مالية تصدرها الحكومة لتمويل أنشطتها المختلفة، مثل سداد الديون أو تمويل المشروعات أو حتى سد عجز الموازنة.

وقالت إن أدوات الدين الحكومية تدعمها عادةً بنوك التنمية ومانحو التمويلات المناخية، مضيفةً أنها ترتبط بصدمات محددة واجهها اقتصاد دولة ما، مثل انخفاض الناتج الاقتصادي الذي يهوي بالإيرادات الحكومية.

وأشارت إلى صدمات أخرى ربما تُعزى إلى أحداث الطقس المتطرفة وتغير المناخ؛ ما يتسبب باضطرابات في النشاط الاقتصادي وتزايد الحاجة إلى تكثيف الإنفاق لإعادة بناء البنية التحتية، من بين أمور أخرى عديدة.

وأكدت ماسامبا أن الصدمات المذكورة من الممكن أن تقوّض قدرة الحكومات على سداد ديونها.

وحينما تحدث تلك الصدمات، تتيح أدوات الدين الحكومية خفض عمليات سداد الدين أو حتى وقفها أو تعديلها مؤقتًا؛ ما يساعد البلدان على تجنّب التخلف عن السداد والتركيز على التعافي الاقتصادي، وفق ما ورد في المقال وتابعته منصة الطاقة المتخصصة.

وسردت كاتبة المقال مثالًا على استعمال أدوات الديون في رواندا، حينما استعملت حكومة البلد الأفريقي السندات المرتبطة بالاستدامة، وهي نوع من التمويلات التي تستهدف الحفاظ على البيئة.

فيضانات في أفريقيا بسبب تغير المناخ
فيضانات في أفريقيا بسبب تغير المناخ - الصورة من أفريكا آيز

نتائج بحثية

نظريًا، من الممكن أن تخفّف أدوات الدين الضغوط المالية حينما تحتاج الدول إلى ذلك؛ ما يمكن الحكومات من تقديم أولوية الناس وكوكب الأرض على الدائنين.

وقالت كاتبة المقال: "بوصفي خبيرة قانونية وسياسية متخصصة في الديون السيادية، والتمويل المناخي والحوكمة الاقتصادية العالمية، فإنني راجعت أنواعًا عديدة من أدوات الدين الحكومية، وحللت تقارير رسمية، واستعنت -كذلك- بمقالات أكاديمية ذات صلة لأرى كيف يمكن أن تساعد تلك الأدوات البلدان الأفريقية".

واستطردت: "وجدت أنه على الرغم من أن بعض البلدان قد حققت نجاحًا محدودًا باستعمال تلك الأدوات من عقود الدين، واجه البعض الآخر مشكلات؛ بما في ذلك الخلافات حول الشروط المحفزة وشروط سداد الدين والأقساط المرتفعة التي يطلبها الممولون".

كما أن التصنيف الائتماني الضعيف للعديد من البلدان الأفريقية يعني أن المقرضين مترددون في إبرام عقود الدين تلك، وفق الكاتبة.

وأكملت: "تُظهِر نتائج البحث أنه في الوقت الذي تقترن فيه أدوات الدين تلك بآفاق واعدة، فإنها لا تُعد حلًا تلقائيًا لمشكلة سداد الدين".

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصادر:
1.آثار تغير المناخ في أفريقيا في ديون دول القارة، من موقع "ذا كونفيرزيشن".
2.خسائر الناتج المحلي الإجمالي للدول الهشة جراء الظروف المناخية، من موقع صندوق النقد الدولي.

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق