
أعلنت النمسا تدشين أول سكة حديدية في العالم مصنوعة دون انبعاثات، في محطة لينز المركزية، ضمن مشروع توسعة خط سكة حديدية بين فيينا وويلز.
ووفق بيان صحفي حصلت عليه منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، أشارت السكك الحديدية الاتحادية النمساوية (ÖBB) إلى وضع سكة حديدية فريدة من نوعها عالميًا، إذ صُنِعت المادة الهيدروجينية المستعملة دون انبعاثات لثاني أكسيد الكربون.
فقد صُنعت السكة الحديدية من قِبل شركة فويستالباين للصلب (Voestalpine) من مزيج من خردة الفولاذ المعاد تدويرها والحديد المُختزل مباشرةً، بمصنع تجريبي في دونافيتز، باستعمال 100% من الهيدروجين.
وبهذا الابتكار، تهدف الشركتان النمساويتان الرائدتان إلى خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المرتبطة بالسكك الحديدية بشكل كبير على المدى الطويل؛ ما يُمثّل إنجازًا آخر على طريق النقل المحايد للمناخ.
تصنيع سكة حديدية قائمة على الهيدروجين
لأول مرة في العالم، يجري تدشين سكة حديدية مصنوعة دون انبعاثات باستعمال تقنية قائمة على الهيدروجين؛ إذ يحل الهيدروجين الأخضر محل الوقود الأحفوري في عملية الإنتاج.
وصرّح الرئيس التنفيذي لشركة فويستالباين، هربرت إيبنشتاينر، قائلًا: "في فويستالباين، نجحنا في إطلاق عملية انتقالنا إلى إنتاج الصلب الأخضر، ونتقدم بسرعة في بناء فرنين للقوس الكهربائي يعملان بالطاقة الخضراء في لينز ودونافيتز".
وأضاف: "في الوقت نفسه، نُجري أبحاثًا حول مختلف التقنيات الرائدة بالتعاون مع شركاء الصناعة والعلوم"، واصفًا إنتاج أول سكة حديدية مصنوعة دون انبعاثات بالاعتماد على الهيدروجين في موقع دونافيتز بـ"الإنجاز التاريخي".
كما تُسهم السكة الحديدية المحايدة مناخيًا إسهامًا رئيسًا في الاقتصاد الدائري، إذ إنها مصنوعة بالكامل من مواد مُعاد تدويرها، بحسب ما أكدته السكك الحديدية النمساوية في بيانها.

ووُضعت السكة الحديدية جزءًا من أعمال البناء عند المخرج الغربي لمحطة لينز المركزية، وهو جزء رئيس من التوسعة المستمرة ذات المسارات الأربعة للخط الغربي بين فيينا وويلز.
ومن غير الواضح ما إذا كان مشروع توسعة السكك الحديدية النمساوية سيستعمل مسارات فولاذية مصنوعة بالهيدروجين من فويستالبين أكثر من تلك التي وُضعت في الخط الأول.
ورغم ذلك، أكدت السكك الحديدية الاتحادية النمساوية أن الفولاذ الأنظف يُمكن أن يؤدي دورًا مهمًا في توسيع خيارات النقل الأكثر استدامة.
تكلفة السكك الحديدية والإعانات في النمسا
بينما لم يُكشف عن التكاليف المحددة لهذه السكة الحديدية المصنوعة بالهيدروجين؛ فإن عملية الإنتاج جزء من مشروع بحثي؛ ما يشير إلى ارتفاع التكاليف الأولية بسبب عمليات التشغيل التجريبي واستثمارات البحث والتطوير.
فيما يتعلق بالاقتصاديات الأوسع للصلب القائم على الهيدروجين، تشير الدراسات إلى "علاوة خضراء" للصلب المُنتَج عبر عمليات الحديد المُختزل المباشر باستعمال الهيدروجين (H2-DRI).
وتتراوح تكلفة الهيدروجين الأخضر بين 6 و8 يورو (7.95 و9.27 دولارًا) للكيلوغرام في أوروبا، مقارنةً بـ1-2 يورو (1.16 و2.32 دولارًا) للكيلوغرام للهيدروجين القائم على الوقود الأحفوري، ما يؤثر في تكاليف التشغيل.
(اليورو = 1.16 دولارًا أميركيًا)
في النمسا، يُمكن أن يُخفّض الوصول إلى الطاقة المُتجددة التكاليف، لكن أسعار الكهرباء المرتفعة لا تزال تُشكّل تحديًا.
على سبيل المثال، قدّرت دراسة نرويجية حول الصلب القائم على الهيدروجين تكاليف الإنتاج بما يتراوح بين 622 و722 دولارًا للطن، وتُشكّل تكاليف الكهرباء العقبة الأكبر، بحسب الأرقام التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
كما لا يوجد ذكر مباشر في المعلومات المتاحة للدعم الحكومي المحدد المرتبط حصريًا بهذا المشروع؛ إلا أن "فويستالبين" تلقت تمويلًا حكوميًا كبيرًا لمبادراتها الأوسع نطاقًا في مجال الفولاذ الأخضر والهيدروجين، والتي من المرجح أنها دعمت تطوير هذه السكك الحديدية الجديدة.
وقدّم بنك الاستثمار الأوروبي (EIB) قرضًا بقيمة 300 مليون يورو (347.5 مليون دولار) لشركة فويستالبين في يوليو/تموز 2024 لبرنامج البحث والتطوير (R&D) الخاص بها من عام 2024 إلى عام 2028، مع التركيز على إنتاج فولاذ أكثر مراعاة للبيئة، بما في ذلك مبادرة الصلب الأخضر (greentec steel).
بالإضافة إلى ذلك، تُعدّ شركة فويستالبين جزءًا من مشروع إتش 2 فيوتشر (H2FUTURE)، وهو مبادرة ممولة من الاتحاد الأوروبي أُطلقت عام 2017 لبحث إنتاج الهيدروجين الأخضر للاستعمال الصناعي، وخاصةً في صناعة الصلب.
وقد حصل المشروع، الذي يشمل مصنع هايفور (HYFOR) التجريبي المُستعمل لإنتاج الحديد المختزل بالهيدروجين للسكك الحديدية، على 18 مليون يورو (20.85 مليون دولار) من تمويل الاتحاد الأوروبي من خلال المشروع المشترك لخلايا الوقود والهيدروجين (FCH JU).
وقد أُنتجت السكك الحديدية المصنوعة بالهيدروجين عبر مصنع هايفور التجريبي، ما يُشير إلى أن هذا التمويل من الاتحاد الأوروبي قد دعم مشروع السكك الحديدية بشكل غير مباشر من خلال تمكين تطوير تكنولوجيا الهيدروجين اللازمة، وفق المعلومات التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
اختزال خام الحديد باستعمال الهيدروجين
تُستعمل تقنية اختزال خام الحديد باستعمال الهيدروجين (HYFOR) -التي طوّرتها شركة برايمتالز (Primetals)- الهيدروجين لمعالجة "الجسيمات الدقيقة" من خام الحديد -وهي جزيئات صغيرة كانت تتطلب عادةً دمجها معًا لتكوين قطع أكبر-، وتحويلها إلى حديد مختزل مباشرةً، الذي يُمكن صهره باستعمال فرن قوس كهربائي وتحويله إلى فولاذ.
ويعمل المصنع التجريبي لاختزال خام الحديد باستعمال الهيدروجين منذ عام 2021، إذ يُوفَّر الهيدروجين من قِبل مورّد غاز، وفقًا لبيان صحفي صادر عن برايمتالز في ذلك الوقت.
ووفق التفاصيل التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة، تخطط شركة فويستالبين لاستثمار 1.5 مليار يورو (1.73 مليار دولار) من أجل توفير فرنين يعملان بتقنية القوس الكهربائي بدلًا أفران الصهر، في كل من مواقعها في لينز ودونافيتز، بحلول عام 2027.
ومع ذلك، ليس من الواضح كمية الحديد المختزل المباشر القائم على الهيدروجين التي ستُستعمل في أفران القوس الكهربائي هذه بمجرد تشغيلها.

مشروعات الحديد المختزل المباشر
في أبريل/نيسان 2025، وقّعت فويستالبين اتفاقية تعاون مع برايمتالز وميتسوبيشي (Mitsubishi) وريو تينتو (Rio Tinto) لتطوير نموذج أولي يجمع بين تقنية الحديد المختزل المباشر باستعمال الهيدروجين ومصهر لعملية إنتاج مستمرة في لينز بحلول منتصف عام 2027.
ولكن، سيُنتج هذا النموذج نحو 3 أطنان فقط من المعدن الساخن في الساعة (أو نحو 26 ألفًا و280 طنًا بافتراض التشغيل على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع)، بحسب ما نقلته منصة "هيدروجين إنسايت" (Hydrogen Insight).
بالإضافة إلى ذلك، لم تُفصّل فويستالبين كيفية توفير الهيدروجين لمصنع الحديد المختزل المباشر المُوسّع القائم على الهيدروجين في النمسا.
في غضون ذلك، تمتلك الشركة النمساوية 20% من مصنع حديد الاختزال المباشر الذي يعمل بالغاز الطبيعي في تكساس، والذي تملك شركة أرسيلور ميتال (ArcelorMittal) النسبة المتبقية منه منذ عام 2022.
ووفقًا لموقعها الإلكتروني، وقّعت شركة فويستالبين اتفاقية توريد طويلة الأجل لـ420 ألف طن سنويًا من الحديد المصبوب الساخن المُصنّع في موقع تكساس.
موضوعات متعلقة..
- تشغيل أول محطة طاقة شمسية على خط سكة حديد في العالم (صور)
- مزرعة طاقة شمسية بين قضبان السكك الحديدية.. تجربة فريدة
- صناعة الهيدروجين الأوروبية بنهاية النصف الأول 2025.. انتكاسات جديدة
اقرأ أيضًا..
- أكثر الدول استهلاكًا للنفط في عام 2024.. دولة عربية بقائمة الـ10 الكبار
- قطاع النفط والغاز في مصر.. إمكانات ضخمة ومستقبل واعد (مقال)
- صفقة استحواذ في قطاع الطاقة تقترب من 14 مليار دولار.. وسهم الشركة يقفز 16%
- الطلب على الكهرباء عالميًا يواصل النمو المتسارع حتى 2026.. وهذه توقعات المناطق
المصادر:
- إطلاق أول سكة حديدية في العالم تعمل بالهيدروجين، من موقع السكك الحديدية النمساوية
- معلومات إضافية عن تقنية اختزال خام الحديد باستعمال الهيدروجين، من منصة "هيدروجين إنسايت"