
يقترب حقل غاز مشترك بين هولندا وألمانيا من انطلاق قطار التطوير، إذ تُشير الخطوات الأخيرة إلى مواصلة استعدادات اتخاذ قرار الاستثمار النهائي وبدء الإنتاج.
ومنح مجلس الوزراء الألماني "الكابينت"، الأربعاء (2 يوليو/تموز 2025)، دعمه لمشروع حقل "إن 05 إيه N05-A"، خاصة أن أكبر الاقتصادات الأوروبية تسعى لتأمين مواردها بشكل مستقل ومتنوع، بعد انقطاع الغاز الروسي.
وسبق أن تعطّل المشروع المشترك لتحديات بيئية، لكن يبدو أن تداعيات العقوبات ضد روسيا على الطلب الألماني آخذة بالتفاقم منذ اندلاع حرب أوكرانيا، في فبراير/شباط 2022.
وتسلك برلين أكثر من مسار لتعويض إمدادات الغاز الروسي، منها: مساعي زيادة الإنتاج المحلي، وتنويع مصادر الطاقة بالتوسع التدريجي في الطاقة المتجددة والنظيفة.
حقل غاز مشترك بين ألمانيا وهولندا
يعدّ "إن 05 إيه" حقل غاز مشتركَا بين ألمانيا وهولندا، إذ يقع في بحر الشمال بالمياه الإقليمية للبلدين، ويستهدف تطوير المشروع بدء استخراج الغاز من مكمن حدودي، بحسب ما نشرته رويترز.
ويتضمن الاتفاق مع الجانب الهولندي جوانب عدّة أقرّها الكابينت الألماني اليوم، وأعلنتها وزارة الاقتصاد، من بينها:
- تقييم الاحتياطيات.
- تقسيم الحصص.
- تحديد إطار عام للضرائب والامتيازات والعائدات.
- تحديد شكل التعاون بين سلطات البلدين.

ومن المتوقع أن تشهد الآونة المقبلة إسناد قرارات موافقات الإنتاج وغيرها إلى ولاية ساكسونيا السفلى، التي تستضيف الجانب الألماني من الحقل.
وفي الوقت ذاته، أوضحت وزارة الاقتصاد الألمانية أن الاتفاق المشترك مع هولندا لا يعدّ إيذانًا ببدء الإنتاج، خاصة أن هناك سلسلة من الموافقات والتصاريح يحتاج المشروع إلى الحصول عليها.
ولم تحدد الوزارة النطاق الزمني الذي تستغرقه الموافقات الألمانية الكاملة على التطوير المشترك لحقل الغاز، لكن الجانب الهولندي يبدو أنه أنجز هذه الخطوات كاملة، خاصة الجوانب القانونية.
وتُقدَّر الموارد القابلة للاستخراج من الحقل بما يتراوح بين 4.5 و13 مليار متر مكعب، وفقًا لتقديرات شركة "ون داياس" الهولندية التي تقود المشروع.
تحديات المشروع والإنتاج الألماني
يواجه مشروع تطوير الحقل المشترك تحديات خاصة من الجانب الألماني، إذ سبق أن تعطّل أمام الحكومة السابقة بقيادة حزب الخضر، وشنّت مجموعات بيئية مواجهات قانونية ضدّه.
واستندوا في رفضهم إلى موقع الحقل، حيث يقع على "بحر وادن" جنوب شرق بحر الشمال الأوروبي، والمُدرج منذ عام 2009 ضمن مواقع التراث العالمي على لائحة منظمة اليونسكو.
بدوره، اتّهم مسؤول مجموعة "دي يو إتش" البيئية "ساشا مولر كراينر" الحكومة الألمانية بالتنازل عن منطقة "بحر وادن" لصالح صناعات الوقود الأحفوري، رغم التداعيات المتوقعة على التنوع البيولوجي في بحر الشمال.
ورغم هذه الاعتراضات، فإن خيارات ألمانيا لتأمين الموارد وتلبية الطلب باتت محدودة، بعد الاستغناء عن الغاز الروسي.
وتعادل موارد الحقل المشترك مع هولندا (المقدّرة بما بين 4.5 و13 مليار متر مكعب) ما يتراوح بين 6 و16% من إجمالي الاستهلاك الألماني للغاز، والمقدّر العام الماضي 2024 بنحو 80 مليار متر مكعب.
ويسجل الإنتاج المحلي للغاز في ألمانيا تراجعًا منذ عقود، ولم يعد كافيًا لتلبية سوى 5.5% من الطلب السنوي، بناءً على معدلات الإنتاج لعام 2022، البالغة 4.8 مليار متر مكعب.
واتجهت ألمانيا للبحث عن بدائل أخرى لتقليص الاعتماد على الموارد الروسية، لكن وقعت برلين في مأزق بين محاولات زيادة التنقيب عن الغاز واستخراجه محليًا من جهة، والمطالبات البيئية والاندفاع باتجاه مسارات تحول الطاقة والتقنيات النظيفة من جهة أخرى.

حقل إن 05-إيه
اكتُشف حقل إن 05-إيه للمرة الأولى عام 2017، بعد حفر بئر استكشافية تحمل اسم (إن 05-01) على يد شركة "ون داياس" الهولندية التي تتولى تشغيل المشروع.
ويضم الحقل منصة تحمل الاسم ذاته، وتستقر على مسافة 20 كيلومترًا من بعض جزر بحر الشمال، مثل بوركوم.
وكانت الشركة وشركاء التطوير يستهدفون بدء إنتاج الغاز من الحقل العام الماضي، وفق سياسات الحقول الصغيرة التي تنتهجها هولندا، لكن نظرًا لاستقرار المنصة على مسافة 1.5 كيلومترًا من المياه الإقليمية الألمانية، رجّحت الشركات التطوير المشترك.
وتقع منصة الحقل على عمق مائي 25 مترًا، لكن الاحتياطيات تستقر على عمق 4 كيلومترات من سطح تكوين الحجر الرملي، حسب معلومات نشرها موقع إن إس إنرجي.
وبدأت مناقشات التطوير المشترك منذ عام 2018، وأيّدت لجنة تقييم الأثر البيئي جدوى المشروع قبل اندلاع الحرب الأوكرانية بأيام قليلة (في 18 فبراير/شباط 2022)، وأوصت بنقل منصة الحفر والإنتاج عبر إزاحتها 850 مترًا جنوبًا.
ومنحت وزارة الاقتصاد والمناخ الهولندية موافقاتها وتصاريح تطوير الحقل في 3 يونيو/حزيران من العام ذاته، ما دفع شركة "ون داياس" لإعلان قرار الاستثمار النهائي في سبتمبر/أيلول.
ويتغذى المشروع على كهرباء مولدة من مزرعة رياح بحرية بقدرة 113.4 ميغاواط، شمال غرب جزيرة بوركوم في ألمانيا، وهي مزرعة تضم 30 توربينًا من إنتاج شركة سيمنز.
وقدّرت الشركة العمر الإنتاجي للمشروع بما يتراوح بين 10 و35 عامًا، وخططت لنقل إمدادات الغاز عبر خطوط أنابيب إلى مرافق.
موضوعات متعلقة..
- إمدادات الغاز في ألمانيا آمنة.. ما دور روسيا؟ (تقرير)
- الغاز المسال في ألمانيا على شفا أزمة محتملة
- الغاز الروسي إلى أوروبا.. هل تتشبع أسواق القارة العجوز وتنخفض الأسعار؟ (مقال)
اقرأ أيضًا..
- أنس الحجي: رغبة ترمب في خفض أسعار النفط كارثة لدول الخليج وأميركا
- أمين عام أوبك: إنتاج النفط العالمي يهبط لأول مرة منذ 4 سنوات.. وهذا حجم الصادرات
- مخزونات النفط الأميركية ترتفع 3.8 مليون برميل خلافًا للتوقعات
المصادر..
- دعم الحكومة الألمانية لتطوير حقل غاز مشترك مع هولندا، من رويترز
- معلومات عن حقل غاز "إن 05-إيه"، من إن إس إنرجي