التنقيب عن النفط والغاز في ليبيا يترقب عودة شركتين عالميتين بعد غياب 18 عامًا
سامر أبووردة

يترقب التنقيب عن النفط والغاز في ليبيا دفعة نوعية جديدة، مع دخول شركتين عالميتين كبيرتين في سباق للفوز بأول مناقصة نفطية تُطرح في البلاد منذ عام 2007.
ويمثّل ذلك مؤشرًا على استعادة تدريجية للثقة الدولية بقطاع الطاقة الليبي، رغم ما تشهده البلاد من انقسامات داخلية وظروف سياسية واقتصادية مضطربة.
ووفق تقارير طالعتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، أعلنت مؤسسة النفط الليبية أن شركة شيفرون الأميركية، وتوتال إنرجي الفرنسية تتنافسان ضمن 37 شركة أبدت اهتمامها بجولة التراخيص الجديدة، التي تشمل 22 منطقة استكشاف بحرية وبرية.
وقال رئيس مؤسسة النفط، مسعود سليمان، إن الجولة تُعدّ الأولى منذ أكثر من 17 عامًا، ومن المتوقع توقيع العقود مع الفائزين بحلول نهاية العام الجاري 2025.
ولا تقتصر الشركات المهتمة على توتال وشيفرون، بل تشمل أيضًا "إيني" الإيطالية و"إكسون موبيل" الأميركية، في خطوة تشير إلى أن ليبيا، التي تمتلك أكبر احتياطيات نفطية مؤكدة في أفريقيا، بدأت تجتذب مجددًا الاستثمارات الدولية الكبرى، بعد أكثر من عقد من التوقف.
وتمثّل العودة المحتملة لهذه الشركات نقطة تحوّل محورية في ملف التنقيب عن النفط والغاز في ليبيا، إذ يُستهدف رفع إنتاج البلاد إلى مليوني برميل يوميًا بحلول 2030، مقارنة بنحو 1.4 مليون برميل يوميًا حاليًا، وهو ما يقل عن الذروة التي سُجّلت عام 2006 في عهد معمر القذافي، عندما بلغ الإنتاج 1.75 مليون برميل يوميًا.
جولة التراخيص الجديدة
تعكس جولة التراخيص الجديدة مساعي مؤسسة النفط لاستكشاف مكامن جديدة غير مستغلة، لا سيما في المياه العميقة والمناطق الحدودية، مع اعتماد تقنيات حديثة تشمل الاستخلاص المعزز داخل الحقول الناضجة، وتطوير الحقول الصغيرة والهامشية.
وتشمل المناطق المطروحة 22 موقعًا، بمساحة إجمالية تتجاوز 234 ألف كيلومتر مربع، موزعة على:
- 128,714 كيلومترًا مربعًا في مناطق بحرية (تشمل صبراتة، سرت، برقة).
- 106,553 كيلومترًا مربعًا في مناطق برية (غدامس، مرزق، سرت، برقة).
ويبلغ إجمالي الموارد المتوقعة أكثر من 10 مليارات برميل نفط مكافئ، بينما تشير البيانات الرسمية إلى اكتشافات مؤكدة في 9 مناطق، بإجمالي احتياطيات تُقدَّر بـ1.63 مليار برميل نفط مكافئ.
من بين هذه الاكتشافات، يبرز مربع "أوه 13" في حوض صبراتة البحري، باحتياطي يُقدّر بنحو 730 مليون برميل، ويعدّ الأضخم على الإطلاق في الجولة الحالية.
كما يضم حوض مرزق البري 6 اكتشافات، باحتياطيات تبلغ 181 مليون برميل.
استئناف التنقيب عن النفط والغاز في ليبيا
في يناير/كانون الثاني الماضي، عادت شركة "ريبسول" الإسبانية للعمل في حوض مرزق، بعد غياب دام 10 سنوات، لتنضم إلى شركات أخرى مثل "إيني" و"بي بي" و"أو إم في" النمساوية، التي استأنفت عملياتها في ليبيا خلال عام 2024، منهيةً توقفًا امتدّ منذ عام 2014.
ويُنظر إلى هذا التوجّه بوصفه مؤشرًا على أن البلاد بدأت تستعيد جاذبيتها الاستثمارية.
وفي إطار موازٍ، تسعى مؤسسة النفط للحصول على موافقة حكومية على ميزانية تطوير بقيمة 3 مليارات دولار، لرفع الإنتاج إلى 1.6 مليون برميل يوميًا خلال عام.
ومن المقرر توجيه جزء من هذه الميزانية إلى تطوير شركات ليبية مثل "أكاكوس" المشغّلة لحقل الشرارة -أكبر حقل في البلاد- بالشراكة مع توتال وريبسول وشركات أوروبية أخرى.
وتطمح شركة "الواحة للنفط" إلى رفع إنتاجها من 300 ألف إلى 800 ألف برميل يوميًا، من خلال مشروعات توسعية، أبرزها تطوير حقل شمال جالو، الذي يُتوقع أن يُضيف 100 ألف برميل يوميًا بمفرده.

تحديات تواجه قطاع النفط
رغم المؤشرات الإيجابية، ما تزال ليبيا تواجه تحديات مزمنة، إذ تعاني من ضعف في طاقتها التكريرية، وتضطر لاستيراد كميات كبيرة من الوقود.
كما ألقى وقف نظام مبادلة النفط الخام بشحنات وقو، ووجود متأخرات مالية تُقدَّر بمليار دولار بظلاله على أداء مؤسسة الوطنية، وأثار أزمات متكررة في توافر الوقود محليًا.
ومع ذلك، تراهن الحكومة الليبية على نجاح هذه الجولة في جذب استثمارات جديدة تمهّد لمرحلة استقرار إنتاجي.
وتُعدّ الجولة خطوة أولى نحو تحقيق طموحات أوسع لرفع الإنتاج إلى 3 ملايين برميل يوميًا خلال السنوات المقبلة، مع تبنّي إستراتيجيات مزدوجة تُوازن بين استغلال الموارد التقليدية وتطوير الطاقة المتجددة.
وتشكّل الجولة الحالية نقطة انطلاق جديدة في مسار التنقيب عن النفط في ليبيا، مدعومة بعودة كبرى الشركات العالمية، وتوجّه وطني لتعزيز الإنتاج، وتحسين البنية التحتية، واستغلال الثروات الطبيعية غير المستثمرة حتى الآن.
موضوعات متعلقة..
- تفاصيل جولة تراخيص التنقيب عن النفط والغاز في ليبيا.. موارد بـ10 مليارات برميل
- جولة تراخيص التنقيب عن النفط والغاز في ليبيا.. خريطة المناطق والاحتياطيات المكتشفة
- التنقيب عن النفط والغاز في ليبيا يترقب جولة تراخيص قبل نهاية 2024
اقرأ أيضًا..
- صفقة لتنفيذ محطة رياح جديدة في السعودية بقدرة 700 ميغاواط
- أول قارب يعمل بالأمونيا في العالم ينجز رحلته (فيديو وصور)
- أقدم مزارع الرياح البحرية في الدنمارك تحصل على مدد تشغيل إضافية
- إمدادات الغاز في ألمانيا "آمنة".. ما دور روسيا؟ (تقرير)
المصدر: