التغير المناخيالتقاريرتقارير التغير المناخيتقارير الطاقة النوويةرئيسيةطاقة نووية

الطاقة النووية.. حل مناخي ضائع بين صناع القرار وثقة الجمهور (تقرير)

نوار صبح

تتعارض إمكانات الطاقة النووية بصفتها أحد الحلول المطروحة لأزمة تغير المناخ، مع قصر النظر السياسي الذي يهيمن على بعض دوائر صنع القرار.

ووفق معلومات اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، يأتي ذلك بعد أن تجاوزت درجات الحرارة العالمية 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية، ومع ذلك، تواصل انبعاثات الكربون ارتفاعها بمعدل 1.1% سنويًا، متحديةً بذلك تعهدات تحقيق الحياد الكربوني.

في ظل هذه الخلفية، تواجه الطاقة النووية -المسؤولة عن 10% من الكهرباء العالمية و25% من الطاقة منخفضة الكربون- مفارقة: إذ تصطدم إمكاناتها بتشكك الرأي العام.

من ناحيته، يُحلل الخبير المخضرم في مجال الأبحاث النووية منذ 60 عامًا، الدكتور أليستير ميلر، هذه التحديات بعقلانية وواقعية.

تكلفة قصر النظر في سياسات الطاقة

ينتقد الخبير المخضرم في مجال الأبحاث النووية، الدكتور أليستير ميلر، قصر النظر المؤسسي بحدّة: "لم يكن التردد في معالجة مشكلات البشرية المصيرية أسوأ من أيّ وقت مضى".

وعلى الرغم من أن المفاعلات العاملة باليورانيوم تهيمن على المشهد النووي، حاليُا، حيث توفر 60% من كهرباء مقاطعة أونتاريو بسعر 0.076 دولار/كيلوواط/ساعة، وهو من بين أدنى الأسعار في أميركا الشمالية، فإن التركيز على الحلول "الرخيصة والرديئة" يُهمل الاستدامة طويلة الأجل.

على سبيل المثال، تستعمل مفاعلات "كاندو" CANDU الكندية اليورانيوم غير المخصب والماء الثقيل، لكن دورات تجديدها التي تمتد لـ30 عامًا تتطلب استثمارًا مقدمًا، ما يُمثّل عقبة أمام صانعي السياسات الذين يُعطون الأولوية للتكاليف الفورية.

عمال البناء في مشروع دارلينغتون النووي الجديد بمقاطعة أونتاريو الكندية
عمّال البناء في مشروع دارلينغتون النووي الجديد بمقاطعة أونتاريو الكندية – الصورة من راديو كندا

ويمتد قصر النظر هذا إلى إدارة النفايات، حيث ما تزال المستودعات الجيولوجية العميقة -التي أثبتت التجارب الكندية التي استمرت لعقد من الزمان- متوقفة بسبب الجمود السياسي.

وفي الوقت نفسه، هناك 90 ألف طن متري من الوقود المستهلك مخزّنة مؤقتًا على مستوى العالم، ومن المتوقع أن يتضاعف هذا الرقم بحلول عام 2040.

المفاعلات النووية الصغيرة: الوعود مقابل التطبيق العملي

تُجسّد المفاعلات النووية الصغيرة إمكانات الطاقة النووية ومخاطرها، حسب تقرير طالعته منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).

ويمكن لتصاميم مثل مفاعل "الموجة المتنقلة" من شركة "تيرا باور" Terrapower، الذي يعمل لمدة 20 عامًا دون إعادة التزود بالوقود، إزالة الكربون من المناطق النائية التي تعتمد على الديزل (بتكلفة تتراوح بين 0.30 و0.60 دولارًا أميركيًا/كيلوواط/ساعة في القطب الشمالي الكندي).

من ناحية ثانية، تُعاني هذه الصناعة من تجاوزات التكاليف، فقد انهار مشروع "نوسكيل" NuScale في ولاية يوتا بعد أن تضخمت الأسعار إلى 89 دولارًا أميركيًا/ميغاواط/ساعة، وهو سعر أعلى بكثير من أسعار مصادر الطاقة المتجددة.

ويُقرّ الخبير المخضرم في مجال الأبحاث النووية، الدكتور أليستير ميلر، بجدوى المفاعلات النووية الصغيرة المعيارية في قطاع مُحدد، لكنه يُحذّر من عَدِّها حلًا سحريًا: "معظم التصاميم لن تكون عملية".

حاويات النفايات النووية
حاويات النفايات النووية – الصورة من الجمعية النووية الكندية

التآزر بدلًا من المنافسة: الطاقة النووية والطاقة المتجددة

يُخفي التناقض الزائف بين الطاقة النووية والطاقة المتجددة أدوارهما التكاملية.

ويُظهر نموذج ميلر الرائد "نيو ويند" كيف يُمكن للحمل الأساس النووي في أونتاريو، إلى جانب إنتاج الهيدروجين خارج ساعات الذروة، أن يُدمج 20% من طاقة الرياح مع خفض تكاليف النظام.

ويُشير إلى أن الهيدروجين يؤدي دورًا محوريًا للقطاعات التي يصعب كهربتها، فقد خفضت قاطرات السكك الحديدية الكندية الهادئة العاملة بالهيدروجين الانبعاثات بنسبة 30% مقارنةً بالديزل.

من جهة ثانية، ما يزال تقطُّع الطاقة المتجددة يُشكّل عائقًا هيكليًا، حيث تُولّد الرياح كهرباء أكثر بمرتين ونصف في شتاء أونتاريو مُقارنةً بصيفها، وهي فجوة لا يُمكن للبطاريات وحدها سدّها.

ويُوفر مُعامل القدرة النووية البالغ 93% استقرارًا للشبكة مع ارتفاع الطلب، وتتوقع أونتاريو زيادةً بنسبة 60% بحلول عام 2050.

محطة بيكرينغ للطاقة النووية بالقرب من مدينة تورنتو في كندا
محطة بيكرينغ للطاقة النووية بالقرب من مدينة تورنتو في كندا – الصورة من رويترز

نقص ثقة الجمهور

ما يزال الخوف العام قائمًا، متجذرًا في نماذج مخاطر الإشعاع القديمة، وما تزال فرضية "اللا عتبة الخطية"، التي تفترض أن أيّ تعرُّض للإشعاع ضارّ، راسخة رغم تزايد الأدلة على عيوبها.

ويفوق الإشعاع الطبيعي الخلفي (2.4 مللي سيفرت/سنويًا) جرعات المحطات النووية (0.01 مللي سيفرت/سنويًا)، ومع ذلك، ما يزال 62% من الكنديين يربطون المفاعلات بالخطر.

ويعزو الخبير المخضرم في مجال الأبحاث النووية، الدكتور أليستير ميلر، ذلك إلى عقود من ضعف التواصل: "لقد سمحنا لمنظمات مثل "السلام الأخضر" (غرينبيس) بتصوير الإشعاع على أنه غير مؤكد، بدلًا من أن يكون مفهومًا".

تجدر الإشارة إلى أن مفاعلات الجيل الرابع، القادرة على إعادة تدوير الوقود المستهلك، تواجه عقبات اقتصادية لا تقنية.

وما تزال إعادة المعالجة مكلفة (2000 دولار للكيلوغرام مقابل 130 دولارًا للكيلوغرام لليورانيوم الطازج)، لكن دورات الوقود المغلقة يمكن أن تقلل من حجم النفايات بنسبة 90%.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصدر..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق