احتياطيات الفوسفات في سوريا.. خطة لإنتاج 10 ملايين طن بحلول 2027
سامر أبووردة

تمثّل احتياطيات الفوسفات في سوريا إحدى الثروات الطبيعية الأهم التي عادت إلى الواجهة بعد سنوات من التراجع، بسبب النزاعات والعقوبات الاقتصادية.
وضمن رؤية تطوير قطاع الثروات المعدنية، أعادت الحكومة السورية الجديدة التركيز على الفوسفات بوصفه موردًا إستراتيجيًا يُعوّل عليه في دعم الاقتصاد، إذ أطلقت مؤخرًا مناقصات ومزايدات لتحسين الجودة وزيادة الإنتاج، مع خطط واضحة للانتقال إلى التصدير المنتظم.
ووفقًا لتقارير طالعتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، يكتسب قطاع الفوسفات في سوريا بعدًا اقتصاديًا خاصًا، لما يتمتع به من احتياطيات كبيرة تجاوزت 1.8 مليار طن، بالإضافة إلى جودة الخام العالية، وسهولة الاستخراج والمعالجة.
لكن ثمة تحديات تواجه القطاع، من أبرزها نقص المعدّات واليد العاملة، فضلًا عن التحديات اللوجستية المرتبطة بالعقوبات، ومع ذلك، تستمر الجهود الرامية لإعادة تأهيل البنى التحتية وتحديث معايير الإنتاج، وسط مؤشرات واضحة إلى انتعاش تدريجي في مستويات التصدير، ما يعكس بداية تحول بمستقبل الصناعة الاستخراجية في البلاد.
إنتاج الفوسفات في سوريا
تبدأ دورة إنتاج الفوسفات في سوريا من منجم خنيفيس شرق حمص، إذ يُستخرج الخام بتركيز أولي يبلغ نحو 26%، ثم يُنقل إلى محطة الاستقبال ضمن وحدة التركيز في مصنع الغسيل، إذ تبدأ المرحلة الأولى من مراحل المعالجة بتفتيت وتكسير الفوسفات لتحديد حجم الحبيبات.
يُنقل الفوسفات ذو الحبيبات الأصغر من 50 ميليمترًا إلى مستودع التخزين الرطب، بسعة تخزينية تصل إلى 30 ألف طن، قبل توجيهه إلى مرحلة الغسيل.
وقال معاون مدير مناجم الشرقية، الجيولوجي فادي المرابع: "يبدأ الغسيل بعد نقل الفوسفات من وحدة التركيز عبر سيور ناقلة إلى مستودعات الرطب، ومن هناك يُسحب إلى حوض الغسيل الموجود داخل المعمل، إذ يُخلط الفوسفات بالماء بنسبة تقارب 1:1، ثم يُغسل جيدًا، ويُرسل إلى غرابيل لفصل الشوائب التي تؤثّر سلبًا في جودة الفوسفات".
وأضاف المرابع، أن معمل غسيل مناجم الشرقية يتكوّن من 4 وحدات رئيسة هي: وحدة التركيز، ووحدة الغسيل، ووحدة التجفيف، ووحدة التحميل.

بعد الغسيل، يُنقل الفوسفات إلى وحدة التجفيف، إذ يُعالَج في أفران مخصصة تصل طاقتها الإنتاجية إلى 185 طنًا/ساعة، لتخفيض نسبة الرطوبة إلى 1% أو أقل، وفقًا للمعايير الدولية المعتمدة للتصدير.
بعد ذلك، يُنقل الفوسفات إلى وحدة التحميل، التي تبلغ سعتها 1600 طن، ومنها إلى مستودعات التخزين الجافة التي تصل سعتها إلى 30 ألف طن، استعدادًا لشحنه عبر القطار إلى ميناء طرطوس من أجل التصدير.
تأثير النزاعات في إنتاج الفوسفات السوري
قال رئيس قسم الإنتاج في منجم خنيفيس، الجيولوجي لؤي القاسم، إن "تنظيم داعش نهب ودمّر العديد من الآليات خلال سيطرته على المنطقة الواقع بها المنجم عام 2015".
وأضاف: "نواجه مشكلات في نقص اليد العاملة، سواء من الفنّيين أو العمّال، وهو ما يعوق رفع الكفاءة التشغيلية".
وأوضح القاسم أن الإنتاج كان يجري سابقًا دون وضوح في الوجهة النهائية للخام، مشيرًا إلى وجود مستثمرين من إيران وروسيا، لكن غياب الشفافية أثّر في كفاءة التسويق، أمّا اليوم، فباتت إدارة الفوسفات في سوريا أكثر تنظيمًا بإشراف محلّي مباشر.
من جانبه، قال مدير عام المؤسسة العامة للجيولوجيا والثروة المعدنية، سراج الحريري، إن العقوبات الغربية منعت معامل الأسمدة من التعامل المباشر مع المؤسسة السورية، ما فتح المجال للوسطاء، وتسبَّب بخسائر في التسويق العالمي للفوسفات، إذ انخفض السعر وفُقِدت القدرة على المنافسة.

جهود زيادة الإنتاج
في خطوة عملية لتوسيع الاستثمار، طرحت الحكومة السورية 3 مناقصات ومزايدة جديدة في فبراير/شباط 2025، تشمل إنتاج الفوسفات المركّز من منجمَي خنيفيس والشرقية.
وشملت المناقصات أيضًا أعمال إزالة الغطاء الترابي، والكشف عن الردم في مواقع محددة ضمن المنجم الشرقي، إذ تهدف هذه المناقصات إلى رفع قدرة المعالجة، والوصول إلى نسب P2O5 أعلى من 5% بصفتها حدًا أدنى.
أمّا المزايدة، فاستهدفت بيع 175 ألف طن من الفوسفات الرطب من مناجم تدمر، مقسّمة إلى 100 ألف طن من نوع "جي 6" (G6)، و75 ألف طن من نوع "جي 4" (G4)، وتراوُح نسبة الرطوبة بين 5-7%، مع متوسط P2O5 يصل إلى 30.21%.
خطة تصدير طموحة
قال الحريري، إن الوزارة تعمل على تصدير الكمية المطروحة بالمزايدة في مراحلها الأخيرة، وأوضح أن الخطة تهدف إلى إنتاج 6 ملايين طن سنويًا حتى نهاية عام 2026، ثم الوصول إلى 10 ملايين طن في 2027، مع التركيز على الأسواق الأوروبية والآسيوية، أبرزها الصين والهند.
وأشار إلى أن تفعيل نظام "سويفت" (SWIFT) من شأنه أن يُحدِث نقلة في حركة الأموال والتبادلات المالية، مضيفًا: "نأمل أن تسهم جهود رفع العقوبات بتحويل الفوسفات في سوريا إلى منتج منافس عالميًا".

مستقبل قطاع الفوسفات السوري
مع إعادة تأهيل البنى التحتية، وفتح المجال أمام المستثمرين من خلال مناقصات شفافة ومزايدات مفتوحة، يمضي قطاع الفوسفات في سوريا نحو مرحلة جديدة من التعافي والنمو.
ويبدو أن الرهان الحكومي على هذا المورد الحيوي في طريقه للتحقق، لا سيما مع خطط الإنتاج الطموحة، وتزايد الطلب العالمي.
وفي ظل الاحتياطيات الكبيرة وجودة الخامات، يبقى مستقبل الفوسفات في سوريا مرهونًا بالقدرة على تجاوز العقوبات، وتطوير البنى التحتية، وتحقيق شراكات نوعية تضمن الاستدامة وتحسُّن العوائد الاقتصادية للبلاد.
موضوعات متعلقة..
- أبرز 5 مناجم في سوريا.. كنوز وثروات ضخمة
- سوريا تطرح مناقصات ومزايدة لقطاع الفوسفات لتعزيز الإنتاج المحلي والدولي
اقرأ أيضًا..
- واردات الاتحاد الأوروبي من الغاز قد تهبط 25% بحلول 2030
- أستراليا تحدد 4 تقنيات لإزالة الكربون من صناعة الألومنيوم (تقرير)
- إنتاج الديزل المتجدد في أميركا يهبط 12% خلال الربع الأول 2025
- خلايا وقود الهيدروجين تقود ثورة في قطاع البناء رغم التحديات
المصادر..