أكبر محطة طاقة كهرومائية بالتخزين والضخ في أوروبا.. تحفة جبلية
هبة مصطفى

توصف أكبر محطة طاقة كهرومائية بالتخزين والضخ في أوروبا بأنها "محبوبة للغاية"؛ ما جعل مالكيها يضخّون حزمة استثمارات جديدة ترفع عمرها التشغيلي الإجمالي بنحو 25 عامًا إضافية.
ولم تكتفِ محطة "دينورويغ Dinorwig" بحصد ترتيب قياسي يتصدر المشروعات المماثلة في القارة العجوز، بل إنها تعدّ واحدة من بين أكبر بطاريات التخزين الأوروبية أيضًا.
وتضمن "المحطة المحبوبة" استمرار تدفُّق الكهرباء في أوقات الطلب، وأدّت دورًا محوريًا أنقذ المملكة المتحدة من ظلام انقطاع التيار قبل 6 سنوات.
وحسب دليل تقنيات التخزين لدى منصة الطاقة المتخصصة (الصادرة من واشنطن)، تقوم فكرة "التخزين بالضخ" على الاستفادة من فائض الكهرباء المولدة من مصادر متجددة في تشغيل مضخات تسحب المياه إلى خزان علوي.
وتستقر المياه في الخزان العلوي لمدة مفتوحة حتى زيادة الطلب، وحينها تندفع المياه بحركة طولية وقوة كافية لتشغيل توربينات ضخمة لتوليد الكهرباء، وتزويد الشبكة بالإمدادات اللازمة لتلبية الطلب.
أكبر محطة طاقة كهرومائية بالتخزين والضخ في أوروبا
افتُتحت أكبر محطة طاقة كهرومائية بالتخزين والضخ في أوروبا -الواقعة شمال ويلز، بالمملكة المتحدة- في ثمانينيات القرن الماضي (عام 1984).
وعلى مدار 41 عامًا (هي رحلة عمر المحطة منذ ميلادها حتى كتابة هذه السطور)، كان لـ"دينورويغ" إنجازات عدّة، أبرزها إنقاذ المملكة المتحدة من أسوأ انقطاع للكهرباء واجهته البلاد خلال عقد.

ففي عام 2019، تعرضت أنحاء المملكة لانقطاع كهربائي أغرق مليون شخص في الظلام لمدة أقل من 45 دقيقة، لكنه أثّر سلبًا في تسيير القطارات وعمل المستشفيات.
ومع استدعاء "دينورويغ" لأداء دور "المنقذ"، استؤنف توليد الكهرباء، وسيطرت الهيئات المعنية على تداعيات الانقطاع، تبعًا لمعلومات نشرتها "الغارديان".
ويمكن لأكبر محطة طاقة كهرومائية بالتخزين والضخ في أوروبا (أو "مينيد غويفرو" بحسب ما يُطلَق عليها محليًا) توليد إمدادات وفيرة من الطاقة المتجددة خلال 75 ثانية.
ويجري ذلك عبر ضخّ 86 ألف غالون مياه/ثانية في ممر كهفي عمودي بطول 500 متر، لتولد الكهرباء بعد اصطدام غالونات المياه بـ6 توربينات يزن الواحد منها 500 طن.
معلومات عن محطة دينورويغ
في 9 مايو/أيّار 1984، افتتح الملك تشارلز الثالث محطة دينورويغ، بعد رحلة بناء داخل جبل "إليدير فاور"، لذلك يُطلق عليها في بعض الأحيان "التحفة أو الأعجوبة الجبلية".
وتقبع المحطة داخل كهوف جبل "إليدير فور"، وتستقر توربيناتها الـ6 في الكهف الرئيس الذي يُعدّ أكبر الكهوف الأوروبية التي صنعها الإنسان، حسب موقع إن إس إنرجي.
وكان موقع المحطة -قبل بنائها- مشروعًا صناعيًا لاستخراج صخور الأردواز ثم أُغلِقَ في ستينيات القرن الماضي، وتحوَّل لمحطة تخزين تولد 1728 ميغاواط خلال ما يتراوح بين 12 و16 ثانية، ما يدعم استقرار الشبكة الوطنية وقدرتها على تلبية الطلب.
وتتجمع مياه المحطة في خزان "مارشلين ماور" العلوي، استعدادًا لضخ المياه عبر الأنفاق لتشغيل المولدات وتوليد الكهرباء، اعتمادًا على معلومات شركة إنجي الفرنسية.
وتعيد المحطة تخزين المياه مرة أخرى بعد انحدارها من الخزان العلوي، لتستقر في خزان "لين بيريس" السفلي.
كما تعيد مضخات وتوربينات المحطة حركة دوران المياه العكسية (من الخزان السفلي إلى العلوي، ثم من العلوي إلى التوربينات والخزان السفلي مرة أخرى) كلّما دعت الحاجة وزاد الطلب.
وتولّد الكهرباء خلال تفريغ الماء من الخزان العلوي إلى السفلي، كلما أتمّت المياه دورة كاملة عبر التوربينات العكسية.

عمر جديد
ما تزال "التحفة الجبلية" تباشر عملها في التخزين وتوليد الكهرباء بالضخ لدى الطلب بنجاح حتى الآن.
ويبدو أن بطارية التخزين البريطانية سيُكتب لها عمر جديد، إذ يخطط المالكون لضخّ مليار جنيه إسترليني (1.35 مليار دولار أميركي) لتمديد عملها -ومحطة فيستينيوغ التي افتُتحت عام 1963- لمدة 10 سنوات إضافية فوق عمرها التشغيلي المخطط مسبقًا.
(الجنيه الإسترليني = 1.35 دولارًا أميركيًا).
وتتيح منحة التمويل الجديدة تجديد مرافق المحطة لضمان استمرار توليدهما الكهرباء الموثوقة والنظيفة، مع تفاقُم الطلب خلال العقود المقبلة.
وبذلك تتحول أكبر محطة طاقة كهرومائية بالتخزين والضخ في أوروبا إلى "بطارية تخزين كهرباء متجددة عملاقة" في بريطانيا.
وتملك شركة إنجي الفرنسية 75% من محطة "دينورويغ" للتخزين، في حين تؤول حصة الـ25% المتبقية لصالح مجموعة الاستثمارات الكندية "سي دي بي كيو CDPQ".
وأكدت رئيسة شركة إنجي الفرنسية في المملكة المتحدة، ميا باولوتشي، أن "التجديد" يعدّ خيارًا أفضل على الصعيد الاستثماري، خاصةً أن تكلفته تُقدَّر بنحو "ثلث" تكلفة بناء محطة تخزين كهرومائية جديدة.
ويحدّد مختصون -خلال عملية التجديد- التوربينات التي تحتاج إلى التجديد أو الاستبدال نهائيًا، حسب بيان للشركة.
وتشمل خطة التجديد على مدار 10 سنوات: تقييم التوربينات وأنظمة الرفع، واختبار تصريف المياه لضمان إجراءات السلامة.

التخزين بالضخ في المملكة المتحدة
بدأ استعمال تقنيات التخزين بالضخ في المملكة المتحدة عام 1878، وتؤدي هذه التقنيات دورًا مهمًا خلال الأزمات.
وتُقدَّر حصة الطاقة الكهرومائية بنحو 2% -فقط- من مزيج كهرباء البلاد، رغم تمتُّعها بمزايا عدّة، أبرزها عدم إطلاق انبعاثات كربونية، وقدرة مشروعاتها على التحكم في الإمدادات المنتجة، حسب الحاجة.
ومع تعزيز إنتاج الطاقة الكهرومائية بتقنيات "التخزين بالضخ"، باتت مشروعاتها بمثابة "بطاريات" طويلة الأجل.
وتتطلع الحكومة البريطانية لزيادة استثمارات التخزين، غير أن هناك تحديات تهدد هذا الهدف، مثل: ندرة المواقع الجغرافية الملائمة، إذ تتطلب مشروعات التخزين بالضخ توافر خزانات مائية ملحقة بنطاق جبال شاهقة، والتمويل.
وتجاوزت أكبر محطة طاقة كهرومائية بالتخزين والضخ في أوروبا هذه التحديات، في ظل ملاءمة الموقع وتوافر التمويل وخطط التجديد.
موضوعات متعلقة..
- أكبر محطة طاقة كهرومائية بالضخ في العالم تشهد التطور الأهم
- تخزين الطاقة الكهرومائية بالضخ.. بحث بريطاني جديد لتعزيز شبكة الكهرباء
- الطاقة الكهرومائية المخزنة بالضخ.. طريق يدعم توفير الكهرباء النظيفة
اقرأ أيضًا..
- إيرادات صادرات النفط السعودي تهبط 5 مليارات دولار في 3 أشهر (إنفوغرافيك)
- الصين تُعزز مشروعات توليد الكهرباء في الخارج.. ودولة عربية ضمن أبرز المستفيدين
- 5 شحنات نفط لأرامكو السعودية.. الأولى من نوعها في الشرق الأوسط
المصادر:
- معلومات عن أكبر محطة طاقة كهرومائية بالتخزين والضخ في أوروبا، من معلومات شركة إنجي، وإن إس إنرجي
- دور المحطة في إنقاذ شبكة كهرباء المملكة المتحدة عام 2019، من الغارديان
- تمويل تجديد المحطة وخطط التشغيل، من بيان شركة إنرجي