أنس الحجي: الطاقة النووية في السعودية تحقق الاستقرار العربي
أحمد بدر

خلال زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، كان موضوع الطاقة النووية في السعودية مطروحًا على الطاولة؛ إذ تشير المفاوضات بين الجانبين إلى أن واشنطن منحت الضوء الأخضر للرياض للبدء في اتخاذ خطوات ملموسة.
وفي هذا السياق، قال مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، إن أميركا والسعودية لم توقعا أي معاهدات رسمية في هذا الإطار، ولكن يبدو أن هناك موافقة مبدئية عليها.
وأوضح أن موضوع الطاقة النووية في السعودية يثير تساؤلات حول: لماذا تحتاج المملكة -وهي من أكبر منتجي النفط والغاز في العالم- إلى الطاقة النووية، بالإضافة إلى امتلاكها مشروعات أخرى ضخمة في مجال الطاقة المتجددة.
جاء ذلك خلال حلقة جديدة من برنامج "أنسيات الطاقة"، الذي يقدمه الحجي -أسبوعيًا- عبر مساحات منصة التواصل الاجتماعي "إكس" (تويتر سابقًا)، والتي جاءت هذا الأسبوع بعنوان: "زيارة الرئيس ترمب للسعودية وقطر والإمارات وآثارها الاقتصادية والسياسية".
سر الحاجة إلى الطاقة النووية في السعودية
كشف الدكتور أنس الحجي عن سر الحاجة إلى الطاقة النووية في السعودية، بالقول إن الجميع رأوا خلال زيارة ترمب التركيز على مراكز البيانات، من خلال عقد لبناء أكبر مركز بيانات في العالم داخل المملكة، بجانب التركيز على موضوع الذكاء الاصطناعي والسيارات كهربائية.
بالإضافة إلى ذلك، وفق الحجي، عند الحديث عن توسعة النطاق السياحي للمملكة، سواء السياحة الدينية أو السياحة العادية، كل هذه الأمور تحتاج إلى كميات هائلة من الطاقة؛ فبمجرد الذهاب إلى الأماكن السياحية سيجدها الجميع تعمل 24 ساعة يوميًا على مدار العام.
وأوضح مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة أن كل هذه الأمور تشير إلى الاستهلاك الضخم جدًا للطاقة، وبالنظر إلى رؤية المملكة 2030، والرؤية التي ستأتي بعدها، وكذلك للتوسع الذي سيحدث في المدن، سيتضح أن استهلاك الطاقة سيؤدي -حسابيًا- لانخفاض ضخم في صادرات النفط السعودية.
وأضاف: "هذه هي الطريقة الوحيدة التي يمكن من خلالها توليد الكهرباء، ومن ثم ستنخفض الإيرادات الحكومية، ولا يمكن تمويل بقية المشروعات، أو شراء ما يمكن شراؤه والاستثمار بما يمكن استثماره؛ لذلك تبرز هنا الحاجة إلى الطاقة النووية في السعودية".
الأمر الآخر هو استهلاك الغاز؛ إذ إن المملكة تحرق الغاز في محطات الكهرباء، بينما يمكنها استعماله في قيمة مضافة، بمصانع متنوعة الإنتاج؛ لأن هذا الغاز من نعم الله الكبيرة على الإنسان؛ فهو يمكّنه من صناعة أشياء لا حصر لها.
لذلك، وفق الحجي، بدلًا من حرق الغاز في محطات الكهرباء، يمكن بناء محطات الطاقة النووية في السعودية، ومن ثم يستمر تصدير النفط وتستمر الإيرادات ويتجه الغاز إلى المصانع، وتكون هناك إيرادات إضافية من الضرائب وغيرها للحكومة.
ومن ثم، ستكون هناك تنمية اقتصادية وتشغيل وفرص عمل وغيرها، ليس فقط للسعوديين ولكن للشعب العربي كله، وشعوب أخرى آسيوية وغيرها؛ فالفرصة واضحة تمامًا من وجود الطاقة النووية في السعودية.
وأكد الدكتور أنس الحجي أن المملكة في حاجة إلى الطاقة النووية لتتفادى انخفاض الصادرات النفطية في المستقبل وتحويل الغاز من الصناعة إلى استهلاك الكهرباء، وهو ما ينطبق -أيضًا- ولكن ليس بالنسبة نفسها على مصر والجزائر والمغرب.
الإضاءة في الدول العربية
دلل أنس الحجي على الحاجة إلى الطاقة النووية في السعودية، قائلًا إنه بالنظر إلى خريطة العالم في الليل، من خلال غوغل، يتضح أن نسبة الإضاءة في أوروبا وأميركا كبيرة؛ فمدنهم كلها مضاءة، في حين أن الاطلاع على أفريقيا وأجزاء من العالم العربي يوضح كيف أنها مظلمة تمامًا.
وأضاف: "يمكن لأي شخص النظر إلى الخريطة، سيرى اليمن شبه مظلم ويحتاج إلى كهرباء، وكذلك السودان، كما أن مصر تعاني بشدة، وليبيا لديها أزمة ضخمة، وكذلك فلسطين والأردن، الذي يجاهد باستعمال الطاقة المتجددة وغيرها، وأيضًا سوريا ولبنان والعراق".
ولكن، وفق خبير اقتصادات الطاقة، بالنظر إلى هذه الدول، سنجد أنها لن يتم السماح لها بامتلاك الطاقة النووية، لأن هذه الطاقة تحتاج إلى مصداقية عالية جدًا، كما أن هذه الدول لا تمتلك الأموال الكافية لبناء مثل هذه المشروعات.
إلا أن الأمر بالنسبة لمشروعات الطاقة النووية في السعودية يختلف؛ إذ إن المستثمرين السعوديين يمكنهم -بناءً على الموافقة والاتفاقية التي سيتم توقيعها- بناء مفاعلات نووية بالقرب من الحدود المختلفة، وكلها مفاعلات صغيرة.
وتابع: "تطورت التقنيات النووية بشكل كبير جدًا في السنوات الأخيرة وأصبحت آمنة، ويمكن بكل بساطة -من خلال الربط الكهربائي بين هذه الدول- تصدير الكهرباء إليها، وهي مشروعات استثمارية مربحة".
وضرب الحجي مثلًا يوضح حجم الأرباح؛ إذ إن إيران -رغم خضوعها للعقوبات خلال الأعوام الـ20 الماضية- كانت تصدّر الكهرباء، وأحد الأسباب أن الأميركيين لم ينتبهوا لموضوع الكهرباء؛ ففرضوا مؤخرًا عقوبات عليها.

لذلك، كانت إيران تحرق النفط لتوليد الكهرباء ثم تصدرها، فحصلت على أرباح منها؛ لذلك هناك تأكيد أن الطاقة النووية في السعودية ستؤدي دورًا مهمًا للدول العربية؛ إذ ستوفر الكهرباء لبقية العالم العربي، وهو أمر مهم لتحقيق الاستقرار الاجتماعي والسياسي.
موضوعات متعلقة..
- خطة كورية لتأمين احتياجات محطات الطاقة النووية في السعودية
- أول تفاصيل عن مشروع الطاقة النووية في السعودية (خاص)
- الطاقة النووية في الإمارات والسعودية هدف إستراتيجي لتنويع مصادر الطاقة (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- استهلاك النفط لتوليد الكهرباء في العراق قد يبلغ مستويات قياسية
- حقل غاز عربي احتياطياته 60 تريليون قدم مكعبة يترقب قرارًا مهمًا
- محطات الطاقة النووية في الصين.. هل تستهدفها أي حرب مستقبلية؟ (تقرير)
المصدر: