أزمة الغاز في بنغلاديش.. قصة نفاد احتياطيات بـ29 تريليون قدم مكعبة
أسماء السعداوي

لم يكن يوم عطلة ليعمّ ذلك الهدوء المريب داخل أحد مصانع الغزل والنسيج، وإنما مشهد يومي مكرّر بسبب أزمة عجز الغاز في بنغلاديش المستمرة منذ أربع سنوات.
وصمت صوت المعدّات باستثناء أربع أو خمس من أصل 85 آلة مازالت تدور بالمصنع الواقع بمدينة أشوليا؛ بسبب انخفاض ضغط الغاز الطبيعي إلى نحو ربع احتياجات المصنع.
ولم يكن هذا هو المصنع الوحيد الذي تضرَّر من الأزمة التي ظهرت بوادرها منذ نحو 9 سنوات، بل شملت الأزمة قطاع التصنيع بأكمله والإمدادات للمنازل أيضًا، بحسب متابعات منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) لقطاع الطاقة في بنغلاديش.
وأرجع محللون جذور الأزمة إلى تراجع إنتاج حقول الغاز في بنغلاديش، كما أن الحل الذي لجأت له الحكومة باستيراد الغاز المسال لم يرْقَ إلى مستوى التوقعات؛ بسبب تقلبات الأسعار وارتفاعها بما يُرهق كاهل الدولة المثقلة بالديون.
أزمة الغاز في بنغلاديش
تشير بيانات رسمية إلى أن قطاع الصناعة في بنغلاديش يحتاج إلى مليار و306 مليون قدم مكعبة يوميًا من الغاز الطبيعي، إلّا أنه لا يتلقى سوى 994 مليون قدم مكعبة يوميًا حاليًا.
ولتقليل تأثير أزمة الغاز في بنغلاديش في قطاع الصناعة، قررت الحكومة المؤقتة بقيادة الرئيس محمد يونس تزويدها بـ250 مليون قدم مكعبة يوميًا.
وتفصيليًا: سيكون ذلك من خلال 150 مليون قدم مكعبة يوميًا مُحولة من محطات الكهرباء و100 مليون قدم مكعبة يوميًا أخرى من 4 شحنات غاز مسال مستقبلية.

وأشادت قيادات الصناعة بالإعلان؛ كونه سيقطع شوطًا كبيرًا في تلبية الطلب الحالي، وخطوة مشجعة، وخاصة مع تراجع الإنتاج الصناعي.
لكن هل يوفر هذا التحرك الحكومي حلًا دائمًا لأزمة الغاز؟
ستجيب الأيام المقبلة عن هذا السؤال، مع الأخذ في الحسبان الحقائق التاريخية والتحديات على الأرض.
وبالعودة إلى جذور الأزمة، لم يحدث نقص الغاز في بنغلاديش دون سابق إنذار، بل كان "كارثة" توقّعها الخبراء، وفشلَ صنّاع السياسات في منع حدوثها.
ومنذ مطلع الألفية الحالية، حذَّر الخبراء بقطاع الطاقة من نفاد احتياطيات الغاز المحلية، ما لم تتحقق اكتشافات كبرى جديدة.
وفي ذلك الوقت، توقعت شركة بنغلاديش للتنقيب عن النفط وإنتاجه بابكس (Bapex) نفاد احتياطيات الغاز في بنغلاديش بحلول عام 2039 أو أقرب.
كما تنصّ الخطة المتكاملة للطاقة والكهرباء الصادرة في عام 2022 على توقعات بانخفاض الإنتاج المحلي من الغاز إلى 580 مليون قدم مكعبة يوميًا، بحلول عام 2040 من 2.100 مليون.
عجز الغاز في بنغلاديش
تُعزى أزمة عجز الغاز في بنغلاديش في الأساس إلى الفشل باستغلال إمكانات الموارد البحرية الحبيسة في باطن الأرض.
ومنذ عام 1955، اكتُشِف 24 حقل غاز في بنغلاديش باحتياطيات قابلة للاستخراج، قدرها 28.79 تريليون قدم مكعبة، وبحلول يونيو/حزيران (2023)، استُخرِج 20.33 تريليون قدم مكعبة.
وحاليًا، لا يوجد باحتياطيات الغاز سوى 8.46 تريليون قدم مكعبة عبر 20 حقل غاز منتجة، لكن بمعدلات منخفضة.
وحقل "بيبيانا" (Bibiyana) الذي تشغّله شركة شيفرون الأميركية أبرز الأمثلة على ذلك التراجع؛ إذ انخفض إنتاج الغاز فيه إلى 1.032 مليون قدم مكعبة يوميًا في العام المالي 2024،من 1.223 مليون قدم مكعبة يوميًا في عام 2020.
كما انخفض الإنتاج الإجمالي للشركة المسؤولة عن إنتاج نحو 60% من إنتاج الغاز المحلي بمقدار 228 مليون قدم مكعبة يوميًا على مدار 5 سنوات، بحسب المعلومات لدى منصة الطاقة المتخصصة.
وتراجع الإنتاج المحلي من الغاز من 2.423 مليار قدم مكعبة يوميًا في 2020 إلى 2.049 مليار قدم مكعبة يوميًا في 2024، وفي المقابل، ارتفع الطلب إلى أكثر من 3.900 مليار قدم مكعبة.
معضلة واردات بنغلاديش من الغاز المسال
انتقد الخبير بالصناعة الدكتور مسرور رياض قرار وقف أعمال التنقيب عن الغاز في بنغلاديش في عام 2012؛ إذ شكّك في أن القرار كان لصالح واردات الغاز المسال على حساب أمن الطاقة.
وقال: "بالنسبة لدولة شديدة الاعتماد على الصادرات كثيفة استهلاك الطاقة، فإن فشل تلك السياسة التنظيمية خطأ باهظ الثمن".
وأشار إلى شحّ موارد النقد الأجنبي، قائلًا، إن البلد الأسيوي لا يملك الدولارات الأميركية اللازمة للشراء، وهو ما ظهر جليًا "بشكل مؤلم" في عام 2022، إنها "مقامرة محفوفة بالمخاطر"، على حدّ وصفه.
ولحلّ الأزمة، دعا إلى البحث عن بدائل لواردات الغاز المسال، مؤكدًا أن التنقيب عن الغاز في بنغلاديش يجب أن يتصدر أولويات القطاع مع تقليل المدة اللازمة إلى 3 سنوات.
موضوعات متعلقة..
- أحدث عطاءات التنقيب عن النفط والغاز في بنغلاديش ينتهي بصدمة
- الغاز في بنغلاديش يواجه "العجز".. واكتشاف جديد يخفف الأزمة
- إرجاء مناقصة للتنقيب عن الغاز في بنغلاديش رغم نقص الإمدادات
اقرأ أيضًا..
- واردات سوريا من النفط منذ سقوط نظام الأسد.. قائمة بـ4 دول (رسوم بيانية)
- توقعات سهم أرامكو 2025.. 6 خبراء يتحدثون لـ "الطاقة"
- صادرات النفط الخام العربية خلال أبريل.. 5 دول تشهد انخفاضًا (رسوم بيانية)
- حقل نفط أفريقي يحظى بقرار مهم في 2026.. احتياطياته 3 مليارات برميل
المصدر: