النشرة الاسبوعيةتقارير الهيدروجينسلايدر الرئيسيةهيدروجين

أمين عام أوابك: تصدير الهيدروجين في خطوط الأنابيب أقل تكلفة.. ومشروع فريد في دولة عربية (حوار)

عبدالرحمن صلاح

ترى منظمة أوابك أن تصدير الهيدروجين في خطوط الأنابيب هو الأقل مقارنة بباقي الطرق الأخرى، كاشفة بالأرقام تكلفة النقل في كل المسارات المتعارَف عليها، ومن بينها الناقلات.

يقول أمين عام المنظمة المهندس جمال اللوغاني، في حوار مع منصة الطاقة (الصادرة من واشنطن)، إن الاهتمام العالمي بالهيدروجين يتزايد في السنوات الأخيرة، مدفوعًا بالسياسات الدولية الهادفة إلى تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وتحقيق نظام مستدام للطاقة.

لكن لتحويل الهيدروجين إلى سلعة تجارية تُتداول دوليًا مثل النفط والغاز، يتطلب الأمر بناء سلسلة قيمة متكاملة تشمل إنتاجه وتخزينه في الدول المنتجة، ونقله إلى الأسواق المستهدفة، وأخيرًا توزيعه على القطاعات المستهلكة.

بيدَ أن عملية نقل الهيدروجين، التي تشكّل حلقة الوصل بين المنتجين والمستوردين، تواجه تحديات كبيرة بسبب كثافة طاقته المنخفضة، التي تمثّل كمية الطاقة الكامنة في وحدة الحجم، حيث تعدّ كثافة طاقة الهيدروجين أقل بكثير مقارنة بأنواع الوقود الأخرى مثل النفط أو الغاز الطبيعي.

وكلّما كانت كثافة الطاقة للوقود منخفضة، كانت عملية تخزينه ونقله مكلفة للغاية بسبب ما تتطلبه من مساحات تخزينية هائلة لاستيعابه كميات كبيرة منه، والحاجة إلى تسهيلات أكبر لنقله إلى الأسواق المستهدفة، والعكس صحيح.

وفي حواره مع منصة الطاقة، سلّط "اللوغاني" الضوء على مشروع إماراتي فريد من نوعه عالميًا، وهو مشروع مقترح لتحويل الهيدروجين الناتج ثانويًا من عمليات التكرير والبتروكيماويات في شركات "أدنوك" والهيدروجين الأزرق المنتج من الغاز الطبيعي إلى مادة "ميثيل سيكلوهكسان"، بصفته وسيلة فعّالة لنقل الهيدروجين وتصديره إلى اليابان.

وإلى نص الحوار:

ما هو الهيدروجين المسال؟

الهيدروجين المسال هو هيدروجين جرى تبريده وإسالته حتى -253 درجة مئوية لتقليص حجمه بما يعادل 1 :800 من حجمه، وهو في الحالة الغازية.

وعلى سبيل المقارنة، فإن الغاز الطبيعي المسال الذي تجري إسالته عند -162 درجة مئوية يعادل 1 : 600 من حجمه وهو في الحالة الغازية، أي إن عملية إسالة الهيدروجين تسهم في تقليص حجمه بشكل أكبر من الغاز الطبيعي المسال.

وللتوضيح، فإن 1 متر مكعب من الهيدروجين المسال يعادل نحو 800 متر مكعب من الهيدروجين وهو في الحالة الغازية، بينما يعادل 1 متر مكعب من الغاز الطبيعي المسال نحو 600 متر مكعب من الغاز الطبيعي وهو في الحالة الغازية.

وباكتمال عملية الإسالة، يُخزَّن الهيدروجين المسال في صهاريج مزدوجة الجدار معزولة جيدًا لضمان عدم انتقال الحرارة إلى داخل الصهريج، حتى لا ترتفع درجة حرارته، ومن ثم يتبخر إلى هيدروجين غاز، وهو ما يُعرف باسم الغاز المتبخر (Boil-off Gas).

ومن ثم تبدأ المرحلة التالية عبر نقل الهيدروجين المسال إلى الأسواق البعيدة باستعمال ناقلات مخصصة لذلك، حتى تصل إلى ميناء الاستقبال في البلد المستورد، وبداخله يُعاد تبخير الهيدروجين المسال للحصول على الهيدروجين في حالته الغازية وضخّه في الشبكة المحلية للوصول إلى المستهلكين.

ما هي أبرز استعمالات الهيدروجين المسال؟ وهل لا بد من تحويله إلى الحالة الغازية؟

توجد عدّة تطبيقات تعتمد على الهيدروجين المسال منه ما يستعمله مباشرةً (في صورته السائلة)، ومنه ما يتطلب تحويله قبل الاستعمال النهائي إلى الحالة الغازية، ويشمل ذلك:

  • قطاع الفضاء (وكالة ناسا)

حيث يُستعمَل وقودًا للصواريخ في حالته السائلة، ويُضخّ مباشرة إلى محركات الصواريخ مع الأكسجين السائل لإطلاق المركبات الفضائية.

ويظل الهيدروجين المسال في حالته السائلة، لأن ذلك يوفر من المساحة التخزينية داخل المركبات، ويعزز من الكفاءة. وبالمناسبة، تملك "ناسا" أكبر صهريج في العالم لتخزين الهيدروجين المسال بسعة 4,732 مترًا مكعبًا، الذي يقع في مركز جون كنيدي للفضاء.

ومؤخرًا، بدأت عدّة شركات في الإعلان عن تصميمات لصهاريج تخزين الهيدروجين بسعات كبيرة.

ففي ديسمبر/كانون الأول من عام 2021، أعلنت شركة ماكديرموتس سوليوشنز تصميم صهريج كروي الشكل لصالح إحدى شركات الإنتاج الكبرى بموجب عقد فازت به الشركة لتخزين الهيدروجين المسال بسعة تخزينية 40 ألف متر مكعب، أي ما يزيد عن ثمانية أمثال صهريج "ناسا" الأكبر في العالم حتى اليوم، لكن مع التطوير المستمر، يمكن تصميم صهاريج بسعات أكبر قد تصل إلى 160 ألف متر مكعب ما بعد عام 2030.

يبيّن الرسم التالي- من إعداد منظمة أوابك- التطور التاريخي والمتوقع للسعة التخزينية لصهاريج الهيدروجين المسال.

السعة التخزينية لصهاريج الهيدروجين المسال

  • محطات إعادة التعبئة بالوقود

يُنقل الهيدروجين المسال في مقطورات (شاحنات) خاصة لتوزيعه على محطات إعادة التعبئة الوقود، حيث يبقى الهيدروجين سائلًا خلال عمليات النقل والتخزين، ويُحول في محطة إعادة التعبئة إلى الحالة الغازية حسب التطبيق النهائي للاستعمال، ومن بينها المركبات الكهربائية العاملة بخلايا الوقود التي تولّد الكهرباء، وينتشر هذا النوع من المحطات في ولاية كاليفورنيا بالولايات المتحدة.

  • التطبيقات الصناعية

يُنقَل الهيدروجين المسال إلى المصانع باستعمال المقطورات لسهولة نقله وتخزينه، لكن قبل استعماله في العمليات الصناعية مثل صناعة الأسمدة أو تكرير النفط، يُحوَّل إلى الحالة الغازية، لأن هذه العمليات تحتاج إلى الهيدروجين في حالته الغازية.

  • ما هو الأقل تكلفة في النقل؟ تصدير الهيدروجين في خطوط الأنابيب، أم ناقلات الهيدروجين المسال؟

بحسب دراسة سابقة لأوابك وفق المعطيات المتاحة، تعدّ تكلفة تصدير الهيدروجين في خطوط الأنابيب الأقل مقارنة بباقي الطرق الأخرى، التي تتراوح قيمتها بين 0.66 و0.72 دولار لكل كجم من الهيدروجين المراد نقله، يضاف إليها 0.06 دولارً لكل كجم من الهيدروجين تكلفة لعمليات رفع الضغط، لتصل التكلفة الإجمالية لهذا المسار إلى نحو 0.78 دولار لكل كجم من الهيدروجين.

بينما في حالة استعمال الهيدروجين المسال، فقد تتراوح تكلفة النقل (والتخزين) بين 6.3 و6.9 دولار لكل كغم من الهيدروجين، يضاف إليها تكلفة الإسالة التي قد تتراوح بين 1.7 و 3.6 دولار لكل كغم من الهيدروجين، وتكلفة تحويل الهيدروجين المسال إلى الحالة الغازية التي احتُسِبَت على الطاقة المستعمَلة في العملية لتبلغ 0.25-0.5 دولار لكل كيلوغرام من الهيدروجين.

وبذلك تصل التكلفة الإجمالية لنقل الهيدروجين المسال بكل العمليات المطلوبة إلى 8.25-11 دولار لكل كغم من الهيدروجين.

أمّا في حالة الأمونيا، فبالرغم من انخفاض تكلفة النقل (والتخزين) مقارنة بالهيدروجين المسال، حيث تُقدَّر بنحو 1.06-1.32 دولار لكل كغم من الهيدروجين، إلّا أن التكلفة الإجمالية (تشمل عمليات التحويل وإعادة التحويل) ترتفع بسبب إضافة تكلفة تصنيع الأمونيا، التي تتراوح بين 2.95-3.7 دولار لكل كغم هيدروجين، وتكلفة تكسير الأمونيا للحصول على الهيدروجين، التي تُقدَّر بنحو 0.3-1.6 دولار لكل كغم.

وبذلك تصل التكلفة الإجمالية لنقل الهيدروجين عبر تحويله إلى أمونيا بكل عمليات التحويل وإعادة التحويل إلى 4.31-6.62 دولار لكل كغم.

وبذلك تكون كلفة عمليات التحويل وإعادة التحويل أعلى من تكلفة نقل الأمونيا نفسها عبر الناقلات.

لكن من المهم الإشارة إلى أنه بالرغم من التكلفة التي تمثّل عاملًا مهمًا باختيار نوع المسار المستعمَل لنقل الهيدروجين، فإن هناك عوامل أخرى تؤثّر في عملية الاختيار، ومن بينها المسافة بين المنتج والمستهلك.

ففي الحالة الطبيعية -على سبيل المثال-، تُعدّ خطوط أنابيب نقل الغاز الخيار الأقل تكلفة، لكنها لا تصلح لنقل الغاز إلى الأسواق البعيدة عن منطقتنا العربية مثل اليابان، ومن ثم يبرز خيار ناقلات الغاز الطبيعي المسال خيارًا عمليًا لنقل الغاز إلى الأسواق الآسيوية الكبرى مثل اليابان، والصين.

ويوضح الرسم التالي من منظمة أوابك، مزايا وعيوب نقل الهيدروجين المسال عبر الناقلات.

مزايا وعيوب نقل الهيدروجين المسال عبر الناقلات

هل هناك دول عربية يمكن أن تحذو حذو سلطنة عمان في تصدير الهيدروجين المسال؟

عمومًا، تعمل الدول العربية على استكشاف وتقييم كل الخيارات الممكنة لنقل الهيدروجين، آخذة في الحسبان الأسواق المستهدفة وبُعد المسافة عنها، والكميات المراد تصديرها، وما تملكه من بنية تحتية، سواء خطوط أنابيب أو ناقلات أو موانٍ يمكن استغلالها في تصدير الهيدروجين ومشتقاته مستقبلًا.

فمنها ما قام بدراسة تصدير الهيدروجين المضغوط عبر خطوط الأنابيب، أو الهيدرجين المسال كما هو الحال في سلطنة عمان، أو الأمونيا السائلة، أو حتى المواد العضوية السائلة الحاملة للهيدروجين.

لدى دولة الإمارات العربية المتحدة عدّة مشروعات لإنتاج الأمونيا منخفضة الكربون، التي يمكن تصديرها إلى الأسواق الآسيوية عبر الناقلات.

كما أن شركة بترول أبوظبي الوطنية "أدنوك" لديها مشروع مقترح لتحويل الهيدروجين الناتج ثانويًا من عمليات التكرير والبتروكيماويات في شركات "أدنوك" والهيدروجين الأزرق المنتَج من الغاز الطبيعي إلى مادة "ميثيل سيكلوهكسان" (تخزين الهيدروجين في مواد عضوية سائلة)، بصفته وسيلة فعّالة لنقل الهيدروجين وتصديره إلى اليابان، وهو مشروع فريد من نوعه في هذا السياق.

وفي الجزائر-الأقرب جغرافيًا إلى الأسواق الأوروبية- هناك دراسات جارية لنقل الهيدروجين عبر خطوط الأنابيب إلى الأسواق الأوروبية، من بينها مشروع ممر الهيدروجين الجنوبي، وهو خط أنابيب مقترح لنقل الهيدروجين بطول 3,300 كم من شمال أفريقيا إلى مراكز الطلب الأوروبية في كل من إيطاليا، والنمسا، وألمانيا.

وتكمن أهمية هذا المشروع في أنه يحظى بدعم من مشغّلي شبكات الغاز الأوروبية (TSOs) لكونه مشروعًا أوروبيًا ذا اهتمام مشترك بهدف نقل نحو 4 ملايين طن سنويًا من الهيدروجين عبر الخط إلى أوروبا بحلول عام 2030.

وبحسب مخطط المشروع المقترح، فإنه سيعتمد على إعادة استعمال نحو 65% من شبكات خطوط النفط والغاز القائمة لنقل الهيدروجين.

وفي مصر، هناك عدّة مشروعات معلَنة لإنتاج الأمونيا منخفضة الكربون، التي ستُنقَل عبر الناقلات إلى الأسواق الراغبة، وقد نجحت في تصدير أولى شحناتها من الأمونيا منخفضة الكربون إلى الهند من المنطقة الاقتصادية لقناة السويس.

كما أن هناك دراسات أوروبية تستكشف إمكان تصدير الهيدروجين من مصر عبر خطوط الأنابيب.

وفي المملكة العربية السعودية، هناك عدّة مشروعات، أبرزها مشروع "نيوم للهيدروجين الأخضر" الذي سيستهدف إنتاج نحو 1.2 مليون طن سنويًا من الأمونيا منخفضة الكربون، باستغلال 4 غيغاواط من مصادر الطاقة المتجددة، وتصديرها إلى الأسواق العالمية بموجب اتفاقية بيع وشراء طويلة المدة مع أحد الشركاء في المشروع.

ومن ثم، ستمكّن تلك المشروعات من استكشاف كل المسارات الممكنة لنقل الهيدروجين والجدوى الاقتصادية لها، مما يجعل من الدول العربية سبّاقة في هذا المجال.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق