سياسات تغير المناخ الحالية تمهد لاضطرابات بيئية تؤثر في كوكب الأرض (تقرير)
نوار صبح

من المتوقع أن يمهّد الالتزام بسياسات تغير المناخ الحالية لاضطرابات في عدد من النظم البيئية، وأن يؤثّر في كوكب الأرض.
أفادت بذلك دراسة حديثة، أجراها باحثون في جامعة إكستر ومعهد ماكس بلانك وجامعة هامبورغ، وفق معلومات اطلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
وقيّمت هذه الدراسة خطر ارتفاع درجات الحرارة بدرجات متفاوتة، الذي قد يُحدِث تغييرًا نهائيًا في 16 نظامًا -من انهيار الغطاء الجليدي إلى موت الشعاب المرجانية- تؤثّر في كوكب الأرض أو في النظم البيئية والمجتمعات الإقليمية.
ووجدت الدراسة أنه إذا التزم العالم بسياسات تغير المناخ الحالية، فإن هناك خطرًا بنسبة 62% في المتوسط لإثارة نقاط التحوّل الـ 16 هذه.
وأوضحت أنه في حال تعزيز وتطوير سياسة تغير المناخ العالمية، فقد ينخفض هذا الخطر إلى نحو 26%.
عواقب نقاط التحول المناخي
قال المدير المؤسس لمعهد النظم العالمية بجامعة إكستر، البروفيسور تيم لينتون: "قد تكون لنقاط تغير المناخ عواقب وخيمة على البشرية".
وأضاف: "من الواضح أننا نسير حاليًا في مسار خطير، ومن المرجّح أن نصل إلى نقاط تحول ما لم نغيّر مسارنا بسرعة".

في أبحاث أنظمة المناخ، تُعرّف نقطة التحول بأنها عتبة يُمكن أن يُغيّر بعدها أيّ تغيير طفيف حالة النظام بشكل خطير، وغالبًا لا رجعة فيه.
وقال الباحث الرئيس في الدراسة، جاكوب ديوتلوف: "كأنك تقلب كرسيًا، فإنه سيعود دائمًا إلى نقطة معينة، ويمكنك الجلوس عليه، ولكن بعد نقطة معينة، سينهار".
التأثير في الأنظمة البيئية
في تقريرها التقييمي السادس (AR6)، تُدرج الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ 15 نظامًا بيئيًا مُعرّضًا لنقاط التحول، بما في ذلك نظام الرياح الموسمية العالمي، وجليد بحر القطب الشمالي، والصفائح الجليدية في المنطقة القطبية الجنوبية، والتيارات المحيطية.
وتُعدّ الأنظمة المُدرَجة في تقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ أكثر عموميةً من الأنظمة الـ16- أو "عناصر التحول" - المُحدّدة في هذه الدراسة الأخيرة.
وتشمل هذه الأنظمة فقدان التربة الصقيعية في القطب الشمالي، وزوال الشعاب المرجانية، وزوال غابات الأمازون المطيرة، وتستند إلى دراسة مرجعية رئيسة من عام 2022.
تجدر الإشارة إلى أن هذه الأنظمة تُصنَّف بناءً على شدة التأثيرات في حال انهيارها.

دوران انقلاب خط الزوال الأطلسي
يُعدّ دوران انقلاب خط الزوال الأطلسي (AMOC) مثالًا على عنصر انقلاب لب كوكب الأرض، ويشير إلى التيار المحيطي الذي ينقل الحرارة والمغذيات من المناطق الاستوائية إلى نصف الكرة الشمالي، ما يحافظ على فصول الشتاء في أوروبا دافئة ورطبة نسبيًا.
وفي حالة دوران انقلاب خط الزوال الأطلسي، ستشهد أوروبا تبريدًا محليًا ملحوظًا، بينما ستشهد أجزاء من نصف الكرة الجنوبي -خصوصًا المنطقة المحيطة بخليج المكسيك- ارتفاعًا أسرع في درجات الحرارة.
وفي الوقت نفسه، ثبت أن دوران انقلاب خط الزوال الأطلسي يضعف، حسب تقرير اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
ومن المتوقع أن ينهار دوران انقلاب خط الزوال الأطلسي إذا ارتفعت درجات الحرارة العالمية بنحو 4 درجات مئوية، إلّا أن الضبابية في الإحصاء بشأن إطلاق نقاط التحول مرتفعة، والحدّ الأدنى لانهياره هو 1.4 درجة مئوية فقط من الاحترار (الحدّ الأقصى هو 8 درجات مئوية).
في المقابل، توجد عناصر تحول ذات "تأثير إقليمي"، وهي أنظمة، في حال انطلاق نقاط تحوّلها، لن تؤثّر في نظام الأرض عمومًا، وقد تكون لها عواقب وخيمة على المستويين المحلي والإقليمي.
وتشمل هذه العناصر موت الشعاب المرجانية في المناطق الاستوائية، والفقدان المفاجئ للأنهار الجليدية الجبلية.

سيناريوهات الاحتباس الحراري
استندت سيناريوهات الاحتباس الحراري التي قُيِّمت على أساسها عناصر التحول الـ16 إلى سيناريوهات "المسار الاجتماعي الاقتصادي المشترك" الـ5 المفصلة في أحدث تقرير صادر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ.
وتتنبأ سيناريوهات "المسار الاجتماعي الاقتصادي المشترك" بطريقة تأثير التغيرات الاجتماعية والاقتصادية العالمية المختلفة في الاحتباس الحراري حتى عام 2100.
ويصف مسار الاستدامة إس إس بي 1، المعروف باسم "اتّباع الطريق الأخضر"، عالمًا يتجه نحو سياسات مستدامة وصديقة للمناخ.
في المقابل، يحدد مسار التنافس الإقليمي إس إس بي 3 سيناريوهات تدفع فيه القومية المتصاعدة والمنافسة الاقتصادية الحكومات إلى إعطاء الأولوية للازدهار الاقتصادي والأمن القومي -بما في ذلك أمن الطاقة- على حساب سياسات المناخ.
وقال الباحث الرئيس في الدراسة، جاكوب ديوتلوف: "في ظل سيناريو مماثل للسياسات الحالية، لدينا احتمال كبير لإثارة نقاط تحول".
ويفيد خبر سارّ بأنه في حال الانتقال إلى سيناريو أكثر استدامة، الذي من شأنه أن يؤدي إلى ارتفاع درجة الحرارة بنحو درجتين مئويتين بحلول عام 2100، يمكن تقليل احتمال ظهور هذه العوامل المؤثرة بشكل كبير.
موضوعات متعلقة..
- توني بلير يفتح النار على جهود مكافحة تغير المناخ: لا عقلانية وهستيريّة
- تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى وقود.. تقنية تحارب تغير المناخ في 15 دقيقة
- إلغاء ترمب تمويل برنامج أبحاث تغير المناخ العالمي الأميركي.. ما الخطر؟ (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- نتائج أعمال سابك السعودية تسجّل خسائر بـ322.6 مليون دولار
- حقل بارس الجنوبي الإيراني يشهد خطوة جديدة.. احتياطياته 14 تريليون متر مكعب
- طريقة مبتكرة لإنتاج الهيدروجين بتكلفة أقل
المصدر..