التعدين في السعودية.. إنجازات بارزة تعيد رسم خريطة الاقتصاد بحلول 2030
سامر أبووردة
يشهد قطاع التعدين في السعودية تطورًا متسارعًا مدعومًا برؤية المملكة 2030، التي جعلت من تنمية هذا القطاع إحدى ركائز تنويع الاقتصاد الوطني وتقليل الاعتماد على النفط.
فبعد عقود من الجهود المرحلية، بات التعدين ركيزة إستراتيجية تجمع بين النمو الاقتصادي والاستثمار المستدام؛ إذ يُعد الركيزة الثالثة للصناعة بعد النفط والغاز والبتروكيماويات؛ ما حفّز المملكة على تطوير بيئته التنظيمية؛ إذ حققت أسرع نمو عالمي في البيئة الاستثمارية، بحسب تقييم "ماين هيوت" (MineHutte) بالتعاون مع "مايننغ جورنال" (Mining Journal).
ووفقًا لبيانات قطاع التعدين في السعودية لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، مرّ القطاع بـ4 مراحل مفصلية، بدأت بمحاولات استكشافية مبكرة في ثلاثينيات القرن الماضي، ثم تطورت إلى مؤسسات وهيئات متخصصة، وصولًا إلى القفزة التشريعية والتنظيمية التي رافقت إطلاق رؤية 2030، التي أعادت هيكلة القطاع، وربطته بمفاهيم الاستدامة والشراكة الدولية والاقتصاد الدائري.
وتمضي المملكة في تحويل ثرواتها المعدنية الهائلة إلى قيمة مضافة حقيقية، من خلال منظومة تشريعية شاملة، وتحفيز بيئة الاستثمار، وبناء القدرات الوطنية؛ ما أسهم في مضاعفة المؤشرات الإيجابية خلال عام 2024 على وجه الخصوص.
وباتت إستراتيجية التعدين في السعودية تشمل مختلف حلقات سلسلة القيمة، من الاستكشاف إلى التصنيع؛ بما في ذلك تعزيز المحتوى المحلي، وتوسيع الشراكات الدولية، وضمان حماية البيئة.
بيئة استثمارية محفزة
تبنّت السعودية نظامًا جديدًا للاستثمار التعديني، يهدف إلى تحسين الشفافية، وتسهيل الحصول على التراخيص، وضمان حقوق المستثمرين.
وفي هذا الإطار، شهد عام 2024، إطلاق منصة التعدين 2.0، التي تتيح للمستثمرين الوصول إلى بيانات جيولوجية موسعة، وتمكّنهم من الحصول على رخص التعدين في المملكة، وتسهّل الامتثال للضوابط البيئية والفنية.
كما أُطلق البرنامج الوطني للمعادن، في يوليو/تموز 2024، بهدف دعم سلسلة الإمداد وتلبية الطلب المحلي والدولي على المعادن، بالإضافة إلى إدارة المخزونات الإستراتيجية وضمان استمرارية التوريد.
نمو المحتوى المحلي
في إطار رؤية المملكة لتوطين الصناعات وتعزيز فرص العمل، تجاوزت نسبة السعوديين العاملين في قطاع التعدين 60%، وارتفعت مساهمة المحتوى المحلي في سلاسل القيمة التعدينية بنسبة 25% خلال عامين فقط.
كما تأسست أكاديمية وطنية متخصصة بمجال التعدين في السعودية باسم "المعهد السعودي التقني للتعدين" لتأهيل الشباب السعودي وتدريبهم بغرض توطين الوظائف الفنية في مجال التعدين والصناعات المماثلة والمساندة لها؛ للمساهمة في دعم رؤية السعودية 2030.
فرص استثمارية واعدة
تُقدّر قيمة الثروات المعدنية في المملكة بنحو 9.4 تريليون ريال (2.51 تريليون دولار أميركي)، تشمل هذه المعادن: الذهب، النحاس، الزنك، النيكل، الحديد، إضافة إلى الفوسفات والبوكسايت والباريت وغيرها.
(الريال السعودي = 0.27 دولارًا أميركيًا)
وتعمل السعودية على رفع نسبة المساحة الجيولوجية المُستكشفة، من خلال برامج استكشاف متقدمة ومسوح جيولوجية تغطي مناطق جديدة.
وأعلنت المملكة خططًا لاستكشاف المعادن على مساحة 50 ألف كيلومتر مربع في 2025، مع حفر أكثر من 440 ألف متر مربع حتى الآن.
وتضخ الدولة استثمارات سنوية بقيمة 40 مليار دولار في مشروعات التعدين عبر صندوق الاستثمارات العامة، إضافة إلى تمويل مشروعات بـ100 مليار دولار تركز على المعادن الحيوية.
وفي هذا الإطار، أُصدرت أكثر من 2401 رخصة تعدينية منذ صدور نظام الاستثمار التعديني حتى نهاية العام الماضي (2024)، توزّعت بين استكشاف وإنتاج وخدمات مساندة، مقابل 224 رخصة فقط قبل صدور النظام، وبلغ عدد رخص الاستغلال للتعدين 215 رخصة.
كما أُطلقت مشروعات ضخمة مثل منجم منصورة ومسرة للذهب، الذي يُعد أكبر وأحدث منجم ذهب في السعودية، وتوسعة منجم "المهد"، ومجمع الفوسفات في وعد الشمال.
ويمثل الفوسفات أحد أهم المعادن الإستراتيجية التي تحتضنها منطقة الحدود الشمالية؛ إذ يسهم في دعم الأمن الغذائي المحلي والعالمي، من خلال دخوله في صناعة الأسمدة الزراعية.
شراكات دولية
استقطب قطاع التعدين استثمارات أجنبية مباشرة، وتأسست شراكات مع كبرى شركات التعدين العالمية.
كما استضافت المملكة مؤتمر التعدين الدولي، الذي أقيمت النسخة الرابعة منه، في يناير/كانون الثاني 2025، بحضور أكثر من 20 ألف مشارك من 170 دولة، و250 متحدثًا في أكثر من 70 جلسة، ليؤكد موقع التعدين في السعودية خريطة الاقتصاد العالمي.
وفي هذا السياق، وقّعت المملكة اتفاقيات تعاون مع دول مثل أستراليا وكندا والبرازيل وجنوب أفريقيا في مجالات الاستكشاف وتبادل المعرفة ونقل التقنية.
وأعلنت المملكة فوز 6 شركات في أكبر منافسة لاكتشاف المعادن تغطي 6 مواقع بمساحة إجمالية تبلغ 1000 كيلومتر مربع، وتتنافس كبريات شركات التعدين العالمية للاستثمار في السعودية.
التزام بالاستدامة والمعايير البيئية
يرتكز توجه التعدين في السعودية على مفهوم التنمية المستدامة، من خلال تقليل الانبعاثات، وتأهيل المواقع بعد الانتهاء من عمليات التعدين، وتعزيز الاقتصاد الدائري، وتطبيق معايير السلامة والبيئة الدولية؛ دعمًا لهدف المملكة في تحقيق الحياد الكربوني بحلول 2060.
موضوعات متعلقة..
- تدشين مشروعات لقطاع التعدين في السعودية باستثمارات 7.7 مليار دولار
- التعدين في السعودية.. 11 شركة تفوز بتراخيص استكشاف 6 مناطق واعدة
- استثمارات التعدين في السعودية تتخطى حاجز 400 مليار دولار
اقرأ أيضًا..
- التحول إلى السيارات الكهربائية.. دراسة تحدد 5 شروط لتوسيع انتشارها
- لتعزيز كفاءة الطاقة في الصناعات الدوائية.. تقنية أردنية بريطانية جديدة
- إضافات سعة طاقة الرياح عالميًا قد تقترب من 1 تيراواط بحلول 2030
المصدر..
