رئيسيةتقارير الهيدروجينهيدروجين

الهيدروجين الأخضر في مصر.. 6 شروط تحقق الريادة الإقليمية (تقرير)

دينا قدري

اقرأ في هذا المقال

  • طموحات الهيدروجين الأخضر في مصر تحتاج إلى خطوات للتنفيذ
  • التكلفة عقبة رئيسة أمام مشروعات الهيدروجين الأخضر في مصر
  • طرح مجموعة أدوات لحل أزمة تمويل مشروعات الهيدروجين
  • بناء الهيدروجين في مصر يجب أن يعني أيضًا بناء اقتصاد الهيدروجين المصري

يمثّل قطاع الهيدروجين الأخضر في مصر إحدى نقاط القوة التي تتمتع بها البلاد، في ظل كونه أولوية وطنية للتحول الاقتصادي وإزالة الكربون من الصناعة.

وتمتلك مصر أرضًا وشمسًا ومواني وإطارًا سياسيًا ودعمًا سياسيًا من أعلى المستويات، وتوافر الطلب الصناعي. كما تعمل على تطوير بعض المناطق مثل السخنة وشرق بورسعيد، مستهدفة إنتاج 3.2 مليون طن سنويًا من الهيدروجين الأخضر بحلول عام 2030.

ووضعت البلاد إستراتيجية وطنية للهيدروجين، وأصدرت قانون حوافز جديدًا في يناير/كانون الثاني 2024، مع توقيع أكثر من 30 مذكرة تفاهم بشأن الهيدروجين، ونقل البنية التحتية للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس (SCZONE).

وألقى تقرير حديث -اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)- الضوء على عوامل نجاح طموحات الهيدروجين الأخضر في مصر، والشروط اللازمة للوصول إلى قرارات الاستثمار النهائي.

وشدّد التقرير على أن الطموحات وحدها لا تكفي، وإذا استطاعت مصر فك شفرة قرار الاستثمار النهائي وجلب الشركاء المناسبين إلى طاولة المفاوضات، فقد تُسهم قناة السويس قريبًا في دفع عجلة التحول العالمي في مجال الطاقة.

عقبات مشروعات الهيدروجين الأخضر في مصر

باستثناء الخطوات الأولية -مثل مشروع الأمونيا التابع لشركة سكاتك النرويجية (Scatec) في العين السخنة- لم يصل أي مشروع للهيدروجين الأخضر في مصر بقدرة غيغاواط إلى قرار الاستثمار النهائي بعد.

ولكن التقرير الذي نشرته منظمة الهيدروجين الأخضر (GH2) أشار إلى أن الطلب على الهيدروجين ما يزال غير مؤكد، والتكاليف مرتفعة، والطلب المحلي ضعيفًا، وتتولى المنطقة الاقتصادية لقناة السويس الجزء الأكبر من العمل، لكنها لا تستطيع وحدها إدارة القطاع.

والآن، تشترط المنظمة البحرية الدولية أن يصل الشحن الدولي إلى الحياد الكربوني بحلول عام 2050، مع نقاط تفتيش رئيسة في عامي 2030 و2040.

ومع مرور 12% من التجارة العالمية عبر قناة السويس، تُعدّ مصر نقطة محورية في خريطة الشحن الأخضر الناشئة، ومع ذلك، ما تزال البنية التحتية للتزود بالوقود الأخضر تعمل.

وتجري حاليًا دراسة مشروعات التزود بالوقود ومناطق إنتاج الأمونيا من رأس شقير إلى المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، لكن التحدي الاقتصادي ما يزال قائمًا؛ إذ تبلغ تكلفة الميثانول الأخضر 1100-1500 دولار للطن، والأمونيا الخضراء نحو 850 دولارًا للطن.

وتبلغ تكلفة الفولاذ الأخضر الذي يُنتج في مصر ويُشحن إلى أوروبا، نحو 730 دولارًا للطن، وهو أكثر تنافسية من الإمدادات القادمة من الاتحاد الأوروبي.

وتمتلك مصر مقومات قوة عالمية في مجال تزويد السفن بالوقود الأخضر؛ إذ تُمكّنها من تزويد السفن من سنغافورة إلى روتردام بالأمونيا الخضراء أو الميثانول أو الهيدروجين.

ولكن التقرير شدد على أن تحويل هذه الرؤية إلى واقع يتطلّب أكثر من مجرد جغرافيا، فهو يتطلّب تكاملًا عميقًا في المواني، وبنية تحتية قادرة على التعامل مع أنواع متعددة من الوقود، واتفاقيات شراء مضمونة مع تحالفات شحن في الاتحاد الأوروبي، ومواءمة تنظيمية دقيقة مع معايير الوقود المتطورة للمنظمة البحرية الدولية.

كما أشار التقرير إلى أن المنطقة الاقتصادية لقناة السويس تتولى الجزء الأكبر من العمل، لكنها لا تستطيع وحدها إدارة القطاع، ودون ضمان الشراء وتكامل المواني، تُخاطر قناة السويس بأن تصبح سرابًا، وليس الشريان الأخضر للشحن العالمي.

ولخص التقرير فكرته أنه إذا أرادت مصر أن تكون رائدة في مجال الشحن الأخضر، فعليها أن تُسرع في حصول مشروعاتها على قرار الاستثمار النهائي.

الهيدروجين الأخضر في مصر
جانب من لقاء رئيس الوزراء ورئيس الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس- الصورة من مجلس الوزراء المصري

تمويل مشروعات الهيدروجين الأخضر في مصر

وفق التقرير الذي اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة، يتعيّن حل أزمة تمويل مشروعات الهيدروجين الأخضر في مصر؛ إذ تواجه أنواع الوقود الأخضر منحنى تكلفة وتعقيدًا أشد حدة من الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح.

وعلى الرغم من وفرة مصادر الطاقة المتجددة والحوافز، ما يزال الهيدروجين الأخضر في مصر أغلى بكثير، ويجب تضييق فجوة التكلفة حتى يتسنّى للطلب المحلي أن ينمو والصادرات أن تزدهر.

فالطموح وحده لا يكفي لتقليل مخاطر المشروعات التي تتراوح قيمتها بين مليار وملياري دولار؛ لذلك، لم يعد تقليل المخاطر خيارًا، بوصفه الطريقة الوحيدة لإحداث نقلة نوعية في قرار الاستثمار النهائي.

وذكر التقرير أنه ليس هناك "حل سحري واحد"، بل مجموعة أدوات:

  • تتطلّب المشروعات الأولية دعمًا للنفقات الرأسمالية بنسبة 50-70%.
  • يجب أن تكون فائدة الديون الميسرة أقل من 4% مع فترات سماح طويلة.
  • أدوات مختلطة مرتبطة بضمان الشراء.
  • يجب أن يشمل تخفيف المخاطر ضمانات العملات الأجنبية، والتأمين ضد المخاطر السياسية، وتغطية الشراء.
  • يجب تكييف نماذج إتش 2 غلوبال (مثل نظام المزاد المزدوج) وتكرارها.
  • قد تُحدث مشاركة مصر في مناقصة "إتش 2 غلوبال" المقبلة (التي تستهدف الأمونيا والميثانول) نقلة نوعية.

وأكد التقرير أن المطورون لا يريدون المزيد من المفاهيم؛ بل يريدون الوضوح، وتغطية المخاطر، وتسريع تنفيذ المشروعات.

الصناعة في مصر ورقة رابحة

لدى مصر ورقة رابحة أخرى تتمثّل في صناعتها الخاصة؛ إذ لن ينجح الهيدروجين الأخضر في مصر، إذا اقتصر على التصدير فقط، ولكن يجب أن يكون له معنى محلي.

وأشار التقرير إلى أن الميزة الحقيقية لمصر لن تأتي مما تشتريه، بل مما تبنيه؛ وستعتمد القدرة التنافسية -والمرونة- على المدى الطويل على مدى قدرة مصر على توطين سلسلة القيمة، وليس مجرد تجميعها.

وتُمثّل القاعدة الصناعية في مصر، من الأسمدة إلى الإسمنت، محركًا غير مستغل للطلب على الهيدروجين.

تُبذل جهود جارية لرسم خريطة لسلسلة القيمة المحلية، وتقييم جاهزية القوى العاملة، وتوسيع نطاق تصنيع مكونات مثل الضواغط والخزانات والأنابيب.

يُمكن أن يؤدي تصنيع هذه المكونات محليًا إلى خفض تكلفة الهيدروجين المستهلك بنسبة 15-20%، وخلق آلاف الوظائف في هذه العملية.

وهذا يعني:

  • استهلاك الهيدروجين لإزالة الكربون من قطاعي الأسمنت والأسمدة في مصر.
  • بناء قدرات أجهزة التحليل الكهربائي وموازنة المصنع محليًا.
  • تدريب المهندسين والفنيين ومشغلي المواني.
  • توفير فرص للشركات الصغيرة والمتوسطة في مجالات الخدمات اللوجستية والصيانة وتكامل الأنظمة.
  • دمج مشروعات الهيدروجين في إستراتيجيات التنمية الاقتصادية المحلية.

ورأى التقرير أن بناء الهيدروجين في مصر يجب أن يعني أيضًا بناء اقتصاد الهيدروجين المصري:

  • تصنيع مكونات أجهزة التحليل الكهربائي محليًا.
  • تدريب المصريين على تركيبها وصيانتها.
  • استعمال الهيدروجين لتنظيف القاعدة الصناعية في مصر.
  • ثم تصدير الباقي.

الهيدروجين الأخضر في مصر

المركز الدولي للهيدروجين الأخضر في القاهرة

تطرّق التقرير -الذي اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة- إلى المركز الدولي للهيدروجين الأخضر في القاهرة (GH2)، الذي يستعد ليكون العصب الإستراتيجي لتحول مصر إلى الهيدروجين الأخضر، ونموذجًا يُحتذى به في المنطقة.

ومنذ إطلاقه في منتصف عام 2024 في جامعة النيل، وسّع المركز دوره بثبات من كونه مرفقًا للدعم الفني إلى منصة متكاملة لمواءمة السياسات، وتطوير المشروعات، وبناء القدرات.

وبدعم من الحكومة المصرية ومنظمة الهيدروجين الأخضر، وبصفته سكرتارية تحالف الهيدروجين الأخضر الأفريقي (AGHA)، ويُسهم المركز في سد فجوة حرجة: ليس فقط في التنسيق بين الوزارات والجهات الفاعلة في السوق، بل أيضًا في ترجمة الطموح الوطني إلى مشروعات قابلة للتنفيذ وضمان التعلم في جميع أنحاء القارة.

ويمتلك المركز أجندة طموحة وواقعية، وقد نجحت دورتان تدريبيتان ناجحتان وورشات عمل رفيعة المستوى في جمع المطورين وصانعي السياسات والمؤسسات المالية.

ويستعد المركز لإطلاق مجموعة استشارية مالية بحلول الربع الثالث من عام 2025، بالتعاون مع بنوك التنمية متعددة الأطراف ومؤسسات التمويل الإنمائي، لدعم هيكلة المعاملات الفعلية والمساعدة في إنجاز المشروعات.

وسيكون هذا ضروريًا مع انتقال مصر من الإستراتيجية إلى التنفيذ وبدء صياغة مسارات مشروعات قابلة للتمويل بجدية.

وبالنظر إلى المستقبل، تُركز خطة عمل المركز لعامي 2025 و2026 بصورة كبيرة على الأثر: بدءًا من مواءمة سياسات الاعتماد والمالية في مصر مع أفضل الممارسات العالمية، وصولًا إلى بناء جاهزية سلسلة التوريد والقوى العاملة، وترسيخ نماذج التنمية الاقتصادية المحلية التي تضمن وصول المنافع إلى المجتمعات القريبة من مواقع المشروعات الرئيسة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصدر:

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق