طاقة متجددةالتقاريرتقارير الطاقة المتجددةتقارير الكهرباءرئيسيةكهرباء

دعم استقرار شبكات الكهرباء بعد تغذيتها بالطاقة المتجددة.. تقنية مصرية جديدة

داليا الهمشري

تبرز التحديات الفنية التي تهدد استقرار شبكات الكهرباء، في ظل التسارع العالمي نحو التحول الأخضر وزيادة الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة ذات التوليد المتقطع.

وفي هذا الإطار، توصّل فريق بحثي مصري إلى تقنية تمثل نقطة تحول من خلال تطوير نظام تحكُّم ذكي يعتمد على الذكاء الاصطناعي لتعزيز استقرار تردد الشبكات المعزولة.

ويضم الفريق البحثي كلًا من أستاذ إلكترونيات القوى والتحكم في الآلات الكهربية بجامعة بني سويف الأستاذ الدكتور رمضان مصطفى، والمدرس المساعد بالجامعة الدكتور محمد البرلسي، والأستاذ المساعد محمد غالي.

كما يضم الفريق المدرس بكلية الهندسة جامعة بنها الدكتور حسام قشطة، والمدرس بجامعة بني سويف الدكتور سمير عبدالعظيم، والأستاذ بجامعة الأمير سطان بن عبدالعزيز السعودية الأستاذ الدكتور فايز السوسي.

ويُعد البحث -الذي اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)- إضافة نوعية لمستقبل الطاقة النظيفة ودعم استقرار شبكات الكهرباء، خاصة مع تزايد الطلب على حلول الطاقة المتجددة في ظل أزمة التغير المناخي.

مشكلة انعدام القصور الذاتي

قال الدكتور محمد البرلسي إن أهم ما يهد استقرار شبكات الكهرباء، التي تعتمد على مصادر الطاقة المتجددة (مثل الرياح والشمس)، هو معاناتها نقصًا حادًا في "القصور الذاتي".

وعرف "القصور الذاتي" بأنه الخاصية الفيزيائية التي تعتمد على الكتل الدوارة في المولدات التقليدية لامتصاص الصدمات الناتجة عن التقلبات المفاجئة في الأحمال أو الأعطال.

وأضاف أن غياب القصور الذاتي يهدد استقرار شبكات الكهرباء، بجعلها عرضة لاختلالات ترددية قد تؤدي إلى انهيار كامل، خاصة في المناطق المعزولة التي تعتمد بنسبة 100% على الطاقة المتجددة.

وتابع أنه كلما زاد الاعتماد على طاقتي الشمس والرياح؛ تراجعت قدرة الشبكة على امتصاص الصدمات؛ ما يهدد بأعطال كارثية.

تقنية مصرية جديدة تضمن استقرار شبكات الكهرباء
أعضاء الفريق البحثي العامل على التقنية الجديدة

نظام تحكُّم هجين

طور الفريق البحثي نظام تحكُّم ثلاثي الطبقات يجمع بين الشبكات العصبية والمنطق الضبابي، مع تحسين معاملاته عبر استعمال تقنيات الذكاء الاصطناعي، ويتكون النظام من 3 مستويات للتحكم هي:

  1. التحكم المحلي (LC): يعمل عند كل مصدر طاقة لاحتواء الاضطرابات فور حدوثها، باستعمال منطق ضبابي لتعويض التقلبات الصغيرة.
  2. التحكم الثانوي (CC): ينسق بين مصادر الطاقة داخل المنطقة الواحدة؛ ما يعزز استقرار شبكات الكهرباء على مستوى أوسع.
  3. التحكم الرئيس (MCC): يربط بين المنطقتين عبر نظام ذكي لتبادل الطاقة الفائضة أو التعويضية.

وترجع أهمية هذه الطبقة إلى أنها تُعد "عقل النظام"؛ إذ تضمن توازن الطاقة بين المنطقتين رغم اختلاف الأحمال والاضطرابات، وهذه الطبقة تشبه "المُفاوض" الذي يوزع الموارد بشكل عادل بين الأطراف.

نتائج مذهلة

خضع النظام لاختبارات صارمة، شملت سيناريوهات واقعية مثل:

  1. تقلبات الأحمال بسبب التغيرات الجوية.
  2. أعطال الدوائر القصيرة المفاجئة.
  3. انقطاع أحد مصادر التوليد الرئيسة.

وأظهرت النتائج تفوق النظام الهجين (MR-ANFIS) على أنظمة التحكُّم التقليدية (PI) والضبابية (FPI)، في الاضطرابات الصغيرة والكبيرة بنسبة 95%، بما يهدد استقرار شبكات الكهرباء.

وعلّق الدكتور محمد البرلسي على هذه النتائج -خلال تصريحاته إلى منصة الطاقة المتخصصة- قائلًا: "هذه الأرقام ليست مجرد أعداد، بل هي دليل على أن التقنية الجديدة قادرة على المنافسة عالميًا".

ولفت إلى أن النظام قد نجح -في أحد الاختبارات- في استيعاب زيادة مفاجئة بالأحمال بنسبة 30% دون أي تدخل بشري، مشيرًا إلى أن هذا يعني التوجه نحو شبكات ذاتية التصحيح، وهو حلم العلماء منذ عقود.

خفض التكاليف

يقدم النظام 4 مزايا إستراتيجية:

  1. مرونة تشغيلية: تكيُّف فوري مع التغيرات دون الحاجة إلى إعادة تصميم البنية التحتية.
  2. خفض الانبعاثات: تقليل الاعتماد على المولدات الاحتياطية العاملة بالوقود الأحفوري.
  3. دعم الانتقال الأخضر: تمكين الشبكات من استيعاب حتى 70% من المصادر المتجددة دون أخطار.
  4. تقليل التكاليف: توفير 30% من النفقات التشغيلية عبر تقليل الفاقد وزيادة الكفاءة.

دمج الطاقة المتجددة في شبكات الكهرباء

وأشار الدكتور محمد البرلسي -في تصريحاته إلى منصة الطاقة- إلى أن التقنية لا تحل مشكلة استقرار شبكات الكهرباء فحسب، بل تفتح الباب أمام تطبيقات أوسع، مثل دمج السيارات الكهربائية بالشبكات دون التأثير في أدائها.

وأضاف أن هذه التقنية قد تمكّن المنازل في المستقبل من بيع الفائض من الطاقة الشمسية إلى الجيران عبر شبكة ذكية تُدار بهذه التقنية.

رؤية مستقبلية

يخطط الفريق للوصول بهذه التقنية التي تهدف إلى ضمان استقرار شبكات الكهرباء من الاستعمال المحلي إلى المستوى العالمي بتطوير النظام عبر:

  1. دمج تقنيات التعلم العميق لتحسين التنبؤ بالاضطرابات.
  2. توطين التكنولوجيا عبر شراكات مع شركات الطاقة المصرية.
  3. تصدير الحلول إلى دول إفريقية تعاني تحديات مشابهة في استقرار الشبكات.
  4. تطوير نسخة مُدمجة من النظام تعمل بالاعتماد على الحوسبة السحابية؛ ما سيسمح بمراقبة الشبكات عن بُعد واتخاذ قرارات فورية.
  5. اختبار النظام في بيئات أكثر تعقيدًا، مثل الشبكات المتكاملة مع أنظمة التخزين الكهربائي.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق