خطة الطاقة الإستراتيجية الـ7 في اليابان تفتح النار على الحكومة.. ومحللون: خيالية

جلبت خطة الطاقة الإستراتيجية الـ7 في اليابان انتقادات واسعة للحكومة، خلال الوقت الذي يقول محللون إنها "مفرطة في التفاؤل"، بل ترقى إلى مستوى الخيال، وفق متابعات منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).

وأخفقت مسودة الخطة المعروفة اختصارًا بـ"إس إي بي SEP" في تحقيق تقدمٍ بمستهدف اليابان الحالي للطاقة المتجددة لعام 2030، والمبين بالخطة السادسة لعام 2021؛ إذ يُتوقع أن تشهد سعة الطاقة نموًا بمعامل 1.7 فقط؛ ما يقل كثيرًا عن الالتزام العالمي بمضاعفة سعة الطاقة النظيفة 3 مرات بحلول عام 2030.

وحذر الخبراء من أنه في ظل افتقارها إلى إصلاحات سياسية كبرى، قد تواصل اليابان اعتمادها على النفط والغاز؛ ما يسلط الضوء على الحاجة إلى مزيد من الشفافية وتنوع المدخلات في تخطيط الطاقة.

وترسم الخطة الاستراتيجية للطاقة، بوجه عام، توجه سياسة الطاقة في البلد الآسيوي على المديين المتوسط والطويل؛ علمًا بأن الخطة كانت قد صدرت للمرة الأولى في عام 2003، وتُراجَع كل 3 سنوات تقريبًا.

ملامح الخطة الـ7

أنهت الحكومة اليابانية مسودة الخطة في 18 فبراير/شباط (2025)، وتستهدف توليد طاقة متجددة تتراوح بين 40% و50% وطاقة نووية بنسبة 20% بحلول عام 2040.

ومن منظور محلي محفوف بمخاطر أمن الطاقة، تُعد خطة الطاقة الإستراتيجية الـ7 متواضعة المستوى؛ لكونها تفتقر إلى الطموح في مستهدفات الطاقة المتجددة المتضمنة بها، كما أنها خيالية؛ لأنها تعتمد على إعادة إحياء غير متوقع للطاقة النووية.

ومع غياب إصلاحات هيكلية عميقة، تخاطر اليابان بالتخلف عن جهود الطاقة النظيفة العالمية عبر اللجوء إلى الوقود الأحفوري لسد الفجوات الحتمية لديها في قطاع الكهرباء.

إستراتيجية الطاقة في اليابان 2040

تتشكّل بيئة السياسة في اليابان بقلق متنامٍ إزاء أمن الطاقة والتزامات إزالة الكربون العالمية، وفق منصة الطاقة المتخصصة.

وأشعلت الاضطرابات العالمية -بما في ذلك الحرب الروسية الأوكرانية والقلاقل الحاصلة في الشرق الأوسط- مخاوف أشبه بمثيلتها خلال أزمة النفط في سبعينيات القرن الماضي.

ومحليًا، شهد الطلب المتنامي على الكهرباء من مراكز البيانات ومصانع الرقائق الإلكترونية والكهربة، تغيرًا ملحوظًا في اليابان التي يسجل فيها الطلب تراجعًا قويًا منذ سنوات.

والتزمت اليابان بوصفها رئيسة قمة مجموعة الـ7 في دورتها المنعقدة خلال عام 2023، بتحقيق قطاع كهرباء حيادي الكربون بشكل كامل أو شبه كامل بحلول عام 2035.

وفي مؤتمر المناخ "كوب 28"، تعهدت طوكيو بمضاعفة سعة الطاقة المتجددة 3 مرات وكذلك مضاعفة الوتيرة العالمية لتحسينات كفاءة الطاقة؛ وبناءً عليه تضمّنت خطة الطاقة الـ7 في اليابان أهدافًا لكل مصدر طاقة بالنسبة لعام 2040.

ويُتوقع أن تمثل الطاقة النووية نحو 20% من إجمالي توليد الكهرباء في البلد الآسيوي؛ أي أكثر من ضعف حصتها في عام 2023 البالغة 8.5%؛ ما يمثل تغيرًا كبيرًا من خطة الطاقة الإستراتيجية السابق المنشورة في عام 2021، والتي تمسكت بخفض الاعتماد على الطاقة النووية قدر المستطاع.

الطاقة المتجددة في اليابان

ستمثل الطاقة المتجددة في اليابان ما يتراوح بين 40% و50% من إجمالي مزيج الكهرباء بحلول عام 2040، مقارنةً بـ22.9% في عام 2023، وفق الخطة الـ7 التي طالعت تفاصيلها منصة الطاقة المتخصصة.

وتقسم مسودة الخطة، الرقم الذي يتراوح بين 40% و50% إلى 23% و29% للطاقة الشمسية، و4% و8% لطاقة الرياح، و8% و10% للطاقة الكهرومائية، و1% و2% للطاقة الحرارية الأرضية، و5% و6% للكتلة الحيوية.

وعلى الرغم من أنها تستهدف مضاعفة سعة الطاقة المتجددة؛ فإن الخطة تحتفظ بدور كبير للوقود الأحفوري، والذي يُطلق عليه غالبًا "الطاقة الحرارية في اليابان".

وبحلول عام 2040، توقّعت الخطة أن يمثل الوقود الأحفوري بين 30% و40% من إجمالي الكهرباء المولدة في اليابان؛ كما التزمت الحكومة اليابانية بتحقيق سعة سنوية في تقنية احتجاز الكربون وتخزينه تتراوح بين 6 و12 مليون طن بحلول عام 2030.

وتضمنت الخطة كذلك مستهدفات الهيدروجين والأمونيا التي أعلنتها الحكومة في عام 2023؛ إذ إنه بحلول عام 2030، تتوقع طوكيو أن يلامس الطلب على الهيدروجين 3 ملايين طن سنويًا، ليصل إلى 12 مليون طن سنويًا بحلول عام 2040، و20 مليون طن سنويًا بحلول عام 2050.

كما تأمل طوكيو في تعزيز الطلب على الأمونيا إلى 300 مليون طن سنويًا بحلول عام 2030، ونحو 3 مليارات طن سنويًا بحلول عام 2050 (من حيث ما يعادل الهيدروجين).

طاقة نظيفة متواضعة

على الرغم من أن خطة الطاقة الإستراتيجية الـ7 تتوقّع مضاعفة سعة الطاقة المتجددة بحلول عام 2040؛ فلا يزال هذا أقل بكثير من المقومات التي تمتلكها البلاد في هذا الخصوص.

ولذا تبدو الخطة متواضعة إلى حد كبير في مواجهة الانبعاثات الكربونية الناجمة عن قطاع الطاقة.

وأظهرت دراسات تحليلية عديدة أجراها عدد من المنظمات البحثية داخل اليابان وخارجها مثل معهد الإستراتيجيات البيئية العالمية (the Institute for Global Environmental Strategies)، والصندوق العالمي للطبيعة في اليابان (WWF Japan)، ومؤسسة كليميت إنتيغريت (Climate Integrate)، أن السواد الأعظم من إمدادات الكهرباء في اليابان يمكن أن يأتي من مصادر متجددة بفضل السياسات الذكية والمتكاملة والاستثمارات.

ووفق معهد الطاقة المتجددة (the Renewable Energy Institute)، على سبيل المثال، يمكن أن تحقق اليابان سعة طاقة متجددة نسبتها 80% بحلول عام 2035، مع الإبقاء على تكلفة الكهرباء على المستوى نفسه الذي كانت عليه قبل أن تُشعل الحرب الأوكرانية أسعار الوقود الأحفوري.

الطاقة النووية.. أهداف خيالية

يتوجّس المحللون خيفة من التفاؤل المفرط الذي تبدو عليه الخطة الـ7، ولا سيما بشأن الطاقة النووية؛ ما يخلق سيناريو أقرب إلى الخيال منه إلى الواقع.

وفي هذا السياق، سلّط رئيس الجامعة الدولية في اليابان تاكيو كيكاوا، الضوء على السيناريو النووي الخيالي بقوله: "خطة الطاقة الإستراتيجية الـ6 كانت تلقب بكونها طموحة، أما مستهدفات الخطة الـ7 فقد غاصت في عالم الخيال".

واستطرد كيكاوا في حديثه: "من أجل تحقيق مستهدف برنامج الطاقة النووية في الخطة الـ6، والذي يتراوح بين 20% و22%، يتعين تشغيل 27 مفاعلًا؛ ولدينا حاليًا 12 مفاعلًا، وحتى إذا أضفنا مفاعلين سنويًا؛ فلن يكون لدينا سوى 24 مفاعلًا بحلول عام 2030".

وتابع: "حتى إعادة تشغيل مفاعلين سنويًا فهي أمر لا يمت للواقع بصلة"، خلال تصريحات سابقة أطلقها في شهر فبراير/شباط الماضي.

موضوعات متعلقة..

• مفارقة.. إنتاج الهيدروجين الأزرق يستلزم تطوير البنية التحتية للوقود الأحفوري (تقرير)
• هل تتأثر أسعار النفط بالتحفيز الاقتصادي في الصين؟ أنس الحجي يجيب
• أكبر 10 دول مستوردة للغاز المسال عالميًا.. بلد عربي ينضم للقائمة

اقرأ أيضًا..

• أكبر محطة نووية في العالم تمدد العمر التشغيلي لمفاعلها 35 عامًا
• اليورانيوم في ناميبيا.. خريطة أهم مشروعات الاستكشاف والإنتاج
• مصر تعلن 3 اكتشافات نفط وغاز باحتياطيات 12 مليون برميل

المصادر:

1. خطة الطاقة الإستراتيجية الـ7 في اليابان من موقع "إنرجي تراكر.
2. أخفقت الخطة في تحقيق مستهدف الطاقة المتجددة من موقع "إي 3 جي".