رئيسيةتقارير الكهرباءكهرباء

شبكة الكهرباء في أوروبا تواجه تهديدًا وجوديًا بسبب الحياد الكربوني (تقرير)

محمد عبد السند

اقرأ في هذا المقال

  • تتسارع وتيرة التحول في أوروبا إلى استعمال مصادر الطاقة المتجددة
  • مخاوف في أوروبا بسبب اعتمادها على الطاقة المتجددة المتقطعة بطبيعتها
  • يجب الاعتماد على أنظمة توليد كهرباء مرنة في أوروبا
  • حقّقت أوروبا تقدمًا في أهداف الحياد الكربوني
  • تحتاج شبكة الكهرباء في أوروبا إلى استثمارات بمليارات الدولارات

تقف شبكة الكهرباء في أوروبا على أعتاب أزمة وشيكة نتيجة تسارع الجهود الرامية إلى تحقيق أهداف الحياد الكربوني، وفق نتائج دراسة حديثة طالعتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).

وتتسارع وتيرة التحول في أوروبا إلى استعمال مصادر الطاقة المتجددة، غير أن هذا التحول يُعرّض المنطقة لمخاطر ناجمة عن عدم استقرار الشبكة، وعجز في كميات الكهرباء المولّدة، وما ينتج عنه من نقص الإمدادات.

وتتنامى المخاوف في أوروبا إزاء الاعتماد المُفرط على الطاقة المتجددة المتقطعة بطبيعتها، بحسب حالة الطقس ومعدلات سطوع الشمس وتقلبات هبوب الرياح.

وتُذكي تلك المخاوف الشكوك المثارة حول قدرة شبكة الكهرباء في أوروبا على التخلّي عن محطات الكهرباء التقليدية المعتمدة على الوقود الأحفوري الأكثر موثوقية وانتظامًا، لصالح أنظمة كهرباء غير موثوقة بصورة أو بأخرى.

وبناءً على ذلك، ترجّح آراء الاعتماد على أنظمة توليد كهرباء مرنة تمزج بين مصادر الوقودَيْن الأحفوري والمتجدد، عبر نشر التقنيات المعززة للشبكة، مثل استعمال توربينات الغاز العاملة في محطات الطاقة الحرارية وتقنيات تخزين الكهرباء.

احتياجات شبكة الكهرباء في أوروبا

حذّرت شبكة الطاقة والتوربينات (The Energy and Turbomachinery Network)، وهي جمعية دولية لا تهدف إلى الربح تركز على تطوير تقنية التوربينات العاملة بالغاز، من أن أجندة الحياد الكربوني في أوروبا من الممكن أن تتعثّر حال لم تتوافر لها استثمارات فورية وضخمة لتوليد الكهرباء القابلة للتوزيع (Dispatchable Power)، وتخزينها وتحديث الشبكة.

والكهرباء القابلة للتوزيع هي تلك الكهرباء التي يمكن تشغيلها أو إيقافها حسب الحاجة إلى تلبية الطلب على الكهرباء، مثل محطات الفحم أو الغاز، بعكس الكهرباء المولدة بمصادر الطاقة المتجددة، المعتمدة أساسًا على ظروف الطقس ولا يمكن التحكم في إنتاجها للكهرباء.

وقالت الشبكة، المعروفة اختصارًا بـ"إي تي إن غلوبال" (ETN Global)، إن هناك حاجة ماسة إلى مضاعفة مرونة الشبكة بحلول عام 2030، في الوقت الذي تكافح فيه المنطقة مع الزيادة المطردة في الطلب الناتج عن زيادة معدلات إتاحة الكهرباء إلى المنازل وقطاعي الصناعة والنقل، وفق ما ورد في دراسة بحثية حديثة.

وأضافت "إي تي إن غلوبال": "من المتوقع أن تنمو الحاجة إلى توليد الكهرباء من الأنظمة المرنة بواقع 209 تيراواط/ساعة يوميًا من عام 2021، وهو ما يعادل إضافة معدل استهلاك الكهرباء السنوي لبلد أوروبي صغير".

وتابعت: "بحلول عام 2050، يُتوقع أن تزيد المتطلبات الإجمالية لتوليد الكهرباء من الأنظمة المرنة (اليومية والأسبوعية والشهرية) 5 أضعاف"، وفي الدراسة البحثية التي طالعت نتائجها منصة الطاقة المتخصصة.

وواصلت "إي تي إن غلوبال": "وفق شبكة مشغلي أنظمة نقل الغاز الأوروبية (إي إن تي إس أو –جي) (ENTSO-G)، يُتوقع أن ترتفع معدلات توليد الكهرباء من الأنظمة المرنة لدعم التغييرات المذكورة بما يتراوح بين 40% و65% بحلول عام 2050".

وتتوقع "إي إن تي إس أو -جي" زيادة صافية قدرها 107 غيغاواط في سعة التوليد المرنة، لا سيما من توربينات الغاز في محطات الطاقة الحرارية، بحلول عام 2030.

توربين غاز
توربين غاز - الصورة من موقع شركة جنرال إلكتريك فيرنوفا

حلول مستدامة.. "البداية السوداء"

لتلبية متطلبات أنظمة توليد الكهرباء المرنة، ستحتاج أوروبا إلى حلول مستدامة يمكن أن تقدّم خدمات مرنة موثوقة، بما في ذلك متابعة الأحمال والوصول إلى الذروة، والسعة الاحتياطية، وخدمات الشبكة (القصور الذاتي الدوراني، والتحكم في التردد)، وحلول التخزين المتوسطة إلى الطويلة الأجل، فضلاً عن إمكانيات "البداية السوداء".

و"البداية السوداء" مصطلح يشير إلى عملية تُعاد خلالها محطة طاقة، أو جزء من شبكة كهربائية أو منشأة صناعية، إلى العمل دون الاعتماد على شبكة نقل الكهرباء الخارجية للتعافي من الإغلاق الكلي أو الجزئي.

وحثّت شبكة الطاقة والتوربينات صنّاع السياسات الأوروبيين على ضرورة إدخال إصلاحات عاجلة لتوسيع معدلات توليد الكهرباء المرنة عبر وضع تحفيزات؛ مع التركيز على التوربينات العاملة في محطات الطاقة الحرارية القابلة للتوزيع، لا سيما تلك القادرة على استعمال الهيدروجين والوقود الاصطناعي.

الهيدروجين والوقود الاصطناعي

تتسارع وتيرة الاهتمام باستعمال الهيدروجين والوقود الاصطناعي في أوروبا، غير أن معدلات توافره وكلفته ما تزالان عقبات رئيسة تحول دون انتشار استعمال مصادر الطاقة تلك على نطاق واسع.

وفي هذا الصدد قال تقرير "إي تي إن غلوبال" إنه على الرغم من أن اختبارات توربينات الغاز العاملة بالهيدروجين بنسبة 100% جارية على قدمٍ وساق، فإن استعمال تلك الأجهزة يتعطل على نطاق واسع نتيجة الفجوات الحاصلة في سلاسل الإمدادات، وسعة الإنتاج غير الكافية إلى جانب ارتفاع التكاليف.

وقال التقرير: "لبناء الثقة في تلك الحلول، وجذب استثمارات مستقبلية، من الضروري إجراء اختبار تشغيلي واسع النطاق، وتحقيق هذا سيتطلب إتاحة إمدادات موثوقة وكافية من الهيدروجين خلال السنوات المقبلة".

وأضاف: "هذان التحديان المذكوران يتسبّبان في حصول حالات عدم يقين من شأنها أن تُرجئ قرارات الاستثمارات النهائية في قطاع الطاقة والصناعة الأوسع المتعلقة بالاستثمارات في الوقود منخفض الكربون أو حيادي الكربون، وتقنيات توربينات الغاز في محطات الطاقة الحرارية، وخيارات تقنية احتجاز الكربون وتخزينه".

خطوط ربط كهربائي
خطوط ربط كهربائي - الصورة من WindEurope‏

الحياد الكربوني في أوروبا

حقّقت أوروبا تقدمًا مهمًا فيما يتعلق بأهداف الحياد الكربوني؛ إذ تلامس نسبة الكهرباء الحيادية الكربون المولدة في أوروبا حاليًا 74%، وفق دراسة "إي تي إن غلوبال"، التي طالعت نتائجها منصة الطاقة المتخصصة.

ومع ذلك فإن التحول إلى الاقتصاد المعتمد على الكهرباء يفرض مشكلات أمنية جديدة؛ إذ إنه بحلول عام 2050، سيرتفع الطلب على الكهرباء بنسبة 50%، مع تزايد الأحمال في أثناء الذروة بنسبة 26%، مع التحول إلى كهربة قطاعات النقل والصناعة والتدفئة.

وما تزال شبكة الكهرباء في أوروبا غير مستعدة جيدًا، حتى الآن، لمواجهة الأحداث الجوية المتطرفة، والهجمات الإلكترونية (السيبرانية)، وانقطاعات الإمدادات بسبب العوامل الجيوسياسية؛ ما يهدد موثوقية الشبكة.

وتحتاج شبكة الكهرباء في أوروبا إلى استثمارات تزيد قيمتها على 580 مليار يورو (633 مليار دولار أميركي) بحلول نهاية العقد الحالي إلى جانب إصلاحات سوق الكهرباء، بما في ذلك تحفيز الأصول المرنة مثل توربينات الغاز في محطات الطاقة الحرارية وتحزين الكهرباء؛ تجنبًا لاختناق الإمدادات.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصادر:

1.الحياد الكربوني غير المدار جيدًا يهدّد شبكة الكهرباء في أوروبا من دراسة أجرتها "شبكة الطاقة والتوربينات".

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق