طاقة الرياح البحرية في فرنسا تصطدم بمعارضة المجتمعات المحلية والصيادين (تقرير)
وحدة أبحاث الطاقة - رجب عز الدين

- فرنسا الثانية أوروبيًا بعد المملكة المتحدة في تقديرات موارد الرياح البحرية المحتملة
- القدرة التشغيلية لطاقة الرياح البحرية في فرنسا لم تتجاوز 1.5 غيغاواط حتى 2024
- حصة الطاقة النووية في مزيج الكهرباء تتجاوز 67% والرياح البحرية 1% فقط
- تعقّد نظام التصاريح الفرنسي وارتفاع التكاليف أبرز أسباب تأخر المشروعات البحرية
- المجتمعات المحلية تخشى من التلوث البصري وتهديد الصيد والنظم البيئية البحرية
حظيت طاقة الرياح البحرية في فرنسا باهتمام حكومي متأخر، رغم وفرة مواردها الهائلة وتصنيفها الأوروبي المتقدم بين دول الاتحاد.
وبحسب دراسة حديثة -حصلت عليها وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن)- تمتلك فرنسا ثاني أعلى قدرات محتملة لتوليد طاقة الرياح على مستوى أوروبا، بعد المملكة المتحدة المصنّفة الأولى أوروبيًا.
وتتجاوز القدرة المحتملة لطاقة الرياح البحرية في فرنسا 120 غيغاواط، في حين تصل إلى 200 غيغاواط في المملكة المتحدة.
ورغم ذلك، فإن القدرة التشغيلية لطاقة الرياح الفرنسية ما زالت في المركز السادس أوروبيًا، ولا تغطّي سوى 1% من إجمالي الطلب على الكهرباء.
قدرة طاقة الرياح البحرية في فرنسا
تعتمد فرنسا على الطاقة النووية بنسبة تتجاوز 67% في مزيج الكهرباء الوطني، تليها طاقة الرياح البرية بنسبة 10%، في حين لم تتجاوز إسهامات طاقة الرياح البحرية 1% خلال عام 2024.
وبلغت القدرة التراكمية التشغيلية لطاقة الرياح في فرنسا قرابة 24.4 غيغاواط، منها 1.5 غيغاواط فقط لطاقة الرياح البحرية حتى عام 2024، بحسب بيانات مؤسسة ويند يوروب المتخصصة.
وتُصنّف فرنسا -وفق هذه البيانات- السادسة أوروبيًا من حيث القدرة التشغيلية الفعلية لطاقة الرياح البحرية حتى عام 2024، كما هو موضح في القائمة الآتية:
- المملكة المتحدة: 15.93 غيغاواط.
- ألمانيا: 9.12 غيغاواط.
- هولندا: 4.70 غيغاواط.
- الدنمارك: 2.65 غيغاواط.
- بلجيكا: 2.26 غيغاواط.
- فرنسا: 1.5 غيغاواط.
ورغم استحواذ ألمانيا وهولندا على المركزَيْن الثاني والثالث في الطاقة التشغيلية لطاقة الرياح البحرية، فإنهما يتأخران في الترتيب بعد فرنسا من حيث تقييم موارد الرياح المحتملة، بحسب التقرير الصادر عن معهد اقتصادات الطاقة والتحليل المالي.
وتُقدر موارد طاقة الرياح البحرية في فرنسا بأكثر من 120 غيغاواط، في حين لا تتجاوز تقديراتها 70 غيغاواط في ألمانيا، و60 غيغاواط في هولندا.

تحديات طاقة الرياح البحرية في فرنسا
رغم وفرة موارد طاقة الرياح البحرية في فرنسا، فإن التوسع في استغلالها ما زال يواجه تحديات تنظيمية ومالية واجتماعية عديدة.
وطرحت فرنسا عديدًا من المناقصات لتطوير طاقة الرياح البحرية منذ عام 2011، لكن حتى الآن لم تبدأ إلا مشروعات جولة واحدة حتى الآن.
وبلغت قدرة المشروعات الممنوحة في هذه المناقصات قرابة 8.65 غيغاواط، منها 1.5 غيغاواط نُفّذت منذ عام 2011 وحتى 2024.
واستغرقت الشركات الفائزة بالعطاءات 10 سنوات لتركيب أول 0.5 غيغاواط، في حين تم تركيب الـ1 غيغاواط الأخرى خلال سنتين، بحسب بيانات معهد اقتصادات الطاقة.
وكان من المثير للدهشة أن تأخر مشروعات طاقة الرياح البحرية في فرنسا لا يرجع إلى أسباب متصلة بتأخيرات البناء أو ضعف التقنيات، إذ تستعمل معظم المشروعات تقنية قاع البحر المتطورة بدلًا من خيار الطفو الأكثر صعوبة.
وبحسب دراسة المعهد، فإن هذا التأخر يرجع بصورة رئيسة إلى تراكم التأخيرات الإدارية والتحديات القانونية ومعارضة المجتمعات المحلية وبعض أصحاب المصلحة في قطاعي الصيد والسياحة.
ويتسم نظام التصاريح الفرنسي لطاقة الرياح البحرية بالتعقيد والبيروقراطية الشديدة، إذ يتضمّن مراحل متعددة من الموافقات تتطلّب المرور على جهات حكومية كثيرة، ما أدى إلى تأخيرات كبيرة في تنفيذ المشروعات.
على سبيل المثال: أطلقت أول مناقصة لتطوير طاقة الرياح البحرية في فرنسا عام 2011، لكن حتى عام 2021، لم يدخل أى توربين حيز التشغيل، على عكس دول أخرى سهلت إجراءات التراخيص مبكرًا مثل المملكة المتحدة وألمانيا، ما أدى إلى تسريع تطوير مشروعاتها.
تحديات التكاليف والمعارضة المحلية
على الجانب الآخر، أدى ارتفاع التكاليف الرأسمالية إلى تأخير كثير من مشروعات طاقة الرياح البحرية في فرنسا، حيث تحتاج مزارع الرياح البحرية إلى ما يتراوح بين 3 و5 ملايين يورو (3.3- 5.5 مليون دولار) لكل ميغاواط، وذلك حسب ظروف الموقع والتقينات المستعملة وتفاعلات السوق.
وتجاوزت أولى 3 مزارع بحرية في فرنسا الحد الأقصى للتكاليف الرأسمالية المعروفة في الصناعة، رغم اعتمادها على تقنيات قاع البحر الأكثر تقدمًا، ما يتطلّب بذل مزيد من الجهود لخفض التكاليف لمساعدة القطاع على التحول إلى اقتصادات الحجم الكبير.
على الجانب الآخر، عاقت المعارضة العامة والمعارك القانونية التي أثارتها المجتمعات المحلية والمنظمات البيئية وقطاع الصيد تقدم كثير من مشروعات طاقة الرياح البحرية في فرنسا.
ويخشى هؤلاء من التأثيرات البصرية العشوائية لتوربينات الرياح البحرية، والأضرار المحتملة على النظم البيئية البحرية، واضطراب أنشطة الصيد.

وعلى عكس فرنسا، لا تواجه مشروعات طاقة الرياح البحرية في الدنمارك وهولندا معارضة مجتمعية ملحوظة بسبب فاعلية المشاركة وآليات التعويض التي مهدت لقبولها شعبيًا.
بالإضافة إلى كل تلك العوامل، فإن هيمنة الطاقة النووية على سياسات الطاقة في فرنسا، ما زالت تثبط همة البلاد نحو التقدم إلى مصادر الطاقة المتجددة الأخرى بما في ذلك المصادر البحرية.
كما يتطلب تطوير طاقة الرياح البحرية في فرنسا، إنشاء بنية تحتية متخصصة مثل مرافق المواني وسفن التركيب، ما يتطلب أيدى عاملة ماهرة ليست متوفرة في البلاد بالقدر الذي يسمح بتسريع نشر التوربينات البحرية، بحسب الدراسة.
موضوعات متعلقة..
- طاقة الرياح البحرية في فرنسا تستحوذ على 20% بحلول 2050
- طاقة الرياح البحرية في المملكة المتحدة.. هل تؤدي إلى نفوق الحيتان؟ (تقرير)
- قدرة طاقة الرياح البحرية العالمية قد تتجاوز 520 غيغاواط في 2040
اقرأ أيضًا..
- حصة الكهرباء النظيفة تكسر حاجز الـ40% لأول مرة
- أكبر حقل غاز في العراق.. 15 تريليون قدم مكعبة بمرمى النيران
- إنتاج طاقة الرياح في مصر ينتعش من 3 شركات عالمية
- تفاصيل 3 مشروعات أمونيا عربية تنطلق في 2026
المصادر:
- تحليل فرص وتحديات طاقة الرياح البحرية في فرنسا من معهد اقتصادات الطاقة.
- بيانات القدرة التشغيلية لطاقة الرياح البحرية في أوروبا من ويند يوروب.