التقاريرتقارير السياراتتقارير دوريةرئيسيةسياراتوحدة أبحاث الطاقة

تصنيع السيارات الكهربائية في المكسيك بالكامل يواجه تحديات ضخمة (تحليل)

خبراء يشككون في جدوى المشروع الوطني وينصحون بالتجميع أو التصنيع الجزئي

وحدة أبحاث الطاقة - رجب عز الدين

اقرأ في هذا المقال

  • المكسيك تستهدف إنتاج أول طراز كهربائي محلي بالكامل بحلول 2026
  • المكسيك لديها خبرة متراكمة في صناعة السيارات التقليدية منذ عام 1925
  • السيارات الصينية الكهربائية تشكّل 10% من مبيعات السيارات في المكسيك
  • محطات الشحن محدودة ومحصورة في مساكن خاصة أو منشآت تابعة للشركات
  • المكسيك تمتلك رواسب معقّدة من الليثيوم، ولم تنتجه على مستوى تجاري بعد
  • حرب الرسوم الجمركية مع أميركا سترفع تكاليف التصنيع المحلي في المكسيك

يترقب الخبراء تطورات برنامج تصنيع السيارات الكهربائية في المكسيك، وسط آمال وطنية طموحة لتحويل البلد المجاور لأكبر اقتصاد في العالم من وكيل للمصنّعين الأجانب إلى مركز تصنيع رائد على مستوى الأميركيتين.

ورغم الدعم السياسي القوي الذي تحظى به الصناعة، فإن حلم التصنيع المحلي لأول سيارة كهربائية بالكامل في المكسيك ما يزال يواجه تحديات ضخمة قد تؤخّره عن موعده المرتقب لسنوات على الأقل، بحسب تحليل حديث، اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن).

وتطمح صناعة السيارات الكهربائية في المكسيك لإنتاج أول سيارة مصنعة محليًا بالكامل بحلول عام 2026، في ظل دعم واسع من الرئيسة المكسيكية الجديدة ذات التوجه اليساري كلوديا شينباوم.

وعبّرت شينباوم في مؤتمر صحفي -مؤخرًا- عن دعمها الكامل لمشروع أولينيا (Olinia) الوطني الذي يهدف إلى تعزيز القدرات المحلية في تصنيع السيارات الكهربائية، ثم التحول إلى تصديرها للأسواق الإقليمية والعالمية في مرحلة لاحقة.

سوق السيارات الكهربائية في المكسيك

تنتج المكسيك -حاليًا- أكثر من 3 ملايين سيارة سنويًا، وتصدّر 80% منها إلى الولايات المتحدة، كما أنها سوق صاعدة للسيارات الكهربائية.

وبلغت مبيعات السيارات الكهربائية والهجينة في المكسيك أكثر من 54 ألف سيارة خلال النصف الأول من عام 2024، بزيادة 80% عن المدة نفسها من عام 2023، بحسب بيانات رسمية نقلها موقع ريست أوف ورلد (Rest Of World).

ومن المتوقع نمو سوق السيارات الكهربائية في المكسيك بمعدلات تتراوح من 25% إلى 30% خلال السنوات الـ5 المقبلة، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

ويستهدف مشروع أولينيا الوطني طرح نماذج كهربائية منتجة محليًا أمام الجمهور بأسعار أرخص من السيارات الصينية الشائعة في السوق.

ويتوقع مدير المشروع روبرتو كابوانو أن يكون النموذج الأول من هذه الطرازات جاهزًا بحلول موعد انطلاق كأس العالم لكرة القدم عام 2026 بمدينة مكسيكو، بينما ستكون متاحة للشراء أمام الجمهور بحلول عام 2030.

وتعني كلمة "Olinia" التي سُمِّي بها المشروع "الحركة" بحسب معناها في لغة الناواتل التي يتحدث بها السكان الأصليون في أميركا الشمالية.

الرئيسة المكسيكية كلوديا شينباوم
الرئيسة المكسيكية كلوديا شينباوم - الصورة من Gobierno de México

ويروَّج لهذا المشروع -المفترض اعتماده على مكونات مكسيكية بالكامل- بوصفه أحد الحلول لتقليل انتشار السيارات الكهربائية الصينية المستوردة في السوق المحلية، وخاصة طرازات بي واي دي، وشيري، التي تمثّل الآن 10% من مبيعات السيارات الجديدة في المكسيك.

تحديات التصنيع المحلي للسيارات

رغم الآمال الوطنية المعلقة والجدول الزمني الطموح، فإن الخبراء والمراقبين ما زالوا يعتقدون أن حلم تصنيع السيارات الكهربائية في المكسيك سيواجه تحديات تقنية واقتصادية ولوجستية كبيرة.

وقال مسؤولون محليون في شركة تيسلا، إن فكرة تصنيع سيارة كهربائية من الصفر من المكسيك دون وجود بنية تحتية قائمة، أمر مثير للاهتمام، وسيواجه صعوبات ضخمة تشكّك في جدواه على المدى القصير.

على الجانب الآخر، يبدو مدير مشروع "أولينيا" روبرتو كابوانو أكثر تحمّسًا من الخبراء الأجانب، مع اعتقاده بقدرة المشروع على جذب استثمارات عامة وخاصة كبيرة، تمكّنه من تحقيق أهدافه في الأجل الزمني المحدد.

ومن المخطط -بحسب كابوانو- تصنيع السيارات الكهربائية في أكثر من ولاية على مستوى البلاد بهدف خفض تكاليف الشحن، كما أن التصميمات المطروحة ستناسب أصحاب الأعمال وسكان المدن والشباب والأُسَر الحضرية.

ومن حيث التسعير، يتوقع مدير المشروع أن يتراوح سعر السيارة الكهربائية المحلية من 90 ألف إلى 150 ألف بيزو مكسيكي (4.4 ألف إلى 7.3 ألف دولار أميركي)، ما يقلّ بمقدار 50% عن أسعار سيارات بي واي دي الصينية وتيسلا الأميركية.

ورغم ذلك، فإن الموازنة الحكومية المرصودة للتقنيات والعلوم والابتكار خلال عام 2025، لم تتجاوز 25 مليون بيزو مكسيكي (1.2 مليون دولار).

وهذا الرقم ضعيف جدًا، إلى جانب كونه الأقل منذ عام 2008، بحسب المدير التقني في شركة زيرو موتورسايكل الأميركية (Zero Motorcycles) المتخصصة في صناعة الدراجات النارية الكهربائية، آبي أسكينازي.

ويعتقد أسكينازي -وهو مهندس مكسيكي الأصل- أن الميزانية المحدودة للابتكار ستُصعِّب على صناعة السيارات الكهربائية في المكسيك المنافسة مع شركة بي واي دي أو غيرها من الشركات الصينية في البلاد.

كما تواجه الصناعة تحديات ضعف عدد محطات الشحن العامة، إذ توجد معظم البنية التحتية الحالية للشحن في مساكن خاصة ومنشآت تابعة للشركات، ما يتطلب دعمًا حكوميًا.

جانب من نقاط شحن السيارات الكهربائية في المكسيك
جانب من نقاط شحن السيارات الكهربائية في المكسيك - الصورة من WMP Mexico Advisors

على الجانب الآخر، تتطلب صناعة البطاريات -المكون الأهم في صناعة السيارات الكهربائية- توفير الليثيوم وبعض المعادن النادرة بصورة أو بأخرى، سواء عبر الاستيراد أو الإنتاج المحلي.

وتمتلك المكسيك رواسب من الليثيوم، لكنها لم تنتجه على نطاق تجاري بعد، كما أن أسعاره ربما تظل أعلى من المناطق الأخرى لوجوده في مكامن معقّدة يصعب الوصول إليها، إلا بتكاليف عالية، بحسب المديرة التنفيذية لجمعية التنقل الكهربائي في المكسيك ديانا أفالوس.

خبراء ينصحون بالتجميع أو التصنيع الجزئي

يشترك مع وجهة نظر "ديانا أفالوس"، الباحث دييغو ماروكين بيطار، الذي يعتقد أن التكامل الرأسي الكامل لإنتاج السيارات الكهربائية في المكسيك لن يكون فاعلًا من حيث التكلفة؛ بسبب القيود التقنية ومحدودية الوصول إلى المعادن الحيوية.

كما يخشى الباحث في مركز وودرو ويلسون من تأثُّر مشروع تصنيع السيارات الكهربائية في المكسيك بحرب الرسوم الجمركية المشتعلة مع الولايات المتحدة؛ ما قد يعطّل الإنتاج ويزيد من التكاليف على الشركات المصنّعة إلى حدّ يجعل المشروع نفسه غير قابل للاستمرار.

استنادًا إلى ذلك، يقترح بيطار، أن تركّز المكسيك على التجميع -أو تصنيع- المكونات أو البطاريات بالشراكة مع غير المستفيدة من علاقاتها التجارية مع شركائها الإقليمين للحصول على المدخلات الرئيسة.

فعلى سبيل المثال، يمكن للمكسيك عبر تحالفات تجارية جديدة، الحصول على الليثيوم اللازم لتصنيع البطاريات من منتجي أميركا اللاتينية المشهورين، وأبرزهم، تشيلي والأرجنتين وبوليفيا، حيث تشكّل الدول الـ3 نحو 75% من المعروض العالمي للّيثيوم -حاليًا-.

ورغم المخاوف والتحديات التي تواجه حلم المكسيك لإنتاج السيارات الكهربائية محليًا، فإنها تمتلك ميزة لا تتوفر في غيرها من البلدان التي تفكر مثلها، وهي العمالة الماهرة القادرة على تلبية أهداف الصناعة.

واكتسبت المكسيك خبرة تراكمية واسعة في صناعة السيارات التقليدية، منذ أن قرر هنري فورد بناء أول مصنع في البلاد عام 1925؛ ما جعلها الآن مركزًا صناعيًا رئيسًا لشركات أودي، ونيسان، وفيات، وبي أم دبليو، وجنرال موتورز، وغيرها، إلى جانب كونها رابع أكبر مصنع لقطع غيار السيارات في العالم.

ويمكن لهذه العمالة أن تتكيف بسرعة مع متطلبات مشروع تصنيع السيارات الكهربائية في المكسيك؛ ما قد يساعد البلاد في تغطية جانب من العجز الفني الذي تعاني منه دول أخرى.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصدر:

تحليل مخاطر مشروع تصنيع السيارات الكهربائية في المكسيك من ريست أوف ذا ورلد

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق