رئيسيةتقارير منوعةمنوعات

التنقيب عن المعادن الحيوية في أعماق البحار يثير جدلًا بيئيًا

دينا قدري

اقرأ في هذا المقال

  • اجتماع حاسم لسَنّ لوائح تسمح بالتنقيب عن المعادن الحيوية في أعماق البحار
  • الهيئة الدولية لقاع البحار تسيطر بسلطة قضائية على 54% من قاع محيطات العالم
  • شركات التعدين تضغط لقبول طلبات التنقيب في أعماق البحار قبل وضع الضمانات البيئية
  • عمليتان انتخابيتان مثيرتان للجدل تؤديان إلى إرباك سياسات التعدين في أعماق البحار

تستمر جهود التنقيب عن المعادن الحيوية من أجل توفير المواد الأولية اللازمة لتحوّل الطاقة، خاصة لدعم تصنيع السيارات الكهربائية، وغيرها من التقنيات الخضراء الضرورية.

وفي الوقت الذي تسعى فيه الشركات إلى استخراج المعادن الحيوية من أعماق البحار، يدور جدل حول موعد السماح بالتعدين في النظم البيئية المتنوعة بيولوجيًا، وما إذا كان ذلك مسموحًا به.

ولأكثر من عقد من الزمان، يتفاوض مندوبو الهيئة الدولية لقاع البحار (ISA)، التابعة للأمم المتحدة، على لوائح تسمح بالتعدين في أعماق البحار، وفقًا لما تقتضيه معاهدة الأمم المتحدة لعام 1982.

وتستمر تلك المداولات هذا الأسبوع خلال اجتماع في كينغستون، عاصمة جامايكا، قبل الموعد النهائي المحدد في يوليو/تموز لإنجاز المهمة، وفق المعلومات التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).

الهيئة الدولية لقاع البحار

أنشأت اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، الهيئة الدولية لقاع البحار عام 1994؛ من أجل تنظيم استغلال قاع البحار في المياه الدولية، مع ضمان الحماية الفعّالة للبيئة البحرية.

وأصدرت الهيئة، التي تضم 169 دولة عضوًا بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي، عقود استكشاف لشركات خاصة وحكومية للتنقيب عن المعادن، عبر مساحة تزيد على 1.3 مليون كيلومتر مربع من قاع البحار العالمي، على أعماق قد تتجاوز 4 آلاف متر.

ولكن لا يمكن البدء في استخراج المعادن إلّا بعد أن تُصدر السلطة الدولية لقاع البحار تراخيص التعدين.

وبحسب المعلومات التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة، فإن أول منطقة مستهدفة للتعدين هي منطقة كلاريون-كليبرتون، وهي امتداد شاسع من قاع المحيط الهادئ بين هاواي والمكسيك، تغطّيه مليارات العُقيدات (الكرات الصغيرة) المتعددة المعادن.

وتشكّلت هذه الصخور، بحجم حبة البطاطس، على مدى ملايين السنين، وهي غنية بمعادن مثل الكوبالت والنيكل، تُستعمل في بطاريات السيارات الكهربائية.

ويُقدّر العلماء أنّ ما لا يقل عن 30% إلى 40% من الكائنات البحرية في المنطقة يعيش على هذه العُقيدات، وأن 8% فقط من أنواعها، التي يزيد عددها عن 5 آلاف نوع، قد حُدِّدَت.

ويهدّد الصراع المحتدم بقلب الإطار الذي استمر لعقود، والذي حكم مساحات شاسعة من المحيطات خارج المياه الإقليمية للدول رأسًا على عقب؛ إذ تتمتع الهيئة الدولية لقاع البحار بسلطة قضائية على 54% من قاع محيطات العالم، الذي يُقدّر أنه يضم أكبر احتياطيات من المعادن في العالم، بالإضافة إلى آلاف الأنواع البحرية الغريبة التي ما تزال جديدة على العلوم.

التنقيب عن المعادن الحيوية في أعماق البحار

مع صعوبة التوصُّل إلى قرار، قد تحصل شركات التعدين على فرصة لإجبار المنظمة على دراسة طلبات التنقيب عن المعادن الحيوية في أعماق البحار -وربما الموافقة عليها- قبل وضع الضمانات البيئية.

وصرّحت شركة التعدين الناشئة البارزة، ذا ميتالز كومبني (The Metals Company)، بأنها ستقدم طلبًا في يونيو/حزيران للحصول على ترخيص من الهيئة الدولية لقاع البحار لبدء التعدين، بغضّ النظر عمّا إذا كانت اللوائح قد سُنّت أم لا.

وقد يُجبر ذلك المنظمة على اتخاذ قرار بشأن مراجعة عقدٍ ما والموافقة عليه في غياب الحماية البيئية؛ وقد تحذو شركات التعدين الأخرى حذوها، بحسب ما أكدته وكالة بلومبرغ في تقريرها.

ويأتي هذا الضغط من جانب شركات التعدين في الوقت الذي تعهَّد فيه عدد متزايد من الدول بعدم المضي قدمًا دون لوائح صارمة لحماية النظم البيئية البحرية.

وفي الوقت الذي اجتمع فيه مندوبو الهيئة الدولية لقاع البحار لمواصلة صياغة قواعد التعدين، أشار بعضهم إلى أنهم لم يتوصلوا بعد إلى حل العديد من القضايا الحاسمة، بما في ذلك الاتفاق على كيفية تجنُّب الضرر على الحياة البحرية، ومعدل الضريبة على عائدات التعدين التي ستُوزَّع بين الدول الأعضاء.

التنقيب عن المعادن الحيوية في أعماق البحار
التنقيب عن المعادن الحيوية في أعماق البحار - الصورة من صحيفة "الغارديان"

في غضون ذلك، طالبت شركات التعدين الهيئة الدولية لقاع البحار بسَنّ لوائح في عام 2025.

وذكرت 8 شركات في رسالة موجهة إلى الهيئة في يناير/كانون الثاني 2025: "يفرض الوضع الحالي عبئًا غير عادل على المقاولين، ما يتطلب استثمارات ضخمة دون ضمان إطار تنظيمي واضح المعالم".

وما تزال نحو 2000 نقطة في مسودة اللوائح الحالية موضع نزاع؛ وإذا لم يجرِ التوصل إلى اتفاق في اجتماع هذا الشهر واجتماع آخر في يوليو/تموز، فمن المرجّح أن تحدد الهيئة الدولية لقاع البحار موعدًا نهائيًا جديدًا، ما قد يؤدي إلى طعون قانونية من شركات التعدين.

وقد دفعت الصين يوم الإثنين (17 مارس/آذار 2025)، نحو الموافقة على لوائح التعدين، إذ جادل المندوب تشين داوجيانغ بأن "حماية البيئة لا تعني التخلي عن الاستكشاف".

وتعتزم إندونيسيا، الحائزة على 5 عقود استكشاف -وهي الأكبر بين الدول- اختبار نماذج أولية لآلات التعدين في منطقة كلاريون-كليبرتون في العام الجاري (2025).

كما أبلغت إندونيسيا، أكبر مُعدّن للنيكل على اليابسة، الهيئة الدولية لقاع البحار العام الماضي (2024)، عزمها رعاية عقد استكشاف، وهو الأول منذ 3 سنوات.

وأبلغت شركة إمبوسيبل ميتالز (Impossible Metals) -وهي شركة ناشئة في وادي السيليكون تعمل في الرياض- الهيئة الدولية لقاع البحار، أنها تخطط للتقدم بطلب للحصول على ترخيص استكشاف.

وتعمل الشركة على تطوير آلة تعدين تستعمل الذكاء الاصطناعي لتقليل الآثار في الكائنات الحية التي تعيش في العُقيدات، بحسب ما نقلته وكالة بلومبرغ.

عوامل مؤثرة في سياسات التعدين

وفق المعلومات التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة، أدّت عمليتان انتخابيتان مثيرتان للجدل مؤخرًا إلى إرباك سياسات التعدين في أعماق البحار؛ وهما انتخابات الهيئة الدولية لقاع البحار والانتخابات الرئاسية الأميركية.

ففي 1 يناير/كانون الثاني 2025، تولّت عالمة المحيطات البرازيلية ليتيسيا كارفالو منصب الأمين العام الجديد للهيئة الدولية لقاع البحار بعد الإطاحة بسلفها، المحامي البريطاني مايكل لودج، في انتخابات فازت فيها بأغلبية ساحقة.

وسعى لودج إلى استكمال لوائح التعدين رغم الاعتراضات العلمية، وتعرَّض لانتقادات شديدة بسبب قربه من شركات التعدين.

وصرّحت كارفالو، يوم الإثنين (17 مارس/آذار 2025)، لمندوبي الهيئة الدولية لقاع البحار، بأنها ستعمل بصفتها مسؤولة محايدة ملتزمة بـ"حوكمة شفافة وشاملة وقائمة على العلم".

ويعتقد معارضو التعدين في أعماق البحار أن نهج كارفالو قد يؤدي إلى مزيد من المداولات حول لوائح التعدين، في حين صرّح بعض المسؤولين التنفيذيين في قطاع التعدين بأنهم يعتقدون أن المفاوضات قد تسير بوتيرة أسرع دون لودج، الذي يُعدّ مصدر قلق للنشطاء البيئيين.

معارضة التنقيب عن المعادن الحيوية في أعماق البحار
معارضة التنقيب عن المعادن الحيوية في أعماق البحار - الصورة من وكالة بلومبرغ

ويأتي اجتماع الهيئة الدولية لقاع البحار في الوقت الذي تسبّب فيه الرئيس الأميركي دونالد ترمب بتعطيل الإجماع المتعدد الأطراف اللازم لوضع قواعد دولية للمحيطات العميقة.

وأدّى تركيز إدارة ترمب على تأمين المعادن الحيوية، وتعيين كبار المسؤولين الذين يُفضّلون التعدين في أعماق البحار، إلى تشجيع بعض شركات التعدين في أعماق البحار التي تعتقد أن النفوذ الأميركي سيُحفّز الدول على استكمال اللوائح.

يُذكر أن الولايات المتحدة لم تُصادق على معاهدة قانون البحار، وليست عضوًا في الهيئة الدولية لقاع البحار، لكنها تُشارك في مداولات المنظمة بصفة مراقب.

وصرّح الرئيس التنفيذي لشركة ذا ميتالز كومبني، جيرارد بارون، بأن "الإنجاز الكبير لهذه الصناعة هو الإدارة الجديدة في واشنطن"، مضيفًا: "سيكون هذا العام هو العام الذي تُحسَم فيه جميع الأمور.. وبالطبع، سيُلمَس تأثير الولايات المتحدة القوي".

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصدر:

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق