خط أنابيب بحر قزوين في مرمى المسيرات الأوكرانية.. هل تتعرض مصالح أوروبا للخطر؟ (مقال)
فيلينا تشاكاروفا- ترجمة: نوار صبح

- • استهداف خط أنابيب بحر قزوين يؤثر في مصالح الطاقة الغربية وسوق الطاقة العالمية.
- • الضرر الذي ألحقته الطائرات المسيرة أدى إلى انخفاض بنسبة 30-40% في قدرة ضخ النفط.
- • التعطيل المتعمّد للبنية التحتية الروسية والمرتبطة بروسيا يمكن أن يخدم أهدافًا متعددة.
- • الاضطرابات المؤقتة في الإمدادات يمكن أن تؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط.
في 17 فبراير/شباط 2025، استهدفت الطائرات المسيرة الأوكرانية خط أنابيب بحر قزوين وعرّضت المصالح الإقليمية للخطر.
ويمثل الهجوم الذي شنّته طائرات مسيرة أوكرانية على محطة ضخ النفط كروبوتكينسكايا التابعة لتحالف خط أنابيب بحر قزوين تصعيدًا كبيرًا في الحرب بين أوكرانيا وروسيا.
وتمتد التداعيات الإستراتيجية لهذا الحادث إلى ما هو أبعد من روسيا وأوكرانيا؛ حيث تؤثر في منطقة آسيا الوسطى ومصالح الطاقة الغربية وسوق الطاقة العالمية.
ويُظهر هذا الهجوم قدرة أوكرانيا على الضرب في عمق الأراضي الروسية؛ ما يشير إلى تحول في تكتيكات الحرب العسكرية والاقتصادية.
الأهمية الإستراتيجية لتحالف خط أنابيب بحر قزوين
يؤدي تحالف خط أنابيب بحر قزوين دورًا حاسمًا في نقل النفط من حقول قازاخستان وروسيا في بحر قزوين إلى محطة نوفوروسيسك للتصدير.
ويُعد أحد أكبر أنظمة خطوط الأنابيب الدولية في المنطقة، ويمتد على مسافة 1511 كيلومترًا ويشمل العديد من أصحاب المصلحة، بما في ذلك شركات الطاقة الأميركية (شيفرون، إكسون موبيل)، والأوروبية (إيني، شل)، والروسية (لوك أويل، روسنفط)، والقازاخستانية (كازموناي غاز).
ونظرًا إلى أهميته؛ فإن أي تعطيل لتحالف خط أنابيب بحر قزوين له عواقب عديدة على أمن الطاقة الإقليمي وأسواق النفط العالمية.

في المقابل، يثير الهجوم تساؤلات حول ضعف مثل هذه البنية التحتية الحيوية في الحرب الحديثة؛ حيث كان تحالف خط أنابيب بحر قزوين يُعد آمنًا نسبيًا بسبب ملكيته المتعددة الجنسيات، إلا أن غياب الدفاعات الجوية الروسية في المنشأة يشير إلى سوء تقدير إستراتيجي.
ويؤكد فشل موسكو في توقّع مثل هذه الضربة نقاط ضعف أوسع في قدرتها على حماية أصول الطاقة الحيوية.
الرد الروسي والثغرات الإستراتيجية
يؤكد رد فعل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، على الهجوم اعترافَ موسكو بضعف أمن بنيتها التحتية. وتكشف مزاعم بوتين بأن هجوم الطائرات المسيرة سهّلته أجهزة الاستخبارات الغربية، عن القلق المتزايد في موسكو بشأن مدى الدعم الغربي لأوكرانيا؛ بما يتجاوز المساعدات العسكرية التقليدية.
ويعكس افتقار تحالف خط أنابيب بحر قزوين إلى الدفاعات الجوية، بسبب مكانته الدولية، افتراضات روسيا السابقة حول عدم استهداف مثل هذه المرافق، وهو افتراض ثبت الآن أنه غير صحيح.
إضافة إلى ذلك، أدى الضرر الذي ألحقته الطائرات المسيرة إلى انخفاض بنسبة 30-40% في قدرة ضخ النفط؛ ما أضعف صادرات النفط الروسية والقازاخستانية.
من ناحية ثانية، يُشكل الاعتماد على توربينات الغاز من شركة سيمنس الألمانية (Siemens)، التي تضررت في الهجوم، تحديًا إضافيًا بسبب عقوبات الاتحاد الأوروبي التي تقيّد توريد قطع الغيار وخدمات الصيانة للبنية التحتية للطاقة الروسية.
ومن المرجح أن يؤدي هذا إلى تسريع تحول روسيا نحو الاستعاضة الكاملة عن الواردات، مفضّلةً البدائل المحلية مثل مضخات المحركات الكهربائية لشركة ترانسنفط (Transneft)، على الرغم من أن هذا التحول لن يكون فوريًا.
رد فعل آسيا الوسطى: الحبل الدبلوماسي المشدود لقازاخستان
أعربت قازاخستان، التي تُعد موردًا رئيسًا للنفط يعتمد على تحالف خط أنابيب بحر قزوين، عن مخاوفها بشأن الهجوم؛ حيث أشار نائب وزير خارجية قازاخستان أخان رحمتولين، إلى مناقشات دبلوماسية مقبلة مع أوكرانيا.
ويعكس رد أستانا الحذر موقفها المعقّد، وعلى الرغم من أنها حافظت على علاقات اقتصادية وثيقة مع روسيا؛ فقد سعت قازاخستان إلى تعزيز العلاقات مع الغرب.
وإذا استمرت الهجمات على البنية التحتية للطاقة؛ فقد تعمل قازاخستان على تسريع تنويع طرق التصدير لديها، وتشمل البدائل المحتملة:
- طريق النقل الدولي عبر بحر قزوين (الممر الأوسط): طريق يربط قازاخستان بأذربيجان وجورجيا وتركيا، متجاوزًا روسيا.
- توسيع خط أنابيب أتيراو-سامارا: زيادة تدفقات النفط عبر الطرق التي تسيطر عليها روسيا مع التفاوض على ضمانات أمنية أعلى.
- تعزيز الصادرات عبر الصين: تعزيز العلاقات مع بكين لتأمين أسواق بديلة لصادراتها النفطية.
وسيكون تعامل قازاخستان مع الموقف حاسمًا في تحديد موقعها الجيوسياسي في المستقبل؛ حيث إن الاعتماد المستمر على البنية التحتية الروسية للنقل يعرّضها لمزيد من المخاطر.

الإستراتيجية الغربية: العقوبات وأسواق الطاقة والحرب الاقتصادية
يتماشى وقت الهجوم بشكل وثيق مع حزمة العقوبات الـ16 التي فرضها الاتحاد الأوروبي على روسيا؛ ما يشير إلى جهد إستراتيجي أوسع لتكثيف الضغوط الاقتصادية على موسكو.
وعلى الرغم من أن الاتحاد الأوروبي نفسه يعتمد على أسواق الطاقة المستقرة؛ فإن التعطيل المتعمد للبنية التحتية الروسية والمرتبطة بروسيا يمكن أن يخدم أهدافًا متعددة:
- زيادة الضغوط الاقتصادية واللوجستية على موسكو: من خلال إجبار روسيا على تخصيص موارد إضافية لإصلاح البنية التحتية وتعزيز الأمن، يمكن للغرب إضعاف جهودها الحربية.
- تقلب السوق وتنويع الطاقة: يمكن أن تؤدي الاضطرابات المؤقتة في الإمدادات إلى ارتفاع أسعار النفط؛ ما يعود بالنفع على الموردين البدلاء مثل الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية وإيران، في حين يشجع الاستثمار الأوروبي في مصادر الطاقة غير الروسية.
- ردع المزيد من العدوان الروسي: من خلال عرض فاعلية الحرب غير المتكافئة، تشير أوكرانيا وشركاؤها الغربيون إلى موسكو بأن البنية التحتية الرئيسة لا تزال عُرضة للخطر؛ ما يثبط الإجراءات التصعيدية ضد قطاع الطاقة في أوكرانيا.
التداعيات طويلة الأجل وسيناريوهات التصعيد
من المرجح أن تكون للهجوم بالطائرات المسيرة على محطة ضخ النفط كروبوتكينسكايا عواقب طويلة الأجل على الأمن الإقليمي وسياسات الطاقة وديناميكيات السوق العالمية.
زيادة عسكرة البنية التحتية للطاقة: قد تنشر روسيا أنظمة دفاع جوي إضافية لحماية منشآت النفط والغاز الرئيسة؛ ما قد يؤدي إلى زيادة عسكرة ممرات الطاقة الحيوية.
جهود تنويع الطاقة في قازاخستان: قد تعمل أستانا على تسريع الاستثمار في طرق التصدير البديلة؛ ما يقلل من الاعتماد على خطوط الأنابيب التي تسيطر عليها روسيا.
توسيع نطاق الطائرات المسيرة والحرب السيبرانية: يوضّح الهجوم الدور المتزايد للطائرات المسيرة في الحروب الحديثة؛ ما قد يدفع روسيا إلى تصعيد عملياتها السيبرانية وغارات الطائرات المسيرة ضد أوكرانيا والغرب.
مشاركة الشركات الغربية في المنطقة: قد تعيد شركات الطاقة الكبرى تقييم مشاركتها في تحالف خط أنابيب بحر قزوين وتنظر في تنويع الاستثمارات بالمناطق ذات المخاطر المنخفضة.
تدهور العلاقات بين روسيا والاتحاد الأوروبي: من المرجح أن يؤدي الهجوم، إلى جانب العقوبات، إلى تعميق الانقسام بين روسيا وأوروبا؛ ما يدفع موسكو إلى مزيد من الشراكات الاقتصادية مع الصين والهند والجهات الفاعلة في الشرق الأوسط.

الخلاصة
يمثل الهجوم بطائرات مسيرة على محطة ضخ النفط كروبوتكينسكايا لحظة محورية في الحرب بين روسيا وأوكرانيا؛ حيث يُسهم في توسيع نطاق الحرب الهجينة إلى البنية التحتية الإستراتيجية للطاقة.
وتمتد التداعيات إلى ما هو أبعد من الضرر الفوري؛ حيث يؤثر الهجوم في سياسات الطاقة بمنطقة آسيا الوسطى، ومصالح الشركات الغربية، والمشهد الجيوسياسي الأوسع.
ومع إعادة روسيا النظر في موقفها الأمني واستمرار أوكرانيا في الاستفادة من التكتيكات غير المتكافئة، تواجه سوق الطاقة العالمي مدةً من الضبابية المتزايدة، وسط تحولات محتملة طويلة الأجل في سياسات القوى الإقليمية والتحالفات الاقتصادية.
فيلينا تشاكاروفا، متخصصة في الشؤون السياسية بالدول المنتجة للطاقة.
*هذا المقال يمثّل رأي الكاتبة، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي منصة الطاقة.
موضوعات متعلقة..
- إعلان موعد عودة تدفق النفط القازاخستاني بكامل الإمدادات عبر خط أنابيب بحر قزوين
- توقف صادرات النفط القازاخستاني عبر خط أنابيب بحر قزوين (تحديث)
- قازاخستان تستعد لاستئناف صادرات النفط عبر خط أنابيب بحر قزوين
اقرأ أيضًا..
- حقل الرتقة الكويتي.. احتياطيات ضخمة من النفط الثقيل
- شهر رمضان قد يرفع واردات إندونيسيا من البنزين.. وآخر تطورات فضيحة الفساد
- سيمنس إنرجي تورّد تقنيات المفاعلات المعيارية الصغيرة حصريًا إلى "رولز رويس"